عاموس جلعاد*
صحيفة الايام الفلسطينية 26/01/2007
نحن أمام سؤال صعب جدا لا أملك جوابا له: كيف يمكن أن جيشا مُدربا، مجهزا، يعرف لبنان كراحة يده، لا ينجح في تحقيق الأهداف؟ لكن يتعين الإشارة الى الأمر الحقيقي، الى العناصر الرئيسية للفشل. وهذه العناصر تتركز على موضوعين مركزيين: الـمستوى القومي والـمستوى العسكري.
على الـمستوى القومي: ثمة عيوب تشوب نموذج اتخاذ القرارات. ففي الدولة التي تقوم على أساس الـمجتمع لا يوجد نموذج مماثل. لا يوجد اي أسلوب واضح لـمعالجة التهديدات التي يتعين علينا مواجهتها. ففي إسرائيل يوجد مجلس الأمن القومي، لكننا لـم نسمع عنه شيئا خلال الحرب. لذلك، ثمة ضرورة فورية لبناء منطومة لاتخاذ القرارات القومية.
يجب أن تخضع عملية اتخاذ القرارات لتغييرات اساسية. فحتى الأميركيون، الذين يتمتعون بنموذج أكثر فعالية من نموذجنا، فشلوا. يتعين علينا، وبهدف بناء مثل هذه الـمنظومة، التوصل الى إدراك عميق لوضعنا الاستراتيجي والأمني.
على الـمستوى العسكري: يتعين علينا ببساطة مواجهة الأمور البسيطة، عبر تعزيز الذراع العسكرية. فالجيش بنى طريقة لاتخاذ القرارات بمساعدة الـمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وبموجبها يتعين العمل: تحليل التهديدات وقول ما هي احتمالات واعتبارات اتخاذ القرار. وهكذا يجب إدارة الدولة. ما لـم يحصل ذلك سنصل الى وضع نحتاج فيه الى تدريع فعال للدبابات دون أن نملك الـمال لذلك، في الوقت الذي يتوفر فيه الـمال للبناء الـمنفلت العقال. يجب على حكومة إسرائيل البحث في هذه القضية، أن تحدد وأن تُظهر كيف سيبدو الجيش، واستخراج الـميزانية على هذا الأساس.
ثمة أمر لا أحد يتحدث عنه: السياسة في الجيش. يتعين إخراج السياسة من الجيش الإسرائيلي. الـمقصود ليس السياسة التنظيمية الـموجودة في كل تنظيم. السياسة تتضمن في داخلها وسائل الإعلام، التي تدفع الناس للتفكير بأنه "ليس مهما ما الذي فعلته، الـمهم كيف سيبدو ذلك". في مثل هذا الوضع لا يوجد عمل حقيقي. طالـما بقيت السياسة فإن شيئا لن يحصل.
كان لحرب لبنان، التي أُسميها الحرب السابقة وليس الأخيرة، خطة عمل ممتازة استندت الى الفرقة 98. هذه الخطة جرى التدرب عليها لكن لـم يطبقها أحد. لـماذا؟ ربما الأمر يتعلق بالسياسة. وإذا لـم يعالج الجيش روحه وما لـم يُخرج السياسة خارجا، فإن شيئا لـم يحصل.
* لواء احتياط، ورئيس القسم السياسي ـ الأمني في وزارة الدفاع، وعضو كنيست ووزير سابق عن حزب العمل..