هدم جسر المغاربة... بوابة الاحتلال للسيطرة الكاملة على الأقصى
القدس المحتلة خاص
من
جديد، عادت سلطات الاحتلال الصهيوني في مدينة القدس المحتلة لـ" تحذر" من
مخاطر "جسر باب المغاربة الآيل للسقوط" كما تدّعي... وهكذا جاء الإعلان
الأخير من قبل مهندس في بلدية الاحتلال الصهيوني ليوصي بهدم الجسر
واستبداله بآخر. هذا الإعلان ليس جديداً، إنما يأتي ضمن مخطط سبق وأعلنت
عنه سلطات الاحتلال أكثر من مرة وأثار استياءً فلسطينياً وعربياً كبيرين،
كما تراجعت عنه سلطات الاحتلال بعد تدخل أردني وتركي.
القصة ليست أبداً المخاطر المزعومة، إنما هي وفق ما يؤكد خبراء الآثار
والبناء في المدينة المقدسة، مخطط يهدف بالأساس للسيطرة الكاملة على المسجد
الأقصى المبارك، وبداية السيطرة الكاملة على البلدة القديمة.
سيطرة إحتلالية كاملة...
يقول مسؤول قسم الخرائط والمخطوطات في المسجد الأقصى ناجح بكيرات إن
"إسرائيل" تسعى لاستبدال الجسر الحالي بآخر حديدي، يستطيع أن يتحمل مرور
مركبات عسكرية إلى المسجد الأقصى المبارك. والجميع يدرك أن الهدف من هذا
الهدم هو إدخال أكبر عدد من السياح والمتطرفين للمسجد الأقصى. وتسعى سلطات
الاحتلال لبناء معبر ضخم ما بين حي الشرف والمسجد الأقصى على شكل جسر بطول
200 متر وعرض 50 متراً، وهذا الجسر من الزجاج المقوى جدا، يستطيع استيعاب
أكبر قدر من البشر بشكل كامل.
وأضاف بكيرات إن ما يجري هو عملية حسم للصراع حول مستقبل البلدة القديمة
والمسجد الأقصى بالكامل، مشيراً إلى أن مهندس البلدية أوصى بهدم الجسر
الخشبي القديم خلال 30 يوما، تنفيذا لمخطط يقضي، إضافة إلى بناء الجسر
الجديد ، ببناء المخفر الشرطي، والمحال التجارية الكبيرة وتوسيع ما يسمى
مصلى اليهود، وتوسيع المنطقة لتشمل مرافق حيوية وموقف سيارات، وكل هذه
القضايا مخطط ان تكون موجودة بحلول العام 2016.
البديل: جسر عسكري
وتحدث خبير الاثار والبناء في مدينة القدس د. جمال عمرو عن خطورة
تنفيذ هذا المخطط مشيراً إلى أهمية المنطقة التي ستتغير ملامحها بالكامل:
"هذا هو المسار الذي يفضي من باب المغاربة من ناحية سلوان وصولا إلى الباب
الغربي للمسجد الأقصى فوق مسجد البراق في مستوى بجانب المتحف الإسلامي".
واستهجن عمرو إعلان بلدية الاحتلال التي حذرت من الجسر، وخاصة أنها هي من
أحدثت بعض الهدم في بنائه بسبب الحفريات التي تقوم بها في المحيط: "هذا
الجسر دمر بفعل فاعل من كثرة النبش داخله فتهدم، ولم يكن بشكل طبيعي، لان
هذا الجسر واكب زلازل عدة وبقي صامدا وصلبا وقويا حتى بفعل المفتعل بقي جزء
كبير منه شاهدا على أعمال التخريب". إذا كانت ضرورة الهدم كذبة مفتعله،
فالخطر الذي تحدثت عنه كذبة أكبر كما يقول عمر: "كيف يشكل خطرا وعدد كبير
من علماء الآثار والبناء أكدوا قوته وقدرته على التحمل".
وطالب عمرو بطرف ثالث "اليونسكو" أو الأردن صاحبة الوصاية على الأقصى،
بالتدخل لفحص الجسر وإجراء الترميم اللازم له لا أن يتم هدمه بالكامل. وقال
عمرو: "الهدف من كل هذه الأكاذيب هو "بناء جسر عسكري" تستطيع من خلاله
قوات الاحتلال الصهيوني دخول واقتحام الأقصى بكميات كبيرة بمدة لا تتجاوز
15 دقيقة والسيطرة على 40 ألف مصلّ داخل الأقصى".
مغامرة هستيرية...
مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبد القادر اعتبر أن هذا المخطط يعتبر
تصعيداً خطيراً ومساً مباشراً بالمسجد الأقصى المبارك: "نحن نعتبر ان
المنطقة المحيطة بالمسجد هي جزء منه، وتغيير معالمها ستكون له تبعات
خطيرة". وقال عبد القادر: "إن أي إجراء أحمق وهيستيري لهدم الجسر ستكون له
تداعيات على المستوى الداخلي والعربي، تتحمل إسرائيل مسؤوليته".
وتابع عبد القادر: "قوات الاحتلال هي من أوجد الأسباب التي جعلت هذا الجسر
آيلا للسقوط، نحن قدمنا مخططاً واليونسكو قدمت مخططاً لإعادة ترميم الجسر
بما يحافظ على التلة التاريخية، لكن "إسرائيل" تصر على إزالته وتغيير معالم
المكان". وحذر عبد القادر من مخاطر هذا الهدم مشيراً إلى أن الهدف إزالة
الجسر والتلة التاريخية أيضا، ما يتيح لهم توسيع المنطقة المحاذية لحائط
البراق والوصول الى أسفل الأقصى من خلال ما يسمى ببوابة البني، الأمر الذي
يعتبر محاولة متقدمة للاستيلاء على الأقصى".
وطالب عبد القادر الدول العربية بأن تتحمل مسؤوليتها لوقف هذا الهدم،
وبالتحديد الجانب الأردني للضغط على سلطات الاحتلال بمنع القيام بهذه
"المغامرة الهيستيرية" على حد وصفه. من جهته حذر بكيرات من السكوت عن هذا
المخطط، ودعا الى قرار فلسطيني موحد لوقف هذه الانتهاكات. وقال إنه لا بد
من ردّ فعل شعبي ورسمي، فالجولة القادمة ستكون في قلب المسجد الأقصى.