نشر موقع "منتدى التفكير الإقليمي" الصهيوني مقالًا للكاتب الاسرائيلي نمرود هورفيتش ينتقد فيها بشدة سياسات اليمين في كيان العدو.
وهنا نصّ المقال:
في آذار/مارس 2009، صعد اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو إلى الحكم، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم قتل 213 جنديًا ومستوطنًا إسرائيليًا في عمليات وجولات قتال في غزة، وأصيب 1444 آخرين، وأُطلق على "إسرائيل" حوالي 9000 صاروخا وقذيفة هاون، ونُفذ أكثر من 10 آلاف عملية.
في هذه السنوات أطلقت حكومة اليمين سراح 1027 "أسيرًا أمنيًا"، وبذلك أعطت دعما للمنظمات "الإرهابية"، وهذه الحكومة لم تنجح في التوصل إلى تسوية مع "حماس" وتوفير الأمن والحياة الطبيعية لسكان "غلاف غزة".
هذه المعطيات المحزنة لم تنزل علينا من السماء، وإنما هي نتيجة مباشرة لسياسة اليمين التي تُسمّى "إدارة صراعات"، وتعني هروبا من التعامل مع الوضع القائم، والمخاطرة بحياة الجنود والمستوطنين، فإما تحقيق تسوية وتهدئة مع "حماس"، أو أن قائمة العمليات ستطول وتزيد، من خلال عمليات الاختطاف والدهس والقتل، وربما العمليات الانتحارية، وبناء على نهج اليمين، بات أمن "إسرائيل" رهينة بيد "الإرهابيين"، الذين لا يتوقفون عن تنفيذ عملياتهم.
أمام هذه المعطيات المتشائمة واجهت حكومة اليمين في العقد الأخير خيارين آخرين: عمليات عسكرية أو خطوات دبلوماسية، أما المنظِّرون للعمليات العسكرية فيدفعون للدخول بقوة والسيطرة على قطاع غزة ومطاردة "المخربين" داخل الأنفاق وهدم البنى التحتية واغتيال واعتقال زعماء "حماس"، بإختصار، القضاء على "حماس" بالقوة.
هذا السيناريو سبق أن عايشناه، حتى عام 2005 كنا في غزة، عمليا مكثنا فيها قرابة أربعين عاما، فماذا حققنا فيها بين 2000-2005؟ لقد قتل في القطاع 125 عنصر أمن وإسرائيليًا، بمعدل 25 قتيلا في العام، بعبارة أخرى، في السنوات التي كنا نسيطر فيها على غزة وتمكنا من ملاحقة "أعدائنا" في البيوت قُتل فيها إسرائيليون أكثر مما قتل في السنوات التي كنا فيها خارج غزة.
في غزة تعلّمنا ما تعلمته الولايات المتحدة في فييتنام، روسيا في أفغانستان وفرنسا في الجزائر، لأننا كنا نحاربهم في بيوتهم، وإغتيال القادة والقضاء على البنى التحتية لم يوقف "العدو"، فبدلاً عن القادة الذين قتلوا جاء قادة جدد.
نحن نسيطر اليوم على الضفة الغربية، والإرهاب يجبي من الإسرائيليين أثمانا بشرية باهظة، لماذا الدخول إلى غزة الآن سيحقق ما لم يتحقق خلال
بين عامي 2000 و2005، وماذا حققت السيطرة على الضفة الغربية حتى اليوم، الدخول إلى الأرض لا يعني إستئصال الإرهاب إنما زيادة في عدد القتلى
والمصابين.
أمام الوعود الزائفة لزعماء اليمين، تُسمَع آراءٌ لرجالات المؤسسة الأمنية الذين يدركون المعطيات أفضل من سياسيي اليمين المتطرف. كثيرون من رؤساء أركان وشاباك سابقين يقولون بوضوح إنه لا يمكن إيجاد حلّ للتحديات الأمنية لـ"إسرائيل"" بالقوة العسكرية وحدها، هم يعودون ويؤكدون أن القوة التي قاموا ببنائها وأشرفوا عليها تخدم "إسرائيل" للدفاع عنها، لكن الأمن ليس عبارة عن فكرة تتحصل بالقوة فقط.
لن يكون هناك أمن طالما أن "إسرائيل" تعتمد فقط على القوة العسكرية، وكل من تنكر لهذا الإدراك فإنه فشل حتى الآن وسيفشل أيضا في المستقبل.