إيران : معركة المحاور الثلاثة على كرسي الرئاسة
طهران ـ حسن حيدر
لم يبق تيار سياسي إلا وقدم مرشحا له لرئاسة الجمهورية، عدد قياسي للمرشحين في المرحلة الإعدادية للانتخابات الرئاسية الايرانية ناهز التسعمئة مرشح، بين عامة الناس وشخصيات قيادية و سياسية. الحصة الأكبر كانت من نصيب التيار المحافظ بأجنحته كافة. اسماء بارزة في الساحة السياسية كمستشار قائد الثورة الاسلامية للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، ورئيس البرلمان السابق غلام علي حداد عادل إضافة إلى رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف.
هذه الأسماء شكلت ائتلافا ثلاثيا سيخوض إحداها غمار الاستحقاق الرئاسي بعد ان يتم اجراء استطلاع للرأي لتحديد من هو الرجل الأقوى ميدانيا ليدعمه الباقون أو ينسحبوا لمصلحته، فيما "الائتلاف الخماسي" قدم النائب الحالى محمد حسن أبو ترابي فر اضافة لوزير الخارجية السابق منوشهر متكي والنائب علي رضا زاكاني، وهذا الائتلاف ايضا يعمل وفق آلية الائتلاف الثلاثي أي اختيار مرشح واحد في مراحل متقدمة ودعمه من قبل المرشحين المنسحبين.
ترشح جليلي اعاد خلط اوراق جبهة المحافظين
"جبهة الصمود" التى تداولت اسم كبير المفاوضين النووين سعيد جليلي عادت واختارت وزير الصحة السابق كامران لنكراني الا ان الدخول المفاجئ لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي على خط السباق الرئاسي خلط الأوراق ليس داخل "جبهة الصمود" وحسب بل في أروقة التيار المحافظ ككل والذي اعرب كافة مرشحيه عن نيتهم دعم مرشح واحد والانسحاب لمصلحته قبل أيام من الانتخابات ليعدم تشتيت الاصوات، على ان تحصل هذه الاحزاب على حصصها في الحكومة المقبلة مقابل تحالفاتها ودعمها لمرشح واحد مازال تحديد اسمه صعب، وربما تعود تجربة الانتخابات التشريعية السابقة العام الماضي وتكرر نفسها لعدم القدرة على توحيد لوائح المرشحين المحافظين والدخول بأكثر من شخصية بارزة في الانتخابات الرئاسية.
التيار الاصلاحي الذي لم يقدم شخصيات بارزة باستثناء محمد رضا عارف النائب الأول للرئيس السابق محمد خاتمي والنائب السابق مصطفى كواكبيان الذي يعد من صقور الاصلاح، اضافة لكل من وزير التجارة الأسبق محمد شريعتمداري والنائب الاصلاحي مسعود بزشكيان. شخصيات قريبة من التيار الاصلاحي نزلت ايضا معركة الرئاسة، منها الشيخ حسن روحاني الذي شغل منصب كبير المفاوضين النوويين الأسبق. إلا ان هذا الحضور الضعيف للاصلاحيين تعزز في اللحظات الأخيرة مع دخول رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الشيخ هاشمي رفسنجاني على خط الترشح، ما يشير إلى اصطفاف اصلاحي خلف الرجل الذي تقرب منه الاصلاحيون في السنوات الأخيرة بشكل بارز وخاصة لمشاركة الطرفين الخلاف مع الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد لتصبح المعركة الاصلاحية مفتوحة تحت عباءة رفسنجاني مع إعلان الكثير من المرشحين الاصلاحيين نيتهم الانسحاب لصالح الشيخ رفسنجاني.
رفسنجاني ... الانخراط في السباق الرئاسي
على خط موازٍ فإن ما يعرف في ايران "بتيار الرئيس احمدي نجاد" قدم عددا كبيرا من المرشحين واغلبهم مثيرون للجدل في البلاد ، على رأسهم مدير مكتبه اسفنديار رحيم مشائي الذي يواجه انتقادات عنيفة من قبل التيار المحافظ ورجال الدين بسبب بعض الطروحات والمواقف التي يعتبرها البعض مغايرة لبعض الاعراف في البلاد . اما المرشح الاخر الذي اعلن انه سيكمل طريق الرئيس أحمدي نجاد في حال وصوله الى سدة الرئاسة، فهو مستشار الرئيس الاعلامي علي اكبر جوانفكر والذي سجن ستة أشهر بسبب مقالة نشرت في صحيفة "ايران" اعتبرها القضاء مسيئة للنظام الاسلامي. ومن بين الشخصيات ايضا، نائب الرئيس محمد رضا رحيمي و عدد من الوزراء الحاليين الذين اعلن بعضهم استعداده للانسحاب لصالح مشائي في حال قبل ترشحه في مجلس صيانة الدستور.
المستقلون ترشحوا بصبغة محافظة ابرزهم قائد الحرس الثوري الاسبق محسن رضائي المرشح الدائم في الدورات الانتخابية الرئاسية الاخيرة ، وشقيق الرئيس الايراني داود احمدي نجاد المعارض لسياسات شقيقه إضافة للمتحدث باسم الخارجية رامين مهمن برست.
رضائي ...اختار صبغة المستقلين
هذه الاسماء أظهرت الى حد ما الاصطفاف السياسي الانتخابي والمعركة الثلاثية بين المحافظين بأجنحتهم كافة من جهة وبين تيار الرئيس أحمدي نجاد وما بات يعرف بحراك الشيخ هاشمي رفسنجاني الذي وجد فيه التيار الاصلاحي خشبة الخلاص من غرقهم السياسي ومحاولة عودتهم للحياة السياسية بعدما شكلت الانتخابات البرلمانية خسارة كاسحة لهم بسبب مقاطعة بعضهم الانتخابات وعدم محاكاة المزاج العام للشارع الايراني مع الافكار الاصلاحية في المرحلة الراهنة.
كافة المعطيات تشير بشكل كبير إلى مفاجآت ستحملها الإنتخابات الإيرانية، فقطار الرئاسة انطلق نحو المحطة الحادية عشرة وقد استكمل عدد المتنافسين في السباق الرئاسي، بعضهم سينزل قانونيا في محطة مجلس صيانة الدستور ليكمل من هو مؤهل نحو مقعد الرئيس السابع للجمهورية الاسلامية الايرانية.