رأت صحيفة يديعوت أحرونوت أن "ما يميز السنة الثالثة للحرب في سوريا هو ان الحرب المحلية قد أصبحت حربا دولية من اجل التأثير والتفتيت، ويحارب بادي الرأي النظام المتمردين عليه على اختلاف مجموعاتهم. لكنه في واقع الامر يتحارب هناك قوى من القوى العظمى العالمية والإقليمية على ما بقي من ارض سوريا وتريد جميعها ان تؤثر في اليوم التالي".
وذكرت الصحيفة أنه "من جهة تقاتل روسيا وايران والعراق، ومن الجهة الثانية دول مثل الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر وبريطانيا وفرنسا وغيرها. ولما لم تكن أية جهة دولية مستعدة لتعريض جنودها للخطر فان هذه الدول تحارب بواسطة "سورييها" وكل طرف وسوريوه. وطريقة التأثير الرئيسة هي نقل السلاح"، وبحسب يديعوت احرونوت "تدخل هذه الجهات الدولية كميات ضخمة من السلاح والذخيرة والمواد المتفجرة الى سوريا، آلاف الأطنان من وسائل القتال، كي ينتصر "سوريوها" وتحفظ بذلك مصالحها".
وأشارت الصحيفة إلى أن "السوريين يقتلون السوريين من أجل مصالح دولية لأن التأثير في سوريا في اليوم التالي يُغري كثيرين"، ورأت أن "إيران أنشأت الآن عصابة مسلحة شيعية جديدة في سوريا في حين يشتغل الامريكيون والاتراك بتسليح العصابات المسلحة السنية. وما لا يقدمه الامريكيون تقدمه السعودية وقطر مثل صواريخ مضادة للطائرات"، على حد تعبير الصحيفة.
وتابعت يديعوت احرونوت أن "السوريين يقاتلون عن حياتهم، لكنهم في واقع الأمر هم دُمى أسرى للمصالح الاجنبية". واعتبرت أن "من يدرك ان الحرب هناك قد أصبحت دولية يمكنه ان يستنتج من ذلك أنه يتوقع ان تستمر سنين طويلة ، دونما أية صلة بالرئيس السوري بشار الاسد، فحتى لو نُحي النظام الحالي ولم نبلغ هذه المرحلة بعد، فان العلويين والشيعة والاكراد والسنة وغيرهم لن يمضوا الى أي مكان. وهذا ما يجعل عدد القتلى في سوريا يزداد من شهر الى آخر، وقد وصل الى عشرات آلاف القتلى".
ولفتت يديعوت احرونوت إلى أنه "كلما زادت شهوة القوى العظمى لافتراس قطع من سوريا، أرسلت إلى هناك قدراً أكبر من السلاح. وهذه لعبة سخيفة تُذكرنا بأن الضعيف في الشرق الاوسط يصبح فريسة للجميع والضعف يشجع الضعف. بل انه قد تزداد بعد سقوط النظام في سوريا حدة الحرب بين المصالح الاجنبية لأن الشهوة الدولية ستزداد فقط"، ونبهت إلى أنه "ازاء الحديث عن التدخل الاجنبي يبرز موقف اسرائيل كما صاغه وزير الحرب موشيه يعلون وهو ان اسرائيل لن تتدخل في سوريا إلا اذا هاجموها. وليس لاسرائيل عصابات مسلحة سورية وهي لا تسلح هناك أحدا ولا تنوي التدخل في الألعاب الداخلية والدولية".
وتحدثت الصحيفة عن أن "مقدار عدم التدخل هذا يوجب علينا أن نكف عن أية صلة بسوريا حتى لو كانت الأكثر هامشية ومن ذلك القرار الغريب المتعلق بإدخال جرحى للعلاج الطبي وهو شيء يُترجم في سوريا على أنه تأييد للمتمردين."، ودعت إلى ضرورة أن "يبقى المستشفى الميداني الذي ينوون اقامته مطويا وينبغي اقامة الجدار مع سوريا بلا أبواب كما تم في الحدود الجنوبية"، وختمت الصحيفة بالقول إن "هذه أول مرة في تاريخنا تخرج فيها الحقيقة خارجاً وهي ان الصراعات الحقيقية في الشرق الاوسط عامة لا تتصل باسرائيل بل بالعكس وهو أننا كنا الى ما قبل السنتين الاخيرتين ذريعة لإخفاء الصراعات الحقيقية. ويجب الحفاظ على هذا الكنز وعلى هذه الحقيقة أتم الحفاظ. فهذا الامر لا يتصل بسوريا البتة وإنما يتصل بوضعنا في الشرق الاوسط الحقيقي".