"القناة العاشرة": حماس نجحت في تطبيق جزء من الأمور التي استعدت لها
اعتبر محلل الشؤون العسكرية في "القناة العاشرة" اور هيلر أن عدوان "عملية الجرف الصلب في غزة كانت على ما يبدو مجرد البرومو، (العرض الدعائي) للتحدي الحقيقي الماثل أمام إسرائيل، الذي يشكله حزب الله في الشمال وحرب لبنان الثالثة. فما الذي يعتقده بالفعل نصر الله في بيروت حول ما وقع هنا في الشهر الماضي؟ على ما يبدو لن نعرف أبداً".
وأضاف هيلر "على طول العملية، أصرت حماس كثيراً على تجنيد الدعم في المحيط الإقليمي والدولي. لقد أصبحت معزولة ومنبوذة، في حين أنه حتى خيرة أصدقائها نصحوها بوقف إطلاق النار. اللاعبان الوحيدان اللذان أبديا حيالها التعاطف والتعاون هما قطر وتركية، وهما أيضاً لم توفّرا لها الضمانات التي تحتاجها. في قيادة حماس لم يرغبوا بالوصول إلى "تسوية" تقودها مصر. مسؤولو حماس اضطروا بعد مناورات للوصول إلى عملية "التسوية". وصلوا إلى القاهرة وبدأوا بعملية حوار غير سهلة. رئيس المكتب السياسي خالد مشعل رسم لحماس غزة وُجهة ستحاول فيها استنقاذ إنجازاتٍ اقتصادية ومدنية مثل رفع الحصار".
وتابع هيلر "على عتبة انتهاء العملية، في بُعدها العملياتي، يعترف الجيش الإسرائيلي بأن حماس نجحت في تطبيق جزء من الأمور التي استعدت لها في فترة تعاظمها، منذ عملية "الرصاص المسكوب" في شتاء 2009 الى ما بعد الجرف الصلب، تشكيل المنظومة الصاروخية لحماس تآكل بأغلبه : اليوم بقي لديها حوالي ثلث التسعة آلاف صاروخ التي قلّت بصورة مهمة؛ ومن الممكن أن يكون تقلُّص القصف باتجاه الوسط على صلة بتقلص مخزونها وليس بسياستها النارية".
واعتبر أنه "في المجال الشعبي، الشعب في قطاع غزة اختبر شتى أنواع الموجات الصادمة جراء الأضرار الرهيبة في القطاع. ومع الافتراض أن المواجهة لن تستمر لمزيد من الأيام، فالشعب في غزة يعيش بضائقة هائلة، ومن المتوقع أن يزيد من احتجاجه بعد الحرب. يوجد اليوم أناسٌ كثيرون في غزة دون منازل. المنظمات الدولية تتحدث عن حوالي 3000 منزل وعن تضرر البنية التحتية بصورة بالغة، وعن أحياء كاملة مُحيت في مناطق التماس، في مناطق الأنفاق التي عمل فيها الجيش الإسرائيلي. الشعور هو أن قطاع غزة اليوم هو في أصعب أوضاعه الاقتصادية - الاجتماعية على الإطلاق. إنها فترة صعبة بدأت مع إغلاق الأنفاق في أعقاب صعود نظام السيسي في مصر، واستمر مع عدم فتح معبر رفح والارتهان شبه المطلق لإسرائيل".
وأشار الى أن "الاستخبارات الإسرائيلية تعتبر أن الشعب في غزة هو في مرحلة الصدمة الأولى بعد انتهاء العملية، الاتهام سيُوجّه أولاً إلى المنظمات الدولية وضد إسرائيل. القطاع يتوقع الآن إعادة الإعمار، إلا انه لن يأتي من إسرائيل بل من السلطة الفلسطينية أو من إدارة حماس التي ما زالت المسيطرة في القطاع. وللمقارنة، غزة تبدأ نقطة إعادة الإعمار من وضعٍ أدنى بكثير مقابل لبنان بعد حرب لبنان الثانية، حيث أنه فقط قبل حوالي سنة ونصف أنهى حزب الله إعادة إعمار حي الضاحية المشهور الذي دُمّر. حتى لو دخلت الكثير من الأموال إلى غزة، إعادة إعمار القطاع بعد عملية الجرف الصلب ستستغرق وقتاً طويلاً، ما يفسّر لماذا تحاول حماس استنقاذ إنجازات اقتصادية - اجتماعية، مثل فتح المعابر".
وأضاف "الجيش يرى أن حماس فوجئت بعملية انسحاب إسرائيل الآحادي الجانب. منذ يوم الأحد، لغاية الآن، كانت حماس تحاول العمل على نطاق القوات في القطاع وغلافه، مقللةً من استهداف الجبهة الداخلية. أرادت حماس إنهاء الحرب، لكن حالياً ليس لديها آلية منتظمة لذلك".
وفي ما يتعلّق بالأنفاق في قطاع غزّة، اعترف أمس ضابط كبير في الأركان العامة قائلاً "لم نواجه أبداً أمراً كهذا، بهذا الحجم والكمية. هذه أول مرة يواجه فيها الجيش هذا الحجم من الأنفاق".
ورأت "القناة العاشرة" أنه "عندما خطط الجيش الاسرائيلي للعملية، كانت الفكرة تستند الى القيام بهجوم جوي، ثم مناورة برية، ثم معركة قصيرة قدر ما أمكن. إلا أنها لم تكن قصيرة. الجيش الإسرائيلي دفع ثمناً".
وأشارت الى أن "كل العمليات الأخيرة في غزة ولبنان، في السنوات العشر الأخيرة، تقوم في الحقيقة على ردعٍ وتسوية. في الجيش الإسرائيلي يعتقدون الآن أنه نشأت الظروف العملياتية والأمنية التي ستمكّن من التوصل إلى تسوية تضع حداً للوضع الحالي في غلاف غزة. لقد قطّع الجيش الإسرائيلي القطاع عشرات المرات، وفي "الرصاص المسكوب" أيضاً. وهو يمكنه القيام بهذا في خمس ساعات. السؤال هو: ما الغاية؟ في نهاية المطاف، الجيش الإسرائيلي يفحص نفسه على أساس مسألة تحقيق أهداف المستوى السياسي.
ويصرّون في الجيش أنهم لم يُفاجأوا من أنفاق حماس، والدليل: بناء ثلاث منشآت تدريب للقتال في الأنفاق في تساليم ولخيش وإلياكيم. والآن يشخّصون في الاستخبارات الإسرائيلية أن حماس خططت لـ "حرب تموز" منذ شهر شباط 2014".