إسرائيل في محيط استراتيجي «أقل استقراراً»: لا حرب مع لبنان وسوريا خلال الـ 2007
جريدة السفير اللبنانية - 26/2/2007
شدد التقييم الأمني الإسرائيلي السنوي، الذي قدم إلى الحكومة أمس، على ان «حزب الله» يعمل على تعزيز قوته عسكريا وسياسيا في لبنان. واستبعد التقييم ان تشن سوريا حربا على إسرائيل، محذرا في الوقت نفسه من ان دمشق سترد على أي تحرك عسكري إسرائيلي، كما اعتبر ان «المحيط الاستراتيجي» للدولة العبرية بات «اقل استقرارا» مما كان عليه في السابق، مشيرا الى ان «معسكرا عربيا براغماتيا» سينشأ في مواجهة «الخطر النووي الإيراني».
واستمعت الحكومة الاسرائيلية الى التقييم الامني السنوي، الذي يتضمن سلسلة من التقارير السنوية التي قدمها كل من رئيس «الموساد» مئير دغان ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين ورئيس جهاز الامن الداخلي (الشاباك) يوفال ديسكين ورئيس مركز الابحاث السياسية في وزارة الخارجية الاسرائيلية نمرود باركان ورئيس مجلس الأمن القومي إيلان مزراحي، بالاضافة الى الرئيس المستقيل للشرطة موشيه كرادي.
وقال مزراحي إن «صمود (رئيس الحكومة اللبنانية) فؤاد السنيورة يثير الإعجاب» معتبرا أن «هناك تعادلا سياسيا في لبنان الآن ويجب متابعة كيف يتطور الوضع».
دغان
وقال دغان إن «حزب الله تلقى صفعة قوية» خلال الحرب الاخيرة وتم لجم نشاطه في جنوب لبنان، برغم وقوع أحداث استثنائية. أضاف أن «حزب الله» يعمل في مجالين «الأول بناء قوته العسكرية، بما في ذلك تجديد أجهزته وتحسينها والمجال الثاني هو تعزيز قوته السياسية في الحكومة اللبنانية».
وفي اشارته الى لبنان او سوريا، رأى دغان ان «ليس هناك أي فرصة لوقوع حرب في الشرق الأوسط خلال العام 2007» محذرا في الوقت نفسه من عدم الانخداع بالدعوات السورية الى السلام، معتبرا انها تستهدف رفع الضغوط الدولية عن دمشق.
يدلين
وقال يدلين، من جهته، إنه برغم أن الرئيس السوري بشار الأسد يبعث لإسرائيل بمؤشرات
سلام «لكن هذه لا تنطوي على بوادر نية حسنة». أضاف ان «سوريا تواصل حشد جيشها والاستعداد للحرب، لكن احتمال نشوب حرب شاملة تبدأها سوريا، مثل حرب يوم الغفران (1973) أو حرب الأيام الستة (1967)، ضئيل إلا أن ثمة احتمالا كبيرا بأن يرد السوريون على أي تحركات عسكرية اسرائيلية».
ونقل مسؤول إسرائيلي عن دغان ويدلين قولهما إن سوريا تعزز قواتها المسلحة لأسباب دفاعية.
واعتبر يدلين «ان المحيط الاستراتيجي لدولة إسرائيل اقل استقرارا مما كان عليه في السابق، بسبب التطورات السلبية التي حدثت وهي أكثر خطورة مما في السنوات الماضية»، مشيرا بشكل رئيسي إلى الاحداث التي جرت العام الماضي مع كل من سوريا والعراق وايران.
وحذر يدلين من ان سوريا وايران هما «العنصران الأكثر تطرفا في المنطقة... وتؤمنان بشكل اساسي بانهما غير مضطرتين لتقديم أي تنازلات» وبأن «الإرهاب هو الاستراتيجية الصائبة التي يجب اتخاذها ضد إسرائيل». وقال إن «إيران هي أيضا التي تغذي الجهات الإرهابية المحلية مثل حزب الله الذي يواصل من خلالها بناء قوته».
أضاف إن إيران «ستواصل التقدم بإصرار في برنامجها النووي برغم وجود صعوبات تكنولوجية جمة وبرغم التهديد بعقوبات» مشيرا الى ان «معسكرا عربيا براغماتيا سينشأ في مواجهة الخطر الإيراني» ولافتاً إلى إن «هناك صراعا بين المعسكرين المعتدل والراديكالي».
ورأى يدلين أن «الجهاد الإسلامي العالمي يرى في إسرائيل هدفا لعملياته» موضحا أن «التهديدات العسكرية ضد إسرائيل مستمرة في التغير ونشأ اليوم وضع فيه تهديدات الإرهاب من جهة وتهديدات صواريخ ارض ـ ارض وسلاح غير تقليدي من الجهة الأخرى».
اما ديسكين، فقال أن لدى قيادات حركتي فتح وحماس مصلحة في العمل سوية متوقعا أن يستمر التوتر بينهما. ورأى انه في حال تم تشكيل حكومة وحدة فلسطينية فإن من شأنها أن تؤدي إلى «تآكل مواقف اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي التي تطالب الفلسطينيين تلبية الشروط التي تم وضعها أمامهم» لافتا الى ان حماس لا تنوي تغيير أيديولوجيتها أو مواقفها الداخلية.
اولمرت
وفي أعقاب الاستماع الى تقارير الأجهزة الأمنية، قال اولمرت إنه سيصدر تعليمات بعقد اجتماعات للمجلس الوزاري الأمني المصغر بوتيرة أكبر وسيتم عقد الاجتماع المقبل بعد أسبوعين. وأوضح أولمرت انه خلال هذه الاجتماعات «سنطلع على التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي والتأكد من تطبيق العبر التي تم استخلاصها».
وقال اولمرت ان «حزب الله» «يبذل جهدا للتسلح ويستخلص العبر لكن الوضع الحالي ليس كما كان في الماضي. ففي جنوب لبنان يوجد عشرات آلاف الجنود من الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل وهذا تغيير استراتيجي تحقق بعد الحرب» معتبرا أن «محـــفز حزب الله لخوض حرب قد ضعف بشــكل واضح مقارنة مع الماضي. ونعتقد أنهم يتسلحون وهناك تهريبات أسلحة وهذه هي فرضيتنا الأساسية».
ونقل المسؤول عن اولمرت قوله إن إسرائيل لن تجري محادثات سلام مع سوريا، ما لم تتجنب النشطاء الفلسطينيين الذي لهم مقار قيادة في دمشق. وأوضح اولمرت «نحن نفترض أنهم لا يريدون أن يبدأوا أي خطوات عسكرية، ولكننا يجب أن نكون مستعدين لأي موقف يحدث فيه تغيير استراتيجي».
أضاف إنه «لا يتوجب إفساح المجال للموضوع الفلسطيني بالغوص في ركن منسي، وهذه مهمة ليست سهلة ولم تكن كذلك في الماضي. واليوم بعد اتفاق فتح وحماس اتخذنا قرارا استراتيجيا بعدم فك الارتباط عن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن».
ورأى اولمرت ان «الإيرانيين ليسوا قريبين بعد من تخطي العتبة التكنولوجية، كما يريدون ان يزعموا، الا انهم كذلك ليسوا بعيدين الى الحد الذي نرغب به».
من جهته، قال وزير الدفاع عمير بيرتس قبل الجلسة «نسمع اصواتا من سوريا التي تستعد للحرب في موازاة اطلاق دعوات للسلام» مضيفا «يجب ان ندرس بعناية اي تطور ونستعد لكل احتمال حرب مع ترك الباب مفتوحا لمفاوضات (سلام) ممكنة».
واوضح بيرتس إن إسرائيل تجري اتصالات سرية من أجل إطلاق سراح جنودها الثلاثة الأسرى في لبنان وغزة.