تقرير صادر عن نادي الأسير الفلسطيني: عام 2003 عام الانحطاط الأخلاقي في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين 22-2-2004
الكاتب: زكريا المدهون/ كاتب فلسطيني
الملخص: أكد نادي الأسير الفلسطيني أن عام 2003 شهد تدهورا سلوكيا وأخلاقيا واسع النطاق في تصرف الجيش الإسرائيلي وشرطة إدارة السجون والمحققين مع الأسرى الفلسطينيين.
وقال تقرير أصدره النادي: لقد برزت روح انتقامية وعدائية في تعامل الجنود وشرطة السجون مع المعتقلين الفلسطينيين منذ لحظة الاعتقال بحيث اتصف سلوكهم وكأن الأسرى ليسوا من البشر، فبرزت مظاهر متطرفة في طريقة الاعتقال والاستجواب والمعاملة داخل السجن تحت شعارات ما يسمى (مكافحة الإرهاب) التي اتخذت كمبرر لارتكاب جرائم حرب وأعمال تنكيل واعتداءات تخالف القانون الدولي الإنساني وكل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية.
وأكد التقرير على الاستطلاع الاسرائيلي الذي أجراه معهد داحف الاسرائيلي مع صحيفة يديعوت احرنوت يوم 6/11/2003 والذي جاء فيه أن المستوى الأخلاقي في إسرائيلي قد انخفض إلى 58%. رصد التقرير حقائق حول التدهور الأخلاقي في التعامل مع الاسرى الفلسطينيين أبرزها:
أولا: التحرش الجنسي والاغتصاب:
حيث ذكر التقرير شهادات ثماني أسرى أغلبهم من الأطفال قد استخدم معهم أسلوب التهديد بالاغتصاب والتحرش الجنسي في محاولة لتخويفهم وانتزاع اعترافات منهم. وأوضح التقرير أن هذا الأسلوب لم يعد شاذاً أو استثنائياً بل تصاعد في عام 2003 وأصبح جزءاً من منهجية التحقيق واستجواب المعتقلين. وذكر التقرير حالات اعتقال زوجات وشقيقات المعتقلين والتهديد باغتصابهن كوسيلة ضغط على المعتقل ولإجباره على الاعتراف.
ثانياً: التعذيب
قال تقرير نادي الاسير: إن 95% من الأسرى الذين اعتقلوا تعرضوا للتعذيب بوسائل محرمة دولياً وحسب شهادات 24 أسيرا أوردها التقرير فإن التعذيب يبدأ منذ لحظة اعتقال الاسير وقبل وصوله الى مركز تحقيق رسمي، ونقل العديد من الاسرى إلى المستشفيات بسبب تعرضهم لاعتداءات وحشية خلال التحقيق معهم.وجاء في التقرير بخصوص ذلك أن رجال الشابك الإسرائيلي تصرفوا وكأنهم فوق القانون في تعاملهم مع الاسير الفلسطيني مستغلين قرارات تشريع التعذيب من المحكمة العليا الاسرائيلية ومن المستشار القانوني للحكومة الاسرائيلية وعدم وجود رقابة قانونية على أعمالهم.
وأكد أن التعذيب طال الاطفال القاصرين اقل من 18 عاما حيث استخدمت بحقهم أساليب مذلة وتمس بالكرامة. وذكر التقرير 25 أسلوبا من التعذيب استخدمت بحق الأسرى...وخلص إلى القول أن منهج عدم أنسنة الفلسطينيين وصلت إلى كل زاوية في المجتمع الإسرائيلي...وأن ما بدأ في الجيش الإسرائيلي وفي الشباك واستمر مع اذرع السلطة الأخرى فان الفلسطيني في نظرهم لم يعد يعتبر كسائر بني البشر.
ثالثاً: الأبعاد القسري للمعتقلين
قال تقرير النادي: إن عام 2003 تميز بأنه عام "الترانسفير" الجماعي التعسفي للمعتقلين الإداريين حيث تم إبعاد 27 معتقلا فلسطينياً محكومين بالسجن الإداري ومن سكان الضفة الغربية إلى قطاع غزة، واستخدم سلاح الأبعاد كسيف مسلط على رقاب الاسرى الإداريين وبات كابوساً يتربص بهم ليل نهار. وشدد على أن المبررات المساقة من حكومة الاحتلال المتعلقة بالإبعاد الجماعي للأسرى عن أماكن سكنهم هي مبررات غير قانونية وتعتبر في نظر القانون الدولي جرائم حرب، حيث إن القانون الدولي يحرم كافة أنواع الإبعاد حسب المادة 49 من معاهدة جنيف...وربط التقرير بين سياسة أبعاد الأسرى ومخططات الإبعاد الجماعي التي بدأت تتبلور في حكومة شارون وكشفتها الصحافة الاسرائيلية في الآونة الأخيرة وعلى أرضية الفهم الايدولوجيي والعنصري لهذه الحكومة.
رابعاً: إعدام الأسرى بعد الاعتقال
كشف التقرير عن إعدام 15 أسيرا فلسطينياً على يد جنود الاحتلال بعد إلقاء القبض عليهم خلال عام 2003، وأوضح التقرير أن عمليات الإعدام للأسرى تمت بعدة أساليب هي:
1-إطلاق النار بشكل مباشر على المعتقل عند إلقاء القبض عليه.
2-التنكيل بالمعتقل والاعتداء عليه بالضرب حتى الموت.
3-عدم السماح بتقديم الاسعافات الطبية للأسير الجريح بعد إلقاء القبض عليه وتركه ينزف حتى الموت.
4-إطلاق النار على المطلوب للاعتقال وقتله في حين أنه يمكن إلقاء القبض عليه واعتقاله.
5-إطلاق النار على المطلوب للاعتقال وقتله على الرغم من علم الجيش الاسرائيلي ووحداته الخاصة انه غير مسلح ولم يبد أي مقاومة ويمكن إلقاء القبض عليه حياً.
وذكر التقرير أن كثيراً من المعتقلين الذين اعدموا قد تم تشويه جثثهم والتنكيل بها بشكل بشع بعد احتجازها عدة أيام أو أسابيع.
وقال التقرير: إن عمليات الإعدام لقيت ضوءاً أخضرا من المحكمة العليا الإسرائيلية التي أقرت بتاريخ 3/1/2002 سياسة التصفيات التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي.
وقد جرت العديد من عمليات القتل للفلسطينيين في أوضاع لم تكن فيها أرواح الإسرائيليين مهددة بالخطر فمقولة (النزاع المسلح) سمحت للجيش الاسرائيلي بارتكاب الجرائم تحت غطاء هذه المقولة مدركاً من يرتكب ذلك أنه لن يتم القبض عليه أو مقاضاته بسبب ارتكاب أعمال قتل بدم بارد.
وقال التقرير: إن مظاهر فاشية بدأت تطغى على المجتمع الاسرائيلي بسبب أعمال القتل والإعدام دون أي وازع قانوني...وتعتبر عمليات الإعدام خارج نطاق القانون التي تنفذها قوات الاحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينيين مخالفة صريحة وواضحة للمعاهدة الدولية الرابعة الموقعة في (هاج) في 18/10/1907 في لاهاي والمتعلقة بقوانين وأعراف الحرب على الأرض التي تستند إليها "اسرائيل" في تعاملها مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
خامساً: الإذلال والتنكيل
أورد التقرير 25 شهادة أسير فلسطيني كنماذج لسياسة التنكيل والاذلال التي تصاعدت وبشكل مكثف عام 2003، وجاء في التقرير أن الجنود الإسرائيليين تصرفوا كرجال عصابات وقراصنة حيث كانوا يصطادون فريستهم من كل شارع وحي فيوقعون بالمواطنين بعد توقيفهم أبشع أنواع الضرب والاعتداءات الهمجية والمذلة...وجاء في التقرير أن التنكيل والإذلال بحق المعتقلين اتخذ عدة أشكال هي:
1-احتجاز المواطن الفلسطيني وتوقيفه عدة ساعات قد تصل إلى يوم كامل دون مذكرة اعتقال والقيام بالاعتداء عليه وإذلاله في موقع الاحتجاز.
2-احتجاز المواطن الفلسطيني دون مذكرة اعتقال في مكان ليس سجناً أو مركز اعتقال كأن يكون في ساحة عامة أو مكان منزوي والقيام بضربه والاعتداء عليه وإذلاله.
وذكر التقرير عدة أساليب للتنكيل والإذلال تعرض لها الاسرى منها:
1-الضرب الشديد بالأيدي والأرجل وأعقاب البنادق.
2-استخدام المعتقلين دروعاً بشرية.
3-اجبار المعتقلين على التعري من ملابسهم.
4-اجبار المعتقلين على تقليد حركات وأصوات الحيوانات.
5-القاء المواطنين ساعات طويلة في العراء صيفاً وشتاء.
6-الدوس على المعتقلين بعد إلقاء القبض عليهم.
7-الشتائم البذيئة والمهينة.
سادساً: اعتقال الاطفال القاصرين
ذكر التقرير أن عام 2003 شهد تصعيداً في اعتقال الاطفال القاصرين (اقل من 18 عاما) وأن ما يقارب 450 طفلاً قاصراً لا زالوا رهن الاعتقال حتى تاريخ 1/1/2004...وقد تعرض العديد من الأطفال لأنماط متنوعة من التعذيب والإهانة والمعاملة القاسية منذ لحظة اعتقالهم وانه مورست بحقهم أساليب تعذيب وحشية ولا إنسانية بهدف انتزاع اعترافات منهم.
وذكر التقرير شهادات 20 طفلاً كنماذج على المعاملة القاسية التي عوملوا بها أثناء اعتقالهم حيث ذكرت هذه الشهادات عن تعرضهم لاساليب لا أخلاقية واعتداءات وحشية على يد الجنود والمحققين وأن كثير منهم أدلوا باعترافات تحت التهديد والضرب، وقال بعضهم انهم زجوا في سجون مختلطة مع سجناء جنائيين قاموا بالاعتداء والتحرش بهم جنسياً...وقال التقرير إن مستوى المخالفات بحق الاطفال وصلت إلى حد لا يطاق وهي تخالف كل المواثيق الدولية واتفاقية حماية الطفولة...وجاء في التقرير: لا يوجد أي علاقة بما جرى مع الاطفال المعتقلين وما يسمى الحفاظ على الأمن الإسرائيلي فأية علاقة تربط ذلك بإجبار الأسير الطفل على أكل التراب أو تعريته والقيام بتحرشات جنسية معه...إن كل ذلك يشير إلى واقع المؤسسة الاعتقالية الإسرائيلية المفعمة بالتدهور في القيم والمليئة بجنود شاذين لا يحملون أية نوازع إنسانية.
سابعاً: الاهمال الطبي للاسرى
جاء في التقرير أن 750 حالة مرضية بين المعتقلين الفلسطينيين بحاجة إلى إجراء عمليات جراحية وعناية صحية مكثفة...وقال التقرير إن سياسة الإهمال الطبي وعدم تقديم العلاج للاسرى المرضى أصبحت نهجاً متعمداً وسياسة مقصودة تتبعها إدارة السجون وهي بمثابة قتل بطيء للأسرى، مشيراً إلى استشهاد 4 معتقلين منذ اندلاع انتفاضة الأقصى بسبب الإهمال الطبي وهم:
1-وليد محمد عمر 31 سنة-سكان الخليل.
2-حسن عبد السلام جوابرة 21 سنة-الخليل.
3-انس كامل مسالمة 18 سنة-الخليل.
4-بشير عويص 27 سنة-نابلس.
وقال التقرير: إن العديد من الاسرى يعانون من أمراض خطيرة وصعبة كالقلب، السرطان، الصرع، الكلى، السكري، وهناك حالات عديدة من الجرحى مصابة بالشلل والإعاقة بحاجة إلى إجراء عمليات جراحية.
وأكد أن الظروف المعيشية للاسرى من سوء الطعام، والاعتداء عليهم، والازدحام، وقلة النظافة، والضغط النفسي، وانتشار الحشرات، ونقص الملابس وغيرها تزيد من تفاقم الأوضاع الصحية للمعتقلين، مورداً قائمة بأسماء 35 حالة مرضية صعبة من المعتقلين في السجون الاسرائيلية.
ثامناً: شروط حياة قاسية
وقال التقرير: إن شروط الحياة في السجون هي الأسوأ منذ عام 1967 حيث طبقت إجراءات مشددة وقاسية بحق المعتقلين منها:
1-العزل الانفرادي والجماعي، حيث يوجد 20 أسيرا في زنازين عزل انفرادية بعضهم يقضي اكثر من 5 سنوات إضافة إلى افتتاح أقسام عزل جماعية في سجون بئر السبع وهداريم وعسقلان.
2-الاعتداء على المعتقلين بالضرب وقنابل الغاز وقد سجل 35 اعتداء على الاسرى خلال عام 2003 أصيب خلالها المئات من الاسرى بجروح، إضافة إلى إحداث حرائق في خيامهم وممتلكاتهم.
3-سياسة التفتيش الجسدي والعاري واقتحام غرف المعتقلين ليل نهار.
4-عقوبات بدفع غرامات مالية أو الزج في زنازين انفرادية لأتفه الأسباب.
5-تقليص الخدمات المقدمة للاسرى وإجبار الأسرى على شراء مستلزماتهم على حسابهم الشخصي وبأسعار مرتفعة.
6-تصعيد في تجديد الاعتقال الاداري، وأورد التقرير 170 حالة تجديد أكثر من 3 مرات لأسرى إداريين.
7-عدم انتظام زيارة الأهالي سوى مرات محدودة.
8-تركيب ألواح زجاجية عازلة بدل الشبك في غرف الزيارات.
9-عدم السماح للمؤسسات بإدخال الملابس والمواد الغذائية والقرطاسية والكتب الثقافية.
10-الازدحام وقلة الحركة وانعدام مواد التنظيف.
11-مضايقات على زيارات المحامين.