بعد حــرب لبنان هل تغير إسرائيل جلدها؟
أيمن ياغي
صحيفة الوطن القطرية 16/03/2007
إسرائيل مصابة اليوم بارتجاج دماغي على المستوى الداخلي انعكس بشكل واضح، قلقا واضطرابا على سياساتها الداخلية والخارجية وبالأخص الاقليمية، حيث لم تعد الدولة العبرية قادرة على تحديد خياراتها بوضوح حول ما يطرح في منطقة الشرق الأوسط من تسويات وخطط عربية ودولية لحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
اسرائيل قبل الحرب الفاشلة على لبنان هي مختلفة تماما عن إسرائيل ما بعد الحرب، وهذه حقيقة يجب أن نتلمسها في هذه الآونة كي لا نتفاجأ بحقيقة ما سوف تفرزه التوابع والارتدادات التي أعقبت الزلزال الذي ضربها في العمق في حرب الصيف الماضي من تحولات وتطورات دراماتيكية من الداخل.
فمن الواضح تماما لكل متتبع للمشهد الداخلي المأزوم أن ما حصل في لبنان أفقد إسرائيل صوابها وجعلها تترنح بين الاضطراب والقلق والنزوع الجدي بتغيير جلدها بالكامل «من الحكومة إلى الكنيست» إلى كل من له علاقة بهذه الهزيمة المنكرة من السياسيين والجنرالات واستبداله بجلد «قديم ـ جديد» يعيد الصورة إلى سابق عهدها لـ «الدولة التي لا تقهر».
لجنة فينوغراد التي تحقق في فشل إسرائيل في الحرب على لبنان الصيف الماضي أعلنت تقريرها المرحلي الذي ستنشره نهاية ابريل القادم سيتضمن استنتاجات بالمسؤولية الشخصية لرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ووزير دفاعه عمير بيريتس ورئيس الأركان المستقيل المستقيل دان حالوتس عن هذا الفشل، وبالتالي فإن حكومة أولمرت سوف تتخبط في المتاهة السياسية القائمة وعاجزة عن تأدية مهامها في فترة النزع الأخير الذي تعيشه والذي يحتم عليها حزم أمتعتها والانصراف وإخلاء الساحة للطاقم الجديد الذي سيكون في الغالب يمينا متطرفا يقوده أحد «الجنرالات البواسل» مثل إيهود باراك وشاؤول موفاز أو من «الصقور البواسل» مثل بنيامين نتانياهو وشمعون بيريز.
الصحف الإسرائيلية ترى أن هناك فرصة أخيرة أمام أولمرت، لكي يغير مساره ويحدث انعطافة في الصراع العربي ـ الإسرائيلي تتعلق بموقف صارم ومحدد من المبادرة العربية للسلام، ومن حكومة الوحدة الفلسطينية الجديدة التي تقودها حركة حماس من جديد إذ مطلوب من أولمرت «التوبة» سواء انصرف أو بقي والابتعاد عن المواقف الضعيفة والمضطربة التي اتخذها في السابق والاتجاه نحو الحسم في الموقف من المبادرة العربية ومن حكومة حركة حماس، وإعطاء الضوء الأخضر للقيام بحرب شاملة في قطاع غزة تنهي تهديد صواريخ القسام وتعيد الجندي الأسير «شاليط».
ولا نعتقد هنا أن أولمرت قادر على إحداث الانعطافة في ظل اشتداد الحرب عليه من حزبه وحكومته، وقيادات قوية في الكنيست والجيش وهو لن يتمكن خلال الأسابيع القليلة المتبقية لصدور استنتاجات التقرير المرحلي للجنة فينوغراد ان يتحول إلى كرة سحرية، والمرجح أنه سوف يبقى يتعرض للكمات من كل جانب بعدما تحول هذه الأيام إلى كيس للملاكمة.
الكثير من المحللين والمتابعين يستعدون للتطورات والتداعيات الممكن حصولها في إسرائيل إذا ما اضطر أولمرت لترك منصبه ومغادرة الساحة وتركها لمن يستحقها.