رأى دورون ماتسا الباحث الصهيوني في مركز بيغن - السادات للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة "بار إيلان" الإسرائيلية، أن "الأحداث الأخيرة التي شهدها مستشفى الشفاء في مدينة غزة ستسهم في تقويض أسس القوة الاستراتيجية الإسرائيلية"؛،
وفي مقالة نشرتها صحيفة "معاريف"، قال ماتسا إن "الانتقادات الدولية الموجّهة إلى "إسرائيل" توضح الانهيار المدني الذي لم يتحول إلى عقبة على طريق اجتياح رفح فحسب، بل أيضًا إلى ورقة ضغط في قبضة حماس ضد "إسرائيل".
وتابع "العزلة السياسية التي وجدت "إسرائيل" نفسها فيها، تتعمّق أكثر فأكثر، والأمر لا ينحصر فقط في حظر السلاح وفي محاولات الاعتراف الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية -من جانب إسبانيا على سبيل المثال وغيرها من الدول الأوروبية- ولا في كونه مادة تُضاف إلى نقاشات محكمة العدل الدولية في لاهاي، ولا في الصدع الخطِر الذي أصاب العلاقات الإسرائيلية الأميركية فقط، بل هو تضافر لكل هذه العوامل، وهو ما يجعل "إسرائيل" معزولة كما لو كانت شخصًا مصابًا بالطاعون في القرون الوسطى".
ولفت الى أن "قطاع غزة يؤدي إلى تحطيم "إسرائيل" وتحويلها إلى كتلة من الركام السلبي"، مشيرًا إلى أن: " ذلك يحدث من دون كبح الخطوة التي تؤدي، مرحلة تلو الأُخرى، وفقرة تلو الأُخرى، إلى تفكيك الأمن القومي الإسرائيلي على المستويَين، القصير والبعيد، حيث ظلت "إسرائيل" وحيدة في الشرق الأوسط الذي يتغير".
وأضاف "رفح تتحوّل الآن شيئًا فشيئًا إلى بنت جبيل في حرب لبنان الثانية 2006، بمعنى أنها تتحوّل، في أنظارنا، إلى رمز لمركز أعصاب الخصم، إذ صار يُنظر إلى السيطرة على المدينة بصفتها حدثًا سيقلب الواقع"، وأردف "رفح الآن، كما هو حال بنت جبيل آنذاك في العام 2006، ليست هي الشأن الرئيسي وليست هي الأمر المهم في تطور الحرب في قطاع غزة.. فصحيح أن احتلال المدينة سيختتم، تكتيكيًا، ورشة تفكيك حماس، لكن الأمر لن ينهي الحرب، ولن يُسهم مُطلقًا في إنهاء هذا الحدث، الذي هو أكبر من أبعاد المنطق التكتيكي الذي يقود "إسرائيل" نحو جنوب القطاع".
وذكر ماتسا أن "القضية الأساسية التي يجب التركيز عليها هي التفكير الاستراتيجي الذي يبرز غيابه الآن في الجانب الإسرائيلي، والحديث يدور عن غياب الوضوح بشأن نوايا "إسرائيل" فيما يتعلق بقطاع غزة، في ظل واقع لا يمكن لها فيه إنهاء الحرب بالصورة التي أرادتها، عبر تقويض حماس وإبادتها بصورة تامة".
وختم ماتسا "إسرائيل" تغرق الآن شيئًا فشيئًا، ومع كل لحظة تمرّ، هي تتجه إلى نقطة سيئة في كل ما يتعلق بمكانتها الاستراتيجية، وهي مكانة تلقي بظلالها، بصورة خطِرة، على قدراتها في مواصلة مواجهة وخوض الحرب الشاملة والمتعددة الساحات، والتي سترافقها لوقت طويل بعد احتلال رفح، وبعد تفكيك كتائب حماس"، على حدّ زعمه.