الاتصالات لتمديد فترة المفاوضات: جهد يائس لتأخير النهاية
كتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أنه "من الصعب جداً أن نقدر كيف تسير الاتصالات التي تجري الآن حول اقتراح الولايات المتحدة تمديد مدة المفاوضات بين "اسرائيل" والفلسطينيين. فالسلطة الفلسطينية كما ظهرت يوم أمس (الثلاثاء) تستخدم سياسة السير على الحافة، فإما انها تعيش على أمل استخراج تنازلات "اسرائيلية" اخرى وإما خياراً اساسياً للتوجه الى مؤسسات دولية. ويبدو الآن أن عملية الاقناع التي تقوم بها الولايات المتحدة ستكون اسهل عند الجانب الاسرائيلي من الجانب الفلسطيني".
ويتابع عاموس هرئيل بالقول، إن "التسوية التي يحاول الامريكيون انجازها في آخر لحظة يفترض أن تنقذ الاطراف من الشرك الذي دفعهم اليه إطار الاشهر التسعة التي حددت للتفاوض السياسي في تموز من العام الماضي". وقال :"ستحظى السلطة الفلسطينية بـ 400 سجين محرر وبتعزيز شرعيتها في نظر الجمهور داخل المناطق الفلسطينية، ويبدو أن اسرائيل ستحرز استقراراً للائتلاف الحكومي (هذا اذا افترضنا أن قطعة الحلوى المسماة بولارد ستجعل الافراج عن الفلسطينيين الاسرى حلوا بالنسبة الى القسم اليميني من الحكومة)، واحتمال تمديد فترة الهدوء الامني في الضفة الغربية، لكن هرئيل يطرح سؤالاً وهو ماذا عن الامريكيين؟، ويقول :من جانبهم سيتجنبون في الأساس عار الاعتراف بأن المبادرة الطموحة لوزير الخارجية جون كيري فشلت بسبب رفض الطرفين".
وبحسب هرئيل فانه "بناء على ذلك يبدي اللاعبين الثلاث الرئيسيين اهتماماً سافراً على المدى القصير بانجاح "المصالحة"، مع عدم وجود احتمال حقيقي للتوصل الى تقدم حقيقي نحو تسوية سياسية في المدة القليلة التي حُددت. اما على المدى البعيد بعض الشيء فستؤجل القيادات بذلك النهاية دون أن تقدم أي حل سياسي لأن العقبات هي نفسها بالضبط التي تواجهها الآن، من مسألة الاعتراف الفلسطيني بالدولة اليهودية الى اخلاء كثيف للمستوطنات، ستبقى كما هي في السنة القادمة ايضاً".
يضيف هرئيل :"ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يحتاج الى اتفاق لأنه يواجه مشكلة تزداد قوة وهي مشكلة الشرعية الداخلية لاجراءاته السياسية، كما أن الانقسام مع حماس وخشية فتح من الخسارة في الانتخابات يمنعان اجراء انتخابات للرئاسة أو للمجلس التشريعي منذ أكثر من ثماني سنوات. وهذا أحد اسباب تردده في التقدم في المحادثات مع اسرائيل وهو الخوف من أن يُرى متنازلاً ومستكيناً لا يمثل في الحقيقة الرأي العام في المناطق الفلسطينية، بالاضافة الى أنه أخذ يزداد داخل فتح نفسها انتقاد على نفس وجود اتصالات مع اسرائيل".حسب تعبيره.
"أما في الجانب الاسرائيلي، يتابع عاموس هرئيل في صحيفة هآرتس، يجب على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يجتاز مرحلة طويلة كما حصل في الافراج عن 400 فلسطيني، لكن من قد يستطيع الترويج لها في اليمين باعتبارها تخلياً عن اسماك صغيرة. وإن اللحن الذي يستخرج الدموع الذي سيعزف هنا قبيل ليلة عيد الفصح مع عودة الابن الضائع بولارد الى "البيت" يفترض أن يكفر عن ذلك، تحت غطاء تغطية تلفازية تروج لبولارد على أنه جلعاد شليط الثاني. وسيحاول نتنياهو في نفس الوقت أن يعرض على المستوطنين تجميد البناء غير الرسمي (ضبط مناقصات وحصر البناء في الكتل الاستيطانية) بالغمز انه يمكن الالتفاف على ذلك بلا صعوبة كبيرة. ففي التجميد المشهور الذي حصل في 2009 ايضاً لم تكف الجرافات في الحقيقة عن العمل ألبتة، وجميع المستوطنين يعرفون ألف طريقة وطريقة يمكن بها أن يبنى أكثر من الحد الاعلى الذي التزمت به الحكومة للامريكيين".
ويخلص هرئيل الى انه اذا قبل الوزير نفتالي بينيت والمستوطنون هذه التعليلات فسيُضمن بقاء "الائتلاف" الحكومي نصف سنة آخر. وفي الوقت عينه يمكن، وهذا هو الامر الذي يشغل الجيش الصهيوني و"الشباك" في الأساس، الاعتماد على استمرار التنسيق الامني مع اجهزة الاستخبارات الفلسطينية ومضاءلة احتمال الانفجار على الارض يمكن أن يكون كبيراً جداً لو أُعلن عن فشل عملية المفاوضات وايقافها. وأصبح المصطلح الرئيسي المستخدم اقليمياً في الاشهر الاخيرة هو فترة انتظار. وهو ما يحدث في موضوع المشروع النووي الايراني، حيث تم تمديد فترة التفاوض بين طهران والقوى العظمى نصف سنة أخرى حتى تموز. وهو ما يحدث ايضاً في واقع الامر في سوريا فيما يتعلق بجمود المعارك بين الرئيس الاسد ومعارضيه وانتظار المجتمع الدولي انهاء عملية تجريد النظام من السلاح الكيميائي، وهو ما تحاول ادارة اوباما إحرازه ايضاً في المسار الصهيوني الفلسطيني غير أنها ما زالت محتاجة هنا الى أن تجنّد كل قدراتها على الاقناع، وحيلاً مثل الافراج عن الجاسوس الصهيوني بولارد للحصول على موافقة الطرفين.