"تل ابيب" تلتزم "صمتاً أعرج" حيال تكرار اعتدائها على جمرايا
تجنب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو التطرق الى الاعتداءات التي شنتها الطائرات الصهيونية على سوريا، كما ذكرت القناة العبرية الثانية، والتي أشارت الى انه اكتفى قبل توجهه الى بكين في زيارة رسمية تستمر أياماً، بالقول إن "والدي علمني ان أكبر مسؤولية ملقاة على عاتقنا، هي ضمان امن اسرائيل ومستقبلها".
مع ذلك، واصلت "تل ابيب" التزام "صمت أعرج"، ولم تصدر أي تعليقات أو مواقف عن مسؤولين صهاينة، تقر بالاعتداءات، رغم كثرة التصاريح والمواقف المنقولة عن مصادر "اسرائيلية"، في وكالات الانباء على اختلافها. في نفس الوقت، صدر عن الصف السياسي الثاني، جملة من المواقف، التي أدلت بتقديراتها حيال الاعتداءات، وتوقعاتها للآتي، مع الإشادة بالأخبار الواردة في وكالات الأنباء الدولية.
وكان خبر الهجمات الصهيونية على أهداف في دمشق، قد احتل عناوين الصحف الاسرائيلية الرئيسية، وصفحاتها الأولى، مع تحليلات وتعليقات، جارت الرواية الرسمية بعدم التبني المباشر، مع تركيز المعلقين على الاشادة بصانع القرار في "تل ابيب"، ومحاولة تحليل الاسباب الدافعة الى الغارة، وتحليل تداعياتها، على الرغم من ان الجامع المشترك بين التعليقات، كما التصريحات على قلتها، بأن المسألة لن تصل الى حدود التدهور الأمني والمواجهة الشاملة، بل بما يشمل ايضا، إمكانات الرد من سوريا، التي توقع أكثر من مراسل ومعلق اسرائيلي، بأن ارجحيتها محدودة جداً.
بن اليعيز: لا يمكن الجلوس مكتوفي الايدي
وقال وزير الحرب الاسرائيلي السابق، عضو حزب "العمل" في الكنيست، بنيامين بن اليعزر، إنه كان قد حذر في السابق من انتقال السلاح الى حزب الله، وأضاف في حديث لموقع "واللا" الاخباري العبري على الانترنت، انه "على افتراض ان اسرائيل هي الجهة التي قامت بالهجوم في سوريا، فهذا يدل على أنني كنت على صواب حينما قدرت بأن سلاحاً تقليدياً او غير تقليدي، ينزلق بالفعل الى أيدي حزب الله في لبنان"، وقال :"الأمر يتعلق بسلاح مخل بالتوازن، إنها صواريخ بعيدة المدى، ذات وزن ثقيل جداً، من ناحية المواد المتفجرة، لذلك اذا كان هذا الأمر قد قامت به اسرائيل فحسنت فعلت، وقد قامت به في الموعد الصحيح، وضمن الاعتبار الصحيح، وافترض ان (الرئيس السوري بشار) الأسد منهمك اليوم في مشاكله، لكن ما دام السلاح يأتي من طهران ويجد طريقه الى حزب الله، فهذا ما لا يمكن لاسرائيل ان تسمح به، ويجب عليها الرد وعدم الجلوس مكتوفة الأيدي".
حسون: لا تصعيد امني في المنطقة
من جهته، قال عضو لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الاسرائيلي، عضو "الكنيست" عن حزب كاديما، عضو لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، يسرائيل حسون، رداً على سؤال وجهه اليه مراسل موقع "واللا" الاخباري، عن امكان ان تؤدي المسألة (الضربة في سوريا)، الى رد من سوريا وحزب الله، أجاب: "إنهم يعلمون ان ليس في مصلحتهم الرد، لأن الأسد مشغول في سوريا وقد يقرب ذلك نهايته، بينما حزب الله سيتحاشى ذلك كي لا يورط لبنان، وبالتالي يدخل نفسه في معضلة سياسية داخلية". وبحسب حسون، فإن الصواريخ التي جرى استهدافها، هي صواريخ فاتح 110، القادرة على إصابة أهداف في اسرائيل بصورة "سوبر دقيقة"، مشدداً على أن "ما حصل لن يؤدي الى تصعيد في المنطقة".
"هآرتس": لاسرائيل و"الثوار في سوريا" مصالح مشتركة
بدوره، كتب "تسفي برئيل" في صحيفة "هآرتس"، مشدداً على المصالح المشتركة بين "الثوار في سوريا"، وبين "اسرائيل"، مشيراً الى أن الولايات المتحدة تتطلع بالفعل الى بناء علاقات بين "اسرائيل" وبين قيادة المعارضة، لتقرر ترتيبات دفاعية على الحدود بين الدولتين، سواء في المدى القصير، على شاكلة منع اطلاق النار بالصدفة نحو "الاراضي الاسرائيلية"، أم في المدى البعيد، حيث ستتقرر ترتيبات أمن بين النظام الجديد وبين "اسرائيل".
وشدد الكاتب على أن "لاسرائيل" ولقيادة المعارضة السورية الى جانب الولايات المتحدة، مصلحة مشتركة في منع تسليح حزب الله.حسب تعبيره. واضاف برئيل، انه في ضوء الهجوم الاسرائيلي في دمشق ورفض الدول الغربية التدخل في المعركة السورية، يطرح السؤال اذا كانت "اسرائيل" يمكنها، أو ستكون مطالبة بتوسيع نشاطها الجوي في سوريا، سواء تحت غطاء منع انتقال السلاح الى حزب الله أو الى منظمات أخرى، أم كمظلة جوية تحمي قوات الثوار. مثل هذا الحل كفيل بأن يكون مريحاً سواء للولايات المتحدة أم للدول العربية وتركيا غير المستعدة للتدخل عسكرياً دون اجماع دولي واسع. كما أن "اسرائيل" كفيلة هكذا بأن تجعل النظام السوري والمعارضة على حد سواء "يعتادان" على أنها ترى في سوريا منطقة عمل شرعية مثلما تفعل هذا في لبنان.
اسرائيل تسير على خط دقيق جدا.. وتجازف
اما معلق الشؤون العسكرية في "هآرتس"، عاموس هرئيل، فشدد على ان اسرائيل تسير على خط دقيق جداً، فيما يتعلق بمقاربتها للشأن السوري، مشيراً الى أنه كلما مر الوقت بعد الأنباء المنشورة عن الهجوم الأخير في سوريا في فجر يوم الجمعة، بدا أنه قلّ خطر أن يفضي التوتر الحالي الى صدام مباشر بين دمشق وحزب الله من جهة و"اسرائيل" من جهة اخرى.. وأضاف هرئيل، يبدو الى الآن أن رئيس سوريا بشار الأسد ومثله حلفاؤه في ايران ولبنان، غارقون غرقاً عميقاً جداً في مستنقع الحرب الأهلية السورية يمنعهم من فتح جبهة جديدة مع "اسرائيل". ومع ذلك فإن هذا التشخيص لا ينفي تماماً الى الآن احتمال انتقام سوري مُركز، من اطلاق نار على الحدود الى محاولة عملية تفجيرية في الخارج كالعملية الانتحارية في بلغاريا من تموز في العام الماضي حينما وقع رد حزب الله وايران على ما وصفاه بأنه سلسلة عمليات اسرائيلية لاغتيال علماء الذرة الايرانيين. وقال هرئيل، إن "اسرائيل تسير هنا بصورة بهلوانية على حبل دقيق جداً: فهي تحاول الاصرار على الخطوط الحمراء التي رسمتها - وهي الاعتراض على نقل سلاح كيميائي ومنظومات سلاح متقدمة الى حزب الله - من غير أن تجعل المعركة السورية الداخلية مواجهة عسكرية بينها وبين نظام الاسد. ويبدو الى الآن ان الحذر النسبي نافع، لكن ماذا عن يوم الغد؟".
فيشمان : معادلة جديدة
وفي نفس السياق، كتب معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت احرونوت"، أليكس فيشمان، يشير الى أنه "في حال كانت الانباء الواردة من الولايات المتحدة عن هجوم اسرائيلي في سوريا صحيحة، فإن الردع لم يعد عنصراً في هذه اللعبة. فقد بدأ اعتراض قوافل السلاح من سوريا الى حزب الله يبدو مثل عملية الاغتيالات المركزة في غزة بوجود استخبارات في الوقت المناسب، وإغلاق دائرة النار والتدمير الى أن تكون القافلة التالية وهكذا دواليك".
المعارضة السورية ستكون مسرورة
من جانبه، آفي يسخاروف في موقع "واللا" الاخباري العبري على الانترنت، طالب "اسرائيل" بأن تكون قلقة من الآتي، مشيراً الى أن وجود تغيير في التكتيك السوري حيال مقاربة دمشق هذه المرة، للضربة الجديدة، وقال :"إذا ما كان التجاهل السوري لعملياتٍ إسرائيلية لغاية الآن قد منحها هامش مناورة مكّنها من كبح هجماتٍ ضمن حدودها، فإن هذا الهامش آخذٌ في التقلّص في ظل ضغط وسائل الإعلام العربية على دمشق للرد. منذ ساعات الصباح المبكرة أمكن سماع الاستهزاء الواضح وشبه الشامت في أصوات عناصر المعارضة السورية في قنوات التلفزة المختلفة لدى إفادتهم عن أحداث الليلة. وسيحاول معارضو بشار الأسد في الساعات المقبلة توصيف الرئيس السوري وجيشه كميليشيا مذعورة هاربة من المواجهة مع إسرائيل، ربما في محاولة لجر الرئيس السوري مع كل هذا إلى رد وتوريطه في حربٍ مع إسرائيل". وأضاف يسخاروف أنه ليس هناك تعاون عسكري بين معارضي الأسد و"إسرائيل"، لكن أحداً في المعارضة السورية لن يذرف دمعة إذا ما واصل سلاح الجو الإسرائيلي العمل ضد أهدافٍ للجيش السوري. كما لا يمكن تجاهل كلام رئيس الأركان بني غانتس، الذي أكّد عشية عيد الاستقلال وجود صلة بين "إسرائيل" وبين جهات في المعارضة السورية.