وأمام هذه الكارثة البيئية التي افتعلتها الأيادي الصهيونية، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة خمسة قرارات أدانت فيها "إسرائيل" وطلبت منها التعويض عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالشواطئ اللبنانية، ولكن دون أي جدوى. فلطالما أصدرت الأمم المتحدة قرارات بحق الكيان الغاصب ولم تحظ بأي التزام إسرائيلي . وصوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعها الـ91 يوم الخمس الماضي على مشروع القرار السادس المتعلّق بالبقعة النفطية. المهم في هذا القرار أنه كرر القرارت السابقة في هذا الخصوص وهذا ما أشارت إليه فقراته، التي أعربت فيها الجمعية العامة عن عميق قلقها إزاء الآثار السلبية الناجمة عن قيام القوات الجوية "الإسرائيلية" بتدمير صهاريج تخزين النفط في المنطقة المجاورة مباشرة لمحطة الجية اللبنانية لتوليد الكهرباء، بالإضافة إلى إشارتها إلى أن البقعة النفطية أحدثت تلوثاً شديداً في شواطئ لبنان وتلوثاً جزئياً في الشواطئ السورية، وخلفت بالتالي آثاراً شديدة على سبل كسب العيش والاقتصاد في لبنان بسبب آثارها السلبية على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي ومصائد الأسماك والسياحة والصحة البشرية في البلد. والأهم من ذلك كله أن الجمعية العامة جددت طلبها من الكيان الصهيوني أن يتحمل المسؤولية عن تقديم تعويض فوري وكافٍ لحكومة لبنان والبلدان الأخرى التي تضررت بصورة مباشرة من البقعة النفطية، مثل الجمهورية العربية السورية التي تلوثت شواطئها جزئياً، ويشمل ذلك التعويض تكاليف إصلاح الضرر البيئي الناجم عن التدمير، بما في ذلك إعادة البيئة البحرية إلى سابق حالها.
قرار الجمعية العامة ملزم "لإسرائيل" لأنه قرار مكرر |
ويعتبر هذا القرار الصادر عن الجمعية العامة ملزماً "لإسرائيل" لأنه قرار صادر وفق الفصل السادس مكرر من الجمعية العامة وذلك ما يكسبه صفة الإلزامية. فعلى الرغم من أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة وهي تكتفي بإصدار التوصيات تكون هذه القرارات ملزمة في عدة حالات منها: إذا كلف مجلس الأمن الجمعية العامة بمناقشة قرار يكون له تأثير على حفظ السلم والأمن الدولي أو عمل عدواني في حال لم يستطع المجلس أخذ القرار به، أو في حال أصدرت قراراً مكرراً، أو في حال تبني اجتهاد صادر عن محكمة العدل الدولية وكذلك في حالة اتخاذ قرار بالاستناد الى قرار الاتحاد من أجل السلام الصادر عام 1950.
وبناءً على ذلك أصبح من حق لبنان المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به، خاصةً أن لبنان لم يكن لديه القدرة على معالجة هذا التلوث واضطر لأن يستعين بخبراء دوليين، وأن يطلب المساعدة من منظمات دولية وغير دولية ومن دول صديقة وأن يبذل الكثير من الأموال في سبيل معالجة هذا التلوث، لأن العدو الصهيوني لم يلتزم بأية إتفاقيات دولية في حربه على لبنان، بل كان يقصف عشوائياً ويريد تدمير لبنان بشتى الوسائل، وما ضربه لخزانات النفط إلا من أجل إيذاء البيئة اللبنانية، مع أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الصادرة عام 1982 أفردت الجزء الثاني عشر بكامله (المواد 192الى 237) لمعالجة التلوث البيئي، وهي صريحة وواضحة وضوح الشمس، لحماية البيئة البحرية، وألقت المادة 194منها على عاتق الدول الأطراف التزاماً أو واجبا باحترام البيئة البحرية وعدم المساس بها باعتبار البحار والمحيطات مصدراً أساساً للملاحة الدولية وللتنمية الاقتصادية بما تحتويها من ثروات وموارد هائلة. أضف إلى ذلك أن هناك الكثير من الاتفاقيات الدولية الإقليمية التي تمنع التلوث البيئي للبحار منها الاتفاقية الدولية لمنع تلوث البحار بالنفط : الموقعة في لندن عام 1954، والاتفاقية الدولية الخاصة بالمسؤولية المدنية للأضرار الناجمة عن تلوث البحار بالنفط والموقعة في بروكسل عام 1969، والاتفاقية الدولية لعام 1972 والخاصة بمنع تلوث البحر من جراء رمي المخلفات والمواد الأخرى واتفاقية حماية البحر الأبيض المتوسط الموقعة في برشلونة عام 1977 . وهناك المــادة 23 من اتفاقية جينيف الثانية لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة التي تقول إنه "لا يجوز الهجوم أو إلقاء القنابل من البحر على المنشآت الواقعة على الساحل والتي تكفل حمايتها بمقتضى اتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان، المؤرخة في 12 آب/ أغسطس 1949".
العدو الصهيوني لم يلتزم بكل الإتفاقيات الدولية التي تمنع تلويث المياه |
وبما أن لبنان بلد لا يعترف بالعدو الصهيوني المحتل لفلسطين ولأراضٍ لبنانية وعربية، وليس هناك أي محادثات مع العدو، فيمكن الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يطالب "إسرائيل" بالتعويضات وخاصةً أن قرار الجمعية العامة ينص في الفقرة الأخيرة منه على أن "الجمعية العامة تطلب من الأمين العام أن يقدم إلى الجمعية العامة في دورتها السابعة والستين تقريراً عن تنفيذ هذا القرار".