"معاريف": "إسرائيل" تدرك جيداً أن الحكومة اللبنانية لا تبحث عن مواجهة عسكرية معها
إمتنعت سلطات العدو الإسرائيلي عن الرد بعمل عسكري على إطلاق النار الذي قتل مساء الأحد الماضي جندياً في الخدمة الدائمة من سلاح البحرية الإسرائيلية، الرائد شلومي كوهين من حيفا، ونقلت "احتجاجا شديد اللهجة إلى قوة اليونفيل والى الجيش اللبناني".
في هذا الاطار، تساءلت صحيفة "معاريف" عن أسباب الرد الإسرائيلي المنضبط، الى الآن على الأقل، معتبرةً أن "إسرائيل تدرك جيدا أن الحكومة اللبنانية لا تبحث عن مواجهة عسكرية معها، وليس لإسرائيل أيضا أي اهتمام بذلك. وبالتالي سيكون من الصعب على تل أبيب في الوقت الحالي أن تضرب أهدافا للجيش اللبناني ردا على فعل شخص واحد. ولم يعمل مُطلق النار كمبعوث من حزب الله بحسب المعلوم الى الآن على الأقل، بحيث يصعب أن يوجد تسويغ لهجوم عقابي على أهداف للمنظمة".
من جهتها، أشارت صحيفة "هآرتس" الى أن "الأطراف جميعا ترى أن لبنان الآن ساحة ثانوية للحرب الأهلية القاتلة في سوريا حيث يبذل حزب الله هناك الآن معظم جهده. أما "إسرائيل" فقلقة من امكانية أن تتحول حدود هضبة الجولان الى قاعدة عمليات لمنظمات القاعدة السنية المتطرفة، التي تعمل على إسقاط نظام الاسد، وعلى مواجهتها ايضا. لكن أخذ ينشأ في جنوب لبنان رويدا رويدا واقع بدأ يُذكر بصورة ضئيلة بالفوضى في الجانب السوري من الحدود في هضبة الجولان"، على حد تعبير الصحيفة.
واردفت هآرتس "تنبع الصعوبة الاسرائيلية من أن الحوادث المعدودة الى الآن، هي عمليات لا يوجد لها عنوان. ففي آب الاخير أطلقت منظمة اسلامية سنية، ترتبط بمعارضي الاسد في سوريا، صواريخ كاتيوشا من لبنان على الجليل الغربي. وردت اسرائيل بعد حيرة بقصف مقر للقيادة العامة الفلسطينية في الناعمة جنوب بيروت بزعم أن أصداء الهجوم سُمعت جيدا في بيروت وحذرت الحكومة هناك وحزب الله ايضا. لكن لم يقف حزب الله ولا الجيش اللبناني آنذاك وراء الهجوم بل وقف وراءه الجانب المعادي لهما"، بحسب الصحيفة.
وخلصت "هآرتس" الى أنه "من الممكن في هذه المرة اذا استقر الرأي في تل ابيب حقا على عدم الرد أن يكون القرار متصلا بعدم الوضوح الذي نشأ، وقد يتكرر هذا الوضع في السنة القريبة على حدود سوريا ولبنان بل وحتى مصر بأن تشن هجمات من قبل أفراد أو منظمات غير موالين بالضرورة للسلطة وليس لهم عنوان دقيق، تستطيع أن تصفي تل ابيب الحساب معه".
وفي العودة الى تفاصيل الحادثة كما تكشف "هآرتس "فقد "أُطلق النار على الرقيب اول شلومي كوهين حينما كان في طريقه الى موقع للجيش الاسرائيلي على بعد نحو من 50 مترا عن باب الدخول الشرقي. وقد اتجه الى الموقع بمهمة ادارية خرج فيها وحده، كي يأتي بقطع غيار لجهاز الاتصال في الموقع. ويخدم في الموقع الموجود على الجبل فوق موقع السياحة في رأس الناقورة، جنود من سلاح المشاة من الكتيبة الدرزية وقوة من سلاح البحرية تستعمل الرادار في ذلك المكان".
وبحسب الصحيفة، يوجد طريقان للوصول الى الموقع "الاولى من الشرق عن طريق شارع يفترض أن يُستعمل لسفر عملياتي فقط، وهو ينضم في الـ 100 متر الاخيرة منه الى الشارع بالقرب من جدار الحدود. ويفترض أن يتم السفر في هذا الشارع الذي يوجد جزء منه في السلسلة الجبلية وهو مُعرض لاصابة نيران من الجانب اللبناني من الحدود تحت تعليمات حراسة متشددة تحظر سير سيارات مفردة غير مدرعة. وسافر الرائد كوهين في سيارة ستروين عسكرية غير مدرعة، ولم يكن مسلحا، ولم يكن معه خوذة وسترة واقية".
وأضافت الصحيفة "بيّن البحث الأولي أنه لم يسافر في الشارع في الثاني الذي يصل الى الموقع من الغرب ويوجد تحت خط السلسلة الجبلية على نحو لا يُعرضه لاطلاق النار من الحدود، وهذه في ظاهر الامر طريق الدخول التي كان يفترض أن تُستخدم لأسفار غير عملياتية لأنها أكثر حماية. لكنها توجب سيرا على القدمين في نهايتها ويبدو في حالات كثيرة أن الجنود في الموقع اعتادوا استعمال الطريق الشرقية التي هي أقصر برغم ما تنطوي عليه من المخاطرة".
وتابعت الصحيفة "سيحاولون في التحقيق الجاري في فرقة الجليل وقيادة المنطقة الشمالية أن يتبينوا إن كان كوهين قد تجاوز التعليمات عن علم، لكن السؤال المثار هنا أوسع وهو: هل حرصت القوات في الموقع على التعليمات وعملت لمنع اصابة مركبات غير مُعدة للرد على اطلاق نار عليها (بنصب حاجز مثلا في المكان الذي يفترق فيه الشارع). وهذه مشكلة متكررة في مناطق حدودية، ففي الوقت الذي تُعد فيه قوات العمليات لأن تستطيع حماية نفسها والرد، قد تُحدث فترة الهدوء الطويلة على الحدود نوع من الروتين، الامر الذي ينتهي الى عدم الحرص على التعليمات وتعريض الجنود الى الخطر. وثمة مشكلة اخرى وهي أن جنودا ليسوا جزءا من قوات العمليات في المنطقة قد يأتون احيانا الى الجدار ويتعرضون للخطر دون أن يعلم القادة في الميدان شيئا عن ذلك".