أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إلى مستوى الإرباك الذي وقعت فيه سلطات الاحتلال الصهيوني في تعاطيها مع التطورات الميدانية، في الجبهة الشمالية مع حزب الله، متحدّثة عن معضلة أمام الجيش تتمثّل بضرورة توعية المستوطنين في الشمال ليكونوا على استعداد في حال توسُع القتال، وفي الوقت نفسه لا تريد إثارة الخوف والهلع لديهم من قدرات حزب الله.
وأكّد المحلّل العسكري للصحيفة "يوسي يهوشوع" أنّ: "إسرائيل" لا تريد حربًا مع حزب الله، بل تريد استنفاد الخيارات السياسية"، لافتًا إلى الإمكانات القتالية والعسكرية العالية التي يمتلكها الحزب، فبرأيه أن: "بعض هذه القدرات نراها في هذه الأيام عند الحدود الشمالية".
وكتب يهوشوع: "يزداد، في الأسابيع الأخيرة، مستوى التوتر بين "إسرائيل" وحزب الله. بالرغم من أنّه ليس هناك في الحقيقة تغيير دراماتيكي في كثافة المناوشات عند الحدود الشمالية، وبالرغم من أنّ كلا الطرفين ليسا معنيين بحرب شاملة، فقد بات واضحًا أنّ هذا التصعيد قد يخرج عن السيطرة".
وأضاف: "في قيادة الجبهة الداخلية يدرسون إصدار حملة خاصة لتعزيز الجاهزية للحرب في لبنان، إلى جانب الحاجة لإعداد الجمهور في إسرائيل، فإنّ قرارًا من هذا النوع قد ينتج عنه سوء فهم عند الطرف الثاني، خاصة لأنّ "إسرائيل" ليست معنية بالحرب وهي ترغب في استنفاد خيارات سياسية - تمامًا مثل حزب الله"؛ بحسب توصيف الكاتب.
وتابع: "إحدى المعضلات التي أشغلت قيادة الجيش الإسرائيلي، في العقد الأخير، كانت كيف بالإمكان الشرح للجمهور الخطر الذي يعكسه حزب الله في الساحة الشمالية، والذي من شأنه أن يشعل حربًا شاملة؟ وفي مركز هذه المعضلة، مسألة ما إذا كان من الصواب استعراض خطورة هذا التهديد علنًا، بقصد تنسيق التوقعات مع سكان إسرائيل، وإثارة الوعي ودفع جهوزية الجبهة الداخلية قدمًا". وأردف المحلل العسكري ليقول :"من جهة أخرى، يوجد إدراك أن السيناريوهات التي ستُطرح حول حرب متعددة الجبهات من شأنها أن تثير هلعًا عامًا، وبذلك زيادة الثقة بالنفس عند نصر الله، الأمر الذي سيمس بالردع الإسرائيلي"؛ وهذا وفقًا لتعبيره.
ولفت يهوشوع إلى أن: "السيناريو المرجعي الذي كان من المفترض أن يُعرض في حملة من هذا النوع يتضمن بيانات عن وجود 150 ألف صاروخ وقذيفة صاروخية بحوزة حزب الله، وقدرة على إطلاق أكثر من 4000 قذيفة صاروخية وصواريخ دقيقة وطائرات مسيّرة مفخّخة وغيرها. بعض هذه القدرات نراها، في هذه الأيام، عند الحدود الشمالية. وفي نهاية الأمر، قرّر جميع رؤساء أركان الجيش عدم إخافة الجمهور".
ويتابع محاولًا التوضيح: "هذه المعضلة مطروحة مجددًا أمام قيادة الجبهة الداخلية. وصنّاع القرار يدركون أن توجهًا كهذا، حتى من دون توافر معلومات استخباراتية حول عزم حزب الله بشنّ الحرب، سيقود إلى زيادة الجهوزية ولكنه من دون شك سيزرع ذعرًا عند المستوطنين.
ورأى يهوشوع أنّ: "انعدام اليقين والتوتر في الشمال، في الأشهر الأخيرة، يقود إلى الكثير من التقديرات والتكهنات بشأن الثمن الذي تدفعه الجبهة الداخلية الإسرائيلية إذا نشبت حرب مقابل حزب الله. ويؤيّد رؤساء السلطات في الشمال ضرورة تنسيق التوقعات مع المستوطنين خاصة بسبب الانتخابات المحلية، وعبّر هؤلاء عن قلقهم من الوضع الأمني، وطلبوا إعداد السكان للتعامل مع خطر إطلاق نار مكثّف باتجاه "إسرائيل"".
وختم يهوشوع: "ينبغي القول بشكل واضح إنّ التوجيهات الرسمية من قيادة الجبهة الداخلية للاستعداد للحرب لها تأثير كبير، إضافة إلى ذعر الجمهور، فإنها قد تؤدي إلى انهيار الأسواق وكذلك تآكل ثقة الجمهور، وهو عنصر حساس في العلاقة بين السلطات والجيش. لذلك، يُجري الجيش الإسرائيلي تقديرات يومية للوضع، ويفحص بشكل مستمر سياسة الحماية في الجبهة الداخلية"؛ وفقًا لتعبيره.