كتب محرر الشؤون العبرية
اعتبر وزير حرب العدو "إيهود باراك"، أن حزب الله لن يقصف الجبهة الداخلية لـ"إسرائيل" في المواجهة المقبلة، لأنه يدرك بأن "إسرائيل" ستضرب البنية التحتية اللبنانية..". وتزامن ذلك مع تحذيرات أطلقها رئيس كيان العدو شمعون بيريز من أن "إسرائيل سترد بقسوة علي أي صواريخ تستهدفها"، فضلا عن تهديدات ضباط رفيعي المستوى، في الجيش أكدوا فيها أن "إسرائيل ستضرب البنية التحتية اللبنانية بقسوة، وان ذلك بات جزء من تفكير الجيش، معتبرين أن عدم القيام بذلك خلال حرب العام 2006، بهدف عدم الإضرار بحكومة السنيورة، كان خطأ كبيرا لن تكرره إسرائيل".
يلاحظ على مجموع المواقف السابقة، أنها توالت في فترة زمنية قصيرة، وتحديداً خلال الأيام الأخيرة، وهو ما يرجح أن ما دفع هؤلاء لهذا المسلسل من التهديدات، مرتبط بالتطورات الأخيرة في الساحة السورية. وبقدر من التفصيل، أنه بعد فشل الرهانات على إسقاط نظام الأسد الذي كانت ترى فيه "إسرائيل" الطريق الوحيد الذي يسمح لها بتطويق حزب الله، عبر قواتها من الجنوب والغرب (البحر)، والقوى البديلة لنظام الأسد، بحسب ما كان مخططا، من شمال وشرق لبنان، وبالتالي محاولة إضعافه وإشغاله بالدفاع عن نفسه في مواجهة التهديدات الجديدة.. بعد فشل هذا المخطط وجدت "إسرائيل" نفسها كما لو أنها عادت إلى ما قبل آذار/ مارس 2011. وعلى المدى البعيد، تدرك "إسرائيل" تماما أن مكانتها الإستراتيجية ستكون أكثر ترديا بعد الانسحاب الأميركي من العراق، في ظل صمود الرئيس الأسد، وتنامي القدرات الإستراتيجية لحزب الله في لبنان.
في ضوء ذلك، يصبح مفهوماً حرص القيادات الإسرائيلية على إطلاق تهديدات متوالية، بعد استنفاذ الرهانات الدولية والإقليمية والداخلية السورية، بعدما كانت السمة الغالبة على مواقفهم، تحليل واقع حزب الله، بفعل التطورات السورية، والحديث عن حجم الضربة التي سيتلقاها محور المقاومة من طهران إلى حزب الله وصولا إلى المقاومة في فلسطين، بفعل إسقاط الرئيس الأسد..
في السياق نفسه، يبدو أن موقف باراك كان لافتا بالصيغة التي ورد فيها، الأمر الذي يستوجب التوقف عنده، إذ اعتبر أن حزب الله لن يقصف الجبهة الداخلية الإسرائيلية في المواجهة المقبلة، كونه يدرك بأن "إسرائيل" ستضرب البنية التحتية اللبنانية.
يلاحظ على موقف باراك، انه تجاوز فيه حقيقة أن القوة الصاروخية لحزب الله، هي جزء من إستراتيجيته في الردع والدفاع (عبر الرد على الاعتداءات)، وبالتالي فإن العامل الحاسم في دفع حزب الله إلى اتخاذ قرار باستهداف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، أو الامتناع عن ذلك.. مرتبط بشكل وثيق باعتداءات "إسرائيل" وليس العكس، كما أثبتت تجارب السنوات السابقة.
وبالتالي الأمر المؤكد، أن "إسرائيل" تدرك تماما أن أي اعتداء من قبلها سيرد عليه بما يتناسب، في حينه، بما في ذلك قصف الجبهة الداخلية. والحقيقة المسلمة التي بات يدركها القادة الإسرائيليون، أن استهداف العمق الإسرائيلي بكل ما يحتويه من أهداف إستراتيجية.. باتت في صلب العقيدة العسكرية لحزب الله أكثر من أي وقت مضى. وهو ما منع "إسرائيل" حتى الآن من ارتكاب حماقات والقيام بمغامرات عسكرية إقليمية فضلا عن المحلية.
أما لجهة رهان "إسرائيل" على وضع داخلي لبناني يحاول إرباك حزب الله، عبر توجيه الاتهامات إليه بما يحول دون القيام بالردود المطلوبة، فهو من ضروب الوهم والغباء وللتذكير إن الوضع السياسي الداخلي اللبناني الذي كان عليه في العام 2006، لم يتمكن من تقييد حركة حزب الله سواء من موقع المبادرة، اسر جنود إسرائيليين في 12 تموز/ يوليو، أو من موقع الرد، خلال الحرب، فكيف الآن.. ووضع حزب الله في الساحة الداخلية أفضل بما لا يقاس عما كان عليه في تلك الفترة، والامر نفسه بالنسبة للوضع الإقليمي، بعد فشل إسقاط نظام الأسد، وبعد الانسحاب الأميركي من العراق..