الكيان الصهيوني أمام تقليص النفقات.. أو تقليص النفقات
كتب محرر الشؤون العبرية
كشفت المعطيات الاقتصادية التي نشرتها وزارة المالية في كيان العدو، عن ارتفاع نسبة عجز الموازنة للعام 2012، إلى ما يعادل 39 مليار شيكل، رغم أنها قد حدَّدت العجز السنوي، كهدف، بما يعادل 18 مليار شيكل فقط. وبذلك تجاوزت نسبة العجز الفعلية ضعفي ما كان محدداً.
سبب الفارق الكبير بين العجز الفعلي وخطة الحكومة الإسرائيلية يعود بحسب مصادر اقتصادية إسرائيلية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتدني مداخيل الدولة من الضرائب بـ 18.5 مليار شيكل، والى تجاوز النفقات المخطط الأصلي بـ 2.2 مليار شيكل.
هذا الواقع يفرض على الحكومة المقبلة، في ظل تزايد المؤشرات على تفاقم الوضع الاقتصادي العالمي والاسرائيلي، اقتطاع ما لا يقل عن 20 مليار شيكل من موازنة العام القادم، تتضمن تقليص الميزانية وزيادة الضرائب، كما حدد خبراء إسرائيليون، وإلا فإنه سيؤثر سلباً على تصنيف الكيان الصهيوني الائتماني إضافة إلى هروب الاستثمارات والمستثمرين والدخول في أزمة اقتصادية عميقة وخطيرة.
فيما يتعلق بتجارب الماضي، واجهت "إسرائيل" في مراحل سابقة أزمات اقتصادية واجهتها بخطط من ضمن ما تضمنت، اقتطاعات من الموازنة العامة، وتحديدا في منتصف الثمانينات، وبعد انطلاقة انتفاضة الأقصى في العام 2000، إلا أن البيئة الاستراتيجية في الحالتين سمحت للدولة العبرية القيام بقدر وافر من الاقتطاعات وتقليص النفقات الامنية. ففي المرة الاولى سمح عقد اتفاقية كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر، (1978)، التي كانت تشكل اكبر واقوى دولة عربية في مواجهة "إسرائيل"، إلى تقليص النفقات الامنية، كما أن احتلال العراق في العام 2003، مكَّن الكيان الغاصب ايضا من تسريح عدد من الفرق العسكرية، وتسريح آلاف الجنود النظاميين..
أما الآن، المشكلة الأساسية بالنسبة للعدو أن تفاقم الأزمة الاقتصادية يتزامن مع تفاقم التهديدات الإقليمية وفي ظل مرحلة مخاض استراتيجي تشهدها المنطقة العربية والإسلامية. وبحسب بتعبير نتنياهو، قبل اشهر امام الكنيست، مشكلة "إسرائيل" تكمن في التزامن بين "هزة إقليمية لم نشهد مثلها منذ 90 عاماً وهزة اقتصادية عالمية لم نشهد مثيلاً لها منذ 80 عاماً".
تفاقم التهديدات الإستراتيجية الإقليمية على "إسرائيل"، يستوجب بالضرورة استعدادات مضادة، تترجم على مستوى خطة بناء القوة للجيش والاستخبارات، بما يتناسب مع طبيعة وحجم ودرجة امكانية تحقق هذه التهديدات، التي تستوجب ايضا بالضرورة المزيد من النفقات المالية التي ستنعكس سلبا على المجالات الاقتصادية والاجتماعية الاخرى. وبحسب ما أورده اللواء غيورا ايلاند في محاضرة له، فإن خطة بناء القوة يتم بلورتها انطلاقا من تقدير التهديدات المتوقعة على إسرائيل، وفي هذا المجال يتطرقون إلى ثلاثة مؤشرات:
ـ معقولية تحقّق تهديد معين.
ـ خطورة التهديد.
ـ كلفة الردّ على التهديد.
هذا الواقع الاشكالي، يؤدي بالضرورة إلى "توتر عضوي بين مسؤولية الحكومة أمنياً ومسؤوليتها اقتصادياً. انطلاقا من ان الحاجات الامنية، تتطلب مزيدا من الانفاق، فيما الحاجات الاقتصادية تتطلب لجم مثل هذه النفقات"، كما أن التوصل إلى "التوازن المطلوب بين الاحتياجات المختلفة (متطلبات الموازنة الامنية والانفاق الاجتماعي والاقتصادي) يقوم على معادلة معقدة وصعبة" كما كتب نتنياهو.
وعليه، تجد الحكومة الإسرائيلية المقبلة نفسها أمام واقع يتطلب رفع مستوى النمو وتخفيض البطالة..، والاستعداد لمواجهة سيناريوهات تفاقم التهديدات الإقليمية، المزيد من النفقات وبالتالي المزيد من العجز الذي سيُخفِّض تصنيف "إسرائيل" الائتماني مع ما قد يترتب على ذلك من هروب الاستثمارات والمستثمرين والدخول في أزمة اقتصادية عميقة وخطيرة، كما يحذر خبراء اقتصاديون إسرائيليون. في المقابل، يتطلب الحد الادنى من المحافظة على الاستقرار الاقتصادي، وعدم الوقوع في الازمات التي يحذر منها الخبراء الإسرائيليون، تقليص النفقات، وهنا يحتدم الصراع بين متطلبات المجالين الاجتماعي والاقتصادي، في مقابل متطلبات رفع مستوى الجهوزية الإسرائيلية في بيئة استراتيجية متغيرة.. وتحديدا في مواجهة تطور التهديد النووي الايراني وبلوغه مرحلة حاسمة..