وصف المحلّل السياسي الصهيوني ناحوم برنياع، في مقالة نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، 7 تشرين الأول/أكتوبر بالأصعب والأكثر مرارة في تاريخ "إسرائيل". وقال: "كل حدث هو قصة بحدّ ذاته، لا يمكن تصوّره في حجم الرعب وفي عمق التراجيديا وفي أبعاد الضرر".
وأضاف برنياع: "في كابينت الحرب يجلس أشخاص تحلّق فوقهم سحابة إخفاق السابع من تشرين الأول/أكتوبر. يمكن أن تبدأ اللائحة بـــــ: الجيش، رئيس الأركان، رئيس شعبة الإستخبارات، السكرتير العسكري، قائد المنطقة (الجنوبية) وقائد الفرقة، والذين لا يجلسون هناك. يمكن استكمال اللائحة برئيس الشاباك. ولعلّ الأصح أن نبدأ بالمستوى السياسي: رئيس الحكومة، وزير الأمن (الحرب) والوزيران بني غانتس وغادي آيزنكوت اللذان كانا رؤساء أركان في السنوات التي ترسّخت فيها مفاهيم خاطئة بخصوص حركة حماس وقائدها في غزة يحيى السنوار، وبخصوص حماية المستوطنات والإخفاق. بإستثناء نتنياهو، الجميع أعلنوا، كلّ على طريقته أنهم يتحمّلون المسؤولية".
وتابع المحلّل السياسي : "للأسف الشديد لا يوجد انتصار في الأفق، وأقوال نتنياهو عن حرب لمدة طويلة هي بديل تسويقي لانتصار غير موجود.. الواقع الذي ينتظرنا مختلف: مواجهات مع حلفاء، أوقات فيها وقف لإطلاق النار، إطلاق سراح أسرى، ابتزاز من جانب إرهابيين متعطشين للدم"، بحسب تعبيره.
وأردف: "بينما كنا نعمل على الهامش، كان الإيرانيون يعملون على الأمر الأساسي: التقدم في المشروع الذري، تسليح حلفائهم في لبنان وسورية واليمن بصواريخ دقيقة، وتعزيز المحور الذي يبدأ في طهران، ويستمر في دمشق وبيروت واليمن وغزة ومؤخرًا في موسكو أيضًا". ورأى أن ""إسرائيل" بحاجة إلى أميركا ورئيسها مثلما لم تحتاج إليه من قبل، في ظل تزايد قوة المحور الإيراني".
واستشهد برنياع بمقال للكاتب، في صحيفة "نيويورك تايمز"، توماس فريدمان جاء فيه أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيستمر بتزويد احتياجات الجيش الإسرائيلي ودعم العمليات العسكرية في غزة، فقط إذا دخلت إسرائيل إلى عملية سياسية مقابل الفلسطينيين في الضفة الغربية، بهدف التوصل إلى حلّ الدولتين.
ووفقًأ لـ"برنياع"، الحكومة الاسرائيلية الحالية لا تريد ولا تستطيع استيفاء هذا الشرط الذي يطرحه الرئيس الأميركي، ففيها توجد حكومة ما قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهي ليست مؤهّلة للواقع في 8 تشرين الأول/أكتوبر.. وانعدام الملاءمة بين الاحتياجات الآنية والظروف السياسية الداخلية، في "تل أبيب"، يُحدث صعوبة. والنتيجة هي ضغط أميركي متزايد من أجل الموافقة على وقف إطلاق نار.
وأشار برنياع الى أن: "الإسرائيليين رفضوا طلب الأميركيين بوقف إطلاق نار وتحدثوا عن هدنة، وقالوا إن مصطلح وقف إطلاق النار يمنح السنوار وجنوده شعورًا بأن الخلاص قريب، وينبغي مواصلة القتال".
ولفت إلى أن: "الأمل هو أن يكون الضغط كبيرًا، بشكل كاف، حيث يُغيّر مواقف السنوار، ويسمح بتحرير المخطوفين بأعداد كبيرة أو خروج كلي لحماس من غزة".
وقال برنياع: "لا وقت لدى بايدن، فالمشاهد من غزة المدمّرة تعرّضه لانتقادات في الجناح اليساري في حزبه وتصوّره، كمن استسلم لإرادة حكومة إسرائيلية لا تحظى بشعبية، وحلفاء أميركا في المنطقة يتخوّفون على استقرار حكمهم. واستطلاعات الرأي رهيبة، من دون علاقة مع "تل أبيب"، وليس لدى بايدن احتياطي أصوات".
وخلص الكاتب، في "يديعوت"، إلى أن "إسرائيل ستضطرّ، في غضون أسبوع أو أسبوعيْن، في الحدّ الأقصى إلى الموافقة على وقف إطلاق النار، والجيش سيبقى في شمال القطاع بحجم قوات محدودة في ما يشبه شريطًا أمنيًا"، سائلًا في الختام "ماذا بعد ذلك؟ لا يملك صنّاع القرار في "إسرائيل" إجابات حاليًا".