"تل أبيب" ترفض صيغة كيري لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين
كشفت زيارة جون كيري الى فلسطين المحتلة خلافا أساسيا بين تل أبيب والولايات المتحدة في كل ما يتعلق بخطة وزير الخارجية الامريكي لاستئناف المفاوضات بين تل أبيب والفلسطينيين. وأشار موظف اسرائيلي كبير، مطلع على المحادثات التي أجراها كيري في القدس الى ان اسرائيل تعارض اقتراح كيري استئناف المفاوضات على أساس البحث في مسائل الحدود والأمن فقط.
وبحسب صحيفة هآرتس الصادرة اليوم بدأ كيري معالجة الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني بحماسة شديدة وهو يمارس ضغطا شديدا على الطرفين لتنفيذ خطوات لبناء الثقة والموافقة على صيغة لاستئناف المفاوضات. ومع ذلك، بعد زيارة كيري الثانية الى المنطقة هذا الاسبوع يبدو ان وزير الخارجية الامريكي لم يُقدر بشكل سليم عمق الجمود في المسيرة السلمية والمواقف المتصلبة للطرفين. وهذا ما قصده كيري حين قال مع مغادرته المنطقة إن له وللطرفين الكثير من الفروض البيتية للقيام بها.
وأعرب الموظف الاسرائيلي الكبير، الذي رفض الكشف عن اسمه بسبب حساسية الموضوع، عن شك كبير في خطوات كيري بل وتطرق بتهكم ممزوج بالاستخفاف الى نهج وزير الخارجية الامريكي. وقال المسؤول الاسرائيلي ان "كيري يؤمن بأنه هو الذي يمكنه ان يجلب الحل، التسوية والخلاص. وهو يعتقد ان النزاع هو أولا وقبل كل شيء على الارض... وهذا ليس صحيحا".
ورأت هآرتس أن الخلافات في وجهات النطر بين تل أبيب والفلسطينيين حول شروط استئناف المفاوضات – الالتزام بخطوط 1967 وتجميد البناء في المستوطنات – لا تزال كبيرة والفجوات بين الطرفين في المسائل الجوهرية كالحدود، واللاجئين، والمستوطنات والأمن هائلة. ومع ذلك، يلوح في هذه المرحلة بأن الخلاف الأهم حقا هو بين الولايات المتحدة وتل أبيب والاحساس هو انه رغم زيارة الرئيس اوباما الناجحة، فان الحوار بين تل أبيب والولايات المتحدة في الموضوع الفلسطيني يعود الى الوراء الى خلافات الرأي التي نشبت في 2009.
لقاء كيري ونتنياهو
وكان كيري أوضح في اثناء محادثاته في فلسطين المحتلة وفي السلطة الفلسطينية بأنه اذا ما استؤنفت المفاوضات بين الطرفين، فانه يتعين عليها ان تعنى في المرحلة الاولى في البحث في احتياجات تل أبيب الامنية، بالتوازي مع البحث في حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية، كما طلب كيري من تل أبيب تنفيذ سلسلة من خطوات بناء الثقة تجاه الفلسطينيين كتحرير أسرى، نقل سلاح لاجهزة الامن الفلسطينية وغيرها، وذلك من اجل خلق أجواء مناسبة لاستئناف المحادثات.
وأشار الموظف الكبير الى انه في المحادثات مع كيري يوم الاثنين ويوم الثلاثاء من هذا الاسبوع أعربت تل أبيب عن معارضتها لهذه الصيغة. وقال الموظف الكبير انه "يوجد خلاف على اطار المسيرة وعلى كيفية ادارتها. تل أبيب تعارض الاتصالات على الحدود والامن أولا وقلنا هذا لكيري. في هذا الشأن يوجد اتفاق بين كل الوزراء الذين يعملون في الموضوع الفلسطيني، بمن فيهم تسيبي لفني".
هذا وتطلب تل أبيب من جهتها بانه اذا استؤنفت المفاوضات أن تعنى بالتوازي في كل المسائل الجوهرية للتسوية الدائمة ولا سيما الاعتراف ب"اسرائيل" كدولة يهودية وحل مشكلة اللاجئين. وقال الموظف الكبير انه "اذا جرى النقاش قبل كل شيء على الحدود والامن، فان تل أبيب ستعطي فقط ولكنها بالكاد ستحصل على شيء بالمقابل. عندما سنأتي الى البحث في المواضيع التي يتعين فيها على الفلسطينيين ان يتنازلوا مثل حق العودة، فلن تبقى لدينا أوراق للمساومة".
كما أن تل أبيب بحسب هذا الموظف تعارض تنفيذ بادرات هامة تجاه الفلسطينيين قبل استئناف الاتصالات، كتحرير أسرى، نقل سلاح لاجهزة الامن في السلطة الفلسطينية أو حتى حث مشاريع اقتصادية تتطلب نقل اراضٍ، وان كانت الاشد صغرا، الى سيطرة فلسطينية مدنية أو أمنية.
ومع أن وزير الخارجية كيري أعلن بانه حصل من نتنياهو على موافقة على حث مشاريع اقتصادية، ولكن يتبين أن قائمة المشاريع غير مغلقة على الاطلاق. وهكذا مثلا فان تل أبيب تعارض حث مشروع سياحي فلسطيني في الشاطيء الشمالي من البحر الميت يوجد في المنطقة سي التي ضمن السيطرة الاسرائيلية الكاملة، لان له في نظرها معانٍ اقليمية.
"نحن مستعدون للقيام بخطوات لبناء الثقة لا تمس بمصالحنا"، قال الموظف الكبير. "اذا كان الحديث يدور عن اقامة منشآت لتطهير مياه الصرف الصحي، مدارس أو طرق في المنطقة سي فليست هناك مشكلة. ولكن اذا كان الحديث يدور على نقل اراض عبر مشاريع اقتصادية، فنحن لسنا مستعدين لذلك. اذا استؤنفت المفاوضات فسنكون مستعدين لتنفيذ الكثير من البادرات والخطوات، ولكن هذا سيكون جزءا من مسيرة انطلقت على الدرب".