بعلبك - بلال الموسوي
لم يتجاوز عمر الطفل "احمد "ابن بلدة النبي شيت السنة يوم استشهاد سيد شهداء المقاومة الاسلامية السيد عباس الموسوي .
منذ ولادته لم ترى عينا أحمد إلا الضحكة والبسمة على وجه ابيه، ومع غروب يوم السادس عشر من شباط لعام 1992 انهمرت حبيبات من الدمع السخين على وجنتي والد احمد ما ألفهما الطفل من قبل ، بيد أنها انبأت بخطب عظيم أصاب أباه وأصاب كل المخلصين والمحبين في لبنان والعالم الاسلامي ...
السيد عباس الموسوي امين عام حزب الله إرتفع شهيدا مع زوجه وطفله إثر غارة جوية استهدفت موكبه وهو عائد من جبشيت ...
تلك الدموع السخية التي اختلطت بوجنتي أحمد وأبيه روت قلب ذلك الطفل الذي نما حبا وحنانا وشوقا لمعرفة تلك القدسية التي لا تذرف الدموع الا لها ولمثيلاتها .
واليوم وبعد واحد وعشرين عاما يقف احمد شابا امام ضريح العباس يستحضر ذلك الدمع كل عام لينهل من معين وبركات وتضحيات ودماء واخلاق وقيادة وسيرة السيد.
أحمد ليس الوحيد من عشق السيد عباس فأمثاله كثر من الشباب التي تتفيأ تحت قبة ضريحه المبارك، فهم زرافات وأفرادا يقرؤون القرآن والدعاء ويتذاكرون العلم والمعرفة ومعنى الشهادة والاستشهاد ..
وها هو مقام السيد عباس الموسوي اليوم محجة للزاور من كل اقطار لبنان واقاصي العالم يتوافدون ليرتشحوا نفحات من روح الجنان وعطر من اريج الرياض، وخشوعا قدسيا يلقي بظلاله حيث امتد، وهمسات غيبية تتمادى في الارجاء .
مقامٌ يشد القلوب حيث يرقد الجبل الاشم يشق بعليائه عنان السماء ..
مقام لسيد لم يعرف معنى الانحناء إلا حين يختلي بربه، وعزٌ لم يعرف الهوان الا في سجود الصلاة، وسموٌ لم يعرف دموع التذلل إلا في حروف الدعاء وتراتيل السحر .
تتوالى السنين والفصول والاسى في القلوب لا يبدده الا حضوره الذي يكبر فيها يوما بعد يوم، أنى تطلعت في الميادين والارجاء، ترى السيد ..السيد الحاضر المنطلق بسرعة الضوء الى الافئدة بلا منافس ولا نظير .
يا ايها السيد ليست ذكراك محطة للاحزان، فافراح محبيك لا تكتمل الا بمباركتك، اذ لم يرض رفيق دربك "فياض "عشية زفافه الا ان يصطحب عروسه بثوبها الابيض الى مرقدك ليقول لك انك معنا دائما، وانت شمس فرحنا التي لا تغيب .
واحد وعشرون عاما ومازلت تنبض في القلوب التي احبتك وعشقت سيرة حياتك المليئة بالجهاد والمقاومة ومقارعة الظالمين ومناصرة المظلومين والمضطهدين في العالم ..
واحد وعشرون عاما وما زال صدى صوتك يتردد في المساجد ومواقع الثغور والجهاد بقراءة القرآن والدعاء وشحن الهمم، فأنت القائد المتقدم الى الجهاد في سهول ووديان الجنوب والبقاع الغربي ويدك على الزناد مدافعا عن الوطن والارض والعرض والكرامة والشرف والعزة .
واحد وعشرون عاما وما زال صدى صوتك يتردد على كل منبر مناديا بحفظ المقاومة الاسلامية ودعمها، وما برحت كلماتك تردد صداها مع الاثير بمساندة القضية والمقاومة الفلسطينية حتى تحرير القدس من رجس الاحتلال
واحد وعشرون عاما وما زلنا نستلهم منك معنى القيادة ..
فأنت القائد المتواضع الطاهر المتألم والمتواضع على الفقراء والمساكين..
انت المارد الباسط كفيك لحاجات الناس المستضعفين ..
انت العملاق بقيادتك وشجاعتك وهمتك وقوتك وإيمانك وفراستك وحكمتك ، وانت العملاق بإنسانيتك وصبرك وطيبتك واخلاقك وتواضعك وحلمك..
وانت بدم شهادتك احييت امة تحتفل بانتصاراتها يوما بعد يوم .