المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار العدو

هرئيل في"هآرتس": حرب لبنان الثانية كانت وما زالت فشلًا مدويًا

بمناسبة مرور عشر سنوات على حرب لبنان الثانية، كتب المعلّق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل مقالًا مطوّلًا شارحًا فيه تداعيات تلك الحرب على الطرفين خاصة على "اسرائيل"، فوصف في البداية نتائجها المُنعكسة على "تل أبيب" بـ"الفشل الذريع"، وأضاف "على الرغم من أن "اسرائيل" واجهت في السابق حزب الله والمنظمات الفلسطينية، إلّا أنها واجهت في لبنان للمرة الأولى مواجهة صعبة.. حقيقة أن الجيش الاسرائيلي لم ينجح في حسم المعركة أمام عدو يمتنع عن أي معركة مباشرة، وضرب ذيله في كل فرصة وأطلق الكاتيوشا الى الجليل حتى اليوم الأخير من الحرب، أثارت خيبة أمل كبيرة في الحكومة وفي اوساط الجمهور وفي الجيش نفسه، في السنوات السابقة تعلّمت "اسرائيل" عددًا من الدروس بشأن هذه المواجهات، وهناك أسباب للقول إن الجيش الاسرائيلي سيعرف في المرة القادمة كيف يواجه التحدي بشكل أفضل، على الرغم من أن صعوبة الحسم الكامل ما زالت قائمة".

وقال هرئيل إن "التقديرات التي يتحدث عنها الكثيرون حول الحرب تعتمد على تفسيرين: أحدهما فقط يُذكر علنا وهو يتعلق بالنتائج في الميدان. الهدوء النسبي الذي يسود على الحدود مع لبنان منذ ذلك الوقت هو استثناء تاريخي. في السنوات السابقة، أي سنوات السبعينيات حيث كانت المنظمات الفلسطينية، مرورا بأيام الحزام الامني في جنوب لبنان وانتهاء بتحرشات حزب الله الهجومية بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي في 2000، كان يسجل الاحتكاك الامني في فترات متقاربة أكثر، لذلك فان الهدوء هو بمثابة دفاع متأخر حول أداء الحكومة والجيش الاسرائيلي في نفس الحرب".

التفسير الثاني السياسي، بحسب هرئيل، خفيّ.. إيهود أولمرت الذي أدار الحرب كان رئيس الحكومة الاخير الذي تم تأييده من اليسار والوسط. فشله في لبنان أعطى دفعة لبنيامين نتنياهو وأدى بشكل غير مباشر بعد سنتين ونصف الى عودة الأخير الى الحكم (فيما بعد تبين أن نتنياهو قد دعم بالسر احتجاج الاحتياط بعد الحرب على أمل تسريع سقوط اولمرت). كلما ازداد الغضب في اليسار حول ولاية نتنياهو كرئيس حكومة، التي تبدو أبدية، كلما زاد التوجه لإحاطة حقبة اولمرت بالورود وإعادة النظر، حيث أن هذا التوجه يعتمد على قصف المفاعل النووي في سوريا والمنسوب لـ"اسرائيل"، ويمكن فهم ذلك. المشكلة تبدأ عند محاولة التقليل من أعمال الفساد التي تم إرسال أولمرت بسببها الى السجن، والأخطر من ذلك – الطريقة التسامحية التي يحاكمون فيها اليوم أداء اولمرت، وأداء الحكومة والجيش الاسرائيلي في حرب 2006.

حرب لبنان الثانية كانت وما زالت فشلًا ذريعًا، يردف هرئيل، من يتعلق بالهدوء في الحدود يتجاهل الأسباب الثلاثة الأساسية التي تساهم في استمرار هذا الهدوء. السبب الاول هو الحرب الاهلية في سوريا. منذ اندلاعها في آذار 2011.. يضع حزب الله في سوريا بشكل دائم 5 آلاف مقاتل على الاقل، وهذا تقريبا ربع قوته النظامية.

هرئيل يشير الى أن "إيران ايضا ساهمت في العقد الاخير في زيادة عدد الصواريخ والقذائف للمنظمة – حوالي 130 ألف حسب التقديرات الاستخبارية الاسرائيلية..  الصواريخ الدقيقة التي استهدفت "تل أبيب" وحيفا ساعدت على ردع نتنياهو الذي كان يفحص الهجوم على ايران. ومنذ توقيع اتفاق فيينا قبل سنة لم يعد المشروع النووي الايراني مركز الاهتمام الاستراتيجي في المنطقة. السبب الثالث للهدوء يتعلق بالردع المتبادل. صحيح أن "اسرائيل" أثبتت في 2006 أنها قادرة على إلحاق الضرر بحزب الله.  قصف الضاحية في جنوب بيروت، معقل حزب الله، والضرر الشديد الذي لحق بالقرى في جنوب لبنان، التي انتشرت فيها مخازن حزب الله ومقرات قيادته، يبدو أن هذا يجعل حزب الله الآن يفكر مرتين قبل خروجه الى مواجهة أخرى مع "اسرائيل". لكن هذه العملة لها وجه آخر. "اسرائيل" تدرك كمية الاسلحة التي لدى حزب الله، وقدرته على إسقاط 1500 صاروخ وقذيفة يوميا على الجبهة الداخلية وامكانية ضرب المواقع الاستراتيجية (محطات الطاقة، الموانئ والمطارات) وعدم قدرة أجهزة الدفاع ضد الصواريخ على توفير الحماية الكاملة للمواطنين".

إدراك متبادل

ويتابع عاموس هرئيل في مقالته قائلًا إن "الإدراك المتبادل ملموس في السنوات الاخيرة، في كل مرة وقف فيها الجانبان أمام صدام نتيجة حادثة محلية. الحادثة الابرز كانت في كانون الثاني 2015. في القصف الجوي الذي نسب لـ"اسرائيل" في هضبة الجولان، حيث قضى سبعة عناصر منهم جهاد مغنية وجنرال ايراني، وقد رد حزب الله بعد عشرة أيام من خلال كمين للصواريخ ضد الدبابات أدى الى قتل ضابط وجندي من جفعاتي في مزارع شبعا. وقرر الطرفان التوقف عند هذا الحد، لأن من الواضح أن كل رد آخر كان سيشعل الحرب. هذا تكرر بشكل مشابه بعد اغتيال سمير قنطار. هدد (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله مجددًا برد شديد. هل يخافون؟ يتبين أننا نحن ايضا نخاف قليلا، وقد تكون هذه هي الطريقة الوحيدة لمنع الحرب".

وفق المعلّق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، تؤكد الأحاديث مع الضباط الاسرائيليون الذين يلعبون دورًا هامًا في الحرب أن الجيش يدرك هذه الابعاد، وخلافًا لبعض السياسيين والصحافيين، لا يميل المعنيون في هيئة الأركان الى تجميل النتائج قبل عقد، هم يفهمون أيضًا أنه مع مراعاة توازن القوى بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله عند اندلاع الحرب، وعلى الرغم من الفجوات في التحضير المسبق للجيش الاسرائيلي، فإنه منذ لحظة اتخاذ قرار الرد على الاختطاف بشكل يؤدي الى اندلاع الحرب، طُلب من الجيش أداء ونتائج مختلفان عن بعضها تماما.

استعداد منخفض

ويلفت هرئيل الى أن لا حرب خالية من الكوارث والاخفاقات. ومع ذلك، أيام حرب الـ34 في صيف تموز 2006كانت صعبة جدًا. سلوك "اسرائيل" تأثّر من استعداد الجيش المنخفض الذي قلص التدريبات وصب جهده في السنوات الستة التي سبقت الحرب على مواجهة العمليات الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، أقنعت قيادة الجيش نفسها بأن كل شيء جيد، وأنه لا يوجد مثل ملاحقة انتحاري فلسطيني في طريقه من نابلس الى "تل أبيب" من أجل إعداد الجيش لمواجهة المحاربين المتدربين والمسلحين لحزب الله في مارون الراس وبنت جبيل.

وبحسب هرئيل، فقد ساهم في الفشل ايضا عدم وجود نضوج لدى القادة الثلاثة، اولمرت الذي دخل فجأة الى المنصب في أعقاب مرض شارون، وزير الحرب عمير بيرتس الذي دخل الى منصبه دون أي إعداد مسبق لأن اولمرت خشي من اعطاءه وزارة المالية، ورئيس الاركان دان حلوتس الذي تفوق في سلاح الجو. وقد اظهرت الحرب أن التجربة ضرورية وأن غياب معرفة رئيس الاركان لطريقة عمل الجيش قد يشكل أمرا حاسما عند المصادقة على خطط الهجوم. غياب التجربة لدى الثلاثة كان متناسب عكسيا مع ما تظاهروا به أثناء الحرب.

في الخلاصة، يقول هرئيل، "المجلس الوزاري المصغر والحكومة برئاسة اولمرت صادقا في ذلك الوقت على قصف واسع لمواقع الاطلاق لحزب الله في المستوى المتوسط، دون فهم أن مغزى ذلك هو إعلان للحرب ودون معرفة نواقص جاهزية الوحدات النظامية والاحتياط والمشاة، والمعلومات الاستخبارية المحدودة عن حزب الله والخطط التنفيذية الغير معدلة في الجبهة الشمالية. والقصف الجوي الناجح استنفد نفسه بعد اربعة ايام وتقرر الاستمرار بالحرب دون تعديل الاهداف أو البحث عن عمل بديل. في الأسابيع الأربعة التالية، تحركت فرق الجيش بدون فائدة بشكل محدود في جنوب لبنان لأن الحكومة والجيش لم ينجحا في تحديد الخطوة المطلوبة من اجل تحقيق التفوق على حزب الله. وعندما تم التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار بوساطة امريكية وفرنسية، صمّم أولمرت وبيرتس وحلوتس على إدخال القوات الى الداخل في عملية برية اخيرة، الامر الذي تسبب بقتل 33 جنديا اسرائيليا في 60 ساعة. الخطوة الاخيرة تم قطعها في ذروتها وقبل دخول وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ دون تحقيق أي شيء ودون التأثير على الاتفاق النهائي. غريزة الجمهور الاسرائيلي لم تكن مضلّلة بعد الحرب. عدم الثقة باولمرت وبالاصلاحات التي قام بها الجيش يشيران الى الطابع الحقيقي للحرب التي اندلعت قبل عقد. الصواريخ التي زاد عددها وتضاعف هي مصدر القوة الاساسي لحزب الله. ويؤكد (السيد) نصر الله في خطاباته قدرته في الوصول الى أي مكان في "اسرائيل". إضافة الى ازدياد مدى الصواريخ التي قد تغطي أي مكان في "تل "أبيب" فإن الامر المقلق هو دقتها. صحيح أن الحديث يدور عن بضعة آلاف من هذه الصواريخ، إلا أن هذا أمرا مقلقا. ويعتمد حزب الله ايضا على تجربته التي اكتسبها من الحرب السورية. وقد ساعد وجود الضباط الروس والايرانيين في سوريا في تحسين التقنية العسكرية لحزب الله والعمل في أطر تنفيذية أكبر تشتمل على التنسيق بين سلاح الجو والمدرعات والاستخبارات".

ويختم "(السيد) نصر الله يهدد في خطاباته بالقدرة الهجومية وباحتلال الجليل، الامر الذي جعل الجيش الاسرائيلي ينظر الى حزب الله على أنه جيش بكل ما للكلمة من معنى وليس كمنظمة حرب عصابات".
11-تموز-2016

تعليقات الزوار

استبيان