حماس تتهم "الموساد" باغتيال مهندس الطائرات غير المأهولة في تونس
تكتب "هآرتس" ان كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، اعلنت مساء امس الاول، ان مهندس الطيران التونسي، محمد الزواري الذي قتل يوم الخميس، كان ناشطا في التنظيم، واحد قادة مشروع الطائرات غير المأهولة. وجاء في البيان ان اغتيال الزواري يشكل مسا بالكتائب ودمه لن يذهب هدرا.
كما جاء بأن "الزواري، الذي كان طيارا، انضم الى قوات المقاومة الفلسطينية قبل عشر سنوات، وان "اليد الصهيونية الجبانة" اغتالته في مدينة صفاقس في تونس". وحسب حماس، فان الاغتيال يشكل ضوء احمر للدول العربية الاسلامية بأن " العدو الصهيوني يلعب في ملعب دول المنطقة وينفذ عمليات قذرة. آن الأوان لاجتثاث هذه اليد".
وحسب التقارير امس، فقد اصيب الزواري ابن التاسعة والاربعين من مسافة قصيرة، بست عيارات نارية، ثلاثة منها اصابت رأسه. كما تم الادعاء بأن منفذ الاغتيال كان مدربا ومؤهلا، وهرب من المكان. وعثرت قوات الامن على مسدسين وكاتمين للصوت داخل سيارة مستأجرة، ترتبط بعملية الاغتيال.
مع ذلك فان السلطات التونسية لا تسارع الى اتهام اسرائيل او أي دولة اخرى، والموقف الرسمي هو انه يجري التحقيق في الموضوع. واكدت وزارة الداخلية انه تم اعتقال اربعة مشبوهين بالتورط في الاغتيال ويجري البحث عن مشبوهين اخرين.
وقال صحفي تونسي مقرب من وزارة الداخلية في حديث لصحيفة "هآرتس" ان "التقارير حول وقوف اسرائيل وراء الحادث مبكرة وقائمة على اساس تكهنات وليس حقائق". وحسب اقواله فان "المشبوهين الذين تم اعتقالهم هم تونسيون، وهكذا، ايضا اولئك الذين لم يتم اعتقالهم بعد". وقال ان "حقيقة العثور على المسدسات لا ترتبط بإسرائيل بالضرورة، فلقد تعلمنا من تجارب سابقة بأن اسرائيل لا تترك آثار وبشكل عام يقوم من ينفذ عمل كهذا من قبلها بمغادرة البلاد فورا، او ان لديه غطاء كامل." كما قال الصحفي ان الزواري لم يعش في مكان سري ولم يتصرف كشخص خاضع للتهديد، ولذلك هناك الكثير من الامكانيات بأن يكون الأمر قد نجم عن تصفية حسابات بين تنظيمات اسلامية محلية.
هكذا تم التخطيط لاغتيال الزواري
وتنشر صحيفة "يديعوت احرونوت" تقريرا حول ظروف اغتيال المهندس محمد الزواري في تونس يوم الخميس، وتقول انه خرج من بيته في صفاقس ودخل الى سيارته وهي من نوع "كايا بيكانتو". وكما يبدو فانه لم يلاحظ الشاحنة التي سدت الطريق، لكن الأمر الوحيد الواضح، هو انه لم يتحرك بسيارته ولو لمتر واحد. فقد وصلت سيارة من احد الأزقة وتوقفت بجانب سيارته، وخرج منها رجلان مزودان بمسدسين مزودين بكاتمين للصوت واطلقا عليه 22 عيارا لم تترك له أي فرصة للنجاة. وقد اصابت ثماني رصاصات رأسه وعنقه، وقتل على الفور.
ومضت حوالي ساعة حتى تم اكتشاف جثة الزواري الذي كان رأسه ملقى على المقود ومن حوله بقع الدم. وعثرت الشرطة داخل السيارة على المسدسين وكاتمي الصوت. وكما كان متقوقعا، لم يحملا أية بصمات. وبقيت الشاحنة المستأجرة في حلبة الاغتيال، في شارع الشاطر في حي بني حميدة. وفيما بعد عثرت الشرطة على ثلاث سيارات مهجورة، تبين انها أيضا كانت مستأجرة. وكما يبدو فان احداهن كانت السيارة التي استخدمت لتنفيذ العملية.
وتقدر الشرطة التونسية بأن الاعداد لاغتيال مهندس الطيران، 49 عاما، استغرقت ثلاثة اشهر. وحسب المحققين فان رجلا ذو ملامح شرقية، في منتصف الاربعينيات من العمر، ومن مواليد المغرب، ويحمل جواز سفر بلجيكي هو الذي تعقب الزواري ووثق دخوله وخروجه الكثير من تونس. واستعان المتعقب برجلي اعمال محليين، استأجرا له منزلا على بعد عدة عشرات الامتار من بيت المستهدف.
وقد وصل المشبوه الرئيسي الى تونس في ايلول الماضي، وعرض نفسه كرجل اعمال معني بالاستثمار في انشاء مصنع، ويبحث عن شركاء محليين. واعلن رؤساء طاقم التحقيق الخاص، امس، ان صورة المشبوه ستنشر قريبا، لكنه يسود التقدير بأن من نفذا العملية غادرا تونس.
يوم الأحد الماضي عاد الزواري من زيارة الى سورية ولبنان وتركيا. وحسب جهات التحقيق، فقد حصلت "صحفية" تونسية تقيم في هنغاريا على رقم هاتفه من جامعة صفاقس، التي كان يكمل فيها اعداد رسالة الدكتوراه في موضوع الطائرات غير المأهولة. وابلغته "الصحفية" انها تنوي اعداد تقرير حول الموضوع، وطلبت منه الالتقاء به. وابتلع الزواري الطعم. والتقت الصحفية به ووصلت مع شخص عرضته على انه "باحث". واتفقا على الالتقاء ثانية يوم الخميس، وهو اليوم الذي تم فيه الاغتيال. لكن "الصحفية" غادرت في اليوم نفسه تونس عائدة الى هنغاريا ولم تحضر للقاء. وكان منفذو العملية يعرفون ان الضحية سيكون في بيته، وتفحص تونس حاليا ما اذا كانت "الصحفية" هي مصدر المعلومات.
وكتبت الصحف التونسية، امس، ان الجهات الأمنية اقنعت "الصحفية" بالعودة الى تونس، وتم اعتقالها في المطار. كما تم اعتقال "شركاء" المتعقب الذين ادعوا انهم لا يعرفون شيئا عن مخططاته واعماله. كما اعتقل اربعة مواطنين قاموا باستئجار السيارات وشراء المسدسين وكاتمي الصوت. وحسب ادعاءاتهم فان المتعقب والرجلين المشبوهين بتنفيذ الاغتيال توجهوا اليهم قبل عدة أشهر باقتراح لإنشاء شركة للاستشارة الاعلامية، وطلبا منهم شراء المسدسين لغرض الاحتماء الذاتي.
وقد ولد الزواري لعائلة تونسية متدينة، وبعد انهاء دراسته وخدمته العسكرية اجتاز دورة للطيران المدني، وعمل في شركة الطيران "تونس اير"، لكن نشاطه في حزب النهضة الاسلامي قاد الى احتكاك مع نظام الرئيس السابق بن علي، فتم فصله من عمله، وهرب الى السودان، ومنها الى سورية، حيث انضم الى الذراع العسكري لحركة حماس، وعمل على تطوير طائرات غير مأهولة وطائرات صغيرة، واكثر من السفر الى لبنان، وتقاسم معرفته مع حزب الله ايضا.
في 2012 عاد الى تونس، بعد استبدال النظام، وانشأ شركة للاستيراد والتصدير وعمل على خط تونس، سورية، لبنان، السودان والامارات. وحسب التقارير فقد تسلل الى قطاع غزة عبر الانفاق في رفح لتدريب رجال حماس في موضوع الطائرات غير المأهولة. وفي المقابل عمل محاضرا في كلية الهندسة في جامعة صفاقس، وانشأ نادي للطيران. وبدأ بالتحضير لرسالة الدكتوراه.