نيكول يونس
على الرغم من مرور حوالى الاسبوعين على اطلاق الصاروخين البالستيين من طراز "انكور كاحول"في شرقي البحر المتوسط الا ان القضية لا تزال تتفاعل في الاوساط العسكرية والمنية . الحدث جغرافياً شرق أوسطي بحت. لكن لاعبيه الاساسيان خارج النطاق الجغرافي للصاروخ نفسه. فشبكة الانذار المبكر الروسية هي التي رصدت الحركة. و بوتين شخصياً من موسكو أول من أعلنها. محدداً عدد الصواريخ و وقت انطلاقتها. تاركاً لغز "إسقاطهما أو سقوطهما" للخبراء العسكريين.
" كمن يصفر في الليل ليهدئ من روع نفسه":
صاروخان "هدف" من نوع "انكور" او "سبارو" (أميركي الصنع) تزيد سرعتهما عن سرعة الصوت، موجهان رادارياً من قاعدة داخل الكيان الصهيوني. تتعقبهما منظومة "حِتس 3" المطوّرة. لتناور، ثم تدمرهما خارج الغلاف الجوي .
كان هذا السيناريو مفترض أن يتم بنجاح و أن يرسل ما يرسل من إشارات الى إيران و سوريا بإمكان تدمير آلاف ال "سكود" و "شهاب 3 " التي سيمطًر بها الكيان الإسرائيلي. و لكن.. الحدث الذي أًريد به "مفاجأة" اسرائيلية كان اشبه ب "ارهاصات مراهقة ". فالرادارات الروسية في محطة "أرمافير" أحبطت الأمل الأمريكي – الإسرائيلي .
وبلهجة حازمة وجّه نائب وزير الدفاع الروسي اناتولي انطونوف تأنيبه للذين " أطلقوا الصاروخين" محذراً من "اللعب بالنار" فهذه الاعمال "تفجر المنطقة". فالصاروخان أطلقا "باتجاه الشرق" كما حدد أنطونوف وقال : " لا أفهم كيف يمكن اللعب بالسلاح و بالصواريخ في هذه المنطقة الآن" .
فالطيش الاسرائيلي المراهق لم يقابل فقط باللهجة الروسية التأنيبية. بل دفع بأبرز محلليها العسكريين "عاموس هرئيل" بكتابة مقال تبريري في صحيفة "هآرتس" واصفاً غاية إطلاق الصاروخين بالبعيدة جداً عن " تسخين المنطقة" . ومصراً بإلحاح ، أن حكومة نتنياهو" تتبع سياسية مسؤولة و تحاول عدم تسخين الجبهة الشمالية".
وأضاف: "على الرغم من سياسة ضبط النفس إلا أن إصرار القيادة الاسرائيلية على تكرار التذكير بقوة اسرائيل وثقتها بنفسها هو كمن يصفر في الليل لكي يهدئ من روع نفسه".
إذا "التجربة الروتينية الإسرائيلية" نجحت. نعم، لكن بتأكيد الجهوزية الروسية بدلاً من جهوزيتها بحسب المعطيات العسكرية الميدانية. وكذلك بترسيخ "طيشها" بدلاً من إظهار مسؤوليتها. فالشارع الإسرائيلي بدل أن تًرفع معنوياته المنهارة ، و يطمئن بتجربة منظومة يمكن ان تحميه. فقد ترسخ لديه الذعر من التحالف الروسي السوري بعدما أًثبت له بالتجربة تفوق هذا الأخير. فأدانت التجربة ذاتها بذاتها.
منظومة "حِتس3":
بالتزامن مع محاولات تطوير الصاروخ "أنكور كاحول" أي "انكور الأزرق" باللغة العبرية.
ليماثل الصاروخ الروسي "سكود – دي" الموجود في الترسانة السورية. والصاروخ الإيراني "شهاب 3. ثم محاولة تعقبه و تدميره من خلال منظومة "حِتس3 " أو "سبارو" . تجري أيضاً تجارب على هذا الأخير لتطويره.
المشروع مشترك بين الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية. تموله هذه الأخيرة . ويبلغ إجمالي الدعم الأمريكي المخصص لتطوير هذا النظام 2.685 مليار دولار، ولكن بحسب صحيفة "هآرتس" :"فإذا بقيت وتيرة التقدم السريع في برنامج "حِتس 3" كما هو مقدرو إذا لم تحصل أي عراقيل إضافية يمكن للمنظومة أن تدخل في المجال العملياتي خلال العام 2015" .
ومنذ أقل من شهر نقلت التقارير الإعلامية الاسرائيلية نشر الجيش الإسرائيلي كافة بطاريات منظومة "باتريوت" لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى. بالتزامن مع تأهب في منظومة "حِتس 3 " المضادة للصواريخ البالستية (طويلة المدى). تحسباً لهجوم محتمل عليها في حال بدأ العدوان على سوريا.
أريد للمنظومة "حِتس 3" (السهم باللغة العبرية)،أن تشكل درعاً صاروخياً (صواريخ اعتراضية) و غلافاً لإعتراض التهديدات البالستية. و بالتالي تعزيز الجاهزية من الخطر الإيراني البالستي ، تحديداً من صواريخ "شهاب 3" القادرة على حمل رؤوس نووية. وكذلك من خطر ال "سكود" الروسي.
ولقد حاول الكيان الإسرائيلي و مشروع "حوما" (السور بالعبرية) التي تطور "حيتس 3"، التعجيل في تحديث هذه المنظومة. و بخاصة في الأشهر الثلاث الأخيرة. مسرعين في تعديل النسخ الأخيرة منه لتفادي الأخطار.
الصاروخ الاعتراضي هذا، ذونظام راداري حساس يسمح بتعقب و اعتراض الصواريخ البالستية. مبدأ عمله قائم على التصادم مع الصاروخ الهدف (شهاب 3 أو سكود – وفي التجربة المزعومة "أنكور" .و هذا التصادم يدمرالهدف دون الحاجة الى مواد ناسفة. يذكر هنا أن الرأس القتالي للصاروخ الاعتراضي "حِتس 3 " قادر على المناورة . وعملية التصادم هذه تحصل خارج الغلاف الجوي.
" محطة ارمافير" الروسية :
بالعودة الى سيناريو "أنكور كاحول" ، فمن احبط الأمل الإسرائيلي-الأمريكي هي محطة إنذار "ارمافير" الروسية. ولقد بدأ رادارها الحديث مناوبته القتالية في حزيران 2013 أي منذ أربعة أشهر. وذلك في إطار عملية تطوير و استبدال الرادارات القديمة. محطة الإنذار المبكر هذه يتم تشغيلها من قبل "قوات الدفاع الفضائية الروسية" وجزء أساسي من مهمتها رصد اطلاق الصواريخ البالستية . وفيها عدة رادارات لكن أبرزها إثنان: واحد يواجه الجنوب الغربي والثاني باتجاه الجنوب الشرقي . ويوفران بالتالي تغطية رادارية في الشرق الأوسط. والجيل الجديد من رادارات الإنذار المبكر الذي يعتمد في هذه المحطة من نوع "فورونيج –دي.إم" Voronezh-DM . وهي ترصد المجال الجوي على مجال6000 كم و قادرة على تتبع 500 جسم في الوقت نفسه. و هو يعمل على نطاق تردد UHF . ويذكر أنها قد صممت من قبل NPK NIIDAR .