رام الله ـ خاص الانتقاد
في الأول من شهر آب/ أغسطس 2009 اعتقلت الأسيرة كفاح عوني من منزلها في مدينة البيرة وحولت إلى الاعتقال الإداري المتجدد، ورغم مرضها النادر و خطورته و حاجتها إلى العلاج الدائم و المراقبة، عانت كفاح، كما غيرها من الأسيرات من تحقيق شاق وظروف احتجاز مأساوية أضافت لمرضها تعبا إضافيا.
فالأسيرة كفاح، وهي أم لطفلين، و تبلغ من العمر 37 عاما تعاني من مرض خطير نادر ينتشر بنسبة ضئيلة في المناطق الاستوائية حيث يصيب واحد في المليون من السكان هناك، ويسمى "رينولدز" وهو عبارة عن حالة تضيق في الشرايين تؤدي إلى فقدان المناعة في كامل الجسم.
وحسب التقارير الطبية يؤدي هذا المرض إلى تآكل في أطرافها (أصابعها خصوصا) ويزداد خطورة في فصل الشتاء، كما تعاني كفاح أيضا من أزمة تنفس ناجمة عن حساسية مزمنة إلى جانب التهاب مزمن في الكبد.
خطورة وضع كفاح الصحي، كان سبب لتفاؤل العائلة بالإفراج عنها أو حتى بتخفيف الحكم عليها، فقامت بتقديم كافة التقارير الطبية التي تثبت مرضها ووضعها الصحي بالضبط، إلا أن ذلك لم يشفع لها ولهم شيئا، ودخلت في دوامة الاعتقال الإداري المتجدد للمرة الثالثة حتى الآن.
نقص حاد بالوزن
أن كانت كفاح تعاني من مرض قبل دخولها المعتقل، فكثير من الأسيرات كانت ظروف السجن هي مرضهن، وخاصة في ظل احتجازهن في أماكن غير ملائمة للبشر وعدم تقديم الغذاء الملائم لهم، ومتابعة إمراضهن مثل الأسيرة عبير عمر، من بلدة دورة جنوب الخليل والتي تقبع في سجون الاحتلال منذ العام 2000.
تقول والدة الأسيرة عبير، و المحكوم عليها بالسجن 16 عاما، أنها تعاني من نقص حاد بالوزن و"أنيميا" فقر الدم، ونقص الفيتامينات الضرورة في الجسم، وورغم حاجتها الماسة للعلاج إلا أن إدارة السجن لا تقدم لها حتى الغذاء اللازم لحالتها المرضية.
وتشير الأم إلى أن العائلة حاولت أكثر من مرة إدخال طبيب خاص لفحص عبير و معرفة سبب الأعراض الصحية التي تعاني منها، إلا أن إدارة المعتقل رفضت كل الطلبات التي تقدم بها محامي العائلة، وحتى محامي نادي الأسير الفلسطيني الذي تدخل كذلك دون جدوى".
وبحسب الأم، فقد كان وزن عبير، تبلغ من العمر الآن 30 عاما، يربو من 80 كيلو، إلا أنها خسرت أكثر من نصف وزنها خلال الفترة الماضية:" كل زيارة ألاحظ تدهور وضعها الصحي، فوزنها يتناقص و لونها شاحب و بالكاد تستطيع المشي".
وتحاول العائلة من خلال إدخال مبالغ كانتينا إضافية لعبير تعويض النقص بالغذاء و الدواء للأسيرة، لعل ذلك يسهم في التخفيف من الآلام ابنتها و التي باتت تعاني من هزال دائم و أوجاع في الإطراف و المفاصل إضافة إلى صداع دائم.
الأسيرات في أرقام
و عبير و كفاح أسيرتان من مجمل الأسيرات اللواتي يبلغ عددهن بحسب آخر إحصاءات نادي الأسير الفلسطيني 37 أسيرة بينهن 27 أسيرة تم إصدار أحكام عليهن و 8 أسيرات موقوفات و4 أسيرات معتقلات إداريا حيث يتواجدن في سجن الدامون (16 أسيرة ) وسجن هشارون (21 أسيرة).
وبحسب نادي الأسير جزء كبير من هؤلاء الأسيرات يعانين من أمراض مزمنة، حيث تعاني خمس أسيرات من أمراض السرطان، و عدد كبير منهن يعانين من أمراض السكري و الضغط و الالتهابات الحادة.
وقال نادي الأسير إن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية لا تراع أي ظروف صحية للأسيرات، بل على العكس، تقوم بفرض إجراءات انتقامية ضدهن مثل تحويلهن للعزل الانفرادي، كما في حاله كل من الأسيرات عبير عودة ومريم طرابين ووفاء البس من العزل الانفرادي في سجن هشارون وتلموند.
فالأسيرة وفاء البس من قطاع غزة، و المحكوم عليها بثمانية أعوام تعاني من حاله صحية سيئة للغاية بسبب حروق خطيرة بكامل جسمها و التي تضاعفت بسبب ظروف العزل السئ من رطوبة و عدم التهوية الجيدة، لفترة تزيد عن أربع سنوات، ولا زالت.
ظروف صحية سيئة...
عن ذلك تقول المحامية بثينة دقماق، مديرة مؤسسة مانديلا لرعاية الأسرى، و التي تقوم بمتابعة أوضاع الأسيرات في سجون الاحتلال، أن عدد كبير من الأسيرات في سجون الاحتلال يعانين من أمراض مزمنة تفاقمت أوضاعهن بسبب الإهمال الصحي.
ولعل ابرز هذه الأمراض، بحسب دقماق هي آلام في الظهر "الديسك" وذلك بسبب أساليب التعذيب التي اتبعت مع الأسيرات لإجبارهن على الاعتراف، كما في حالة الأسيرات أحلام التميمي، و آمنة منى، و قاهرة السعدي.
كما تعاني الأسيرة "أمل جمعة" من "نزيف مستمر" في الرحم بسبب الإهمال الصحي، و الأسيرة"لطيفة أبو ذراع" تعاني من أمراض في الرحم، و التهاب أعصاب، و مرض سكري.
كما تعاني الأسيرة "وفاء البس" من حروق في كل جسمها، كما تعاني عدد كبير من الأسيرات و منهن "قاهرة السعدي" و" سناء شحادة"، "ابتسام العيساوي" من الم دائم في الأسنان و اللثة.
و شددت دقماق على ان الاحتلال يماطل في تقديم العلاج من قبل إدارة السجن، حتى في حال تدخل المؤسسات الحقوقية من خارج السجن لإدخال أطباء تكون هناك عراقيل.
تقول: في هذه الحالة تحتاج الأسيرة إلى تقديم طلب للحصول على "موافقة أمنية" يتم السماح لها بإدخال الطبيب، تحتاج أحيانا إلى أكثر من ستة أشهر، و بعد ذلك يتم التنسيق المؤسسة مع إدارة السجن بحيث يتم إصدار تصريح للطبيب بدخول السجن و الالتقاء بالأسيرة.
و تشير دقماق انه في حال السماح للأطباء بدخول السجن و الكشف على الأسيرة، لا يسمح للمؤسسة أن تصرف الوصفة الطبية وإدخالها إلى السجن.