على الجيش الاسرائيلي أن يتعلم فنون الحرب من ميكيافيلي أو من حسن نصر الله ..
غي باخور
صحيفة الايام الفلسطينية عن "يديعوت" 05/01/2007
أنهت لجان التحقيق العسكرية اللامتناهية عملها من خلال عقد مؤتمر جديد بيروقراطي وتوصيات بكلمات عالية. هكذا انتهت الحرب، وهكذا بدت ايضا. ولكن ما يحتاجه الجيش الاسرائيلي فعلا ليس المزيد من الامدادات اللوجستية أو القدرات الاستخبارية. الجيش الاسرائيلي يحتاج الى دهائه الذي تميز به ذات مرة، وهو بحاجة الى الفلفل والى الرأس الآخر والى الجوع الذي نجح. هو بحاجة الى جرأة عيزر وايزمان الذي قصف طائرات الجيوش العربية وهي في مرابضها، أو رقصات رفائيل ايتان التي أنزلت الجنود خلف خطوط العدو (شمال نهر الأولي في حرب لبنان الاولى). كانت لنا مثل هذه الشرارة الوقادة، ولكنها انطفأت. المزيد من اللجان والتوصيات لن تنفعنا شيئا.
كيف يمكن استعادة ذلك كله؟ تعلم فنون الحرب ومهاراتها وحيلها، وهذه أمور لا تأتي بصورة تلقائية وانما من خلال التعلم.
وفقا لدراسة أُجريت منذ مدة وجيزة يتضح أن اغلبية ضباط الجيش الاسرائيلي لا يملكون دراسة عسكرية رسمية عليا. أي أن قضية تفعيل القوات غير معروفة لهم بكل بساطة، والأهم من كل ذلك أنهم لا يعرفون تاريخ المعارك العسكرية.
أحد الكتب المحبوبة بالنسبة لي في هذا السياق هو كتاب "فنون الحرب" للمؤلف نيقولاي ميكيافيلي. ما هو عدد ضباط الجيش الاسرائيلي الذين سمعوا عن القتال؟ وما هو عدد الذين قرأوه منهم؟.
ميكيافيلي عاش بين السنوات 1469 و1527، ورغم ذلك يعتبر كتابه ملائما وعصريا تماما. لماذا؟ لأن العتاد المتطور والمدرعات المحكمة والصواريخ كذلك تغيرت، إلا أن الانسان بقي نفس الانسان.
القواعد التي يُعلمنا إياها ميكيافيلي لا تكلف فلساً، ومع ذلك تُعادل الذهب في قيمتها. اليكم بعض النماذج والامثلة: من يحرص على فهم نوايا وتركيبة العدو ويبذل جهوده لاعداد جيشه وزيادة انضباطه، سيكون أقل عُرضة للمخاطر، وأكثر توقعا للنجاح في المعركة. إياك أن تبدأ الحرب قبل أن تُعد جيشك وأن تتأكد من أنه جاهز للقتال ويتمتع بمعنويات مرتفعة. اذا أردت أن تنجح خطتك، فعليك أن تخفيها عن العدو وأن تنفذها بصورة مفاجئة. ليس هناك شيء أهم خلال الحرب من استغلال الفرصة عندما تسنح لك. الاشخاص الشجعان بالفطرة هم قلة، ولكن الانضباط الجيد والتجربة ستحول الكثير من الجنود الى مقاتلين شجعان.
من كانت قواته غير منظمة وهي تلاحق العدو سيفقد الميزة التي يتمتع بها على الاغلب، وفي نهاية المطاف سيتحول من مطارد الى طريد بنفسه. عليك أن تتصرف بصورة معاكسة لما يتوقعه العدو. اذا كنت تخشى من معرفة العدو لخططك عليك أن تغيرها. القادة الجيدون لن يدخلوا في الحرب أبدا إلا اذا كانت حاجة وضرورة مطلقة أو في فرصة لا تتكرر. إحذر خلال الحرب من إرسال قواتك في مهمة لا يعرفونها، وإلا فان النتيجة ستكون حالة من الفوضى والبلبلة وما الى ذلك. ميكيافيلي يُعلم فن الدهاء والتحايل ووسائل الاخفاء خلال الحرب.
الكتاب كُتب قبل مئات السنين، ولكن يتوجب أن يكون كتابا إلزاميا في الجيش الاسرائيلي الذي نسي كيف يتصرف الجيش بسبب كثرة المهمات البوليسية وشدة الخوف من محكمة العدل العليا ووسائل الاعلام و"بتسيلم" وغيرها من الهيئات والمنظمات التي شُكلت لتكبيل أياديه.
وإن لم تكن لدينا قوة للعودة الى التاريخ، فمن الممكن الاكتفاء بتحليل التحايل والدهاء والحرب النفسية ووسائل الاخفاء التي اتبعها حسن نصر الله في الحرب الأخيرة. ليس من العار أن نتعلم من العدو، وهذه ايضا قاعدة من قواعد ميكيافيلي.