صحيفة "يديعوت احرونوت" – أليكس فيشمان
ان ادارة مناورات الفيلق الشمالي، "أور هدغان"، التي انتهت هذا الأسبوع، منعت إدخال الهواتف المحمولة إلى مناطق القتال، وبحق. فقدرات العدو الإلكترونية - حزب الله أيضا، ولكن في الأساس إيران - تشكل تهديدا كبيرا، والهاتف المحمول يشبه محطة تبث المعلومات إلى العدو. وبناء على ذلك، تقرر أن يتم جمع الهواتف في منطقة تجمع القوات وأن تعاد إلى أصحابها في نهاية المناورات. ولكن، لم تنفذ كل الوحدات هذا الأمر. ماذا حدث؟ انها مجرد مناورة، وهذا مجرد هاتف، في الحرب الحقيقية سنأتي بدونه. ماذا سيعني اجراء اتصال هاتفي صغير في الوقت الذي نتدرب فيه على هزم حزب الله؟
وهناك أمر آخر صدر عن إدارة المناورات، وهو في الأساس تدريب للقيادة وتدريب هيكلي، وكان ملزما لقادة الكتائب، الذين يمثلون الوحدات. ويقضي الأمر بأن يتحرك هؤلاء بواسطة مدرعات القيادة. فهذا هو مكانهم خلال الحرب الحقيقية، ومن هناك يفترض فيهم تفعيل أدوات المساعدة ووسائط الاتصال من أجل السيطرة على قواتهم. ولكن لماذا يجب أن يعرقوا داخل المدرعة الصاخبة، بينما الجلوس في جيب قائد الكتيبة المكيف، أكثر متعة؟ ولذلك قام قسم منهم بتنفيذ الأمر، والقسم الآخر لم يفعل. ماذا حدث؟ هذا ليس ما سيحدد مستوى استعدادهم للحرب. وماذا سيهم ان كانت القيادة العليا قد أصدرت امرا آخر؟
هذان مجرد مثلان على الأوامر التي صدرت خلال هذه المناورات، ولم يكلف الجميع انفسهم عناء تنفيذها. لقد سبق وقال رئيس الأركان السابق دان حالوتس، عندما وصل من سلاح الجو لقيادة الجيش الإسرائيلي، ان أوامر الجيش بالنسبة للقوات البرية تعتبر مجرد توصية.
عندما تعرض هذه التساؤلات على مسامع قادة الجيش، تجدهم يكادون يشعرون بالإهانة: لماذا تركز على امور هامشية في الوقت الذي نقوم فيه بإجراء مناورات عسكرية بحجم غير مسبوق مع قوات الكوماندوس، وشن غارات في أعماق العدو، والتنسيق مع أذرع التكنولوجيا الفائقة والطائرات غير المأهولة، والطائرات الصغيرة غير المأهولة؟ اذن، هل يتجاهل القادة بعض التوجيهات الهامشية التي قد لا يكون لها مكان في الميدان؟
قادة الجيش غير مستعدين للاعتراف بأن هناك صلة وثيقة بين تجاهل الأوامر والإخفاقات خلال القتال الحقيقي. في مؤتمر عقد بمناسبة الذكرى العاشرة لحرب لبنان الثانية، شاركت مجموعة من قادة الكتائب التي شاركت في القتال في احد المنتديات. وقام رئيس الأركان في حينه، دان حالوتس، ورئيس الأركان الحالي غادي ايزنكوت، الذي ترأس شعبة العمليات خلال الحرب، باتهام هؤلاء القادة بعدم تنفيذ الأوامر خلال الحرب، ومنها، مثلا، الأمر بشن هجوم بواسطة كتيبتين على تلال دير ميماس. فرد القادة بأنهم لم يكونوا مستعدين لتنفيذ الهجوم لأسباب مختلفة. إذا كان الأمر كذلك، قال ايزنكوت، لماذا لم تبلغون في الوقت المناسب بأنكم لم تكونوا مستعدين؟
لقد تم ترقية اثنين من قادة هذه الكتائب لرتبة جنرال بعد الحرب. وعندما تسأل رجال ايزنكوت كيف يمكن أن يتعايش مع حقيقة أن الضباط الذين لم ينفذوا الأمر خلال الحرب أصبحوا جنرالات، يأتي الجواب المتوقع: لم يتم ترقيتهم خلال فترة ولايته لرئاسة الأركان. وبشكل عام، ما الذي تريده؟ أن نتخلص منهم؟
وسؤال آخر: هل من الممكن وجود صلة بين عدم الامتثال للأوامر الصادرة عن هيئة الأركان العامة والجهات المهنية لقوات اليابسة، وحقيقة أنه خلال حملة "الجرف الصلب"، مثلا، دخلت ناقلات جنود غير مدرعة (من نوع زالدا) الى ميدان المعركة خلافا للأوامر؟ بالطبع توجد مشاكل، يجيبوننا في الجيش، ولكن الوضع اليوم في مجال تنفيذ أوامر القيادة وسيطرة المستويات المسؤولة على ما يحدث في الجيش أفضل بكثير مقارنة بالماضي. والدليل على ذلك: لم نعد نسمع عن تمرد الجنود في الجيش. عذرا، ولكن ما هي العلاقة؟
ثم يطرح الجيش المزيد من الأمثلة: قبل بضعة أشهر سرقت أسلحة من معسكر "سدي تيمان" في الجنوب. وفي غضون ست ساعات، تم اجراء تحقيق، واستخلاص النتائج، وصدرت تعليمات في اليوم التالي بشأن تشغيل المقاولين العرب في معسكرات الجيش الإسرائيلي. أضف الى ذلك أنه خلال فترة قصيرة أبلغ كل قادة المعسكرات عن تصحيح الخلل الذي تم اكتشافه لديهم، وتمت متابعة الأمر. هذا كله جيد وجميل، ولكن لو كان قائد معسكر "سدي تيمان"، الذي كان مسؤولا عن التعاقد مع هؤلاء المقاولين، فضلا عن القادة الذين كانوا مسؤولين عن حراسة مستودع السلاح، كذلك المعسكر، قد نفذوا الأوامر والنظم الخطية بشأن تشغيل العمال العرب في معسكرات الجيش، ونفذوا الإجراءات الأمنية – لما كانت أي شاحنة تابعة لأي مقاول ستدخل إلى المعسكر، وتحميل سلاح والمغادرة.
ظاهرة عدم إطاعة الأوامر ليست جديدة، وعدد سنواتها يقترب من عدد سنوات الجيش الإسرائيلي، ولكن طالما قام جيش اليابسة بتزويد البضاعة، وطالما كانت التكنولوجيات التي استخدمها أساسية – تنظيف الفوهة بواسطة عصا وتشحيم الآلية والانطلاق إلى الحرب – طالما تم تجاهل الأمر. هذا الأمر يعمل بشكل افضل اليوم، والدليل على ذلك: نتائج اللقاءات العسكرية الكبيرة في السنوات الأخيرة، التي انتهت في أحسن الأحوال بشعور من المرارة، وفي أسوأ الأحوال، مع لجان تحقيق. التكنولوجيا الفائقة التي تم ادراجها في جيش اليابسة تحتم الانضباط الحديدي على غرار ما يحدث في الأسلحة التكنولوجية – الجو والبحر – وإلا فإن الابتكارات التكنولوجية لن تصبح مضاعفة للقوة.