المصدر: "هآرتس ـ أمير أورن"
"حل وزير الدفاع السعودي، الأمير سلمان، في الاسبوع الماضي ضيفا على نظيره الامريكي ليون بانيتا وعلى غير المعتاد ايضا عند الرئيس براك اوباما، وكان في برنامج العمل موضوع ايران والغليان الشعبي في البحرين جارة السعودية وقاعدة قيادة الاسطول الخامس، وهو القوة البحرية الامريكية في الخليج الفارسي.
ان رجل المحل الثالث في الأسرة المالكة قد يرتفع في القريب الى رأس الترتيب. فهو أكثر شبابا وأصح جسما ـ وكل شيء نسبي ـ من أخيه غير الشقيق الملك عبد الله ابن التاسعة والثمانين ومن ولي العهد نايف ابن التاسعة والسبعين. ان نسيجا دقيقا من الاستقرار المُشترى بأموال النفط يغطي بئرا تهدد بابتلاع آلاف الأمراء الأثرياء. فان خمسة ملايين ونصفا من سكان يبلغ عددهم نحوا من 27 مليونا ليست لهم جنسية سعودية. و30 في المائة من شباب المملكة عاطلون. ولا يعرف 20 في المائة من السعوديين القراءة والكتابة.
وهذا هو سبب رسالة تثير العناية موجهة الى اسرائيل تُظهرها مقالة لجنرال سعودي في مجلة عسكرية امريكية. ولما كان ضابط رفيع المستوى برتبة عميد من الأسرة المالكة لا يدعي بلا سلطة أنه يعبر عن موقف السلطة المحافظة ولا ينشر عبثا لاستمتاعه آراءً ومُدركات ذات معاني سياسية، فانه يبدو ان هذه مراودة مترددة مشروطة من السعودية لاسرائيل. والشرط هو مسار تسوية بهدي من مبادرة عبد الله. فاذا تقدمت اسرائيل في هذا الاتجاه، كما كتب قبل عشر سنين، فيجب على السعودية ان تعبر عن استعداد لسلام معها وان تؤثر بذلك في بقية العالم العربي.
وفي هذه المرة خطا خطوة اخرى الى الأمام فامتدح الرئيس شمعون بيريز ودعا الى "تشجيع اسرائيليين وفلسطينيين وعرب آخرين على التعارف بواسطة الانترنت أولا وبأحاديث في الرياضة والتصوير وشؤون اخرى"، لأنه "قد يكون هذا هو مستقبل السلام في الشرق الاوسط، وهو ان يستعمل العرب والاسرائيليون وسائل الاتصال الاجتماعي من اجل تعايش سلمي. وتستحق هذه الجهود الدعم باعتبارها جزءً متطورا من السياسة الامنية السعودية".
ان الجنرال ـ الأمير ـ الدكتور هو نايف ابن احمد آل سعود، وهو صاحب ألقاب جامعية متقدمة من جامعة جورج تاون ومن جامعة كامبردج . واختصاصه هو التخطيط الاستراتيجي والعمليات الخاصة والدبلوماسية الدولية والحرب السايبيرية. وحينما درس في جامعة الامن القومي في واشنطن، كان بين رفاقه في دورة ضابط سلاح الجو زئيف شنير وهو اليوم عميد احتياط عُين حينما أنهى دراسته رئيس وحدة تزويد في سلاح الجو ويرأس الآن شعبة الوسائل الخاصة في جهاز الامن.
ان نايف حساس بتأثير مسارات اجتماعية في النظام السعودي. ففي 2002 تنبأ بمقالة في المجلة الفصلية لجامعة الامن القومي بأن "الحذر فرض على السعودية ان تُحدث جيشها وان تشتري سلاحا متقدما، لكن زيادة السكان المتوقعة توجب تخصيص موارد كبيرة للحاجات الداخلية كالسكن والتربية والصحة"، وان حكام السعودية سيفقدون الثقة بهم اذا لم يأخذوا في حسابهم الرأي العام.
وهذا الشهر وفي المجلة الفصلية نفسها يفحص نايف عن الاحتجاج الاجتماعي في اسرائيل من وجهة تشغل سلطات المملكة ـ وهي وسائل الاتصال الاجتماعي باعتبارها منظمة للمظاهرات لكنها تساعد ايضا الشرطة واجهزة الامن على مراقبتها. واستعدت السعودية لصد موجة "الربيع العربي" اذا وصلت سواحلها وهي متحمسة لاستخلاص دروس من احتجاج الصيف الماضي في اسرائيل ومن اضطرابات آب في بريطانيا ايضا. "ان القيادة في المملكة تراقب التطورات في اسرائيل باعتبارها امتحانا لجدوى وسائل الاتصال الاجتماعي في تنظيم احتجاجات غير عنيفة تُحدث تحولا ذا شأن في سياسة امنية أو اقتصادية".
يحاول نايف ان يقنع قُراءه بأن للرقابة الحكومية في السعودية على الانترنت والفيس بوك والتويتر بنية تحتية قضائية تشبه تلك الموجودة في الغرب "وفي أكبر الديمقراطيات، الهند". وهو يُسوغ ايضا المعارضة الاسرائيلية لوصول اجانب محرضين في قوافل بحرية ورحلات جوية.
"ففي نهاية الامر لا يريد زعماء الغرب ان يروا عناصر من الاتصال الاجتماعي ينظمون احتجاجات جماعية تنفجر في الرياض أو في بجين" وتسبب ردا متسلسلا لانهيار اقتصادات في الغرب.
يوجد هنا طرف خيط يرجو الجذب. فلـ"اسرائيل" والسعودية عدو مشترك هو ايران ودعامة امريكية مشتركة ايضا. والتحادث بينهما، وربما يكون في المرحلة الاولى مع عسكريين مثل نايف، سينفعهما معا وينفع تقدم التسوية السياسية في المنطقة".