الارتهان إلى الصهيونية معضلة مؤسسة السلطة الأميركية
أحمد عمرابي
صحيفة الوطن القطرية 22/02/2007
لولا ارتباط مؤسسة السلطة الأميركية بالحركة الصهيونية وثوابت أهدافها لما كانت هناك أزمة مستديمة بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي.
هذه هي الخلاصة الرئيسية التي كان ينبغي ان يتوصل إليها «منتدى أميركا والعالم الاسلامي» في الدوحة الذي جمع مفكرين وسياسيين عربا ومسلمين مع أميركيين من نظرائهم، ولكن المنتدى انفض دون ان تصدر عنه توصيات أو بيان ختامي، وربما يكون السبب ان الجانب الأميركي استشعر حرجا من الإقرار بهذه الخلاصة وبالتالي انتهى المؤتمر إلى عدم توافق.
عبارة «ارتباط» هي في الحقيقة عبارة مخففة، وإذا شئنا توخي الدقة العلمية فإن الدقة تقتضي استخدام عبارة «ارتهان» ذلك ان مؤسسة السلطة الأميركية بكل فروعها التشريعية والتنفيذية والأمنية واقعة في أسر الحركة اليهودية الصهيونية.
لقد تبلور داخل المؤتمر إجماع بين المفكرين المسلمين بأن الأزمة المستديمة بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي سوف تتلاشى تلقائيا إذا استطاعت القوة العظمى ان تتحرر من تحيزها لاسرائيل بما يمهد لتسوية عادلة وسلمية للقضية الفلسطينية تفرضها واشنطن فرضا على الدولة اليهودية إذا دعت الضرورة.
لكن بالطبع فإن تحولا جذريا وشاملا على هذا النحو في توجه مؤسسة السلطة الأميركية يعتبر ضربا من المستحيل أو الخيال طالما بقيت هذه المؤسسة أسيرة الأهداف الثابتة للحركة الصهيونية وفي مقدمتها الدفاع المستميت عن اسرائيل لابقائها إلى الأبد القوة الاقليمية المهيمنة في منطقة الشرق الأوسط.
التحيز الأميركي لاسرائيل هو اذن وبالضرورة تحيز أميركي ضد المسلمين والاسلام ومن هذه الحقيقة الثابتة تنبثق كافة السياسات والتحركات الأميركية والعدوانية تجاه العالم الاسلامي.
انظر في المشهد العالمي الراهن لترى قوة احتلالية أميركية في العراق تدفع بالعراقيين إلى حرب أهلية ذات طابع مذهبي وقبل العراق شنت الولايات المتحدة حربا على أفغانستان لا تزال مشتعلة منذ أكثر من خمس سنوات، وبعد العراق جاء الهجوم الاثيوبي الكاسح الذي دبرته واشنطن للإطاحة بنظام «المحاكم الإسلامية» في الصومال.
وإذا أخدنا في الاعتبار الملاحقات الأمنية العلنية والسرية التي تقوم بها الأجهزة الاستخباراتية الأميركية مستهدفة أفرادا مسلمين وجماعات اسلامية فإن من المستحيل ألا نتوصل إلى قناعة نهائية بأن المسلمين وليس غيرهم هم الهدف الاستراتيجي الأعظم من وراء ما يطلق عليه الحرب على الارهاب.
هذه القناعة تترسخ عندما نعيد إلى الأذهان ان المنظمات الفلسطينية التي تناضل ضد الاحتلال الاسرائيلي تدخل ضمن التصنيف الأميركي للتنظيمات الارهابية.
وتنداح الدائرة لتشمل التصنيف الأميركي للأنظمة الحاكمة في العالم الاسلامي فهي إما أنظمة مارقة أو أنظمة صديقة اعتمادا على موقفها المبدئي تجاه اسرائيل بغض النظر عما إذا كان النظام ديمقراطيا أو استبداديا، فالديمقراطية مرفوضة أميركيا إذا أفرزت نتيجة ليست في صالح اسرائيل.
صفوة القول ان بقاء الأزمة المستديمة بين أميركا والعالم الاسلامي أو زوالها رهين بالاجابة على تساؤل محوري: إلى متى تبقى مؤسسة السلطة الأميركية أسيرة لأجندة الحركة الصهيونية؟