المصدر: محرر الشؤون العبرية
أعلنت اللجنة الانتخابية المركزية في "اسرائيل" فوز كتلتا اليمين ويسار الوسط بعدد متساو من المقاعد في الكنيست الصهيوني بعد فرز 99,5% من الاصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت أمس الثلاثاء. وحصلت كل من كتلة اليمين بقيادة لائحة "الليكود - اسرائيل بيتنا" برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وتكتل يسار الوسط على ستين مقعداً في "الكنيست"، بحسب الارقام التي نشرتها اللجنة الانتخابية المركزية على موقعها الالكتروني.
وكانت قد نشرت مساء الثلاثاء بالتزامن مع إغلاق صناديق الاقتراع في الانتخابات "الاسرائيلية" عند العاشرة مساءً نتائج اولية، أظهرت ان أسوأ السيناريوهات التي كانت تظهرها نتائج استطلاعات الرأي، قد تحققت بالفعل، وبينت النتائج ان ائتلاف حزب "الليكود" و"اسرائيل بيتنا"، حصل على 31 مقعداً في "الكنيست" المقبل، بينما كانت المفاجأة هي في حزب "هناك مستقبل"، برئاسة الاعلامي يائير لابيد، الذي حصل على 19 مقعداً، متقدماً حزب العمل، الذي حصل على 17 مقعداً، أما حزب الحركة، برئاسة تسيبي ليفني، فلم يحصل الا على سبعة مقاعد. فيما حصد حزب "البيت اليهودي"، اليميني المتطرف، من حزب "الليكود" قطاع واسع من ناخبيه، وحصل على 12 مقعداً، بعد ان كانت استطلاعات الرأي تعطية 14 مقعداً.
كما اظهرت العينات الاولية التي نشرتها القنوات التلفزيونية الاسرائيلية، والتي تعد عينات رديفة للتصويت، وعادة ما تكون صحيحة ومتوافقة مع النتائج النهائية، ان نتائج الانتخابات، ستعطي اليمين أغلبية بسيطة جداً، تزيد عن نصف مقاعد الكنيست، بعدد قليل من المقاعد، الأمر الذي يعني ان مهمة نتنياهو، ستكون شاقة، وشاقة جداً، سواء لجهة تشكيل الحكومة، او لجهة اصدار القرارات فيها.
ارتفاع نسبة التصويت في المناطق المحسوبة على أحزاب الوسط واليسار وانخفاضها في مناطق "الليكود"
وكانت وسائل الاعلام "الاسرائيلية" المختلفة، ذكرت في وقت سابق أن نسبة التصويت في الانتخابات الاسرائيلية فاقت التوقعات، وسجلت نسبة هي الأكبر منذ جولة انتخابات "الكنيست"، التي جرت عام 1999. وبحسب لجنة الانتخابات المركزية، فقد وصلت نسبة التصويت حتى السادسة من مساء الثلاثاء، الى ما يقرب من 60 بالمئة، وعند الثامنة مساء بلغت 64 بالمئة.
ونسبة التصويت المرتفعة هذه، لا تصب في مصلحة رئيس الحكومة "الاسرائيلية" المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، خاصة أن نسب التصويت المرتفعة سجلت تحديداً في المناطق التي تصوت لأحزاب الوسط واليسار، الأمر الذي دفع زعيمة حزب "العمل"، شيلي يحموفيتش، الى التصريح بإمكان هزيمة نتنياهو، وتلقي أحزاب الوسط واليسار، عدد أكبر من المقاعد في "الكنيست" المقبل، عمّا كان متوقعاً سابقاً، بموجب نتائج استطلاعات الرأي.
مجريات العملية الانتخابية الاسرائيلية
من جهته، كان موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" على الانترنت، نقل عن مصادر في طواقم الانتخابات في حزب "العمل"، تأكيدهم على أن نسبة التصويت مرتفعة بالفعل، وهي تصب في مصلحة الحزب، وبحسب هذه المصادر، فان الناشطين في الحزب، تواصلوا بالفعل مع المئات من الناخبين، ودفعوهم الى التصويت لصالحهم"، وأكدت المصادر نفسها، بأنه "في حال استمر الاقبال على حاله، فيمكن القول انه بالامكان تشكيل كتلة مانعة في الكنيست المقبل، يمكنها عرقلة نتنياهو، وإحداث تغيير في الحكومة المقبلة".
وفي محاولة منه أمس لدفع اليمين الى التصويت، وتحديداً مؤيدي الليكود، خالف بنيامين نتنياهو كل التقارير الاعلامية، مشيراً الى أن نسبة التصويت ما زالت متدنية، وطالب المناطق التي يحظى فيها حزب "الليكود" بالتأييد، بالتوجه الى مراكز الاقتراع سريعاً، معللاً ذلك، بأن نسبة اقبال الناخبين هي أقل من المعدل الاعتيادي، وقال:"يجب على مؤيدي الليكود ترك كل شي، والذهاب الى التصويت".
وقال الوزير الليكودي، جدعون ساعر، إن الانباء مقلقة بالفعل، ذلك ان المناطق التي تؤيد "الليكود"، تسجل نسبة تصويت منخفضة، مشيراً الى أن نشاطاً خاصاً سيجري سريعاً، وتحديداً في منطقة بئر السبع والمستوطنات الجنوبية، لحث مؤيدي "الليكود" على التصويت..
وعلى النقيض من ذلك، رحبت رئيس حزب "ميرتس"، الصهيوني اليساري، زهافا غلؤون، بتقارير المراسلين، وأكدت ما ورد فيها، مشيرة في حديث لموقع صحيفة "يديعوت احرونوت" على الانترنت، أن التقارير تشير إلى "نشاط إيجابي وهي مشجعة"، وقالت :"إن ناشطي الحزب أكدوا لها بأن عشرات مراكز الاقتراع، شهدت على نفاذ بطاقات حزب ميرتس، وهو ما يؤكد على نسبة التصويت المرتفعة، تصب في خانة أحزاب اليسار والوسط، على عكس توقعات استطلاعات الرأي السابقة".
وكانت الانتخابات الاسرائيلية للكنيست الصهيوني التاسع عشر، قد انطلقت عند الساعة السابعة من صباح الثلاثاء، حيث توجه خمسة ملايين ونصف من الناخبين الصهاينة الذين يحق لهم الانتخاب الى صناديق الاقتراع لاختيار 120 عضواً جديداً في الكنيست المقبل، توزعوا على ما يزيد عن عشرة آلاف صندوق اقتراع، بناء على قوائم حزبية وكتل، في انتخابات نسبية.
من جهتها، نقلت صحيفة "اسرائيل اليوم"، عن مصادر في الرئاسة "الاسرائيلية"، تأكيدها "أن المشاورات ستبدأ فور الاعلان النهائي عن النتائج، من قبل لجنة الانتخابات المركزية، والتي ستنشر بعد ثمانية أيام من اليوم"، مشيرة الى أن "الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز، قد يدعو رغم ذلك، رؤساء الكتل ابتداء من يوم الاربعاء المقبل، للتشاور حول هوية الشخص الذي سيوكل اليه تشكيل الحكومة الاسرائيلية المقبلة".
وكانت استطلاعات الرأي المنشورة اخيراً في "اسرائيل"، توقعت أن يحصل تكتل حزبي "الليكود" و"اسرائيل بيتنا"، بزعامة نتنياهو، على أعلى نسبة من الاصوات، وبالتالي أكبر عدد من المقاعد في "الكنيست"، الأمر الذي يعني إمكان تكليفه من قبل الرئيس بيريز، بتشكيل الحكومة. رغم أن استطلاعات الرأي نفسها، تشير الى أن عدد المقاعد التي سيحصل عليها تحالف نتنياهو ليبرمان، أقل بكثير مما كان يأمل أصلاً.
وذكر موقع صحيفة "معاريف" على الانترنت، ان نتنياهو، وبعد الادلاء بصوته مع زوجته وابنيه، حثّ الاسرائيليين على التوجه الى صناديق الاقتراع، وقال:"نريد نجاح اسرائيل، اننا نصوت لصالح ليكود-اسرائيل بيتنا..وكلما كان ذلك أكبر، كلما نجحت اسرائيل"، في إشارة منه الى الخشية والقلق من تدني نسبة التصويت، وبالتالي فقدانه عدد أكثر من المقاعد، لصالح الأحزاب اليمينية المتشددة الأخرى، كـ"البيت اليهودي"، الذي يقدر ان يحصل على 14 مقعداً.
بحسب التوقعات الاسرائيلية، سيعمد نتنياهو فور تكليفه بتشكيل الحكومة، الى إجراء مشاورات مع الكتل والاحزاب الفائزة في الانتخابات، لكن الترجيح أن يعمد للتحالف مع الاحزاب الدينية المحافظة، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يتصل بالمليونير "نفتالي بينيت"، زعيم حزب "البيت اليهودي" المنتمي إلى أقصى اليمين، ولم يتضح ما اذا كان سيضمه الى الائتلاف أم لا، لأن من شأن ذلك ان يقيد من حركة المناورة لديه، حيال الموضوع الفلسطيني، وإن كان بشكل شكلي لا أكثر.
المعركة على نسبة المشاركة العربية في الانتخابات الاسرائيلية
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصادرة الثلاثاء أن الاستعدادات ليوم الانتخابات في الاحزاب العربية الثلاثة، كانت مشابهة لاستعدادات الاحزاب الاسرائيلية، بهدف رفع نسبة التصويت على أمل تشكيل كتلة مانعة في الكنيست تمنع من إقامة حكومة يمينية.
وبحسب الصحيفة فإن "الكتلة العربية للتغيير"، ستعقد اجتماعات أركانية مع النشطاء في الجليل والمثلث والنقب، وسيكون المكتب الانتخابي للكتلة على اتصال مباشر مع مسؤولي المناطق بكافة أرجاء البلاد، كما سيقوم بجولات انتخابية في مختلف الأماكن.
وفي موازاة ذلك، سيقوم المكتب بحملة إعلامية مكثفة حتى اللحظة الاخيرة من العملية الانتخابية، وسيبذل كل الجهود للوصول الى المناصرين والخروج الى صناديق الاقتراع.
وأضافت الصحيفة:"في الجبهة العربية للسلام والمساواة (حداش) أيضاً سيعمل النشطاء والمرشحون من أجل اخراج أكبر عدد ممكن من المصوتين الى صناديق الاقتراع. كما أنه سيقف أكثر من ألفي ناشط خارج صناديق الاقتراع لاقناع الناخبين بأهمية التصويت للحركة الاشتراكية التي ترتكز على الشراكة بين اليهود والعرب. وسيخرج النشطاء والمتطوعون في الجبهة من الوسط العربي الى مراكز الجبهة في المناطق الاخرى في تل أبيب والناصرة وأم الفحم وغيرها من المناطق، كما سيتصلون بالمصوتين لحثهم على المشاركة في الانتخابات".
يشار الى أن الجبهة تبذل في الاسابيع الاخيرة جهوداً كبيرة من أجل رفع نسبة التصويت وسط ناخبي اليسار اليهودي والعرب، آملين ان يزيدوا من خلال هذه الجهود من حجم التمثيل للجبهة في الكنيست الجديد، بهدف تشكيل كتلة مانعة أمام تشكيل حكومة من اليمين.
وتتابع الصحيفة الاسرائيلية:"الصورة مشابهة ايضاً في حزب أبناء البلد، حيث تم تجنيد أعضاء الكتلة ونشطاء الحزب وأنصارهم من أجل تشجيع جمهور الناخبين والمصوتين للخروج الى صناديق الاقتراع". مشيرة الى أنهم "سيقومون بزيارات لفروع الحزب واجراء لقاءات مع مسؤولي المناطق في حزب بلد وسط العرب. وسيتصلون أيضا بالمؤيدين من أجل حثهم على المشاركة في الانتخابات".
معركة نتنياهو الصعبة تبدأ مع تشكيل الحكومة
"يديعوت احرونوت" أجرت في مقال آخر تحليلاً لنتائج الانتخابات "الاسرائيلية"، خلصت من خلاله الى أن رئيس الحكومة "الاسرائيلية" الحالي، بنيامين نتنياهو، وإن كان سوف يحصل على توكيل بتشكيل الحكومة المقبلة، لكنه سيجد صعوبات كبيرة جداً في تسيير أعمالها، واتخاذ قراراتها.
وبحسب تحليل الصحيفة، فقبل إجراء الانتخابات وخلالها، عجز نتنياهو وحزبه عن إثارة الحماسة في الميدان ولم تنفع أية حيلة انتخابية لحث الاسرائيليين على التوجه الى صناديق الاقتراع، وتشير الصحيفة الى ان هذه الصعوبة لا تنبع من اخفاق لا مثيل له للحكومة، أو من حملة انتخابية فاشلة لـ "الليكود"، بل تنبع من التعب الذي يعتري الاسرائيليين انفسهم، تجاه قادتهم، الذي يرون دائماً نفس الوجوه، ونفس الكلام، ونفس الحيل السياسية".
ورجحت الصحيفة ان تكون النتيجة النهائية للانتخابات، سبباً في ايجاد وضع شاذ، مشيرة الى انه حسب جميع استطلاعات الرأي، قد تحرز كتلة اليمين، أكثر من 60 مقعداً بقليل في "الكنيست"، من أصل 120 مقعداً، وبالتالي يستطيع نتنياهو تشكيل حكومة يمين ضيقة، لكن إذا كانت استطلاعات الرأي دقيقة، فان كتلة "الليكود" و"اسرائيل بيتنا"، سيكون عدد اعضائها نصف عدد الاعضاء في الائتلاف، مع ذلك، ثمة شك في أن يكون لقائمة رئيس الوزراء الأكثرية حول مائدة الحكومة.
وقالت الصحيفة ان "حزب الليكود الآن جزء فقط من منظومة حزبين. وممثلو اسرائيل بيتنا في الحكومة وفي الكنيست هم اعضاء في حزب مستقل آخر، وهم يخضعون لسلطة افيغدور ليبرمان، لا لسلطة نتنياهو. وهذه العوامل القسرية ستجعل من الصعب على نتنياهو ان يتخذ قرارات مختلفاً فيها. وأول قرار موضوع على المائدة هو تجنيد أبناء المعاهد الدينية وهو يهدد مجرد انشاء الائتلاف. وتنتظر بعده قرارات كثيرة وصعبة، من ايران الى الميزانية، ومن رفع الضرائب الى تقليص المخصصات. وتعرف الائتلافات كيف تتغلب على هذه الصعاب لكن هذا يحتاج الى حنكة سياسية والى ثقة متبادلة والى قدرة على القيادة فوق كل شيء، فاذا لم توجد فستكون حياة الحكومة الجديدة قصيرة العمر".