علّق المحرر المؤسّس لموقع "تايم أوف اسرائيل" دافيد هوروفيتس على انتخابات الكنيست التي جرت أمس في الأراضي المحتلة، خلص فيه الى أنه بعد إجراء جميع الحسابات المحتملة، لم يقتنع الكثير من الناخبين الإسرائيليين بأن الحكومة ستضيع بدون نتنياهو، بعد عشر سنوات متعاقبة في المنصب وثلاث سنوات أخرى في التسعينيات.
وفيما يلي نصّ المقال:
استبق زعيما حزب "الليكود" و"أزرق أبيض" بنيامين نتنياهو وبيني غانتس الأحداث خلال انتخابات "الكنيست" السابقة، ليعلنا فوزهما المزعوم بعد ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع. النتائج الحقيقة التي ظهرت بعد فترة قصيرة، أكدت ان غانتس لم يُمنح فرصة لتشكيل إئتلاف حكومي، كما ان نتنياهو واجه خيانة من قبل حليفه السابق الذي تحول إلى عدوه أفيغدور ليبرمان، ما منعه من حشد الأغلبية المطلوبة.
في الانتخابات التي جرت في الأيام الأخيرة، استخلص الرجلان العبر وامتنعا عن إعلان فوزهما هذه المرة بعد ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع. نتائج الانتخابات لم تمنح أي منهما سببا محددا للاحتفال، إذ تبين أن كلا الحزبين "الليكود" و"أزرق أبيض" خسرا القليل من وزنهما في "الكنيست".
وفي الوقت الذي كان فيه نتنياهو المبحوح والمنهك وخائب الأمل يعاني في خطابه، فإن غانتس والقادة الآخرين في حزبه وأتباعهم كانوا في مزاج احتفالي. وبذل نتنياهو قصارى جهده لطمأنة الجمهور بأنه لن يذهب إلى أي مكان، وبأنه سيستمر في حماية "إسرائيل"، وأنه مصمّم على عرقلة حكومة مناهضة للصهيونية تعتمد على دعم الأحزاب العربية، ثبت غانتس نظره بحذر نحو كرسي رئاسة الحكومة.
الناخبون الإسرائيليون الذين صوتوا لتسعة أحزاب ذات أجندات متنوعة لدخول "الكنيست" تضم 120 عضوا، تركوا للسياسيين مجموعة مذهلة من الخيارات، وطريقا واضحا نحو حكومتهم المقبلة.
تحدث كل من نتنياهو وغانتس عن الوحدة والشراكة، ما سيضمن لهما الحصول على الأغلبية في الكنيست، دون ان يذكر اي منهما اسم الآخر. في الأيام التي سبقت يوم الإنتخابات، أوضح غانتس أنه لن يجلس في حكومة مع "الليكود" بقيادة نتنياهو، خصوصا باعتباره يواجه لوائح اتهام وشيك بتهم فساد. في حين انتقد نتنياهو غانتس باعتباره يساريا ضعيفا ستكون "إسرائيل" تحت قيادته في خطر.
وفي وقت يبدو ان الشراكة بين "أزرق أبيض" و"الليكود" واضحة عدديا، سيكون من الخطأ التأكيد أن هذه هي إرادة الشعب، إذ تكلم الناخبون الإسرائيليون بأصوات عديدة، وعكسوا أولويات واهتمامات الواسعة والمتضاربة في الكثير من الأحيان.
ويبدو أن الأحزاب العربية، وهي أربعة كتل سياسية مختلفة تماما خاضت الانتخابات معا في تحالف "القائمة المشتركة"، حققت نتائج استثنائية في هذه الإنتخابات. كما أن محاولات نتنياهو في السنوات الأخيرة مهاجمة الناخبين العرب وقيادتهم وقمع تصويتهم من خلال نشر مراقبين تابعين لحزبه مع كاميرات في مراكز الاقتراع العربية، ارتدَّت عليه بنتائج عكسية وبشكل مذهل. والوسط الحريدي – الذي استهدفه ليبرمان بشكل مباشر – حقق نتائج طيبة.
وبالنسبة لليبرمان، فإن الرهان على حرمان نتنياهو من الإئتلاف الحكومي آخر مرة قد أتى بثماره وبشكل كبير.
الأحزاب الحريدية اعتادت على الحفاظ على التوازن بين اليسار واليمين، لكن حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراة" ربطا مصيرهما تماما بنتنياهو، ومن الواضح أن السياسة الإسرائيلية تمقت الفراغ، وليبرمان قام بملء هذا الفراغ.
خاض نتنياهو حملة يائسة، أكد فيها مرارا وتكرارا أنه يتجه نحو هزيمة، لكنه لطالما أكد أنه متجه نحو هزيمة، واطلق صرخة "غيفالت" (تكتيك انتخابي يعتمده عادة نتنياهو) غير مقنعة وغير مؤثرة، من أجل حشد ما يكفي من الناخبين من أجل قضيته.
وقد عمد نتنياهو إلى تقديم وعود للحركة الاستيطانية تتمثل بـ ضم 25% من الضفة الغربية في منطقة غور الأردن وجميع المستوطنات ومناطق حيوية أخرى لم يحددها. ومع ذلك شهد "الليكود" تراجعا في التأييد، وكانت النتائج التي حققها تحالف حزب "يمينا" المؤيد للاستيطان ضعيفة.
بعد إجراء جميع الحسابات المحتملة، لم يقتنع الكثير من الناخبين الإسرائيليين بأن الحكومة ستضيع بدون نتنياهو، بعد عشر سنوات متعاقبة في المنصب وثلاث سنوات أخرى في التسعينيات.
وبعد دراسة جميع التحالفات والتحالفات المحتملة، لم يقتنع عدد كاف من الإسرائيليين بأن "تل أبيب" ستكون ضعيفة أكثر أمام أعدائها الوجوديين تحت قيادة تشمل رؤساء الأركان السابقين غانتس وموشيه يعالون وغابي أشكنازي. ويتساءل المرء ما إذا كان مشهد إنزال نتنياهو عن المنصة في الأسبوع الماضي خلال تجمع انتخابي في مدينة أشدود بعد إطلاق صواريخ من غزة، قد لعب دورا في ذلك. سيبلغ نتنياهو 70 عاما هذا الشهر، ومن بين النتائج الواضحة لهذه الانتخابات المعقدة هو أن الوقت لبناء حصانة لنفسه ضد محاكمة تلوح بالأفق قد نفذ منه.
"الليكود" لم يتخلَّ عن نتنياهو، ولا يزال قوة فاعلة في قلب السياسة الإسرائيلية، وبإمكانه تعقيد الواقع السياسي لأسابيع أو حتى لأشهر قادمة، ولا يزال لديه بعض الخيارات السياسية.