ايزنكوت أمام جملة تحديات: حزب الله وإيران والجبهة الداخلي
كتب المحلل العسكري والامني في موقع" يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي مقالاً تحدّث فيه عن رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الجديد غادي ايزنكوت.
بن يشاي قال "الآن وبينما أصبح الشرق الأوسط عموما، والدول المجاورة على طول الحدود خصوصاُ، مع مرور الوقت أقل قابلية للتنبؤ وأكثر تشتيتا، وقابل للانفجار والدمار، فإن التحدي الأهم لرئيس الأركان الجديد هو منع اندلاع الحرب نتيجة لحادث أو حدث خرج عن السيطرة ميدانيا وأدى الى تصعيد، رغم عدم رغبة الأطراف في ذلك".
وأضاف بن يشاي "تفتقر "اسرائيل" حتى الآن لمفهوم رسمي للأمن، ولكن المفهوم الحالي للأمن مقبول على جميع الاطراف السياسية الإسرائيلية تقريبا، وأن مصلحة "إسرائيل" الاستراتيجية تكمن في تجنب الحرب التي قد تنهكها وتنهك مواطنيها وهي في ذات الوقت ليست ضرورية لحماية أمن مواطنيها، وسيادتها أو مصالحها الأساسية الأخرى. ومن الواضح أيضا أن "إسرائيل" ليس لديها مصلحة في تورط لا جدوى منه، يستنزف الدم والموارد، في وقت تدور فيه حرب تستعر الآن في المنطقة. ان الحارس الأمين على هذه الاستراتيجية وهذا النهج هو رئيس الأركان. نقاد ايزنكوت يدعون بأنه "ليس هجوميا" بما فيه الكفاية، ولكنهم يجدون صعوبة في التوفيق بين هذا الادعاء مع "عقيدة الضاحية" (وهي حرب مدمرة لا هوادة فيها ضد مواقع أطلاق النار من حزب الله في لبنان)، وقد اعد ايزنكوت ابان توليه قيادة المنطقة الشمالية لدى الجيش الإسرائيلي، قواته لتنفيذ هذه المهمة".
وتابع: "تقديرات الاستخبارات العسكرية، وقيادة الاركان العامة، تشير منذ حوالي شهر ان الساحة الفلسطينية على مختلف جوانبها (الضفة الغربية وغزة والحملة الدولية لنزع الشرعية عن اسرائيل)، ستكون خلال عام 2015 في مركز اهتمام ونشاط الجيش وإدارته. ويسود التقدير حاليا ان الجبهة الشمالية أصبحت مصدرا محتملا ورئيسيا قابلا لاندلاع القتال. وان من يبادر لهذا التطور هي قيادة حزب الله برئاسة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وقادة الحرس الثوري الإيراني، والمسؤولون عن الجبهة السورية اللبنانية. هذه الجهات قررت في الآونة الأخيرة جعل مرتفعات الجولان مسرحا لمواجهة نشطة مع إسرائيل وقد بلغت الاستعدادات مرحلة متقدمة جدا لتحقيق هذه النوايا. حزب الله والإيرانيون ما زالوا غير مستعدين حتى الآن للعمل مباشرة ضد "إسرائيل" من الأراضي اللبنانية، ولكنهم بالتأكيد على استعداد لفتح جبهة جديدة ضد "إسرائيل" من مرتفعات الجولان. وقد كشف السيد نصر الله هذا التوجه في كلمة ألقاها قبل بضعة أسابيع. وسبب هذا التغيير هو أن الإيرانيين والسيد نصر الله توصلوا إلى استنتاج نهائي يبدو صحيحا مفاده أن "إسرائيل" لا ترغب في اندلاع حرب شاملة مع سوريا ولا تريد اسقاط نظام الأسد الذي يعتبر حاجزا امام الجهاديين السنة الوحشيين، وخصوصا بعد تجريد نظام الأسد من سلاحه الكيميائي. "إسرائيل" تدرك ذلك جيدا ولكنها لن تسمح لحزب الله وللإيرانيين بتنفيذ خطتهما. قد يكون الدليل على هذا قصف موكب القيادة العسكرية المشتركة لحزب الله والإيرانيين التي قضى فيها جهاد مغنية ابن القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية ذهب والجنرال الإيراني الرفيع. إسرائيل تتبع ما اقره مجلس الوزراء من نهج عام لا يسمح بوصول أسلحة من سوريا الى لبنان من شأنها كسر التوازن القائم للقوى في المنطقة".
قابلية الانفجار الكامنة في الشمال تعتبر حاليا كبيرة، بحسب رون بن يشاي، رئيس الأركان ايزنكوت في حال لا يحسد عليه عندما يتلقى معلومات من الاستخبارات العسكرية او من الموساد تطالبه بتفعيل ما يعرف في الجيش الإسرائيلي بـ "معركة بين حربين"، أو حين يقرر حزب الله لسبب ما إطلاق صاروخ قاتل مضاد للدروع على دورية إسرائيلية. في مرة قادمة، في ظروف مختلفة، سيكون من الصعب على "إسرائيل" احتواء الحادث كما فعلت هذا قبل أسبوعين".
ويلفت ين يشاي الى "وجود تحد جدي آخر موضوع على طاولة الرئيس الجديد لأركان الجيش الاسرائيلي وهو منع الاضطرابات الحالية في الضفة الغربية من التصاعد إلى انتفاضة ثالثة. هذا التصعيد، حتى لو جاء على شكل "إرهاب شعبي" (الحجارة وقنابل المولوتوف، والأسلحة الباردة وإطلاق النار بشكل متقطع)، من المحتمل في ظل الظروف الراهنة ان يتدهور إلى قتال حقيقي يكون كارثيا على كلا الجانبين. لذا عباس وربما معظم المواطنون الفلسطينيون، غير راغبين بهذا وكذلك "إسرائيل". ولكن الاضطرابات في الضفة الغربية تتصاعد بسبب الجمود السياسي، وبسبب تحريض "حماس". نتيجة لذلك ظهرت ازمة الرواتب، بما في ذلك أفراد قوات الأمن. ويبدو ان التدابير الأخرى التي ستتبعها "إسرائيل" ضد السلطة الفلسطينية، ردا على حملة نزع الشرعية التي أطلقها المحيطون بمحمود عباس، ستزيد من تفاقم الوضع".
وتشير التقديرات المتوفرة لدى الجيش الإسرائيلي الى ان الغليان المتصاعد في المناطق الفلسطينية قد يدفع بالفلسطينيين في الضفة الغربية للنزول بحشودهم إلى الشوارع، في هذه الحالة سيكون من واجب رئيس الاركان ايزنكوت إدارة الأمور بطريقة تمنع الخسائر قدر الإمكان من كلا الجانبين، ومن ثم تهدئة الوضع، بما في ذلك اخذ الحيطة والحذر من "الإرهاب اليهودي".
التحدي الاخر القادم من غزة معروف. رغم ان "حماس" تلقت ضربة خلال حملة "الجرف الصلب"، يقول بن يشاي، لكن الحركة تزيد من قوتها حاليا استعدادا لجولة قتال أخرى ضد اسرائيل هي قاب قوسين أو أدنى. ايزنكوت، ووفقا لرؤيته الشخصية، عليه محاولة تقديم المساعدة للقائد يوآف مردخاي، منسق العمليات في المناطق الفلسطينية، وتفعيل المؤثرات السياسية والاقتصادية الإسرائيلية والدولية، للإسراع في وتيرة إعادة الاعمار في غزة، منعا لشن عملية عسكرية جديدة عبثية".
اما في الجانب العسكري، فسيكون ايزنكوت مطالبا على وجه السرعة بإيجاد ردا أفضل من الرد المتوفر حاليا لسلسلة من القضايا التي تحتاج الى حلول: أولا - رد دفاعي وهجومي مشترك للأسلحة القاذفة للمدى القصير (من قذائف هاون وصواريخ وما شابه ذلك)، في نفس الوقت إتمام تجهيز منظومة "العصا السحرية"، التي تهدف إلى التغلب على الصواريخ والقذائف الثقيلة نسبيا. ثانيا - إيجاد حل شامل للأنفاق (ما يسميها الجيش التواصل تحت الأرض). والمهمة الرئيسية الثالثة منع ايران من انتاج الأسلحة النووية، في حال بلغت طهران من القدرة ما يخولها القيام بذلك او ان تكون على وشك إنتاج هذه الأسلحة بنفسها".
ويشير بن يشاي الى ان التحدي الآخر امام أيزنكوت هو إيجاد طريقة لكيفية التصرف في حال ظهر تهديد خطير وينبغي توجيه ضربة استباقية او ضربة رادعة، رغم العزلة السياسية لـ"إسرائيل" وامكانية فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية عليها، في حال بادرت القتال بنفسها.
أما التحدي الخامس على طاولة رئيس الأركان فيتمثل في الوعي الجماهيري والروح المعنوية لدى المجتمع، وخلاصته، وفقا لرون بن يشاي، انه يجب على الجيش الإسرائيلي العمل على الحفاظ على الروح المعنوية والشعور بالأمن لدى المدنيين بشكل عام وبين المدنيين الذين يتعرضون لنيران خط الجبهة على وجه الخصوص بالإضافة إلى ذلك. وعليه الاخذ بعين الاعتبار وبالطريقة التي يراها صحيحة لفهم القطاع المدني اثناء العملية العسكرية، وبالطبع عواقبها وكيفية تفهم المقاتلين والقادة الميدانيين للمعركة الذين يشاركون فيها. بكلمات أخرى: تجنب "التذمر" كالذي انتشر في المجتمع المدني ووسائل الإعلام في إسرائيل اثناء حملة "الجرف الصلب" وسمح لحماس اعلان النصر في المعركة. على الجيش اليوم ان يجيد ليس فقط فنون القتال والنصر بل ان الجانب الادراكي لا يقل أهمية عن ذلك، إن لم يكن أكثر من ذلك.
ويخلص بن يشاي الى القول إن "الظروف التي يتولى ايزنكوت مهام منصبه تزيد من صعوبة هذه المهام قليلا: عدد لا بأس به جنرالات القيادة العامة جديدون في وظائفهم والانتخاب لا تزال أمامنا. وهو لا يعرف من هي الشخصيات من المستوى السياسي التي سيعمل معها لاحقا، وكيف سيكون شكل الحكومة الامنية المصغرة، ولكنه صاحب تجربة في هذا المجال كما ذكر آنفا، ويمكن الافتراض أنه يعرف كيف يتعامل مع من يختاره الناخب الإسرائيلي".