ميساء مقدم
في عيد المقاومة والتحرير، يبدو رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية مرتاحاً للأوضاع السياسية، خصوصاً لمجريات الأحداث في سوريا. ليس "البيك" قلقاً على مستقبل النظام في سوريا، فهو تواصل مع الرئيس بشار الأسد امس، وكان مرتاحاً، ولسوريا أصدقاء حقيقيون لن يتخلوا عنها. أما المقاومة، فهو يخاف عليها من بعض من هم في الداخل. الانتخابات النيابية برأيه تزيد الشرخ حالياً، وحظوظ التمديد للمجلس النيابي متساوية مع اجراء الانتخابات.
وفي مقابلة خاصة مع موقع "العهد الاخباري"، يؤكد فرنجية أن الكلام عن نزع سلاح المقاومة هو خدمة لاسرائيل، وأن ضرب سوريا الأسد يهدف الى اضعاف محور المقاومة في المنطقة، الذي يصفة بمحور الصمود.
أما في الشأن الحكومي، فيشدد رئيس تيار المردة على مطلب الثلث زائد واحد. وحول الأوضاع في طرابلس، يشير الى أن كثيراً من المجموعات المسلحة في المدينة تلقّت دعماً وتسليحاً من قوى الأمن الداخلي، وأن مدير عام قوى الأمن الداخلي أشرف ريفي، كشف عن وجهه الحقيقي اليوم.
وفيما يلي، نص المقابلة:
- في مثل هذه الأيام قبل 13 عاماً، كيف كان تفاعلكم مع حدث التحرير على المستوى الشخصي؟
كنت في وزارة الزراعة آنذاك، وقالوا انسحبت اسرائيل من لبنان، كان هناك نوع من الغموض. بعد الظهر بدأت تظهر علامات الانسحاب والانتصار وهزيمة العدو. اسرائيل بلد توسعي، ولولا المقاومة ما كانت انسحبت من لبنان، ولو اتكلنا على المقاومة الدبلوماسية لما استفدنا.
البعض في العام 2000 فرح للإنتصار، والبعض فرح لأن برأيه الأوراق سُحبت من يد المقاومة. وبعد تلك المرحلة بدأت تتأسس الحركات التي تدعو الى سحب سلاح المقاومة تحت ذريعة أن دورها انتهى، وهذا ما حاولت أن تستغله اسرائيل في لبنان. الكلام عن نزع سلاح المقاومة يخدم اسرائيل. إن أي كلام عن نزع سلاح أي مقاومة في العالم يكون بعد السلام وليس قبله، وبعد المفاوضات وليس قبلها.
- كزعيم مسيحي تتعاطى مع التحرير على أنه عيد، علماً انه للأسف في لبنان يتم التعاطي معه كمناسبة لفئة معينة، فما هي الاعتبارات التي تدفعك الى هذا الموقف؟
أي انسان مسيحي أو مسلم يعتبر أن لبنان كله له، يتعاطى مع التحرير على انه عيد، أما الانسان الطائفي والمذهبي والمتقوقع، فيتعاطى مع التحرير على أنه يخص فئة من اللبنانيين. بالنسبة لنا، نعتبر ان كل شبر في لبنان هو لنا، ونملكه كما يملكه أي مواطن آخر. المشكلة ان بعض اللبنانيين تربوّا في العقل الباطني على أن منطقة واحدة فقط من لبنان تخصهم، وعلى الخوف من الآخر، وهذا ما أوصلنا الى مشكلة الطائفية والمذهبية التي نعاني منها اليوم.
- يطل عيد التحرير في العام 2013 والهجمة على المقاومة في أوجها، هل لديكم خوف على قوة المقاومة وقدرتها على الصمود؟
لم يكن لدي خوف يوماً على قوّة المقاومة في وجه اسرائيل، لكن الخوف هو على المقاومة من البعض في لبنان، المشكلة انه بسبب وعي المقاومة في التعاطي مع البعض (تكبير عقلها) البعض في لبنان أصبح يراها ضعيفة، أنا أتصور أن المقاومة لديها هدف واحد هو الدفاع عن لبنان في وجه المشروع التوسعي الاسرائيلي. وهي اليوم لا تستهدف المقاومة فقط على الحدود، ضرب سوريا واضعافها أليس بهدف ضرب المقاومة؟
الطلب الاميركي باسقاط الرئيس الأسد أليس لمصلحة اسرائيل؟ كلام البعض في لبنان عن اضعاف المقاومة أليس لمصلحة اسرائيل؟ اذا جاء العدو من الخلف كيف يجب أن تتصرف المقاومة؟ هل تبقى في مكانها على الحدود؟ الخطر دائما بضرب المقاومة هو من اسرائيل ومن عملاء اسرائيل، سواء كانوا في لبنان او في العالم العربي.
- انت من الذين أشاروا منذ البداية الى أن استهداف سوريا هو استهداف لمحور المقاومة، برأيك اليوم بعد مرور سنتين أصبحت موازين القوى لمصلحة محور المقاومة؟
أعتقد انه بعد مرور سنتين، كل الجهود في وجه النظام استنفذت. هناك دول اجتمعت على الرئيس بشار الاسد، أكثر من تلك التي اجتمعت على هتلر. وهناك أصدقاء وقفوا مع سوريا منهم روسيا وايران والصين ودول البريكس، وهذا ما خلق توازنا عالميا. نحن لم نعتبر أن ما يحصل في سوريا هو ثورة، بل حراك طائفي ومذهبي والدعم الدولي له هو لمصلحة اسرائيل، أما الدعم العربي له فهو لضرب محور المقاومة، ولأسباب مذهبية، والبعض لديهم أسباب شخصية. لكن جميعهم فشلوا في سوريا. الجميع راهن ان النظام لن يصمد لأشهر، فصمد لسنتين، ومالت الأمور لصالح الرئيس بشار الأسد. لقد واجهت سوريا حرباً عالمية.
- أنت من القلائل في لبنان الذين لديهم تواصل مباشر مع القيادة السورية، ما هي آخر المعلومات لديك حول الوضع الميداني السوري؟
العالم كله اعترف أن النظام يتقدم، واتصور أن كل ما يقدر الاعداء على القيام به، نفذوه. صحيح أن أي معركة تأخذ وقتها، لكن باعتراف العالم كله المعركة هي لصالح النظام. اذا عدنا شهراً الى الوراء، كنا نسمع الحديث عن معركة الشام، اما اليوم، فهم يتحدثون عن معركة حلب ودير الزور. المعارضة السورية الى انكفاء والدولة الى توسع.
- هل الرئيس الأسد يرى ان هناك حظوظاً جدية لنجاح فرصة الحل السلمي في سوريا من خلال مؤتمر جنيف؟
الرئيس الأسد كان دائما مع الحل السلمي ومع الحوار، لكن الحوار يكون مع الذين لديهم تمثيل على الأرض. هو لم يقل يوما إنه ضد الديمقراطية
أو الحريات أو الحوار ولكن الحوار أيضا لا يكون مع الذين تلطخت أيديهم بالدماء. الرئيس الأسد مستعد للحوار مع المعارضة التي تمثل والتي تستطيع أن تضبط أفرادها في حال التوصل الى اتفاق.
- كان لديك يقين أن النظام لن يسقط، على ماذا استندت في قناعتك؟
كانت قراءة موضوعية للواقع. أنا لا أعتبر أن النظام وحيد، فلديه قوته الذاتية. النظام السوري ليس النظام المصري. والجيش السوري ليس لديه عقيدة، ولم يتدرب عند الأميركيين كما الجيش المصري. وأعتبر أن بشار الأسد ليس حسني مبارك وليس زين العابدين بن علي، هو شخص محبوب لدى جيشه وشعبه، ولديه أصدقاء حقيقيون وهناك دول تراهن عليه ولن تتخلى عنه.
- بعد الاعتداءات الصهيونية على سوريا والردود التي صدرت من سوريا وحلفائها، هل هناك خوف من حرب شاملة في المنطقة؟
اسرائيل عندما ترى أن النظام في سوريا لا يزال قويا، تخاف على مستقبلها. من مصلحة اسرائيل المباشرة هي أن تتفرج على الحرب في سوريا، وعلى الناس يقتلون بعضهم، لكن عندما تهدد اسرائيل بخوض حرب ضد سوريا، فهذا يعني أنها معنية بشكل أساسي ومباشر فيما يحصل في هذا البلد، وأنها شريك في الحرب الدائرة ضده.
- هل المحور المعادي للنظام في سوريا سيستسلم أمام انجازات الجيش السوري على الأرض؟
اتصور أنه ليس من السهل بعد اليوم ضرب النظام السوري. عندما ضربت اسرائيل سوريا، ما الذي حصل؟ وصل الى سوريا سلاح أس300 وهو سلاح استراتيجي. اليوم الوضع الداخلي في اسرائيل لا يتحمل ردة فعل تؤدي الى احداث ضرر. توازن القوى يصبح أقوى يوما بعد يوم في وجه العدو الاسرائيلي.
متى كان آخر تواصل مباشر لك مع الرئيس الأسد؟
- بالأمس.
ماذا قال؟
- الرئيس الأسد مرتاح.
- أصبح واضحاً أن لبنان بات في قلب المعادلة السورية، برأيك ماهي الوظيفة السياسية لما يحصل في طرابلس اليوم خصوصاً بعد ما شهدناه من استهداف مباشر للجيش اللبناني؟
ما مصلحة فئة أقلية محاصرة من الاربع جهات أن تستفز أكثرية؟ أنا لا أعتبر أن أهل جبل محسن في طرابلس يقومون باستفزاز أحد، لكن هم مشروع "فشة خلق دائمة" لبعض الاشخاص الذين لديهم أفكار طائفية ومذهبية، والمشكلة أن هؤلاء أصبحوا أقوياء، وهناك بعض المرجعيات لا تكون قوية الا بالخطاب الطائفي.
من الجهة التي تدعم المجموعات المسلحة؟
دائماً كان يُقال إن المجموعات المسلحة تتزود بالسلاح من قوى الأمن الداخلي، وأنا سألت في الاعلام، لماذا قوى الأمن الداخلي ليس لديها قيود، مثلاً تستطيع قوى الأمن أن تشتري ألف بارودة ولا أحد يعرف مصيرها. وفي ويكيليكس، تبين أن سمير جعجع قال للسفارة الاميركية إن أشرف ريفي أعطانا بعض السلاح لكنه لا يكفي. كنا نقول ان أشرف ريفي يسلح هذه المجموعات، والأمس هو أعلنها. وبكلامه الأخير ظهر أشرف ريفي الحقيقي.
قادة المحاور يأخذون أوامرهم من بعض القادة السياسيين، وهم لا يستمعون الى القادة السياسيين المعتدلين. ما يحصل في طرابلس هو ردة فعل لأحداث سوريا، والجو الاقليمي هو الذي سيحدد مستقبل المنطقة، فالحدود في النزاعات الاقليمية واهية.
منذ مدة حكي عن جو دولي يرغب بالاستقرار في لبنان، هل ترى ان رغبة الغرب بالاستقرار تغيرت اليوم؟
الهدف هو ضرب المقاومة. هم يعتبرون أن اسقاط النظام السوري يؤدي الى ضرب المقاومة في لبنان، لذلك فهم يؤيدون الاستقرار في لبنان ريثما ينتهون من جبهة سوريا. نحن مع الاستقرار أيضا لكن الاستقرار لا يعني أن نكون أغبياء. نحن ننظر الى الأفق ونتحسب لما هو قادم بأمور وقائية.
أغلب القوى السياسية تقدم يترشيحاتها للانتخابات النيابية بما فيها فريقكم السياسي، هل هذا يدل على ان قانون الستين أصبح أمراً واقعاً؟
نحن لم نتفق على قانون انتخاب، واليوم لبنان لا يتحمل انتخابات بشكل صدامي. هناك انتخابات في 19 حزيران، قررنا تقديم الترشيحات ثم نبحث عن قانون جديد. كما ان هذه الترشيحات هي لسد ثغرة يمكن أن يستغلها البعض لاعتبار المرشحين فائزين بالتزكية، في حال لم نقدم ترشيحاتنا. الكل يعرف أنه ليس لدينا مشكلة مع قانون الستين، لكن نعتبر ان السلم الأهلي هو الأهم. اذا كان هناك امكانية لاجراء الانتخابات بشكل هادئ وطبيعي لا مشكلة.
هل تراجعت اليوم حظوظ التمديد للمجلس النيابي؟
الحظوظ هي 50% مقابل 50%. أنا أؤيد التمديد للمجلس النيابي لسبب واحد هو أني لا أرى أن هناك انتخابات تعزز الوفاق الوطني، بل انتخابات تعزز الشرخ الوطني.
ما تفسيرك لاصرار الاميركيين على اجراء الانتخابات في موعدها؟
الاميركيون هدفهم اجراء الانتخابات على أساس أن يربح فريق معين في لبنان، فيطالب بسحب سلاح المقاومة، ولا يهمهم ما يحصل في البلد من بعدها.
تقدم طوني سليمان فرنجية بترشيحه للانتخابات النيابية، ماهي الأمور التي تنصحه بها قبل الخوض في العمل السياسي في لبنان؟
طوني لديه شخصيته، وقناعاته. أنا جدّي لم يطلب مني أن أؤمن بما أنا أؤمن به اليوم. لو كان الرئيس فرنجية يتبع خطا مغايرا ربما كنت اليوم محرجاً. أنا أفتخر بأهلي وأجدادي وخطهم السياسي، وأفتخر أن خيارهم كان صحيحا. وطوني يؤمن بهذا الجو وهو استمرارية له، لأنه مقتنع به.
ماذا عن الحكومة؟ هل هناك امكانية لفرض حكومة امر واقع؟ البعض يتحدث عن حكومة من دون حزب الله. وسمير جعجع طالب باخراج حزب الله من كل مؤسسات الدولة.
طالما قال سمير جعجع هيك، هذا يعني أن العكس سيحصل. اذا كانوا يقرأون الأمور بشكل صحيح، عليهم أن يعرفوا ان المرحلة مرحلة تفاوض وتروّي.
ما هي الصيغة التي ترضيكم داخل الحكومة؟
نريد الثلث زائد واحد.
كيف تقرأ دور رئيس الجمهورية في الملفين الحكومي والنيابي؟
هو كما فريق "14 آذار"، عندما يشعر أننا أقوياء يفاوضنا، وعندما يشعر أننا ضعفنا ينقض علينا، لكن الفرق بينه وبين الفريق الأخر أنهم يقرأون الأمور بشكل صحيح بينما هو يقرأها بشكل خاطئ.
- حكي في الفترة الأخيرة عن تباينات داخل فريق 8 آذار.
داخل كل فريق توجد اختلافات في وجهات النظر. وأنا حرصت عندما لم أسمي تمام سلام لرئاسة الحكومة، على القول اني لن أسميه انسجاما مع نفسي ولكني أؤكد على بقائي في هذا الخط وعلى انتمائي له. وأنا أجدد التأكيد أن قناعتي أن تمام سلام ما كان يجب أن يُسمى من قبلنا. وتسميته من قبل فريقنا فسّرت على اننا في موقع ضعف، في حين اننا كنا في موقع قوة.
كيف هي علاقتك مع الجنرال ميشال عون؟ ومتى تم آخر تواصل بينكما؟
العلاقة مع العماد عون دائماً ممتازة وجيدة، وتواصلنا مع بعض منذ أسبوعين.
العلاقة مع حزب الله؟
ممتازة وجيدة.
كيف تقيم أداء الرئيس نجيب ميقاتي الأخير في الملف الحكومي؟
هو لم يقدم نفسه على أنه من فريق "8 آذار"، بل على أنه وسطي، ولا يمكن أن ننتظر منه ما ننتظره من الرئيس عمر كرامي او عبد الرحيم مراد. هو وسطي، وابن مدينة عريقة وطائفة كريمة، ولا يمكن أن لا يتأثر بسنيته بعد الضغط الذي مورس عليه. علينا أن نقارنه بسعد الحريري لنجد أنه أفضل بألف مرة. هو لن يتآمر معنا على الآخرين، لكنه في نفس الوقت لن يتآمر مع الآخرين علينا.
كما أننا نعرف أن الرئيس ميقاتي هو من كبار المتمولين، وأي خطوة خطأ، تستطيع أميركا أن تجمد حساباته في الخارج.
- هل تعتبر أن النائب وليد جنبلاط ذهب بعيداً في عدائه للنظام السوري؟
النائب وليد جنبلاط أخطأ بالقراءة. وهو يعرف كيف يقدّم نفسه على أنه حاجة في كل المراحل.
- هل لديكم خوف على مستقبل المسيحيين في المنطقة خصوصا مع نمو التطرف؟
كل الاعتدال اذا انتصر التطرف فهو معرض للخطر، وخاصة التطرف التكفيري.