نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الجمعة، عن مصدر رفيع في إحدى دول الوسطاء أن قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام، محمد الضيف، اشتبه فجر يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أن الجيش الإسرائيلي والشاباك ينصبان كمينا لقوات حماس، بعد أن أبلغه عناصر الحركة بأنه لا يحدث شيئا في الجانب الإسرائيلي، قبيل بدء شن هجوم "طوفان الأقصى"، عند الساعة 06:30 صباح ذلك اليوم.
وتتابع الصحيفة نقلا عن المصدر درس الضيف، عند الساعة الخامسة فجرا، وقف الهجوم، وأراد أن يصدر أوامر بالتوقف عن الاستعدادات الحثيثة لبدء الهجوم، التي كانت في مرحلتها الأخيرة، وتجميده حتى إشعار آخر، حسبما الذي تبلغ بذلك من مسؤولين في حماس تحدثوا إلى مصادر في الحركة.
وحسب الصحيفة، فإن المعلومة التي وصفت الضيف أنه يتحسب من عدم حدوث شيء في "إسرائيل" صباح ذلك اليوم، كانت "إحدى أكثر الأمور الدراماتيكية التي اكتشفت في إطار تحقيقات الجيش الإسرائيلي حول الأسباب التي أدت إلى الإخفاق الرهيب في 7 أكتوبر".
ومنذ مساء 6 أكتوبر، كرر الضيف أسئلة طرحها على عناصره حول ما إذا يرون طائرات إسرائيلية مسيرة، أو دبابات. والإجابة التي تلقاها كانت أنه توجد دورية، تبدو عادية جدا، لطائرة مسيرة إسرائيلية تحلق فوق غزة، ولم تشاهد أي دبابة في موقعها، حسبما نقلت الصحيفة عن المصدر الرفيع في إحدى دول الوسطاء.
ودرس الضيف، عند الفجر، إلغاء الهجوم بسبب عدم رصد أي مؤشرات على جهوزية إسرائيلية. ووفقا للصحيفة، فإن هذا نابع من وسائل حذر مرتفعة اتبعها الضيف، ومن السرية التي اتبعها قبيل الهجوم، لأنه أدرك تماما أن نجاح الهجوم متعلق بأمر واحد، هو عنصر المفاجأة.
وحسب الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي عثر على بروتوكولات في نفق لحماس وتبين منها أن الحركة خططت لشن الهجوم خلال الأعياد اليهودية في تشرين الأول/أكتوبر العام 2022. وأنه تأجل لأن إيران وحزب الله لم يكونا جاهزين. وجاء في البروتوكول أنه "يوجد أيضا موعد 7.10.23، عيد بهجة التوراة وهو يوم إجازة" في الجيش الإسرائيلي.
وأضافت الصحيفة أن الضيف كان على علم بقدرات الاستخبارات الإسرائيلية، وأدرك عمق توغلها في حماس. ونقلت عن مسؤول استخباراتي كبير أدلى بإفادة في تحقيقات الجيش الإسرائيلي، قوله إن الضيف "دمرنا تماما". وأضاف أنه بعد العملية العسكرية الفاشلة التي نفذتها قوة إسرائيلية خاصة في خانيونس، في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، "وبمساعدة الاستخبارات الإيرانية، فككوا شيفرة العتاد كله الذي تركته القوة خلفها لدى انسحابها، وأجروا تحقيقا أدركوا من خلاله تفاصيل هامة وبالغة الأهمية حول ما حاولت إسرائيل تنفيذه في تلك الليلة".
وبعد ذلك، شكل الضيف ورئيس حماس في غزة، يحيى السنوار، "مجلس الحرب المصغر" الذي جرى فيه تخطيط تفاصيل "المشروع الكبير"، أي الهجوم في 7 أكتوبر لاستهداف فرقة غزة العسكرية الإسرائيلية وهزمها، حسب الصحيفة.
ويظهر في أحد بروتوكولات حماس التي عثر عليها الجيش الإسرائيلي في نفق، غادره السنوار قبل وقت قصير من اقتحام القوات الإسرائيلية، ومؤرخ بيوم 12 حزيران/يونيو 2022، أن الضيف قرر، من أجل الحفاظ على سرية الهجوم، أن القرار بشأن هجوم "يجب اتخاذه قبل خمسة أيام".
وتابعت الصحيفة أن قادة كتائب ومنظومات حماس العسكرية علمت بالهجوم قبل 48 ساعة من شنه، وأن قادة قوات النخبة البرية والبحرية والدفاعات الجوية في حماس، علمت بالهجوم قبل 24 ساعة، "وفي الساعتين الأخيرتين (قبل الهجوم) سترسل معلومة حول ذلك إلى قادة الطواقم ومنفذي الغزو، وعددهم حوالي 1500 مقاتل".
وأشارت الصحيفة إلى أن نتائج التحقيقات العسكرية الإسرائيلية تؤكد أنه لم يكن هناك أساسا لتخوفات الضيف قبل بدء الهجوم. "في إسرائيل لم يعلموا بكافة الاستعدادات للهجوم. وحتى الساعة 06:28، اعتقد معظم ذوي المناصب الرفيعة، بدءا من رئيس الحكومة والمسؤولين الأدنى منه، أن حماس "كيان يسيطر، لكنه مستضعف ومرتدع"، وأن السنوار والضيف معنيان بتهدئة، ولن يتورطا في عملية عسكرية تؤدي إلى حرب شاملة".
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني إسرائيلي اطلع على التحقيقات العسكرية، قوله إنه "لم يُعمل أي شيء في المقابل: لا توجد أي وحدة عسكرية أو منظومة تحذير، أو وكالة تجسس، أو قائد كبير سيتم تبرئتهم في التحقيقات، لا في فرقة غزة، ولا في القيادة الجنوبية للجيش، ولا في لواء العمليات أو شعبة العمليات، ولا في الوحدة 8200 أيضا، أو في هيئة الأركان العامة أو دائرة الأبحاث (في الاستخبارات العسكرية)، ولا في سلاحي الجو والبحرية، ولا في الشاباك والموساد. جميعهم فشلوا فشلا ذريعا. وهذا لم يكن خللا، وإنما انهيار منظومات كامل، أدى إلى تحجر وغطرسة وعمى. وهذا لم يحدث في الليلة الأخيرة (لـ7 أكتوبر)، وإنما قبل ذلك بوقت طويل".