قانا عادت مرة ثانية تكتب اسمها بدم أبنائها الذي سفكته إسرائيل.. وكما في العام 1996 لم تنفع ما يسمى "قوة حفظ السلام" في حفظ سلامة أبناء الجنوب، حيث استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية عند الواحدة من بعد منتصف الليل مبنى من ثلاث طبقات في "حي الخريبة" كان يحتمي في ملجئه مدنيون نزحوا من قراهم، فكانت مجزرة مروّعة بلغ عدد ضحاياها خمسين بين شهيد وجريح، ومعظمهم من عائلتي هاشم وشلهوب. وفي بلدة يارون دمّرت الغارات منزلاً كان يتواجد فيه ستة مواطنين من عائلة خنافر فاستشهدوا جميعاً.
مجاهدو المقاومة الاسلامية خاضوا مواجهات بطولية ضد قوات من لواء غولاني تسللت إلى محور الطيبة، وحاصر المجاهدون عدداً من الجنود في منزل ودمروه فوق رؤوسهم، كما تصدى المجاهدون لقوة معادية حاولت التقدم باتجاه تلال العديسة وكفركلا، ودمروا دبابة ميركافا وآلية هامر مع طواقمهما. وقصفت المقاومة الإسلامية بدفعة من الصواريخ الموجهة مرابض العدو في العباسية والزاعورة، وأمطروا مستوطنات الشمال بعشرات صواريخ الكاتيوشا.
حزب الله أعلن أن "مجزرة قانا الوحشية تشكل مفصلاً كبيراً وخطيراً في مجرى الحرب الحالية، فإما أن تؤيد إلى وقف العدوان نهائياً وإما أن تؤدي إلى ردود أفعال، وعلى العالم الساكت والمتواطئ أن يتحمّل مسؤوليتها، لأن هذه المجزرة الرهيبة كغيرها من المجازر لن تبقى دون رد".
الرئيسان نبيه بري وفؤاد السنيورة عقدا مؤتمراً صحافياً أعلنا فيه موقفاً لبنانياً موحداً قوامه وقف كل المفاوضات وإعطاء الأولوية لوقف فوري وشامل وغير مشروط لإطلاق النار وفتح تحقيق دولي في جريمة قانا"، وأعلن بري أنه "بعدما حصل في قانا فإن شروط تبادل الأسرى قد تغيّرت".
مجلس الأمن الذي عقد جلسة طارئة له للبحث في المجزرة اكتفى بالدعوة إلى التصرف بسرعة وصرامة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وأعلن السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة دان غيلرمان أن "تجريد حزب الله من سلاحه يجب أن يتم قبل سريان أي وقف لإطلاق النار".
قال المتحدث باسم الادارة الأميركية إن ما حصل في قانا "يبرر الضرورة الملحة كي تتحلى إسرائيل بضبط النفس". وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية من القدس المحتلة أن هناك مهلة لاستمرار إسرائيل بعمليتها العسكرية بين 48 و 72 ساعة قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وأبدى الرئيس الأميركي تفهمه للموقف الإسرائيلي الذي يطالب بإطالة أمد العدوان إلى أسبوعين. وهو ما أعلنه رئيس حكومة العدو إيهود أولمرت خلال لقائه وزير الخارجية الإيطالي بأن "الجيش الإسرائيلي سيواصل عملياته في لبنان لأسبوعين آخرين على الأقل، بهدف توجيه الحد الأقصى من الضربات لحزب الله وأدواته".
الرئيس الإيراني محمود أحد نجاد حمّل بعد لقائه الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز في طهران، الولايات المتحدة وبريطانيا مسؤولية العدوان على لبنان، وقال إن مجزرة قانا "ستقود هذا الكيان الفاسد ومن يدعمونه إلى نقطة النهاية".