تشغل مزارع شبعا المحتلة هذه الأيام تفكير الكيان الصهيوني على المستويات كافة، رغم كل ما ينشره إعلامه من استعدادات للحرب المقبلة مع حزب الله ، والتقارير التي تتناول التجهيزات والمعدات التي سيستخدمها في تلك الحرب إن وقعت، لكن ما برز كان مقالة نشرتها صحيفة "إسرائيل اليوم"، يعكس حقيقة ما يسمى بالجبهة الداخلية في الكيان الغاصب ومدى الرعب والخوف على هذا الصعيد.
نشر الكاتب الصهيوني "يؤاف ليمور" أول أمس تقريرا" في صحيفة "إسرائيل اليوم" الصهيونية عن الوضع الميداني في مزارع شبعا المحتلة في جنوب لبنان، وكيف يعيش الجنود الصهاينة تحت عيون رجال حزب الله التي تراقبهم ليل نهار.
يشير التقرير إلى أن منطقة مزارع شبعا تبدو الأكثر تناقضاً وهدوءاً في العالم، سيما مع ما وصفه بتحول حزب الله من خلال مشاركته في مواجهة التكفيريين في سوريا إلى جيش، يريد أن يؤلم الكيان في "الحرب الثالثة" ليثبت في أذهان كل من الإسرائيلي واللبناني والإقليمي والعالمي من هو المنتصر ومن هو المهزوم.
ويشير الكاتب إلى أن هذا التناقض سببه ان المزارع .. "من جهة هي المنطقة الأكثر هدوءاً في العالم، ومن جهة أخرى نراها عدو خطير وتهديد قد يتحول في ثوانٍ إلى واقع، فهذا ما يحصل هنا في كل مرة يريد فيها حزب الله خرق الهدوء على مدى الـ17 عاماً منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان...وهي "المعلب" غير الرسمي بين إسرائيل وحزب الله، حيث الرد فيه، على ما يبدو، مشروعاً ومنطقي".
ويتابع الكاتب "كتيبة (روتم) التابعة للواء غفعاتي هي المسؤولة عن المنطقة هناك، وبحسب جنود من الكتيبة فإن التحدي الأكبر هناك هو الحفاظ على الاستعداد وعلى حافزية عالية، فالتهديد هناك أهم وإذا حصل شيء فسيكون أكثر تعقيداً".
ويشير ليمور إلى أن "... حزب الله 2017 لا يختبئ أو يعمل فقط بغطاء مدني. هو يحرص على الظهور، ليكون واضحاً للجميع من هو صاحب البيت"، زاعماً أنه "على طول الحدود تنتشر عشرات المواقع والمراكز التابعة له، وهناك قوات تتجول باستمرار من الجانب اللبناني للسياج كجزء من استعراض الحضور وتحرك دائم لجمع المعلومات".
أضاف ليمور أن "حرب لبنان الثالثة قد تبدأ هناك وقد تتطور من هناك. السيناريوهات لتلك الحرب لا تحصى، لكن المبدأ الذي يوجه حزب الله هو واحد: الفوز. إذا كان حزب الله في العام 2006 لم يرغب بالخسارة، فإنه في المستقبل يعد لأكثر من ذلك بكثير. الحزب يريد ايلام إسرائيل، يريد أن يجبي منها ثمناً، ويريد أن يحفر في الوعي- الإسرائيلي واللبناني والإقليمي والعالمي- من المنتصر ومن المهزوم".
وأشار ليمور إلى أن "هذا الأمر سيتم على الأغلب بأذرع ثلاث: الأول والأهم هو النيران- عشرات آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية التي راكمها الحزب، والقادرة على أن تغطي كل نقطة في إسرائيل. وللاثبات فقط: إذا كانت حماس قد نجحت في عملية الجرف الصلب بإطلاق 120 صاروخ كمعدل وسطي في اليوم، فإن حزب الله مستعد لاطلاق كمية تعادل أربعة أضعاف ما كانت تطلقه حماس في اليوم، وعلى مدى كل أيام الحرب. معظم الصواريخ قصيرة المدى والتي تعني بأن الحياة في خط حيفا- طبريا وشمالاً ستكون تحدٍ ليس سهلاً، لكن حزب الله يعتزم بصراحة أيضاً توجيه ضربة ثقيلة إلى تل أبيب (بواسطة صواريخ بعيدة المدى وعلى نحو رئيسي M-600) وهو يستثمر الآن في دقة تلك الصواريخ وحجم رأسها المتفجر لتشديد الضرر الذي قد تحدثه.
الذراع الثاني يتعلق بمفاجآت من أنواع مختلفة: طائرات من دون طيار، طائرات صغيرة مسيرة (بعضها يحمل مواد متفجرة)، غواصين وقوارب سريعة، هجمات سايبر وضرب أهداف استراتيجية. وكل ذلك بهدف ضرب إسرائيل على نحو مهم، لايلامها، وربما أيضاً لشلّها.
الذراع الثالث هو متعلق بالوعي تماماً، ويتمثل في كلام (السيد) نصر الله حول "احتلال الجليل"، بواسطة سرايا الرضوان، قوات النخبة التابعة للحزب، هو معني بتنفيذ هجوم نوعي على أرض إسرائيل والسيطرة على مستوطنة أو موقع، وفي المقابل يمطر خط التماس بمئات الصواريخ الثقيلة من نوع بركان لإحداث أقصى قدر ممكن من الإصابات".
يتابع ليمور: "كل من يمرّ على طريق الشمال لا يستطيع تجنب الأعمال الهندسية الواسعة التي تنفذ لتصعيب الحياة على حزب الله: حفر مفترقات، إقامة جرف صخرية، نشر جدران. الجيش غيّر خط التماس، ويرى كيف أن حزب الله خلف الحدود يتصرف مثله، يتمركز، يتحصن، يتعمّق في الأرض المبنية والمفتوحة، ليجعل الأمور صعبة على الجيش الإسرائيلي في الجولة المقبلة".
ورأى ليمور أنه "في هذا المجال يحظى حزب الله بعلامة عالية: هو يقوم بعمل أساسي. هذا يتجسد بجمع المعلومات الممنهج، في النشاط المنسق الذي يمر في كل واحدة من القرى الجنوبية ألـ 230 وتحويلها إلى مناطق قتال محصنة، في إقامة عوائق وفي تركيز العلاقة مع الجيش اللبناني".
وختم ليمور بالقول إنه "من ناحية إسرائيل يوجد في ذلك أخبار جيدة: في الحرب المقبلة لن تكون هناك معضلة التفريق بين الدولة وحزب الله. والتعاون الجلي بين الجيش اللبناني، وحزب الله حول لبنان وجيشه بالنسبة إلى إسرائيل إلى أهداف مشروعة، والآن الحرب المقبلة ستضع أمام إسرائيل تحديات غير معروفة، ليس فقط من ناحية التهديدات على الجبة الداخلية والتي هدفها الواضح هو جباية ثمن باهظ وخلق ضغط على المدنيين والحكومة، إنما أيضاً على الجبهة، الحرب في سوريا حوّلت حزب الله إلى قوة مدربة مع خبرة حربية مهمة، وعلى نحو أساسي حولته إلى جيش".