لا شكّ أنّ انتفاضة الشباب الحالية في وجه الاحتلال العسكري الإسرائيلي تؤرق قيادات العدو، التي ترى في الجيل الشاب الصاعد، جيلًا منظمًا وأكثر احترافية وتعلمًا، والخطر الأكبر يأتي بشكل خاص من مجموعات صغيرة لا يعلم عنها شيئًا، وسط استمرار العمليات البطولية الفدائية.
وفي هذا السياق، نقل المحلّل العسكري في صحيفة "معاريف" طل لف رام خوف قيادات المؤسسة الأمنية من الشباب الثائر، ولفت الى أن "ما أسماها "موجة الإرهاب الحالية" تتواصل منذ أكثر من ثمانية أشهر"، مشيرًا إلى أن المعنيين في المؤسسة الأمنية ليسوا متفائلين.
وأضاف أن "قيادة المنطقة الوسطى و"الشاباك" يتوقعان استمرار التصعيد أيضًا بعد تشكيل الحكومة الجديدة بعد تقديرهما للوضع، خاصة في ظل الظروف الحالية للسلطة الفلسطينية".
واعتبر طل لف رام أن شمال مستوطنة "شومرون" لا يزال رائدًا في لائحة الأحداث، بينما قُتل هذه السنة في العمليات 23 مستوطنًا. إضافة لذلك، سقط ثمانية جنود في القتال في الضفة الغربية وفي عمليات حصلت في الميدان. وأشار إلى أن العمليات تتضمن إلقاء حجارة وزجاجات حارقة، خاصة على محاور الطرقات. وهذه السنة سُجّل 281 عملية إطلاق نار، وبعبوات ناسفة، وعمليات طعن، مقارنة بـ 91 في السنة الماضية.
وبحسب المعطيات، فإن 239 من العمليات استهدفت القوات الأمنية و42 ضد المستوطنين. واعتبر أن ما أسماه "الإرهاب الشعبي" سجّل ارتفاعًا (3382 هذه السنة مقارنة مع 2946 سنة 2021)، وقال طل لف رام "إن هذا الارتفاع مهم ولوحظ أيضًا في عدد أحداث "الجريمة القومية"، وفق وصفه، والذي تضاعف تقريبًا ووصل إلى 838، مقارنة مع 446 حادثًا عام 2021، ويجب التذكير أن هذا العدد لم ينته بعد هذا العام.
ولفت طل لف رام إلى أن المعطيات تشير إلى ارتفاع مضاعف ثلاث مرات في عدد عمليات إطلاق النار وتبادل النيران، وجزء من هذه الزيادة نابع من تعزيز الأنشطة العملانية في مخيمات اللاجئين في جنين ونابلس.
وتابع طل لف رام أن "العمليات الناجحة" ضد تنظيم "عرين الأسود" خفّف في الحقيقة حجم الأحداث في منطقة نابلس، وفق زعمه، لكن وفرة السلاح للشبان الفلسطينيين أدت إلى حصول عمليات إطلاق نار أكثر من عمليات دهس أو طعن، التي كانت كثيرة في عام 2015، ولفت إلى أنه في موجة العمليات الحالية ازداد بشكل جوهري استخدام السلاح الناري من أشخاص منفردين.
وأشار إلى أنه إلى جانب التشدد في الخطوات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ضد "إسرائيل" في الساحة الدولية، شدّد المعنيون في المؤسسة الأمنية على أنه لا يزال هناك مصلحة مشتركة لتحقيق استقرار أمني، على الرغم من أنّ منظمات مختلفة تشكل تحديًا للسلطة، خاصة شمال مستوطنة "شومرون".
وقال "مخيم اللاجئين في جنين كان بؤرة التصعيد في الأشهر الأخيرة، حيث شخّص جيش الاحتلال ربطًا بين عناصر "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، الذين يستغلون ضعف الأجهزة الأمنية للسلطة"، وفق زعمه. أما في مخيم اللاجئين "بلاطة" في نابلس، فبرز ارتفاع في عمليات كتائب شهداء الأقصى التابعة لـ "فتح".
وأكد أن جيش الاحتلال في ظل هذه التوجهات يستعد لاستمرار التصعيد في الضفة الغربية، وينتشر الآن في المنطقة عديد قوات مضاعف عما كان عليه قبل التصعيد، مؤلفًا من 25 كتيبة، وهذا ما يُتوقع أن يؤثر مع مرور الوقت على التدريبات وكفاءة الوحدات في حال حصول مواجهة مع غزة أو مع حزب الله. وقال "في السنة المقبلة سيتم تشغيل الأنشطة العملانية في الضفة الغربية 66 كتيبة احتياط".
ويرى المعنيون في المؤسسة الأمنية أهمية الحفاظ على التنسيق الأمني مع أجهزة الأمن الفلسطينية، بحسب طل لف رام، وتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية ضد "حماس" وتحسين الوضع الاقتصادي في مناطق السلطة، بحسب تعبيره.
وأضاف أن هذه التحديات ستواجه رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو ووزير الحرب الذي سيتم تعيينه، ومع ذلك يجب عدم تجاهل أنه في الحكومة الجديدة سيكون هناك مواقف أخرى بخصوص السلطة الفلسطينية.