غاب العالم العربي عن فلسطين المحتلة، وترك الباب مفتوحاً أمام الرئيس الاميركي الجديد ورئيس حكومة العدو ليغيرا وجه المنطقة إنطلاقاً من مدينة القدس المحتلة، حيث بات من المحسوم منذ اللحظة التي تسلم فيها دونالد ترامب رئاسة أميركا أن مشاريع نتنياهو الاستيطانية ستنطلق وبقطار العجلة من أجل إنهاء فكرة ما يسمى " حل الدولتين" إنطلاقاً من توحيد المدينة المقدسة تحت سلطة الاحتلال وتهويدها بالكامل.
أما كيف فإن الجواب جاء من أهل بيت نتنياهو نفسه وعلى لسان "أفيف تتريسكي" الباحث والمحقق في جمعية "عير عاميم" عبر رسمه خارطة تظهر 9 مخططات استيطانية كبرى سيجري تنفيذها قريبا وستلقي الضوء على صورة وشكل مدينة القدس المحتلة في عصر دونالد ترامب.
المخطط الاول الذي كان تنطبق عليه قاعدة الشريعة اليهودية "يُقتل قبل ان يمر" هو مخطط البناء في المنطقة لمعروفة باسم " A-1 " الواقعة ما بين مدن القدس وأريحا ورام الله والقادرة في حال تنفيذ هذا المخطط على انهاء وهم التواصل الجغرافي بين الاراضي الفلسطينية لهذا يعتبر تنفيذها امرا يلحق ضررا بفكرة حل الدولتين لا يمكن اصلاحه.
المخطط الثاني بناء مستوطنة "غفعات مطوس A " التي تم تجميد عطاءات البناء الخاصة بها والتي تتضمن بناء 2600 وحدة استيطانية ستقام الى الشرق من بلدة بيت صفافا ستخلق في حال بنائها تواصلا جغرافيا يهوديا يربط مستوطنة جبل ابو غنيم "هار حوماه" مع مستوطنة "غيلو" والأخطر انها تنهي التواصل الجغرافي بين القدس الشرقية المحتلة ومدينة بيت لحم المحتلة ومنطقة جنوب الضفة الغربية برمتها اضافة لعزل بلدة بيت صفافا الفلسطينية عن محيطها الفلسطيني بشكل تام ونهائي.
وتحتوي إدراج بلدية وحكومة الاحتلال على مخطط اضافي يتعلق بمستوطنة "غفعات همتوس" يعرف باسم "غفعات همتوس D " ويتضمن بناء 1100 غرفة فندقية يمكن تحوير بعضها لتتحول الى شقق سكنية وتم المصادقة على هذا المخطط عام 2013 من قبل ما يسمى بـ" لجنة البناء اللوائية" لكن تم تجميده لأسباب سياسية وأخرى تتعلق بملكية الاراضي حالياً...
وكشفت صحيفة "هآرتس" عن مخطط استيطاني آخر يلتقي بجنوب القدس المحتلة وتحديدا مستوطنة جبل ابو غنيم يطلق عليه اسم " هار حوماه غرب " ويتضمن اقامة 400 وحدة استيطانية في المنطقة الواقعة بين مستوطنة " غفعات همتوس " وجبل ابو غنيم وتم تجميد هذا المخطط عام 2009 لكن حكومة اسرائيل صرحت عام 2015 بنيتها دفع مخططات هذا المشروع قدما وتوسيعه ليشمل 1500 وحدة استيطانية.
ويبقى مخطط البناء في منطقة " A-1 " رغم مرور اكثر من عقد عن بداية الحديث عنه اكبر المشاريع الاستيطانية وصحاب اكثر واخطر ابعاد جيو - سياسية وأشدها دراماتيكية ويتضمن اقامة 3700 وحدة استيطانية و 2100 غرفة فندقية تنتشر على منطقة واسعة جدا علما ان اعمال واسعة لإقامة البينة التحتية في هذه اللمنطقة قد جرت منذ سنوات حيث يمكن مشاهدة " مدينة اشباح " كاملة مقامة على التلة المقابلة لمستوطنة " معاليه ادوميم " وهذه المدينة خالية من المنازل والمستوطنين لكنها جاهزة من حيث الشوارع وأعمدة الكهرباء فيما يتربع مبنى ضخم عباره عن مقر قيادة للشرطة الاسرائيلية في زاوية من زوايا مدينة "الاشباح" المذكورة.
وسبق للجنة التخطيط والبناء العليا ان صادقت في ديسمبر 2015 ردا على قرار الامم المتحدة الاعتراف بفلسطين عضو مراقب على مخططين استيطانيين وعرضها للجمهور لتقديم الاعتراضات في حال وجدت تتضمن اقامة 3426 وحدة استيطانية لكن هذه المخطط لم يجري عرضها للجمهور حتى الان.
يستوجب تنفيذ مشروع " A-1 " اتخاذ خطوتين بعيدتي المدى الاولى تتمثل باخلاء عدة مئات من البدو الفلسطينين المقيمين والمنتشرين في المنطقة والخطوة الثانية افتتاح شارع " الابرتهايد " الذي ينتصب في وسطه جدار الفصل الذي يحصر حركة الفلسطينية في الشمال الى الجنوب وبالعكس في مقطع محدد منفصل عن الشارع الرئيس الذي يستخدمه الاسرائيليين واليهود والمعروف باسم شارع " معاليه ادوميم- القدس " .
مخطط استيطانية اخر يعتبر اقل " تفجرا واشكالية" يتمثل في توسيع مستوطنة " رمات شلومو "باتجاه ضاحية بيت حانينا الفلسطينية عبر اقامة 5000 وحدة استيطانية جديدة.
وانضمت قبل شهرين تقريبا وبعد الانتخابات الامريكية بلدية الاحتلال لمقدمي المخططات الخاصة بمصادرة الاراضي التي يملكها الفلسطينيون ضمن نطاق مستوطنة " رمات شلومو " وضاحية بيت حانيا تلك الاراضي التي يطالب المستثمرون اليهود بتحويلها من ملكية فلسطينية خاصة الى اراضي " عامة " او بشق طرق " عامة " عبرها .
وتخطط بلدية الاحتلال لاقامة 2100 وحدة استيطانية في منطقة " طريق الانفاق" القريبة من مستوطنة غيلو جنوب القدس المحتلة تضاف الى الوحدات الاستيطانية الاخرى المخصصة لذات المنطقة وتوجد حاليا في مراحل البناء وأثارت حين اقرارها والشروع ببنائها احتجاجات كبيرة من قبل الادارة الامريكية.
مخطط استيطاني اخر من شأنه ان يغير الواقع الحالي في القدس المحتلة يتمثل بإقامة " ضاحية لليهود الحريديم " قرب مطار قلنديا شمال القدس المحتلة الذي تطلق عليه سلطات الاحتلال اسم "مطار عطروت".
وتجدر الإشارة إلى ازدياد عدد المستوطنين الصهاينة في قلب حي سلوان الفلسطيني، في منازل فلسطينية ادعت جمعية " العاد " الاستيطانية انها اشترتها من اصحابها او بيوت ومنازل فلسطينية سيطرت عليها جمعية "عطيرت كوهنيم" متذرعة بوجود حقوق يهودية تاريخية في هذه المنازل ومن المنطقي الافتراض ان رفع نتياهو للقيود على البناء في القدس ستسرع من عملية استيطان المنطقة "وتطويرها " حسب تعبير بلدية الاحتلال خاصة من حيث الجوانب السياحية حيث يتوقع ان تفتح بلدية الاحتلال الشهر المقبل اول متحف في منطقة سلوان اضافة لتجمع " الحمامات الدينية " الواقع بين ما يسمى بمدينة داوود والمسجد الاقصى الذي تصر اسرائيل على تسميته بجبل الهيكل اضافة لمخطط بناء " مركز الزوار" التابع جمعية " العاد " الاستيطانية ومشروع اقامة " القطار الهوائي " تلفريك" المقرر له ان " يحلق في فضاء المنطقة الواقعة ما بين الحوض التاريخي المقدس في القدس المحتلة.
ماذا بعد كل هذا الشرح، إنه الموعد القادم لمعركة يبدو ان الاحتلال يخطط لها جيداً فيما الأنظمة العربية تصارع للحفاظ على كراسي ملوكها وتيجانهم.. ويبقى الرهان على الزند الأسمر الفلسطيني الذي رسم خارطة طريقه بالمواجهة والصمود والدفاع عن المقدسات بالدماء.