اعداد ميساء مقدم
"أعانق الأهل..أعانق السماء..أعانق الهواء" هكذا وصفت الأسيرة المحرّرة أحلام التميمي أولى لحظات الحرية..
التميمي التي بدأت تاريخها النضالي على درب الصحافة المقاومة قبل ان تصبح
أول مقاومة في كتائب الشهيد عز الدين القسام، ساعدت في تنفيذ الهجوم
الاستشهادي الكبير الذي هزّ القدس يوم 9-8-2001، وتحولت من إعلاميةٍ تتابع
تفاصيل انتهاكات اسرائيل إلى قيادية مشاركةٍ في صناعة الحدث الكبير؛ دفاعًا
عن كرامة شعبها.
بفخر وعز كبيرين تروي احلام لحظة الخروج من الأسر "رفعت رأسي عالياً،
وابتسمت ابتسامة عريضة، وكان السجانون مطأطئي الرأس، والحمد لله غلبناهم
وان شاء الله سندحرهم عن أرض فلسطين".
وفي
مقابلة مع موقع "moqawama.org" أشارت التميمي الى أن "معاجم الدنيا جميعها
لا تسعفني لأنتقي الكلمات التي تعبر عما في داخلي، أعانق الأهل بعيوني،
بيدي، أريد ان آخذ من اهلي الكثير الكثير، لقد حرمت منهم لعشر سنوات
وأكثر"، مضيفةً "اعانق السماء والهواء، سعيدة لدرجة لا توصف".
وحول الدافع وراء انتقالها من كتابة الخبر الى صناعته عبر المشاركة في
مساعدة المقاومين، قالت التميمي "الجهاد في سبيل الله فالدين الإسلامي
أمرنا بتقديم النفس والمال وكل شيء، ولكن للجهاد في سبيل الله درجات، ولعل
العمل العسكري هو أعلى هذه الدرجات، وآثرته على العمل الصحفي".
وتروي أحلام باختصار قصّة مقاومتها قبل الأسر وانضمامها الى كتائب الشهيد
عز الدين القسام في بداية انتفاضة الأقصى عام 2001، التي استشهد خلالها
شقيقها.
ثم تنتقل الى الحديث عن مراحل الإعتقال مشيرة الى أن العدو "يبدأ بالاعتقال
من المنزل يتلوه التحقيق العسكري في زنازين تحت الأرض حيث لا يرى الأسير
النور أبداً، ويتم الضغط عليه بأساليب كثيرة، إضافةً الى التعذيب النفسي
والجسدي". وتتابع "بعد الانتهاء من التحقيق وانتزاع الاعتراف بهذا التهديد
يتم تحويلنا الى السجن الذي نقيم فيه فترة الحكم، وخلال هذه المدة نذهب الى
المحاكم الى ان تنتهي فترة الحكم".
وعن السبل التي مكّنتها من كسر إرادة سجّانيها قالت التميمي "كسرناها انا
وكافة الأخوات الاسيرات عبر ثباتنا الديني والاسلامي الذي كان لباسنا
وهويتنا، وكان يقهرهم دائماً وأبداً حفاظنا على أنفسنا". مضيفةً إن "صلاتنا
بشكل جماعي كانت تقهرهم وتغيظهم بشكل لا يوصف، لقد حافظنا عليها، وعلى
برنامج ديني روحاني يومي، فحاولوا مراراً وتكراراً أن يوقفوه، ارادوا ان
يصادروا المصاحف منا فمنعناهم"، ولفتت الى أنه "عند انتهاء عملية تبادل
الاسرى شعرنا بالانتصار وكانوا هم مغتاظين جداً، وفي لحظة الخروج من الأسر
رفعت رأسي عالياً وكانت هناك لجنة نمرّ عبرها للخروج، فما كان مني الا أن
ابتسمت ابتسامة عريضة، بينما كانوا هم مطأطئي الرأس، الحمد لله غلبناهم وان
شاء الله سندحرهم عن أرض فلسطين".
وأشارت أحلام الى أنها توقعت خروجها من الأسر رغم أن حكومة العدو أوصت بعدم
اطلاق سراحها في اي عملية تبادل، معتبرةً بأن هذا ليس توقّعاً بل هو نتيجة
"لعلاقتي مع الله وثقتي العظيمة به التي ما نقصت درجة، ومنذ اعتقالي بدأت
بالدعاء والاستغفار، كنت أناجي الله وهذه الثقة جعلتني في حالة اطمئنان
خلال فترات اعتقالي"، لافتةً الى انها "كانت تعلم دائماً انه سيكون هناك
فرج قريب أكرمني به الله فتم خطف الجندي في عام 2006 وبارك الله هذه
العملية وتممها وها نحن خارج المعتقل".
ورداً على استهزاء السجان منها عندما عقدت قرانها على ابن عمها الاسير نزار
التميمي داخل السجن، حيث قال إن هذا الزواج لن يرى النور أبداً، قالت
التميمي "سيرى هذا الزواج النور وستشرق الشمس وسنوزع للفجر انا وزوجي
ابتسماتنا، سيشهد هذا العدو أننا استطعنا رغم انفه ان نلتقي ونتزوج وننجب
وستبتهج الدنيا بنا قريباً" مشيرة الى "ان لا اجراءات امنية حالياً على
خطيبها الموجود في الضفة الغربية المحتلة حالياً وستتم الترتيبات
والمحاولات وسنرى ما سنواجه وان شاء الله لا تكون هناك عقبات" مضيفةً "هو
حالياً يستقبل الأهل والأحبة وخلال فترة قريبة سيحاول العبور وان شاء الله
يتم ذلك على خير".
الاسيرة المحررة نقلت رسالة من الاسرى من داخل سجون الإحتلال الى الأمة
العربية كاملة فحواها أن "الاسرى في سجون الاحتلال أمانة ليس فقط في اعناق
المقاومة في فلسطين والشعب الفلسطيني بل في اعناق الامة العربية والاسلامية
التي قصرت وقصرت كثيراً" مطالبةً "أن يكون الأسرى ورقة المساومة في أي
عملية مفاوضات بين العرب والكيان الصهيوني".
ورأت
التميمي أن هناك "مصالح اقتصادية تربط الشعوب العربية بالإسرائيليين فلا
ضير مثلاً من عدم إعطائهم الغاز او النفط مقابل إخراج دفعة من الاسرى،
وتابعت "الضغط الاقتصادي يجعل الاسرائيليين في زاوية حرجة وسيدفع
المستوطنين للثورة عليهم ما يدفعهم للاستجابة، وبهذه الطريقة يمكن للأمة أن
تقدم للأسرى شيئاً".
وأكّدت التميمي اعتمادها على الله والمقاومة سواء في لبنان أو فلسطين وأي
طريقة يمكن أن تطلق الاسرى، مشيرةً الى وجود نخبة من الأسرى قيد العزل
الانفرادي منذ اعتقالهم وهم يتعرّضون لمحاولات القتل المعنوية والفكرية.
وفي كلمة لها وصفت المقاومين بانهم "جند الله على الأرض اصطفاهم الله، هم
النخبة الرائعة الذين لا تصفهم الكلمات هم اولئك الذين لم يحدثونا الى عبر
فعلهم". ووعدت بالعودة الى "فلسطين الحبيبة فاتحين مع جميع المبعدين"
مضيفةً "كنت في الاردن وذهبت الى فلسطين لوحدي لكن في المرة الثانية حلمي
ان اعود الى فلسطين ومعي جحافل من من الفاتحين حتى نفتح الاقصى" قائلة "إن
على الإسرائيليين أن يخرجوا من أرض فلسطين والبحث عن وطن آخر، وإن لم
يستجيبوا فالموت لهم وهم خاسرون في النهاية".
تسعى أحلام اليوم لتحقيق "الاستقرار العائلي"، وتقول "زوجي هو توأمي في
الحياة وفي الأسر وعشنا المعاناة نفسها" أما الحلم الأكبر فالعودة الى
فلسطين، التي "استنشقت هواءها وودعتها ووضعت قلبي على غصن الزيتون الرومي
وسأعود إليها بإذن الله".