معسكر الحرب انتصر في صفقة شاليط
المصدر: " هآرتس ـ آفي يسسخروف"
" ساعدت "دولة إسرائيل" على تقوية حماس في الضفة الغربية، بعد سنوات طوال تلاشت فيها بنيتها التحتية تقريباً.
بالأمس، وبعد أكثر من أربع سنوات، رفعت حماس رأسها في الضفة الغربية. هي
فعلت ذلك بمساعدة دولة إسرائيل وإتمام الصفقة التي منحتها عجلة إنقاذ ضمن
مفاهيم عديدة.
المنظَّمة، التي تلاشت بنيتها المدنية والعسكرية تقريباً من الضفة في
السنوات الأخيرة، وتراجع دعمها بشكل كبير، نجحت بالأمس في تسجيل إنجاز هام
هو الأول منذ تشكيل حكومة حماس في كانون الثاني عام 2006. انتهت رحلة
الإخفاقات العسكرية والسياسية عندما بدأت احتفالات تحرير الأسرى، الذين
ينتمون إلى صفوف حماس. ومنذ شهر حزيران 2007 امتنع مناصرو المنظمة تماماً
عن إقامة احتفالات أو تظاهرات، وحتى أنهم احترزوا من رفع العلم الأخضر.
بالنسبة للمشاهد الإسرائيلي الذي "حظي" أمس برؤية مئات المؤيدين لحماس وهم
يرفعون أعلام المنظمة في الضفة بعد أكثر من أربع سنوات، كانت أحداث الأمس
بعيدة عن كونها سبباً للاحتفال، وحتى للابتهاج. كان ذلك يوماً عصيباً، اتضح
فيه أنَّه رغم الهدوء النسبي في الضفة، انهيار بنية حماس، نشاط الأجهزة
الفلسطينية ضد التنظيمات الفلسطينية وتحسين الوضع الإقتصادي، حصلت المنظمة
بالأمس على دعم كبير على المستوى الشعبي، بفضل تحرير 1027 أسيراً لقاء
الإفراج عن "جلعاد شاليط".
تأثّر معظم الإسرائيليين الذين شاهدوا بالأمس البث المباشر على قنوات
التلفزة وحتى أنهم ذرفوا الدمع حيال مشهد الجندي العائد إلى بيته بعد خمس
سنوات من الأسر. لكن حُجبت عن معظمهم صورة دفع الثمن: حماس تحتفل في شوارع
الضفة، الجماهير تُقسم على مواصلة خطف إسرائيليين، تمدح الذراع العسكري
للمنظمة وتعلن ولاءها للجهاد مجدداً ضد دولة إسرائيل حتى محوها.
الأغنية التي سُمعت بالأمس مراراً وتكراراً عند نقطة انتظار الأسرى
المحرَّرين في بيتونيا كانت: "الشعب يريد شاليط جديد". وصلت صور مماثلة
أيضاً من قطاع غزة والقاهرة. مسؤولو حماس، إلى جانب أسرى خطيرين، يقسمون
على مواصلة عمليات التفجير، "المعارضة" وخصوصاً عمليات الخطف بغية التوصل
إلى تحرير أسرى.
مجدداً، ووفق ما قال عدد هائل من المتحدّثين، وعلى رأسهم رئيس المكتب
السياسي لحماس، "خالد مشعل"، أثبتت دولة إسرائيل بالأمس أنها لا تفهم سوى
لغة القوة. حافزية الفلسطينيين، وليس فقط حافزية حماس، لخطف جنود أو
مواطنين آخرين بأسرع ما يمكن، بلغت ذروة جديدة بالأمس.
هذا وسيزعم خبراء أمنيون في إسرائيل أنَّ الحافز تجاه الخطف كان موجوداً
بهذا الشكل وهم محقّون. المشكلة هي أن مستوى الحافزية لم يكن عالياً إلى
هذا الحد مطلقاً. وذلك لأن إسرائيل لم توافق مطلقاً على تحرير هذا الكمّ
الهائل من الأسرى لقاء جندي واحد, ولم تتوصّل بتاتاً إلى صفقة من هذا النوع
مع حماس، المنظمة التي تسعى إلى محو إسرائيل وتهدِّد شريك حكومة إسرائيل
الجديد في عملية السلام. لكن حالياً ستواجه إسرائيل التهديد بالخطف ليس فقط
من قبل حماس، إنما أيضاً من منظمات أخرى، حتى فتح، التي تحسد إلى حدٍّ ما
نجاح خصمها السياسي.
الرسالة التي فهمها الشعب الفلسطيني من إتمام الصفقة هي إشكالية بتعبير
لطيف. بالنسبة للفلسطينيين، سكان القطاع أو الضفة، فإنَّ أسلوب حماس هو
الذي نجح في إقناع إسرائيل، في حين أنَّ السلطة الفلسطينية، كالعادة، لم
تنجح في التوصل إلى أية نتائج. بصورة مأساوية تقريباً، نجحت إسرائيل في
تعزيز "معسكر الحرب" في الجانب الفلسطيني وإضعاف "معسكر السلام" بشكل هام.
وقال أحد قادة السلطة لـ"هآرتس" أمس الأول فقط إنَّ منطق الإسرائيليين غريب
عليه. "طوال سنوات يطلب أبو مازن (رئيس السلطة محمود عباس) من كل رئيس
حكومة في إسرائيل إطلاق سراح أكرم منصور، أسير من قلقيليا، الذي اعتُقل قبل
اتفاقيات أوسلو ويعاني من المرض. لكن إسرائيل رفضت مراراً وتكراراً. والآن
وافقت إسرائيل على إطلاق سراحه في إطار صفقة شاليط. عندئذ أيّة رسالة تريد
أن يفهم الشعب الفلسطيني من ذلك؟".
تغيير موازين القوى في السياسة الفلسطينية لصالح حماس قد يزعزع الوفاق بين
حماس وفتح. المنظمة الإسلامية محفَّزة من حيث قوتها العالية، ومن المتوقع
أن تلمِّح مجدداً إلى أنَّها معنيّة بالوحدة الفلسطينية وربما حتى الذهاب
إلى الانتخابات. ومنذ اليوم يُتوقع عقد لقاء في القاهرة بين "مشعل" و"عباس"
بهذا الشأن. وبالنسبة لحماس، الهدف الآن هو السيطرة على الضفة، ليس
بالضرورة عبر القوة".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صفقة شاليط هي نهاية قدرة الردع الاسرائيلية لهذا الجيل
المصدر: " موقع NFC الاخباري ـ يوسف ميشال دايفيد"
" اتُخذ القرار لتحرير شاليط بأي ثمن، من خلال التراجع عن كل
الخطوط الحمراء (ليست حمراء كثيراً) بالنسبة للحكومة، كما هو متوقع بغالبية
كبرى 26 ضد 3(يعالون، لانداو وليبرمان).
الخطوط الحمراء هي:
ـ معارضة إطلاق سراح "مخربين" ذات قيمة كبيرة جدا.
ـ معارضة إطلاق سراح عرب إسرائيلين(هكذا يثبت الفلسطينيون أنّهم الممثلين الأصليين لهم).
ـ معارضة تحريرهم إلى بيوتهم بل إبعادهم إلى الخارج.
في كل هذه الأمور، تمسّك "المخربون بموقفهم"، و"قوة الشرق الأوسط العظمى"
ركعت وخضعت لكل مطالبهم. ليس حكومة اليسار، إنما حكومة اليمين، وأيضا
بغالبية ساحقة.
يوجد لكل هذه الأمور معنا عميقا لمواصلة تواجد شعب إسرائيل في هذه المنطقة من العالم.
المال الذي قهر المجتمع الإسرائيلي
رسميا، سُميت الجمعية التي تسلمت تبرعات لأجل هيئة شاليط " كارن مؤر"(صندوق
مضيء) ، جمعية مسجلة اهتمت قبل كل شيء بإعادة جثث الجنود من لبنان مقابل
كبار المجرمين. في الماضي نجحوا في تجنيد الملايين المطلوبة من اجل إيجاد
رأي عام للتوقيع على الاتفاقية مع حزب الله. حاليا، هم يعلنون عن أقل من
مليون وربع مليون شيكل مدخول للسنة. والسؤال هل كان اليمين بحاجة إلى
التنبه إليها، من اين المال؟ من يمول؟ هناك جمعيات اخرى تهتم بتمويل أعمال
اخضاع وضغط؟ هناك دول في أوروبا متورطة في الضغط على المجتمع الإسرائيلي.
صفحة واحدة في صحيفة يديعوت احرنوت كلّفت 100000 شيكل. كل 10 ثواني في
التلفاز تكلف عشرات آلاف الشواقل، كل لوحة بيانات تكلف عشرات آلاف الشواقل.
من دون الفحص إلى العمق، تتعلّق بحملة إعلامية بملايين الشواقل. وهذا
بالاضافة إلى كل الظهور السخي للاعلام الإسرائيلي من أجل عمل الهيئة.
تعرف القيادة كيف تعمل: هي تعمل على القلب اليهودي الرقيق وضد نتنياهو
شخصيا. هذا أنتج ثماره. أحد لا يتجرأ على معارضتهم، بالتأكيد ليس علنا.
اختفت 30 سنة من الردع
عبد الله البرغوتي (مسؤول عن مقتل 66 إسرائيلي)، ابراهيم حامد
(مسؤول عن مقتل 90 إسرائيليا)، أحلام التميمي (مسؤولة عن مقتل 15
إسرائيلي)، وكثيرون آخرون يتحررون بعد أن اعتقلوا سنوات معدودة (5ـ11). هم
جميعا حكموا لعدة سنوات سجن مؤبدة غير انهم يخرجون للحرية.
منذ الآن، كل عربي يعرف، بثقة تامة، انه لا يهم ما يفعله، لا يهم كم يهودي
سينجح في قتلهم، هو لن يموت في السجن الإسرائيلي. سيبقى هناك 5 ـ10 سنوات
يشاهد أفلام كل يوم، ياكل لحم وطيور بلا حدود، يستفيد من زيارات عائلته
مرتين في الأسبوع، يتعلم دكتواره مجاناً ، ينام مع مكيف على سرير منجّد،
ويكلف 10000 شيكل في الشهر دافع الضرائب الإسرائيلية. كل مخرب يعرف، أن لا
أحد سيصفيه. كان بإمكانهم تصفية قتلة عائلة فوغل وقرروا اعتقالهم والحكم
عليهم بخمس مرات بالحُكم مؤبد، كانوا عشر سنوات بتوجيهات القضاء
الإسرائيلي. كان ذلك يساوي كل لحظة.
حولت حكومة إسرائيل الردع الذي أوجده الشعب الإسرائيلي مقابل مخربين خلال
أكثر من قرن من النزاع إلى صفر في قرار واحد. لا يهم أي حكومة ستحل مكان
حكومة نتنياهو، حكومات تتبدل ولدى العرب وقت. هم يعرفون انه إذا لم يكن
الرئيس القادم، عندها الرئيس التالي سيحررهم. لا اعرف في التاريخ صفقة
تبادل أسرى من هذا النوع.
أعداد، إحصائيات، ومستقبل
80% من المخربين الذين يتحررون يعودون للإرهاب، بشكل عام بشكل
أنجح بكثير. ما يقارب 200 يهودي قتلهم نفس "المحررين". تقريبا كل المخربين
الكبار الذين يتحررون اليوم استطاعوا بالتحرر في ظلّ بوادر حسنة وصفقات
مختلفة والعودة إلى مهنتهم. حدد شعب إسرائيل معايير متساوية لتحرير مخربين،
على أثر صفقات سابقة أقل خزياً، ولا احد استوفاها للحظة، ولن يستوفيها بعد
ذلك. الحل الوحيد هو التحقيق من في الحقيقة معني بتحرير مخربين كثيرين إلى
هذا الحد؟ من يقف وراء هذا المشروع الضخم لاقناع الرأي العام؟ من بشكل عام
لم يضغط على العدو إنما فقط على رئيس الحكومة. من أوصل في الحقيقة إلى
صفقة شاليط هذه التي سيفهم الشعب اليهودي نتائجها بعد سنوات كثيرة؟".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محلل اسرائيلي: مقابل جندي واحد رفعت "اسرائيل" الراية البيضاء
المصدر: "موقع NFC الاخباري ـ صموئيل فيشر"
" قبل حوالي ثماني سنوات، مع انتهاء الانتفاضة الثانية، أعلن رئيس
هيئة الأركان العامّة حينها، الفريق موشي يعالون، أنّ إسرائيل انتصرت في
الانتفاضة. كان سبب الإعلان واضحاً- غالبية المخربين والقتلة قُتلوا في
معارك أو أنهم ألقي القبض عليهم وسجنوا خلف قضبان السجن. لكن، حاليّاً
تغيّرت الأحوال: صفقة العار هذه، التي تحرر القتلة الذين عملوا ضدّنا في
الانتفاضة الثانية، تحوّل الانتصار في المعركة ليصبح في يد الفلسطينيين!.
وهذه الصفقة ستتحوّل إلى رمز- رمز لفشل الثبات وعدم رجاحة العقل
الإسرائيلي.
ولم يبقى احتمال إلا التوجّه إلى وزراء الحكومة، لرئيسها ولمستشاريها، لرمي
الحقائق أمامهم التي لا تعرفونها، أو عوضاً عن ذلك – الحقائق التي يخفونها
عن الجمهور:
أنتم تديرون سياسة الهزيمة والخضوع في كل الجبهات: ألا يكفيكم أن وافقتم
للدولة الفلسطينية، على انسحاب يحيط تقريباً بكل يهودا والسامرة ويشمل غور
الأردن، وتدمير مستوطنات يهوديّة عديدة، وعلى الاستمرار في سيطرة البدو
العرب على أراضي الدولة في النقب والجليل، وعلى دوام مواطنة الفلسطينيين في
حدود إسرائيل، واستمرار غزو نازحو العمل من سيناء (ثلاثون ألفاً في
السنة)، تدمير أحياء ونقاط استيطانية بشكل وحشي، استمرار سيطرة محكمة العدل
العليا على شؤون الاستيطان والأمن، ألا يكفيكم أن وافقتم على إنشاء وسائل
إعلام عامّة غير متكافئة ومخزية – لكن الآن، بضعف قلبكم وقلّة فهمكم لما
يحدث، دهورتم الدولة، وأمنها ونفس وجودها إلى مسألة سفليّة!
لا يوجد بينكم من يفهم الأهميّة الإستراتيجية للصفقة ـ بغية إنقاذ حياة
جندي واحد رفعتم الراية البيضاء في المعركة كلّها؟!، أمرٌ لا يصدّق!!.
استسلمتم استسلاماً تاماً لحملة الإبتزازات والعنف للعدو وقدمتم انتصاراً
لعناصر الإرهاب الأكثر شرّاً في العالم. نتيجة ضعف قلبكم أخضعتم دولة
بأكملها وحوّلتم الانتصار إلى هزيمة ـ مقابل عدّو وحشي كل أمر يقدّم له
يحوّله على الفور ضدّنا, جهود آلاف المقاتلين، إخلاصهم وتضحيتهم مثل
انجازاتهم في المعركة ضدّ الإرهاب انمحت واختفت في لحظة عقب قرار مخزي
واختلال مُروّع في العقل".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صفقة شاليط تثبت نظرية بيت العنكبوت التي اطلقها السيد نصر الله على اسرائيل
المصدر: "يديعوت أحرونوت ـ رون بن يشاي"
" الصفقة التي أطلق في إطارها سراح غلعاد شاليط كانت محتومة من
ناحية سياسية ـ داخلية، وهي على ما يبدو منطقية أيضاً من ناحية المخاطر
الأمنية الكامنة فيها. لكن في جوهرها وأساسها الإستراتيجي كانت خضوعاً.
خضوع دولة إسرائيل لابتزازٍ من جانب هيئة إرهابية إسلامية متطرفة، التي
كشفت نقاط ضعف المجتمع الإسرائيلي وضربه بوحشية وبصبر، حتى أنها حصلت
تقريباً على كل طلباتها. وإسرائيل ليست فقط خاضعة. هي أيضاً احتفلت
بالإذلال، في مهرجان مخجلٍ ساعد الجيش الإسرائيلي في إخراجه.
خضوع ليست كلمة فظة. أحياناً هذا هو مشهد محتوم في حربٍ طويلة السنوات ضد
خصمٍ مصمِّمٍ ومليء بالحافزية متعصِّب-مشهد مخزٍ ومثيرِ للكآبة في الحقيقة،
لكنه محتملُ طالما أنه لا يولد وضعاً لا رجوع فيه. أي، طالما أنَّ هذا
العمل لا يعرِّض وجودنا المادي كدولةٍ وكشعب للخطر، وبما أنه يسمح بالحفاظ
على القوة والانتعاش تمهيداً للدورة المقبلة، يكون فيها أملً كبير بأننا
سننتصر.
صفقة شاليط هي خضوعُ من هذا النوع، المحتمل، لأن لدى الجيش الإسرائيلي ولدى
الشاباك أساليب لمواجهة التداعيات الأمنية بنجاح ولأنها تساعدنا بالحفاظ
على القوة. ولأكثر دقة ـ هي تزيد الحافزية لدى جنود الجيش الإسرائيلي، ولدى
مواطني إسرائيل بشكلٍ عام، للقتال ومواجهة التهديدات المنعكسة علينا، ضمن
معرفة أن ضمانات متبادلة ليست كلمةً فارغة لدى المجتمع الإسرائيلي.
ضمانة متبادلة، لمن نسي، ليست فقط إعلان بأن الدولة ومواطنيها سيقومون بكل
ما بوسعهم لإنقاذ مخطوفٍ أو أسير. هذا فقط جانب واحدُ من صيغة الضمانات
المتبادلة. جانبُ آخر لتلك الصيغة، التي هي أيضاً عززت صفقة شاليط، هي
الاعتراف الداخلي لكل منا بأنه في إسرائيل كل مواطن هو مقدّرُ ومهم. من
هنا فإن الدولة والشعب هذا جديران بأن يتحملا العبء، وإن دعت الحاجة أيضاً
نكرس الجسد والروح من أجلهما.
لكن هذه الحقيقة، مهمة إلى حدٍ ما لمستقبلنا ولقوتنا القومية، هي فقط جزء
من الصورة الشاملة. تقدير وضع واقعي لما ينتظرنا في المستقبل يجب أن يأخذ
في الحسبان تأثير الصفقة وانعكاساتها على الجانب الآخر. ليس فقط على حماس،
وإنما على كل أعداء دولة إسرائيل، بدءاً بإيران وبحزب الله، وصولاً إلى
متطرفين وسط عرب إسرائيل.
أعداء إسرائيل أدركوا: عمليات خطف ـ عملُ كاملُ
لو حكمنا وفق الردود على الصفقة، لكان أمكن الإثبات أنها عززت وسط الهيئات
المعادية لإسرائيل الاعتراف بأن المجتمع الإسرائيلي يعرف كيفية استيعاب
خسائر في الأرواح إلى حد معين، لكنه غير قادر على مواجهة معضلات عاطفية
ونفسية. ليس فقط عمليات خطف ـ أي ممارسة عنيفة ـ ليس لدى إسرائيل رد عسكري
جيد ضدها، توصل المجتمع الإسرائيلي إلى شعورٍ بالضعف والهستيريا، ولذلك هي
وسيلة ناجعة ستؤدي مع مرور الزمن لخضوعٍ تكتيكي وربما استراتيجي لليهود
ودولتهم.
في الواقع صفقة شاليط منحت صلاحية متجددة لنظرية "بيت العنكبوت" التي دمغها
[السيد] نصر الله. المجتمع الإسرائيلي هو الشبيه بحسب رأيه ببيت العنكبوت،
الذي يسهل تفكيكه عبر التسبّب بخسائر في الأرواح وأضرار معنوية، ضمن
استغلال سلم القيم الإنسانية للمجتمع الغربي الذي يجبر إسرائيل على لجم
ردها ـ ودون مواجهة مباشرة مع القوة الراجحة للجيش الإسرائيلي. من ناحيته
انسحاب إسرائيل من "الحزام الأمني" في لبنان كان إثباتاً لهذه النظرية،
وحماس استخلصت تلك النتائج من الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.
وبحسب هذه النظرية، فإن عمليات خطف هي تقريباً في كل حالة عملُ كامل، ومن
الجدير المتابعة فيه، سواء كان الموضوع متعلقاً بجثث أو بإسرائيليين
أحياء. والدليل- الإنجاز الوحيد لحزب الله في حرب لبنان الثانية كان
الصفقة التي أطلقت فيها إسرائيل سراح مئات "المخربين"، بمن فيهم القاتل
المروِّع سمير القنطار، مقابل جثتين. صفقاتُ من هذا النوع، وبشكلٍ عام صفقة
تننباوم، ولدت إنجازاً واعياً وإثباتا للجماهير في الشارع العربي إلى أي
حدٍ الإسلاميين، سنة أو شيعة صادقون بادعاءاتهم: "إسرائيل تفهم فقط
بالقوة".
على ضوء هذا، مفهومُ ضمناً لماذا صفقة شاليط تقوي حماس وطريق الصراع
المسلَّح الذي يرمز إليه وفي المقابل تضعف أبو مازن الذي يدعم صراعاً غير
عنيف وبإخضاع إسرائيل عبر ضغطٍ دولي. النصر لحماس يجبر أبو مازن على تسريع
المصالحة مع حماس. لكن حتى لو زعامة حماس في غزة مالت في الوقت الحاضر
للوصول إلى تسويةٍ ما مع إسرائيل، بحسب ما يدعي عدد من الخبراء، المعتقلون
الذين أطلق سراحهم إلى القطاع لن يسمحوا لهم بالتراخي. على الأقل ليس في
الوقت القريب. كثيرون منهم يستفيدون من عظمة وتأثيرٍ كبيرٍ على الزعامة
السياسية للحركة وعلى عناصر الذراع العسكري ويقومون بكل ما بوسعهم لإعاقة
تسويةٍ مع إسرائيل. من هنا فإنَّ صفقة شاليط تبعد الأمل بتسويةٍ إسرائيلية –
فلسطينية في المدى المنظور.
مع هذا، توجد عدة جوانب إيجابية للصفقة من وجهة نظر إسرائيل. فقد أدّت
الصفقة إلى تحسين جوهري في العلاقات مع مصر. نجاح الوساطة المصرية أثبت
لروؤساء المجلس العسكري الأعلى أن العلاقة مع إسرائيل هي ذات قيمة، ذات
دلالةٍ مضاعفة. الاتفاق الذي أعدته مصر سمح للزعامة العسكرية بإثبات للشارع
المصري والعربي أن القاهرة قادرة وتعرف الاهتمام بالمصلحة العربية
–الفلسطينية، وكذلك إخضاع إسرائيل إذا اقتضى الأمر.
الصفقة أيضاً سمحت لمصر بإثبات للولايات المتحدة ولدول أوروبا وكذلك لدولٍ
عربية معتدلة، بأنها العنصر المهدّئ الذي يعرف تفكيك ألغامٍ إقليمية. كل
هذه تعيد ترميم موقف وهيبة مصر كعنصرٍ رئيسٍ ورائد في المنطقة، الأمر الذي
يدعم الطلب المصري من الأمريكيين ومن الروؤساء العرب منحهم مساعدة اقتصادية
ومالية، الضرورية لهم كالهواء للتنفس. الظل الذي غيّم على هذا الأمر هو
تعزيز العلاقات التي بدأت في المقابل بين حماس ومصر. من المنطقي الافتراض
أن العلاقة الوثيقة هذه ستحدّد قدرات إسرائيل على العمل ضد حماس في
المستقبل.
نقطة إيجابية أخرى متعلقة بشروط الصفقة. إبعاد عشرات رؤوساء "المخربين"
والمخربات إلى غزة أو لدولٍ أجنبية فيها ليس فقط العنصر المخفِّف للخطورة
الأمنية المنعكسة منها، هذا هو أيضاً عقوبة كبيرة بالنسبة لهم. الانقطاع
عن العائلة وعن منظر الطبيعة في موطنه يولدان لدى المعتقل المطلق سراحه
مصاعب روحية ونفسية، التي لا يتمكن كثيرون من التغلب عليها. هذه المحاولة
تثبت أن كثيرين منهم يرون في هذا الأمر نوعاً من عزلٍ اجتماعي، الذي يحزنهم
ويحقرهم لمدة زمنية طويلة. عنصر إيجابي آخر متعلق بالحكومة، ولأكثر دقة
بنتنياهو. كل من ادّعى أنّ رئيس الحكومة ليس قادراً على أن يكون براغماتياً
والقيام بتنازلاتٍ مؤلمةٍ عليه الاعتراف بأنه أخطأ. للفت انتباهكم، أبو
مازن، الإدارة الأمريكية وزعماء أوروبا.
الخطوط الحمراء
الأمر الواجب في هذا الوقت هو أن إسرائيل ستستخلص عبراً من قضية شاليط.
يمكن التقدير أن عملية الخطف المقبلة أصبحت في الطريق، ولذلك يجب أن يتم
استخلاص هذه العبر بسرعة. العبرة الأساسية هي أن على إسرائيل التعامل
فوراً مع تنفيذ عملية خطفٍ بثلاثة اتجاهات. الأول، تشكيل وتشغيل جهاز أمني
استخباراتي-عملاني خاص، مهمته الوحيدة تكون الاهتمام بكافة الجوانب لإطلاق
سراح المخطوف أو المخطوفين. بدءاً بجمع استخبارات عن مكان وجوده، مروراً
بتطوير خيارات عملانية لإطلاق سراحه وصولاً إلى الدعم بمعلومات وباستشارة
للمفاوضات. يجب أن يكون مخصصاً من أجل هذا الجهاز وبشكلٍ فوري وسائل وأشخاص
من الجيش الإسرائيلي، الشاباك والموساد. على سبيل المثال، في حالة خطفٍ في
الخارج الموساد يتولى الأمر، في حالاتٍ أخرى الجيش الإسرائيلي والشاباك
يترأسان الجهاز الأمني.
العبرة الثانية هي أن الجيش الإسرائيلي، بمساعدة أجهزة الاستخبارات، عليه
أن يعمل بالنشاطات التي تولد رافعات ضغطٍ وأوراق مساومةٍ على الخاطفين.
لو، على سبيل المثال، بعد خطف شاليط كان الجيش الإسرائيلي دخل إلى قطاع
غزة، قطع أوصالها بسرعة لثلاثة أقسام وأعلن أنَّ الشرط للخروج هو إطلاق
الجندي المخطوف –لكان من المحتمل أن تكون المفاوضات مع حماس أسهل وأسرع
بكثير. بدلاً من هذا دخل الجيش الإسرائيلي إلى القطاع ونفذ سلسلةً من
عملياتٍ عديمة الجدوى واضحة، حيث في نهاية المطاف لم تولِّد أي تأثير. كذلك
هجمة إخفاقاتٍ مركزة كانت على ما يبدو تؤدي إلى نتيجةٍ منشودة لو أنهم
كانوا خططوا لها كما ينبغي وإلا كانوا ارتدعوا من صليات القذائف
الصاروخية. نشاطاتُ من هذا النوع ليست فقط تساعد على ما يبدو في إطلاق سراح
الجندي المخطوف، وإنما أيضاً تعزِّز الردع من عمليات خطفٍ في المرة
المقبلة.
إضافة إلى هذا، إسرائيل عليها التحديد مسبقاً "خطوطٍ حمراء"، لا تتخطاها
الحكومة، ضمن النص في القانون. يجب التأكيد أن الخطوط الحمراء هذه يجب أن
تكون واقعية، أي الأخذ بالحسبان السوابق التي وجدت في صفقاتٍ سابقة وحساسية
المجتمع في إسرائيل على حياة أبنائه. لكن عليهم التسليم بعد مناقشة عامة
علنية طويلة وعميقة، والكون على معرفة جيدة بالجانب الثاني، أي لخاطفين
محتملين وأسيادهم. العبرة الرابعة هي أن إسرائيل عليها الثبات بكلامها
وبتهديدها لو أنَّ رئيس الحكومة قال بعد إطلاق سراح شاليط إن المخربين
الذين يعودون إلى عاداتهم "دمهم على أكتافهم" هو– والآتين بعده-عليهم
القيام بهذا. وأي كلمةٍ إضافيةٍ زائدة.
لو اتّخذت إسرائيل خطواتٍ عملية وحاسمة للتطبيق واستخلاص هذه العبر وتثبت
هذا لعائلات المخطوفين، لكان أمكن في المستقبل منع الحملات الإعلانية
المضرّة التي أطلت مدة أسر غلعاد ورفعت ثمنه. هم كذلك سيحولون مهرجان
الخضوع المخجل الذي أصبحنا نشهده إلى غير ضروري، بمساعدة وباستخلاص عجائب
الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الحكومة. صفقة خضوع يجب أن تقبل بعضِّ الشفاه
وبضبط النفس، كما يتقبلون سبباً قاهراً سيئاً لا مفر منه. فقط لدينا يتحول
الإذلال إلى احتفال، دون التفكير بالأسلوب الذي يفسر فيه مشهدُ كهذا في
الجانب الآخر ـ وبالضرر الذي قد يسببه".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف ستؤثر صفقة شاليط على الأمن الاسرائيلي من منظور الجيش الاسرائيلي؟
المصدر: " إذاعة الجيش الاسرائيلي – إليال شاحر وطل ليف رام"
" يحاولون في الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي التقدير هذا
الصباح (أمس) كيف سيؤثر تحرير "المخرّبين" على الوضع الأمني. في المستويات
الرفيعة يحاولون تهدئة المخاوف من التصعيد، ويقولون أن إسرائيل يمكنها
مواجهة أي سيناريو ممكن. مصادر في السلطة الفلسطينية أعلنت أن السلطة ستبذل
كل ما بوسعها من أجل منع المخربين من العودة إلى الإرهاب.
ينظرون في القدس اليوم إلى اليوم الذي يلي الصفقة، وما هو الثمن الذي
ستدفعه إسرائيل من ناحية أمنيّة. مصادر في السلطة الفلسطينيّة أعلنت في
القنوات السياسيّة – الأمنية أنهم سيبذلون كل ما بوسعهم من أجل أن لا يعود
المخربون الذين أُبعدوا إلى الضفة الغربية للعمل في الإرهاب، بما في ذلك
متابعة المشاكل التي يعانون منها عن كثب، لكن رئيس الحكومة، بينامين
نتنياهو، لم يكتفِ بهذا الوعد، وحذّر أمس: "كل مخرّب محرر سيعود للإرهاب –
يتحمّل نتيجة فعله".
التقدير في القدس هو أنه يمكن احتواء التصعيد الأمني الذي سينجم عن هذه
الصفقة، لذلك في نهاية الأمر، قرر رؤساء الأجهزة الأمنية، جميعهم دعمها في
نهاية الأمر. رغم ذلك مما لا شك فيه أن صفقة من هذا النوع تشجّع حصول أعمال
خطف جديدة، وهناك أيضاً الثمن الأخلاقي- قتَلةٌ بغيضون كما منفّذ الإعدام
من دون محاكمة قضائيّة في رام الله الذي وقف مقابل النافذة ولوّح بيدين
مُلطّختين بدم مواطنين إسرائيليين، أو آخرين خططوا وساعدوا في تنفيذ عمليات
انتحارية دموية، يخرجون إلى الحريّة.
تقديرات: تحرير "مخربين" لن يؤدي إلى تغيير في المنطقة
في اليوم الذي يلي عودة جلعاد شاليط إلى منزله في المؤسسة الأمنية
الاسرائيلية يتطلعون قُدماً. ما هي الأهميّة الإستراتيجيّة للأثمان الصعبة
التي دفعتها إسرائيل في الصفقة؟ هل إن حماس ستنجح في ترميم البنى التحتيّة
للإرهاب في الضفة الغربية ودفع عمليات خطف إضافيّة قدما ؟ كيف سيؤثر كل هذا
على موقف السلطة الفلسطينية، حيث أن لإسرائيل مصلحة للمحافظة على قوتها؟
تعتقد قيادة المؤسسة الأمنية الاسرائيلية الحاليّة، أنّ إسرائيل قادرة على
مواجهة التحديات، ومن غير المتوقع حصول تغيير ملحوظ في المنطقة. يبدو أن
هناك كثيرون من بين المستقيلين من المؤسسة الذين شغلوا وظائف مهمة في
السنوات الأخيرة، العميد الاحتياط شموليك زكاي، قائد فرقة غزّة سابقاً،
الداعم للصفقة التي نُفّذت ويرى فيها فوائد كثيرة، متمسكون بموقفهم المتمثل
بتوثيق العلاقات مع المصريين في سيناء، وحقيقة أنّ سلامة جلعاد لن تشكّل
قيمة أكبر في اتخاذ القرارات للقيادة السياسيّة الأمنية في إسرائيل. "كل من
صوّت ضدّ التحرير ببساطة تهرّب من المسؤوليّة"، هاجم زكاي ، "لا يُحتمل أن
تكون الدولة مقيّدة بأعمالها نتيجة لجندي واحد يقبع في الأسر، كان يجب أن
يحلّ هذا الأمر، كان كحجر الرحى(عبء ثقيل) على الإستراتيجية الإسرائيليّة."
كذلك العقيد في الاحتياط رام دور، الذي كان ضابط استخبارات في قيادة الوسط
في منتصف سنوات الألفين، يعتقد أن القدرات الاستخباراتيّة والعملاتيّة
الموجودة اليوم لدى الجيش الإسرائيلي والشاباك، سيقدمون الرد العملاني
أيضاً ضدّ "المخربين" الذين سيتسرحون في الضفة الغربية .كما قدّر دور: "لدى
الجيش الإسرائيلي الأدوات الاستخباراتيّة لمعالجة مسألة عودة المخربين إلى
المنطقة"، وأضاف: "هذا لا يعني انه لن تحصل عمليّات تخريبية، لكن من غير
المتوقع حصول موجة إرهاب".
في أوساط كثير من المسؤولين الرفيعين السابقين في المؤسسة الأمنية ، هناك
أيضاً انتقاد على تصرّف إسرائيل في السنوات الأخيرة، الذي تخطى الحكومات
المختلفة، عدم التماسك، الخوف من رأي الجمهور ووسائل الإعلام التي تتدخل
في خطوة اتخاذ القرارات. ويوضح زكاي بقوله: "الردع لا يتم إحرازه بالكلام،
بل بالعمل. فقط في حال سنعطي إشارة إلى حماس من الآن بأن إسرائيل لن تكون
مستعدّة لتحمّل محاولات خطف جديدة، نمنع حصول عملية الخطف المقبلة"،
ويتابع: " ستستمر المنظمات الإرهابيّة في محاولتها خطف جنود ومواطنين. يجب
تحديد الخط الأعلى لكل المنظمات الإرهابية – الأرض ستهتّز تحت أرجلهم
والسماء ستقع عليهم إذا أقدموا على أية محاولة خطف، سواء كانت ناجحة أم
لا".
المؤكدّ أننا جميعا متفقون على أمر واحد، حماس ستستمر في محاولة خطف جنود ،
الجيش الإسرائيلي ملزم بمنع ذلك، وعلى حكومة إسرائيل يقع واجب إثبات أن
خطف جنود غير مجدي".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مريدور: "القرار صعب لكنه صائب في صفقة شاليط"(*)
المصدر: "موقع walla اإخباري ـ طال شلو"
"هذا قرار صعب، لكن قرارنا صائب"، هكذا يقول وزير شؤون الإستخبارات، دان
مريدور، في أول تصريح له منذ التصويت على صفقة شاليط في الحكومة، في
الأسبوع الماضي. "الأخطار معروفة، وأيضاً الناحية الأخلاقية تتفاقم. مع
ذلك، علينا كحكومة أن نحسم بين كل ذلك وبين واجبنا لإعادة الجندي إلى بيته،
فنحن أرسلناه وسقط في أسر حماس".
"انشغلنا بالقضية مرات عديدة في منتدى مقلّص"، يقول مريدور، في مقابلة مع
والا! "عندما تبيّن عدم وجود سبيل آخر لإنقاذه من الأسر، بقي أمامنا طريقة
واحدة". على شاكلة كلامه الذي قاله في جلسة الحكومة المصيرية التي صودقت
فيها صفقة شاليط في الأسبوع الماضي، يشدّد الوزير مريدور على لقاءاته مع
والدة الملاح الأسير رون أراد، باتيا، ومع جد غلعاد شاليط، تسافي. "ليس
لديهم عنوان آخر. أنظارهم شاخصة نحونا. المسؤولية علينا. ليسوا بحاجتنا من
أجل قرارات سهلة".
"المواجهة مع إيران ـ إمتحان كبير للقيادة الأميركية"
في خلفية صفقة شاليط، كُشفت في الولايات المتحدة الأميركية خطة إيرانية
لاغتيال السفير السعودي في أميركا، وفي الأسبوع الماضي كانت تصريحات
المسؤولين الأميركيين بشأن العملية ضد إيران آخذة بالتزايد. في المقابل،
قدّر محلّلون في إسرائيل بأن صفقة شاليط مرتبطة بالرغبة الإسرائيلية لتعجيل
مهاجمة إيران. كما زار هذا الشهر وزير (الحرب) الأميركي ليون بانيتا
إسرائيل وأكّد على أنه يجب التعاون في الموضوع الإيراني، لكن إسرائيل تواصل
التأكيد بأن كل الخيارات "باقية على الطاولة".
يقول الوزير مريدور "من الواضح للجميع بأن إيران نووية هي خطر كبير"،
"والعالم كله بقيادة الولايات المتحدة الأميركية يجب أن يقوم بجهود كبيرة،
طوال الوقت، لمنع إيران من التوصّل إلى النووي. يجب زيادة الضغط جداً لأن
الإيرانيون حتى الآن لم يتوقفوا. لديهم منذ اليوم أكثر من 4 طن من
اليورانيوم المخصّب بمستوى 3-4% ولديهم 70 كيلو أورانيوم مخصّب بـ 20%. من
الواضح لنا بأنهم مستمرون لتصنيع صواريخ".
أضاف مريدور أن "إيران نووية تشكّل تهديداً ليس فقط على إسرائيل، إنما
أيضاً على الكثير من الأنظمة الغربية، وهناك مصلحة دولية بأن نجتمع ونتوحّد
قدر المستطاع. فهذا امتحان كبير للقيادة الأميركية، ولدول أخرى، لكي
يقودوا هذه الخطوة. وحتى أنه من دون التركيز على إسرائيل، إيران نووية
ستُنتج شرق أوسط يهدّد دولا عربية كما نعرف، والمصالح الغربية في المنطقة،
ومن الواضح أن لـ"إسرائيل" موقف خاص بسبب اللهجة التي تتعاطى بها إيران
حيالها".
في اليوم الذي يلي صفقة شاليط، الأنظار تعود لتصبح شاخصة نحو المحاولات
المضطربة للرباعية لإعادة تحريك المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية،
التي تستمر برفضها العودة إلى طاولة المفاوضات طالما لم توقف إسرائيل
البناء في المستوطنات. وقد اقترحت الافتتاحيات في الصحف الرائدة في
الولايات المتحدة الأميركية ـ حتى هي ـ، وضع القضية على جدول الأعمال في
الأيام الأخيرة، بادعائها أن صفقة شاليط تُضعف أبو مازن وبطرحها السؤال
لماذا رئيس الحكومة نتنياهو يمكنه التفاوض مع حماس، وليس مع أبو مازن.
"للأسف، وليس بحق، الكثير من الدول تدّعي بأننا لا نريد التفاوض مع
الفلسطينيين"، يقول مريدور، ويشرح بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قام
بأربع خطوات جداً مهمة تمهيداً للمفاوضات. "الأولى، خطاب بار إيلان،
الثانية، تجميد البناء لعشرة أشهر. الثالثة، خطابه في الكنيست الذي صرّح
فيه عن مبادئ لترسيم الحدود في التسوية المستقبلية حيث تبقى القدس والكتل
الإستيطانية في منطقة تحت السيادة الإسرائيلية. الخطوة الرابعة كانت قبول
اقتراح الرباعية بالعودة إلى المفاوضات، بما فيه مخطط أوباما مع عدة
إنجازات لدينا ستُطرح في المفاوضات".
يقول الوزير مريدور " في حال استمر الفلسطينيون في رفضهم البدء بمفاوضات
مباشرة، سنضطر للتفكير بطرق أخرى لتغيير الوضع"، "الوضع الراهن ليس جيداً
لنا ولا للفلسطينيين، وأنا آمل بأن يبذل الطرفان جهداً لتغييره"، لكنه
يشدّد بحسب تقديره، على أن "الفلسطينيين يديرون الكثير من النقاشات حيال
طريقة تجديد المفاوضات وليس حيال الأسئلة الجوهرية التي ستُطرح فيها".
يعتقد مريدور أن "أبو مازن اتخذ قرارين استراتيجيين، الأول جيد والثاني
سيء. الأول هو وقف الإرهاب والثاني وقف المفاوضات. أبو مازن لم يستجب
للاقتراح النبيل لرئيس الحكومة السابق إيهود إولمرت وأنا لا أعلم كيف أقول
بصورة جازمة هل لا يريد إجراء مفاوضات، لأنه لا يستطيع اتخاذ القرارات
الصعبة المطلوبة لتسوية الصراع. فهو يعمل بشكل أحادي حيث يريد أن يحصل من
العالم على شرعية دولية وبهذه الطريقة، بخلاف المفاوضات، هو لا يُطلب منه
الإلتزام بالمقابل بإنهاء الصراع وحلّ مشكلة اللاجئين خارج حدود إسرائيل في
الدولة الفلسطينية التي ستقوم".
والتسوية المستقبلية الجوهرية التي يراها مريدور أمامه تشمل إقامة دولة
فلسطينية منزوعة السلاح إلى جانب إسرائيل، مع ترتيبات أمنية تفي بالمطلوب.
ويضيف "أيضا، سيُبلور اتفاق حول الحدود، يشمل الكتل الاستيطانية والقدس تحت
السيادة الإسرائيلية. أما حل مشكلة اللاجئين سيكون في الدولة الفلسطينية
وفي أي مكان خارج حدود دولة إسرائيل".
العام الماضي كان جداً دراماتيكيا، بين الربيع العربي وسقوط الأنظمة
العربية، مروراً بالنووي الإيراني، التحذيرات من "تسونامي سياسي" بعد
الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة، تسلّل مخربين إلى سيناء وحالياً صفقة
شاليط. كونك وزير شؤون الإستخبارات، وبينما ترسم خارطة التهديدات
الإستراتيجية على إسرائيل، ما الذي يقود هذا الهرم؟
"من الناحية الإستخباراتية، يجب القول، بأن لدينا استخبارات جيدة، لكن أي
استخبارات في العالم ما كانت لترى ما سيحصل في مصر. لو كنت سألتني قبل يوم،
لما كنت رأيت ذلك، ومثلي الإستخبارات الإسرائيلية، الأميركية والمصرية،
وحتى مبارك نفسه. هذا علّمني درس التواضع، نحن لا نعلم كل شيء. الإستخبارات
هي استخبارات جيدة، لكن أحياناً هي لا تعلم، لأن أحيانا هناك أمور تحصل لا
تستطيع توقّعها مسبقاً وهذا يشكّل صعوبة على التخطيط.
السؤال كيف ستنتهي الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط ـ بما يسمى الربيع
العربي وتغيير الأنظمة التقليدية ـ هو سؤال جداً صعب. مع ذلك، من الصعب
التركيز والإشارة إلى مكان محدّد واحد وننظر إليه، من المهم لنا ما يجري في
مصر؛ نحن نأمل جداً بعد الإنتخابات التي ستجري في تشرين الثاني، أن تحافظ
مصر على مصلحتها، وهي الحفاظ على إتفاقية السلام معنا. فهي حجر أساس في كل
الإستقرار في الشرق الأوسط. كذلك، من المهم لنا بأن تحافظ أنظمة صديقة
ومستقرة على استقرارها. أنا أعتقد بالنسبة للعلاقات مع السلطة الفلسطينية،
لدينا مصلحة بتقدّم العملية السياسية. ليس لدينا أي مصلحة بالحفاظ على
الوضع القائم. يجب المجازفة بشكل محسوب للتقدّم بهذه العملية. أبو مازن لم
يتكلّم بعد، وأنا آمل بأن يأتي للتكلّم معنا. طالما حماس لم تقبل بشروط
الرباعية، ليس هناك سبباً للتحاور معها أو أي منطق للتحاور معها. يجب أن
نراقب جيداً ما يحدث في سوريا وبالطبع التهديد الإيراني والإرهاب الذي
تدعمه.
العلاقات مع تركيا تدهورت ونضطر للعمل بكل ما في وسعنا من أجل أن تجد
إسرائيل وتركيا، حيث هما دولتان مستقرتان وقويتان في الشرق الأوسط، وليس
فيهما "ربيع" ولديهما تحالف مع الولايات المتحدة، أن تجدا طريقاً لإعادة
التعاون، حتى وإن كان ليس بالمستوى الذي كان سابقاً. للأسف الخط الذي
ينتهجه أردوغان هو خط معادي لإسرائيل جداً، لكن لديه أيضاً صلة وثيقة
بالوضع الداخلي داخل تركيا.
في النهاية، بينما ينجلي الغبار، أنا أرغب بأن يعزّز الشرق الأوسط الجديد
الدول المعتدلة، المستقرة والداعمة للسلام وأن يُضعف الدول الراديكالية ـ
محور إيران ـ سوريا ـ حزب الله ـ حماس. ليس كل شيء بأيدينا، لكن علينا
العمل قدر المستطاع لنحمي أنفسنا من الأخطار".
(*) مقابلة مع وزير شؤون الاستخبارات دان مريديون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أساس النجاح: المعلومات الاستخبارية
المصدر: "إسرائيل اليوم – العميد احتياط صموئيل زكاي"
" حظي القرار الصائب والصعب لحكومة إسرائيل بالمصادقة على صفقة
تحرير جلعاد شاليط بتأييد جماهيري واسع النطاق وعادل. لكن يمنع أن يعتم
الدعم الشعبي والشعور الكبير بالفخر على ضرورة التحليل والتحقيق بالأسباب
التي أدّت إلى تحرير جلعاد شاليط بعد أكثر من خمس سنوات في الظروف الحالية.
أربعة أسباب أدّت للمصادقة على صفقة جلعاد شاليط: غياب أي خيار آخر سوى
صفقة التحرير, ضائقة حماس التي أدّت إلى تليين موقفها, ظروف الصفقة التي
سمحت بأخذ مخاطرة محسوبة وتحوّل مصر إلى وسيط فعّال.
أحد الأوضاع الخطيرة والأكثر تردياً التي واجهتها الطبقة السياسية باتخاذه
هذا القرار هو عدم وجود بديل. اعترف رئيس الشاباك السابق, مائير داغان,
بشرف مهني نادر أن الاستخبارات الإسرائيلية فشلت في قضية شاليط. هذا الفشل
بخلق صورة استخباراتية لم يسمح بالقيام بعملية الإنقاذ لتحرير الجندي
المخطوف, وهذا فشل يستلزم تحقيقاً معمقاً واستخلاص عِبر.
لماذا لم تنجح الجهات الاستخباراتية بتوفير معلومات, لا حول المحطة
النهائية في أنتابا ولا حول مكان المخرّبين في بيروت سوى ما بعد عتبة الباب
في قطاع غزة؟ إن غياب المعلومات عن مكانه وغياب بديل عملاني لإنقاذ جلعاد
شاليط لم يتركا خياراً آخراً للحكومة سوى الموافقة على الصفقة من دون
احتمال إجراء اختبار عملي لبدائل أخرى.
يرافق الفشل الاستخباراتي عبرة مهمة. منذ سنوات وأنا أفكر أن دولة فشلت
أذرعها بالتقدير حول اندلاع حرب (تشرين 73, حرب يوم الغفران) لا يمكنها أن
تعتمد على استخباراتها دائماً. عليها أن تعمل بشكل فعّال حتى عندما لا تملك
استخبارات. العبرة المطلوبة من الفشل الاستخباراتي في قضية شاليط هي أنه
يحظر على الجهات التنفيذية التستر وراء ذريعة عجز الاستخبارات.
كما أنه في غياب المعلومات الاستخباراتية كان ينبغي على المستوى التنفيذي
خلق بدائل ووسائل ضغط يمكنها أن تؤدي إلى بدائل لتحرير جلعاد شاليط سابقاً
وربما في ظروف أسهل.
العبرة من عدم القدرة على وضع بدائل مرتبطة مباشرة بالسبب الثاني الذي سمح
بقيام صفقة شاليط وهي ضائقة حماس. إحدى السمات البارزة بحركة حماس هي
البراجماتية في حالات الأزمة. رأينا في السنوات الأخيرة أكثر من مرة واحدة
أنه عندما تشعر حماس بأن مصالحها الأساسية بخطر فإنها تليّن مواقفها.
الـ "تهدئة" والـ "هدنة" حصلتا عندما كانت حماس في محنة. لدى المنظمة هدف
سام: أن تكون جهة رائدة ومهيمنة تقود الشعب الفلسطيني على الطريقة
الإسلامية. كلما كانت هذه المصلحة بخطر تصبح حماس براجماتية بصورة رائعة,
ولذلك بغياب المعلومات حول العملية كان يجدر بالطبقة السياسية أن تبادر
وتمارس ضغطاً فعالاً يضع حماس في ضائقة ويليّن مواقفها.
تجدر الإشارة بهذا الصدد أن إطالة فترة أسر شاليط تأثرت أيضاً بالنزاع
الداخلي دخل حماس بين الذراع العسكري برئاسة احمد جعفري وبين الذراع
السياسي, وأنه في نهاية الصفقة يخرج الذراع العسكري ويده مرفوعة. جعفري هو
اليوم الشخصية الأكثر هيمنة في حماس.
للاستنتاج يمكن القول أن تداخل الظروف ـ الوضع الاقتصادي في غزة, استمرار
الحصار, الصراعات الداخلية, فقدان الدعم من دمشق, الخشية من نتائج التحول
في مصر والخشية من نتائج التحول في مصر والخشية من شعبية أبو مازن بعد
الخطوة في الأمم المتحدة- كل ذلك أدّى إلى تليين موقف حماس.
المحنة الأساسية هي أن الأمر يتعلق بتداخل ظروف وليس بخطوة مخططة.
كان ينبغي على الجهات التنفيذية توصية الطبقة السياسية بوضع خطة كاملة
وشاملة هدفها إيجاد وسائل ضغط ضمن تشغيل وسائل متنوعة (إحباطات مركّزة,
عمليات خطف واعتقال لمسؤولين كبار, جعل وضع الأسرى سيئاً, بادرة طيبة إلى
أبو مازن), انطلاقاً من الهدف لجعل حماس تليّن مواقفها بشأن الصفقة.
الموقف الشجاع لرؤساء أذرع الأمن, وخاصة رئيس الشاباك, الذي يمكن وفقه
استيعاب الوضع الجديد الذي نجم عند القيام بالصفقة, كان عنصرا هاما إضافيا
ساهم في نضوج ظروف إطلاق سراح شاليط. بعبارة أخرى, إسرائيل ستتمكن من موجهة
مئات المخربين الذين تحرروا من السجن, بالرغم من خطر عودتهم إلى تخطيط
وتنفيذ أعمال إرهابية. هذا التقدير يستند إلى الواقع.
إن وضع إسرائيل مختلف تماما عن الظروف التي سيطرت عندما عاد محررو صفقة
جبريل للعمل في مجال الإرهاب. خلافا للوضع في السابق, تعمل إسرائيل حاليا
بحرية على أراضي الضفة, هناك حد فاصل (جدار الفصل), إضافة إلى أن التعاون
مع أجهزة الأمن الفلسطينية تحسّن, والقدرة التنفيذية والاستخباراتية للجيش
الإسرائيلي أفضل بكثير.
وينبغي إضافة على كل تلك الأمور نجاح إسرائيل في نقل عدة محرَّرين أثناء
الصفقة من الضفة الغربية, وإصرارها على عدم تأمين حصانة للمتحررين عندما
يعودون للعمل في الإرهاب. يجدر القول بوضوح إن إسرائيل تحملت مسؤولية
المخاطرة, لكنها مخاطرة محسوبة في ظروف محددة وليس تخمين ضعيف الاحتمال.
لدى إسرائيل قدرة تنفيذية على مواجهة الوضع الناجم, وذلك وفقا لآراء رؤساء
المؤسسة الأمنية.
العبرة الأساسية التي يجب أن تستخلصها إسرائيل هي أنه ليس هناك بديل للقدرة
الأمنية التنفيذية وللإصرار على المصالح الأمنية الضرورية, هذه هي
الضمانات الوحيدة للقدرة على اتخاذ مخاطر محسوبة.
السبب الرابع لتنفيذ الصفقة هو تحول مصر إلى وسيطة فعالة ذات قدرة تأثير
على حماس. كما أن حماس تدرك اليوم أنها في حالة من العزلة الدولية, خاصة
على خلفية اضطراب حكم بشار الأسد في دمشق. في هذا الوضع أصبحت حماس حساسة
أكثر وأكثر لجهة موقف رؤساء الحكم في مصر. فهذا الأمر ثروة استراتيجية
بالنسبة لإسرائيل ولذلك يجدر بها الحفاظ على تلك الثروة.
إزاء التغييرات الدراماتيكية في مصر, على إسرائيل أن تكون حساسة إزاء أي
عمل وتأثيره على الشارع المصري, الذي يُعد اليوم العامل المسيطر والأكثر
تأثيرا على طابع عمل الحكم في مصر. علينا تعميق التعاون الأمني مع مصر.
رأينا في صفقة شاليط أن هذا ليس ممكنا فقط إنما هو شرط لتحقيق نتائج إزاء
حماس.
في الحديث العام الذي تطور خلال وبعد الصفقة, أثير خوف حقيقي من أن تشجع
صفقة شاليط على عمليات اختطاف أخرى. في العودة التاريخية, علينا التذكر أنه
منذ نهاية الستينيات, عملت كافة المنظمات الإرهابية وبذلت جهودا كبيرة في
اختطاف مدنيين وجنود إسرائيليين. أماكن, أحداث وعناصر مرتبطين بمحاولات
اختطاف أصبحوا جزءا من طبيعة مواجهة الإرهاب الفلسطيني.
معالوت, مسكاف عام, كفار يوبل, فندق سبوي, إنتيبي, نحشون وكسمان- كلهم
أشخاص, أماكن وأحداث مرتبطة بأعمال اختطاف خُلدت في الذاكرة العامة.
الخلاصة: "لا جديد تحت الشمس", كان هناك في السابق محاولات اختطاف وسيكون
هناك أيضا في المستقبل.
السؤال الأساسي هو كيف ينبغي على دولة إسرائيل مواجهة تهديدات الاختطاف في المستقبل؟
أولا علينا إدراك أن المسافة بين الفشل التكتيكي والمشكلة الاستراتيجية في
مواجهة الإرهاب قصيرة جدا. أي تصرف غير صحيح من قبل جندي, قوة عسكرية أو
مواطن قد تنتهي بعملية اختطاف تربك الدولة. على إسرائيل أن تعزز خطوات
المنع التي بإمكانها أن تحد من إمكانية الاختطاف. كل قائد مُجبر على التأكد
من أن جنوده ليسوا في حالة ضيق قد تُتاح فيها عملية اختطافهم. التوجيهات,
الخطط التنفيذية, والانضباط العملي كل ذلك يلزم بالرد على هذا التهديد.
يجب أن تؤخذ تحذيرات السفر التابعة لهيئة مكافحة الإرهاب بجدية من قبل
المواطنين. ربما إجراءات الحظر لا تكف وإسرائيل مجبرة على الارتكاز في
سياستها على الردع الفعال. سيُنفذ الردع ليس فقط عندما تؤمن المنظمات
الإرهابية بأنه لدى إسرائيل قدرة على توجيه ضربة لها, إنما عندما يؤمنون هم
ويعلمون أن إسرائيل لن تتوانى عند اللزوم عن توجيه ضربة لهم, للزعماء,
ولمصالحهم الأساسية. ينبغي على إسرائيل أن توضح بأن الأرض ستهتز والسماء
ستسقط فوق رؤوس من يحاولون اختطاف جنود ومدنيين. حينها فقط ثمة احتمال ردع
عملية الاختطاف.
كلام حسن نصر الله بعد حرب لبنان الثانية, الذي أورد فيه أنه لو كان يعلم
بأنه هكذا سيكون رد إسرائيل لامتنع عن تنفيذ عملية الاختطاف التي أدت إلى
الحرب, هو الدليل الأخير على أن الردع الفعال, المرتكز على وقائع وليس فقط
أقاويل يفرض ليس فقط الأمن إنما أيضا الواقعية. إنه استمرار مباشر لنفس
المنطق القائم في ليونة حماس خلال صفقة شاليط.
بعد يوم على صفقة شاليط, وُجدت إسرائيل عند مفترق طرق استثنائي وممنوع
عليها التغاضي عن موجات التعاطف مع عودة جلعاد إلى منزله. تلك أمواج الشعب
الذي تسمح له منعته القيّمة والأمنية بمواجهة نتائج الصفقة. في اليوم
التالي, ينبغي على إسرائيل أن تحلل بشجاعة وتستخلص العبر من طريقة معالجة
اختطاف وإطلاق سراح جلعاد شاليط".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرب أهلية وإسلام متطرف؟ ليبيا تنظر إلى الأمام
المصدر: "يديعوت أحرونوت ـ عومري إفرايم"
" بعد 42 عاما في السلطة، تم إغتيال الطاغية الليبي معمر القذافي
بالأمس بلا هوادة، وبصورة تختلف تماما عن الطريقة التي عاش بها. حيث تم سحل
الطاغية المخلوع بينما كان ينزف، وفي النهاية تم إطلاق رصاصة في رأسه.
والآن، وبعد أن إختفى تقريبا جميع فلول القذافي، دخلت ليبيا إلى عهد جديد،
ولكن بصفة عامة لا يشترط أن يكون أفضل.
"يوجد لدينا تأثير رمزي مشبع بالغضب والعواطف، ويعتبر غلقا للدائرة على
تطلعات آخر الموالين للقذافي" – هذا ما أشارت إليه بروفيسور يهوديت رونين،
الباحثة في الشأن الليبي، ومحاضرة كبيرة في جامعة تل أبيب وبار إيلان، لدى
تطرقها لمسألة إذا ما كان لدى الموالين للديكتاتور الليبي فرصة للعودة إلى
السلطة.
ويتفق بروفيسور إيلي بوديه، من قسم الدراسات الإسلامية والشرق الأوسط في
الجامعة العبرية بالقدس، مع ما قالته: "الإغتيال أمر رمزي يثبت قبل كل شئ
أن النظام سقط وأن هذه المرحلة من تاريخ ليبيا قد إنتهت".
وطبقا لبروفيسور بوديه، السئوال الأهم حاليا هو (بأي سرعة سينجح المجلس
الإنتقالي في تحقيق السيطرة والشرعية ومنع الأعمال الإنتقامية ضد قبيلة
القذافي ورجاله؟). أما بروفيسور رونين فترى أن ليبيا دخلت بالفعل لدائرة
الإنتقام، وهناك مخاوف بأن الأمر سيتفاقم.
"تواجه ليبيا حاليا عنف وأعمال قتل. وإغتيال الجنرال يونس الذي إنشق عن
معسكر القذافي وإنضم للثوار، وقتل بواسطة ميليشيا إسلامية، يدل على مستوى
الغضب" – تقول بروفيسور رونين، وأضافت: "لذا، فإن الأعمال الإنتقامية تعتبر
من بين الإحتمالات التي ينبغي أن نذكر بأن هناك في ليبيا كميات هائلة من
السلاح التي لا تخضع للرقابة، ليس فقط من عهد القذافي، ولكن أيضا أسلحة
سلمها الغرب للثوار بكميات هائلة وقت التمرد".
ومن المحتمل أن يوجه المجلس الإنتقالي في إطار الأعمال الإنتقامية كميات
السلاح صوب قبيلة القذافي التي يطلق عليها القذافة، والتي توجد في المدينة
التي ولد وتم القبض عليه وقتله فيها – سرت: "هؤلاء الأشخاص فقدوا عالمهم،
ولكن لو تعاملت الزعامة الجديدة التي تتكون من المجلس الإنتقالي بشكل
عقلاني، ومنعت سفك الدماء، فإنها ستمنع بذلك تحول القبيلة إلى عنصر معارض" –
تقول بروفيسور رونين.
بروفيسور بوديه لم يستبعد فرص إندلاع حرب أهلية دامية في الفترة القادمة
تشبه ما حدث في العراق، بالتزامن مع جهود بناء الدولة الجديدة. "الزخم
موجود" – يشير بروفيسور بوديه، وأضاف: "في بلد يقطنه ستة ملايين نسمة،
موزعون على قبائل، تكون هناك أهمية خاصة لعنصر الإنتماء – فهل سيشعر
الليبيون بأنهم ينتمون قبل كل شئ لقبيلتهم أم لدولتهم".
وطبقا لبروفيسور رونين: "شهدت ليبيا تدهور منذ بدء الثورة تمثلت في تفاقم
الإنفصام القائم بداخل المجتمع القبلي المنقسم. ضباط الجيش السابقين،
والأشخاص الذين نُفوا ثم عادوا، ورؤساء القبائل، كل هؤلاء يريدون نصيبهم
خاصة وأن المجلس الإنتقالي أصابهم بالإحباط حتى الآن من خلال عدم قدرته على
حل أزمات المواطنين. لذا، هذا سيناريو واقعي بشكل خاص على ضؤ حقيقة أن
الغرب لم يتواجد في الميدان، وكان حذرا جدا من التسلل لكي لا يثير العناصر
الإسلامية".
المخاطر من قيام مصادر إسلامية بالاستيلاء على السلطة تتزايد، وتقول
بروفيسور رونين: "إنها حقا قوة صاعدة في ليبيا. وخلال حكمه، شن القذافي ضد
الإسلاميين حرب ضروس، وهم بدورهم حاولوا إغتياله".
وفي هذا الصدد أضاف بروفيسور بوديه: "في حالة الفراغ السلطوي القائمة قد
يحدث هذا الأمر، على غرار الأحداث في اليمن وفي أفغانستان. لذا، وبشكل
متناقض، حين يكون هناك نظام استبدادي، فإن الغرب يكون أكثر هدؤا في هذا
الشأن. إحدى الإجابات عن هذا السئوال مرهونة بسرعة نجاح المجلس الإنتقالي
والجيش في تحقيق سيطرة على الأرض".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرحلة التالية من الصفقة: إطلاق سراح 550 معتقلاً في غضون شهرين
المصدر: "هآرتس ـ باراك رابيد"
" الموفد دايفيد ميدان وطاقمه سيواصلون المحادثات مع مسؤولين في
الاستخبارات المصرية من أجل التحضير للمرحلة الثانية من صفقة شاليط. في
إطار المرحلة الثانية ستطلق إسرائيل سراح نحو 550 أسيراً فلسطينياً في غضون
شهرين، هؤلاء تختارهم دون حاجةٍ للمفاوضات مع حماس. مصدر سياسي رفيع أشار
إلى أن الموضوع متعلقُ بمعتقلين أمنيين، لم يحكم عليهم بأحكامٍ مؤبدة ولم
يقتلوا إسرائيليين.
رئيس الشاباك يورام كوهين أكّد بعد توقيع الاتفاق الأسبوع الفائت أن إطلاق
سراح المعتقلين لن يضر بالحالة الأمنية في المناطق. هذا ويتوقع أن يشرف
الشاباك سوياً مع الاستخبارات المصرية على المعتقلين الذين أطلق سراحهم إلى
الضفة الغربية وإلى قطاع غزة وكذلك على هؤلاء الذين أبعدوا إلى الخارج.
هذا، للتأكد بأنهم ينفذّون الالتزامات التي أخذوها على عاتقهم. إسرائيل لم
تلتزم بعدم المس بالمعتقلين الذين يعودون إلى الإرهاب ويخرقون شروط إطلاق
سراحهم. كما ستجري محادثاتُ مماثلة مع الاستخبارات التركية التي ستراقب 11
مخرباً فلسطينياً أبعدوا إلى تركيا في الصفقة.
في المقابل، لجنة شمغر، التي صاغت من أجل الحكومة توصيات لمواجهة عمليات
الخطف يتوقع أن تحدّث التقرير الذي أرفقته في أعقاب عِبَرْ صفقة إطلاق سراح
غلعاد شاليط. وقد أشار مصدر أمني إلى أن اللجنة ستلتقي في الأسبوعين
المقبلين مع الموفَد ديفيد ميدان ومع هيئات أخرى التي كانت مشاركة في بلورة
الصفقة قبل أن تقدّم التقرير لوزير الدفاع.
وزير (الحرب)، إيهود باراك عين اللجنة في العام 2008 كي تصوغ مبادئ وتوصيات
لسياساتٍ حكومية بشأن عمليات خطف مستقبلية لجنودٍ ومدنيين إسرائيليين من
قبل منظمات إرهابية بهدف المساومة وإطلاق سراح مخربين. يترأس اللجنة رئيس
محكمة العدل العليا في السابق القاضي المتقاعد مائير شمغر، مدير عام وزارة
الدفاع في السابق, اللواء في الاحتياط عاموس يرون والبروفيسور آسا كشر.
كذلك اللجنة أنهت عملها قبل أكثر من سنة وعرضت نتائج أولية على وزير
(الحرب) باراك. القسم الأول من التقرير عمل بفحص إجراءات اتخاذ القرارات
في الحكومة في حالات خطف سالفة في السابق. كذلك، شمل التقرير توصيات حيال
الأثمان التي ستوافق إسرائيل على دفعها في حالات خطفٍ مستقبلية.
منذ استكمال التقرير قرر عدم نشره بكامله حتى استكمال الصفقة لإطلاق سراح
غلعاد شاليط وهذا من أجل عدم التصعيب على المفاوضات مع حماس. وزير الدفاع
باراك اعتقد عندها أنه لا يمكن تطبيق توصيات اللجنة على قضية شاليط.
أعضاء اللجنة معنيون بتحديث توصياتها على ضوء عِبَرْ قضية شاليط. هم
سيلتقون مع المبعوثين ديفيد ميدان وحاغي هداس وهيئات أخرى التي عُنيت بقضية
شاليط ـ داخل الحكومة وفي خارجها. أحد المواضيع الذي على ما يبدو ستعمل
به اللجنة سيكون الحملة الإعلانية العامة لإطلاق سراح شاليط وتأثيرها على
المفاوضات.
وبحسب كلام مسؤولٍ رفيعٍ في القدس، فإن باراك مهتمُ بإيصال التقرير المحدّث
للمناقشة في الحكومة بأسرع ما يمكن. وزير (الحرب) يعتقد أنه بعد استكمال
صفقة شاليط يمكن إجراء مناقشة منظّمة ونظيفة قدر المستطاع من اعتباراتٍ
عاطفيةٍ ولبلورة سياسية حكومية بشأن عمليات الخطف. رئيس الحكومة نتنياهو
مهتمُ هو أيضاً بإجراء مناقشة في الحكومة.
من جهةٍ أخرى، عدد من وزراء رفيعي المستوى في الحكومة يعتقدون أنه حتى لو
حددت سياسة حكومية، فإنه يصعب على أي رئيس حكومة في المستقبل تنفيذها بعد
الضغط الجماهيري الكبير الذي سيتكرّر أيضاً في قضايا أخرى.
في المقابل، الإعلام المصري أفاد أمس أّن إيلان غرفل سيطلق سراحه في غضون
أسبوع. بحسب الصحيفة المصرية اليوم، محامٍ وممثلون من سفارات إسرائيل
والولايات المتحدة زاروا غرفل يوم الثلاثاء في المعتقل الذي يُحتجز فيه
وأبلغوه بأن إجراءات إطلاق سراحه قد انتهت. وبحسب التقرير, المندوب
الأمريكي أوضح لغرفل أنه لم يقدم ضده أي اتهامٍ ولن يخضع لإجراءٍ قضائي. من
جهةٍ أخرى، مصدر قضائي مصري قال للصحيفة إن الادِّعاء العام في مصر لم
يتلقَ تقارير حول صفقةٍ متبلورة، وأنهم يعتزمون تقديم اتهامٍ ضد غرفل في
المحكمة العليا لأمن الدولة.
كما أفادت صحيفة الشرق الأوسط أن الصفقة ستخرج إلى حيز التنفيذ في معبر
الحدود طابا، وأنه في المقابل سيطلق سراح 81 معتقلاً مصرياً من المسجونين
لديها. في هذه المرحلة ليس واضحاً إن كان سيطلق إضافة إلى غرفل سراح
المواطن الإسرائيلي عودة طرابين، المسجون في مصر منذ العام 2000 بتهمة
تجسس".