المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار العدو

الحرب الثالثة: حزب الله غيّر عقيدته القتالية


ذكرت صحيفة "هآرتس" في عددها اليوم أنه رغم التضاؤل الكبير في السنوات الاخيرة لاحتمالات اندلاع حرب "مدبرة" بين "اسرائيل" واحدى جاراتها، ما زال هناك بحسب تقدير كل الأذرع الاستخبارية الاسرائيلية خطراً لجهة نشوب حرب غير متوقعة وغير مراقبة، قد تكون نتاج عدم الاستقرار العام في المنطقة. ومن بين كل هذه السيناريوهات، فإن الأكثر احتمالا وإقلاقاً بالنسبة للجيش الاسرائيلي يتعلق بمواجهة حزب الله.

وأضافت الصحيفة أنه تشكل بين الطرفين في الحقيقة توازن ردع متبادل منذ انتهت حرب لبنان الثانية قبل ثمانية سنوات تقريبا، لكن يكفي أن ننظر في أحداث السنة الاخيرة(هجوم جوي على قافلة سلاح في لبنان واغتيال مسؤول كبير من حزب الله، وتهديدات متزايدة من قيادة حزب الله، وتفجير عبوة ناسفة كبيرة في مزارع شبعا وسلسلة عمليات في هضبة الجولان تظن "اسرائيل" أن حزب الله له صلة بها)، ليدلّ ذلك على أن الهدوء على الحدود لن يستمر بالضرورة زمناً طويلاً.

كيف سيكون مشهد حرب لبنان الثالثة؟

وتتساءل "هآرتس" عن كيفية مشهد حرب لبنان الثالثة اذا نشبت او حينما تنشب؟ وتتابع "تشير الفكرة السائدة في الجيش الاسرائيلي الى أن حزب الله سيرغب في تكرار الاستراتيجية التي ضمنت له ما يشبه التعادل مع "اسرائيل" في الجولة الأخيرة عام  2006 وهي الانتصار بواسطة عدم الخسارة، فالمنظمة ترى نفسها أنها انتصرت في المعركة بفعل حقيقة أنها استمرت في إطلاق القذائف الصاروخية على "اسرائيل" على مدى 34 يوماً ولم ترفع الراية البيضاء في مواجهة قوات الجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان، ولهذا من المنطقي أن يرغب حزب الله في المرة التالية تكرار ذلك الانجاز وهو بأن يستنزف الجبهة الاسرائيلية باطلاق عشرات آلاف القذائف الصاروخية مدة طويلة نسبياً، وأن يعيق في الوقت نفسه تقدم الجيش الاسرائيلي الى داخل لبنان ليمنع "اسرائيل" من تحقيق نصر حاسم".

ضابط استخبارات اسرائيلي: حزب الله غيّر استراتيجيته

وفي مقالة مهمة نشرت مؤخراً في المجلة العسكرية "معرخوت"، عرض ضابط في شعبة الاستخبارات، هو المقدم ن. (لم تنشر المجلة اسمه الكامل)، سيناريو بديلا، يقوم على أنه "يجب على "اسرائيل" أن تأخذ في حسابها إمكان أن يكون حزب الله غيّر استراتيجيته وأنه يريد من الآن أن يشن ضدها معركة من نوع يختلف تمام الاختلاف".


ويكتب (ن):"هناك شواهد على أن حزب الله يفكر في العمل على تقصير مدة المعركة في المرة التالية عبر اجراءات برية داخل "اسرائيل"، مستشهداً هنا بتصريحات قيادة حزب الله المتعلقة بخططه لاحتلال الجليل، ويردف "برغم أن هذه التصريحات تبدو "عنترية" وربما غير واقعية يجب على "اسرائيل" أن تعطيها الوزن المناسب لأنها قد تدلل على مقاصدها".

"حزب أدرك نقاط ضعفنا"

(ن) يحلّل ما حدث في عام 2006، فيقول إن "استراتيجية "الانتصار بواسطة عدم الخسارة" عبرت عن فهم عميق لدى حزب الله لتفوق الطرف الاسرائيلي  ـ التفوق التقني والاستخباري والجوي والقدرات على الاصابة الدقيقة والفتاكة، وأدرك الحزب مع ذلك أيضا نقاط ضعفنا وهي الحساسية الشديدة بأمر المصابين على جانبي المتراس، وعدم الرغبة في إجراء معارك طويلة والحاجة الى إحراز نصر حاد واضح، لذلك أراد حزب الله أن يُطيل القتال وأن يُظهر حقيقة أنه صمد حتى النهاية".

عن استراتيجية حزب الله بالمنظور الاسرائيلي

ويضيف (ن) "تُرجمت تلك الافكار الى ثلاثة مبادئ عملية وهي تحسين القدرة على التحمل والصمود (بالاختباء في الملاجئ تحت الارض والقرى و"المحميات الطبيعية" في المناطق المفتوحة)، وضرب الجبهة الداخلية "المدنية" الاسرائيلية (بشراء كثيف لقذائف صاروخية من أنواع مختلفة) وبناء قدرة على إعاقة تقدم الجيش الاسرائيلي (بعبوات ناسفة وصواريخ مضادة للدبابات وراجمات صواريخ). واستمر حزب الله منذ أن انتهت الحرب بشراء الوسائل وتعزيز قدرته العسكرية لكن ذلك تم في ظاهر الأمر في اطار تلك التوجهات التي كانت تميزه في الحرب وفي أساسها فكرة الاستنزاف. وفي الوقت نفسه يستعد الجيش الاسرائيلي لمواجهة عسكرية أخرى ببناء قوته التي تقوم على فهم نوايا حزب الله. وعليه، ستطمح "اسرائيل"الى تقصير أمد المعركة وضرب أهداف كثيرة للمنظمة بصورة سريعة ودقيقة بقدر المستطاع، فضلاً عن استهداف قدرتها على ضرب الجبهة الداخلية".

"حزب الله بدأ يعبر عن فكرة تتجاوز استراتيجية الاستنزاف"

" في 2011 بدأ حزب الله يعبر عن فكرة تتجاوز استراتيجية الاستنزاف، فقد نشر في موقعه الرسمي على شبكة الانترنت تحت عنوان: "الجليل ـ مكان المواجهة التالية مع العدو"، شبه خطة عملياتية لاحتلال الجليل تشمل وصف تضاريس الجليل والمدن المركزية فيه وأهدافا يمكن الهجوم عليها (قاعدة تنصت، وقواعد سلاح الجو ومصافي النفط في حيفا وغيرها). وبعد ذلك بسنة هدد الامين العام لحزب الله حسن نصر الله في عدد من الخطب بأنه سيأمر مقاتليه "باحتلال الجليل". وفي آب 2012 جرت مناورة كبيرة لحزب الله بمشاركة نحو من 10 آلاف مقاتل. وجاء في الصحف اللبنانية أن المناورة اشتملت على سيناريو اقتحام الجليل".

يعتقد (ن)بأن "السؤال الذي يجب أن يُسأل ليس هو هل حزب الله قادر على تنفيذ هذه الافكار، بل ما الذي تدل عليه حقيقة أنه مشغول بها؟ وهو يرى ذلك اشارة إنذار تشهد على "تغير العقيدة القتالية لدى حزب الله"،وينسب التغيير الى التحولات الجوهرية التي حدثت في المحيط الاستراتيجي الذي تعمل فيه المنظمة. إن هذه التحولات تجبر حزب الله على "تغيير رؤيته العسكرية – من محاولة إطالة مدة المعركة الى محاولة تقصيرها بقدر المستطاع".

"قتال حزب الله في سوريا يقرّبه من تبني تصورات هجومية في المعركة"

يرى (ن) أن "المنظمة تفضل التمسك بالاستراتيجية القديمة التي أفضت من وجهة نظرها الى انسحاب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان في 2000 والى الانجاز في الحرب عام  2006، لكن يجب عليها أن تأخذ في حسابها التغييرات التي حدثت في السنوات الاخيرة. وباختصار أصبحت المنظمة مؤسسة وهي تشارك الآن مشاركة فاعلة جدا في الساحة السياسية اللبنانية (في الداخل والخارج)، وهذه حقيقة تلقي عليها مسؤولية عما سيحدث في الدولة اذا هاجمتها "اسرائيل".

بحسب الضابط في شعبة الاستخبارات الاسرائيلي، "كان حزب الله في الماضي يعتمد على تصور عام عبرت عنه خطبة(السيد) نصر الله الشهيرة فوراً بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي في 2000 وهو أن المجتمع الاسرائيلي يشبه "بيت العنكبوت" وهو غير قادر على تحمل خسائر. وتضعضع ذلك التصور بسبب العمليات الهجومية الاسرائيلية في المناطق الفلسطينية (عملية السور الواقي في 2002) وفي لبنان وغزة (عملية الرصاص المصبوب في 2008)، وأصبحت المنظمة ايضا "أقل ايمانا" بامكان أن يتدخل المجتمع الدولي من اجلها ليوقف الحرب. وقد فقدت السند السوري لأن سوريا مشغولة بالحرب الأهلية الجارية في الدولة وعليها على كل حال أن تُقسم جهودها بين الحرب في سوريا وصراع العصابات المسلحة التي تعمل ضدها في الداخل وحربها للجيش الاسرائيلي".

"يوجد أيضا جانب إيجابي بالنسبة لحزب الله وهو أنه راكم تجربة كبيرة في المعارك في سوريا وهو قادر على أن يستعمل الآن أطر محاربة أكبر ووسائل أكثر تعددا"، على حدّ تعبير الضابط الاسرائيلي.

ويشير (ن) الى "أن المشاركة في الحرب في سوريا تُقرب المنظمة من تبني تصورات هجومية في المعركة ضد "اسرائيل" ايضا.. معنى ذلك أن حزب الله قد يسعى الى مواجهة عسكرية من نوع مختلف، فبدل الرد على المبادرة الاسرائيلية، يمكن المبادرة الى الهجمات والاجتياحات البرية والى هجوم أكثر تنوعاً على أهداف في داخل الارض الاسرائيلية".

"لتغيير حزب الله استراتيجيته آثار جوهرية على"اسرائيل""

ويختم (ن) "اذا غير حزب الله استراتيجيته حقا فستكون لذلك آثار جوهرية بالنسبة لـ"اسرائيل" لأن الجيش الاسرائيلي سيضطر الى أن يأخذ في حسابه إمكان أن يحاول حزب الله تقصير مدة المعركة وفرض حقائق على الأرض مثل اجتياح  بلدة في الجليل، أو إعداد الجبهة الداخلية لهجوم مركز على الحدود، والاستعداد ايضا لامكانية أن يختار حزب الله بدء المواجهة العسكرية بهجوم مفاجئ قد يكون محاولة لإنهاء الحرب قبل أن تبدأ بالفعل".

تذكير: للاطلاع على خطة حزب الله التي يحلّلها الضابط الاسرائيلي والتي كان قد نشر تقريراً عنها موقع المقاومة الاسلامية عام 2012 أنقر هنا
05-حزيران-2014

تعليقات الزوار

استبيان