مؤرخ يهودي يعترف، الأسرى المصريون أداة تجارب في “اسرائيل”
المؤلف: معتز أحمد
المصدر: الأهرام العربي 1 ايلول 2001
الملخص: قضية الاسرى المصريين والانتهاكات التي قامت بها "اسرائيل" في حقهم تعد واحدة من اهم القضايا المصيرية ذات الصلة بالصراع العربي "الاسرائيلي". وهي القضية التي تتزايد اهميتها مع وصول العديد من القائمين عليها ومنفذيها الى سدة الحكم في "اسرائيل" وتحولهم من مجرمي حرب الى ساسة ودبلوماسيين ذوي حيثية كبرى في عملية صنع القرار "الاسرائيلي".
تتزايد أهمية تلك القضية مع الادعاءات والمطالب المختلفة الباطلة التي يحاول اليهود إثارتها بصورة مستمرة مثل إدعاءاتهم بأن لهم حقوقا في العديد من الدول العربية وعلي رأسها مصر, وإيهام العالم بأن حكومات تلك الدول صادرت ونهبت العديد من أملاك اليهود ممن عاشوا فيها, وهاجروا بعد ذلك إلي أوروبا وأمريكا وإسرائيل بل المطالبة بتعويضات مادية ضخمة.
الساحة الإسرائيلية اهتمت وبصورة واضحة بتلك القضية خاصة عقب الاعترافات التي أدلي بها العديد من المسئولين عن تلك المذابح. وأصيب عدد منهم بأمراض نفسية جعلتهم يخضعون للعلاج النفسي المكثف حتي الآن.
صحيفة معاريف كانت واحدة من أبرز الصحف التي اهتمت بتلك القضية وأشارت في تقرير لها وقالت إن الأمر المؤسف حقا هو جريمة إخفاء المعلومات عن تلك المذابح التي قام بها القادة "الاسرائيليون" عن الرأي العام العالمي.
وهي جريمة تضاف إلي جريمة قتل الأسري العزل, ونقلت الصحيفة اعترافات العديد من هؤلاء الضباط ممن شاركوا في عمليات القتل أبرزهم أندريه وولف الذي شغل منصب مساعد رفائيل إيتان الذي يعتبر من أشهر الضباط والمستشارين العسكريين "الاسرائيليين" ووزير الزراعة الأس
بق وزعيم حزب تسوميت اليميني المنحل.
ويؤكد وولف أن إيتان لم يكن يرحم أي ضابط أو عسكري مصري تائه في الصحراء خلال الحرب. وكان يأمر بتصفيته علي الفور, بالإضافة إلي أنه لم يكن يرحم العمال المساكين الذين أوقعهم حظهم العاثر في هذه المنطقة.
ويروي وولف قصة تتعلق بعدد من العمال ممن وجدوهم في الصحراء. وعرفوا بعد ذلك أنهم قدموا من جنوب مصر للعمل في مجال تعبيد الطرق في سيناء, وبعد القبض عليهم اكتشف "الاسرائيليون" أنهم بؤساء للغاية ولا يعرفون أي شيء عن الصراع الدائر في سيناء ولا تهمهم معرفته وكان كل تركيزهم ينصب في نقطة واحدة وهي الانتهاء من عملهم من أجل الحصول علي قروش زهيدة.
وعلي الرغم من ذلك أعطي إيتان أوامره بقتل جميع العمال والتخلص منهم ودفنهم في الصحراء حتي لا يعثر أحد عليهم.. ويضيف أنه لا يستطيع حتي الآن أن ينسي منظر العمال وهم يتوسلون إليه لكي لا يقتلهم حتي إن أحد الضحايا أخذ يقبل صورة عائلته ثم أخذ ينظر إلي السماء وهو يبتسم في شرود, والغريب أن عينيه ظلتا محدقتين في السماء حتي بعد وفاته.
النقطة الجديرة بالملاحظة أن "اسرائيل" أقنعت العديد من دول العالم بأنها أجرت تحقيقا في تلك القضية وأنها سوف تقدم الجناة الحقيقيين عن تلك المذابح للعدالة الدولية وستعمل علي تقديم تقارير كاملة عن جميع الحقائق المتعلقة بالمذابح والمحاكمات.. إلا أن ذلك لم يحدث ولم يصدر أي تقرير رسمي يتعلق بهذا الأمر, وهو ما يتنافي مع التأكيدات الإسرائيلية حول هذه القضية.
تجارة الأعضاء
والأمر المثير هو تأكيد العديد من "الاسرائيليين" وأبرزهم خبراء في مراكز حقوق الإنسان بأن القادة العسكريين كانوا يطلبون دائما إرسال المسئولين والخبراء والأطباء إلي المواقع العسكرية بدعوي محاولتهم وقف انتشار الأمراض والأوبئة بسبب كثرة جثث الجنود المصريين.. ولم يكن الهدف من هذا الاستدعاء سوي الاتجار في أعضاء الأسري المصريين وتشريح جثثهم, وإرسال جثث مصرية بالكامل إلي قلب "اسرائيل", وبالتحديد إلي كلية الطب والمراكز البحثية والعلمية المختلفة لكي يمارس الطلبة علم التشريح والدراسة العملية عليها.
ميليتشيان أوري المؤرخ العسكري الإسرائيلي الشهير. والذي كان شاهدا علي العديد من تلك الأحداث حيث وجد بساحات المعارك في سيناء عامي56 و(67) اعترف بأن هؤلاء الخبراء والأطباء كانوا يمارسون عملهم بصورة مثيرة واستفزازية حتي اكتشفت وبالمصادفة أنهم أعضاء في مافيا تهريب الأعضاء البشرية. وهي المافيا التي كونت شبكة واسعة لم يكن نشاطها يتوقف فقط عند "اسرائيل" بل كان يتعدي إلي العديد من الدول الأخري في أوروبا وأمريكا.
ويضيف أوري بأنه شاهد بنفسه العديد من عمليات اختطاف الأسري قسرا أحياء والذهاب بهم إلي "اسرائيل" من أجل إجراء العديد من التجارب سواء العلمية أم العسكرية عليهم وهي التجارب التي تنوعت ما بين الأدوية والمحاليل الجديدة, واعتبر "الاسرائيليون" الأسري المصريين حيوانات تجارب لهم.
ويشير المؤرخ ميتشليان أوري ـ والذي أشارت شهادته حول قتل الأسري المصريين في "اسرائيل" ـ إلي أنه يعرف عديدا من المراكز وأبحاث المختبرات العلمية التابعة للجيش "الاسرائيلي" والتي كانت تستقبل الأسري المصريين أحياء وتجري التجارب عليهم خاصة في ظل إدخال الأسلحة الجديدة في الجيش بعد الحرب73 وهو ما كان يستلزم تجربتها علي أهداف حية لضمان جودة استخدامها وكفاءتها القتالية.
ويضيف أوري أنه عرف بعد ذلك من كبار الضباط في الجيش "الإسرائيلي" أن السبب الأساسي الذي كان يدفعهم لذلك هو كثرة عدد المقاتلين المصريين الذين كانوا يندفعون كالطوفان الشديد وبالآلاف عليهم مما جعلهم يفكرون في كيفية الاستفادة من هذا العدد الضخم بدلا من قتلهم كلهم, فجاءت فكرة الانتفاع منهم بطريقتين الأولي إما بإرسالهم إلي المختبرات العلمية وهم جثث صماء لكي يدرس عليها الطلبة والثانية بإرسالهم إلي القواعد العسكرية والعلمية وإجراء التجارب عليهم خاصة العلمية, التي تجري في مراكز المختبرات المختلفة سواء في القدس أم تل أبيب.
ولم يكن أوري هو" الإسرائيلي "الوحيد الذي اعترف بتلك الجرائم,فقد شاركته في ذلك الهيئات والمؤسسات المختلفة وعلي رأسها مؤسسة بيتسليم مركز المعلومات "الإسرائيلية" لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة, وهو المركز الذي أكد من خلال دراسة أعدها أخيرا عن الأسري العرب والمصريين, علي أن الجنود "الاسرائيليين" قاموا وفي بربرية وسلوك وحشي بسرقة الجنود المصريين قبل قتلهم, حيث كانوا يصنفون من حيث الرتب بين جنود وضباط وبعدها تقسم الغنائم التي تجمع من هؤلاء الضباط والجنود.. حيث إن الرتب من نقيب إلي أعلي يتم تجريدها من كل شيء حتي وإن كانت خواتم الخطبة أو الزواج وحتي ساعات اليد. أما الجنود فيتم الاستيلاء علي كل شيء معهم وجميع ممتلكاتهم.. ويضيف التقرير إن الجنود المصريين كانوا يتوسلون إلي نظرائهم "الاسرائيليين" طالبين منهم أن يتركوا ممتلكاتهم ومتعلقاتهم الشخصية إلا أنهم لم يلتفتوا إلي رجاءاتهم. والمثير أن التقرير كشف عن أن المافيا وعصابات السرقة "الإسرائيلية" كانت تحضر إلي سيناء لهذا الغرض وتتفق سرا مع الضباط والجنود علي شراء تلك الممتلكات مقابل مبالغ مادية كبيرة يتم الاتفاق عليها, موضحا أن تلك العصابات كانت تبيع تلك الممتلكات للمتاحف والبازارات المختلفة في العالم بالإضافة إلي القنوات التليفزيونية الدولية التي كانت تأتي خصيصا لهذا الغرض, وكانت تهتم بتصوير متعلقات الجنود المصريين وإظهارها كدليل مادي علي هزيمة المصريين وانتصار "اسرائيل", وذلك بدعم من المؤسسات اليهودية في العالم وبتوجيه منها.
يذكر أن عددا من القادة العسكريين "الاسرائيليين" من أصحاب الرتب العليا قاموا ومنذ فترة بمحاولة منع نشر أي شيء يتعلق بجرائم الحرب" الإسرائيلية "وهو ما انعكس علي العديد من وسائل الإعلام التي رفضت ذلك وأوصت بضرورة إبعاد هؤلاء القادة عن أي شيء يتعلق بالنشر الصحفي والإعلامي وحرية الصحافة.