رأى المسؤول السابق للاستخبارات في الموساد حاييم تومر أن "الدخول في معركة واسعة النطاق في لبنان في هذا الوقت، بعد ثمانية أشهر من القتال في غزة، سيزيد بشكل كبير من الخطر على قدرة "إسرائيل" على مواصلة عملها في الاقتصاد وكلاعب دولي"، وقال "على الجمهور "الإسرائيلي" أن يفهم أن الحرب الشاملة تشكل تهديدًا للرؤية الصهيونية لـ"تل أبيب".
وفي مقابلة مع صحيفة "إسرائيل هيوم"، أضاف تومر "إذا كانت "إسرائيل" تستعدّ لمحاربة حزب الله على نطاق واسع، كما يقول رئيس الأركان هرتسي هليفي، فإن ذلك يعني إطلاق آلاف الصواريخ على الوسط مما سيشلّ "إسرائيل" بأكملها لعدة أسابيع، بما في ذلك ميناء حيفا، والمطارات العسكرية في الشمال".
ورجّح أن يكون مصير "كريات شمونة" والجليل المهجوريْن مع الكثير من الدمار، وكذلك عكا وطبريا وربما حيفا، وربما أبعد من ذلك "تل أبيب".
واعتبر أن حزب الله يشكّل تهديدًا لم نتخيّله حتى أن الجيش "الإسرائيلي" لا يملك أيّ رد عليه، وتابع "لقد أعدّ الإيرانيون ما يسمى بـ "غلاف إسرائيل" بطريقة شاملة للغاية (في إشارة الى الدعم الإيراني لفصائل المقاومة الفلسطينية المشاركة في "طوفان الأقصى").. يمتلكون صواريخ دقيقة يمكنها تفجير حقول الغاز "الإسرائيلية" في ثوانٍ، بكل ما يعنيه ذلك من معنى. ليس لدى "إسرائيل" أيّ رد على كل من حماس وحزب الله. بالتأكيد ليس بالنسبة لكمية الطائرات بدون طيّار التي يمتلكها حزب الله. بالإضافة إلى ذلك، لم يعد سلاح الجو "الإسرائيلي" حرًا في العمل فوق لبنان بسبب نظام الكشف الذي زوّدت به إيران (الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله)".
وأردف "لا سبب للاستخفاف بالقدرات التكتيكية والعسكرية لحزب الله. لديهم استخبارات تكتيكية أفضل بكثير من "إسرائيل"، أو على الأقلّ ليس أقل شأنًا منها. ليس من المؤكد أن المنظومات "الإسرائيلية" التي تمّ تطويرها ستعرف كيفية تقديم الرد. إنها مسألة إلى أيّ حجم وإلى أيّ مدى سيهاجمنا حزب الله".
ويدعي تومر أن حزب الله يمتلك مخزونًا من الصواريخ المختلفة يتراوح بين 100 ألف إلى 150 ألف رأس حربي، إذا أراد ذلك، فيمكنه إطلاق 1500 صاروخ يوميًا في الأيام الأولى من القتال، وبعد عشرة أيام بالكاد سيمسّون بـ 10% من ترسانتهم. إذا حدث مثل هذا السيناريو، فلن يكون لدينا إجابة كاملة".
ويٌكمل ""إسرائيل" تتخبّط بين خياريْن مهميْن، ونحن على مفترق طرق تاريخي مصيري:
الأول:
أن تقبل "إسرائيل" بمخطط الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يتحدث عن تجميد القتال في غزة، ولاحقًا ربّما على الجبهة الشمالية. ستنخفض حدة القتال على الجبهتيْن بشكل كبير، وربما يتم إطلاق سراح بعض الأسرى ونكسب الوقت. وهذا ما حاول بايدن قوله لكبار الضباط "الإسرائيليين" ولم يلق آذانًا صاغية".
بايدن يقول لـ"إسرائيل": انتظروا لحظة. لقد وجهتم لحماس ضربة قوية للغاية. رغم أنكم لم تقتلوا قائدها في غزة يحيى السنوار ولا القائد العام لكتائب القسام محمد ضيف، لا تزال هناك بعض أطر الكتائب التي لا تزال تعمل وسليمة، وصحيح أن حماس ستكسب الوقت للتنظيم، لكن الجيش "الإسرائيلي" سيحصل أيضًا على الوقت للتنظيم وربما نجد حلًا لإدارة غزة. هذا الخيار الذي يسمى استراحة مؤقتة، وفيه إيماءة للرئيس بايدن".
الثاني:
الدخول في حرب واسعة النطاق. لكن كل جيش يحتاج إلى وقت لتنظيم نفسه، وبعد ثمانية أشهر من القتال، أصبح الجيش "الإسرائيلي" مُرهقًا. المشكلة هي القدرة على المناورة الملائمة في الميدان. حزب الله أقوى بما لا يقاس من حماس من حيث قدرته على الصدّ، وعلى مستوى جنوده ومستوى نوعية المعلومات الاستخبارية التي لديه. وقد أثبت في الأسابيع الأخيرة أن لديه قدرة استخباراتية دقيقة وعلى مستوى عالٍ جدًا في الوقت الفعلي.
على "إسرائيل" أن تفهم أن عليها وقف الحرب وخلق سيناريو نهاية في غزة، وهو الأمر الذي لم تتعامل معه القيادة بشكل صحيح.
"المشكلة هي أن على إسرائيل أن تختار بين خيار وقف الحرب وإعادة تنظيم الجيش "الإسرائيلي"، في مواجهة التحديات المتراكمة، والتي لا يوجد لها استجابة جيدة في كل من غزة ولبنان. وعلى "إسرائيل" أن تبحث عن حلول "في اليوم التالي" لكل من لبنان وقطاع غزة
الثالث:
هو الخيار السيّء الذي يظهر الآن عبر حرب واسعة النطاق تسمح لوزير الحرب يوآف غالانت بتجنيد 350 ألف جندي احتياطي. يعلن رئيس الأركان أن الجيش "الإسرائيلي" مستعد لقتال واسع النطاق وهو ينتظر فقط أمرًا من المستوى السياسي.
يُنظر إلى "إسرائيل" اليوم ـ مع الأسف ـ على أنها ضعيفة في نظر خصومها في المنطقة وضعيفة في حد ذاتها. لم تنجح في 7 من تشرين الأول، ولن تنجح اليوم أيضًا. ومن الواضح للجميع أن هناك خلافاً كبيراً بين الإدارة الإسرائيلية وإدارة بايدن. الإيرانيون يفهمون كل شيء، وفي الوقت نفسه أصبحوا شركاء للروس والصين وموردين مهمين للطاقة للهند".
ولفت تومر الى أن "إسرائيل" تعاني من ضرر كبير بـ"مكانتها" الدولية، وهذا يشكًل عائقًا أيضًا في حربها السرية ضد إيران، وأضاف "لا يوجد لـ"إسرائيل" اليوم تحالف ضد ايران. إيران نضجت وهي من يدير المعركة هنا".
وقال تومر في المقابلة "يجب أن نفهم أنه لو لم يفتح حزب الله جبهة أخرى ضد إسرائيل، لما كانت حماس موجودة هنا. وكانت إسرائيل ستسحقها منذ زمن طويل. حقيقة أن إيران فتحت جبهة أخرى وأدخلت حزب الله وسمحت لحماس بالدفاع عن نفسها بطريقة معينة ضد الجيش الإسرائيلي".
وشدّد على أن "إسرائيل" في حالة حرب منذ ثمانية أشهر ضد حماس، وهي في مرحلة لم تتمكن فيها بعد من هزيمة حماس.
وخلص الى أنه لا يوجد إنجاز إستراتيجي قاطع في غزة، وهناك خطر من التدهور إلى حرب أوسع في لبنان، خاصة مع الأنواع المتطوّرة للغاية من الوسائل القتالية التي نواجهها في ساحة المعركة"، وخلص الى أنه "ليس لدى الجيش "الإسرائيلي" ردّ على الطائرات الإيرانية بدون طيّار، لذا فإن السؤال المطروح هو: ماذا يحدث من هنا؟".