"فور أحداث الحادي عشر من أيلول، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش (حربا
عالمية على الإرهاب). ولكن من فاز بها وحقق إنجازات هائلة هو خليفته الرئيس
باراك أوباما. ففي يوم الجمعة، وفي عملية مخططة جيدا، إعتمدت على
إستخبارات دقيقة ومحدثة، قامت وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية
باغتيال الشيخ الأمريكي ـ اليمني أنور العولقي، بواسطة صاروخ أطلقته طائرة
بدون طيار جنوبي اليمن. وكان العولقي الزعيم الروحي ورجل عمليات تنظيم
القاعدة في شبة الجزيرة العربية.
وجاء الإغتيال في الوقت الذي كان فيه العولقي وعدد من أتباعه ومن بينهم
أمريكي ـ يمني آخر، يركبون سيارة بعد مشاركتهم في جنازة. العولقي (40 عاما)
ولد في الولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي كان والده يدرس في إحدى
الجامعات الامريكية.
وبعد ذلك عادت الأسرة إلى اليمن، وتولى الأب هناك وزارة الزراعة، ورئيس
جامعة صنعاء، وكان من المقربين للرئيس علي عبد الله صالح. ولكونه من أسرة
ثرية، عاد العولقي إلى الولايات المتحدة الأمريكية ودرس الهندسة، وأعد
رسالة الدكتوراه، ولكن بدلا من ذلك نمت بداخله كراهية عميقة للولايات
المتحدة الأمريكية وبدأ في مسيرة راديكالية ـ إسلامية.
وقد كان مسؤولا عن عدد من الإعتداءات الإرهابية ومحاولات لتنفيذ عمليات
أخرى على الأراضي الأمريكية أو ضد أهداف أمريكية: قتل 13 جنديا أمريكيا في
قاعدة بتكساس بواسطة ضابط أمريكي من أصل أردني، كان قد تأثر بمواعظه. إرسال
طرود مفخخة، ومحاولة طالب نيجيري تفجير طائرة خلال رحلتها من أمستردام إلى
ديترويت.
وقد جاء الإغتيال نتيجة تعاون وثيق بين وكالة الإستخبارات المركزية
الأمريكية، سلاح الجو، والقوات الخاصة، وعناصر إستخباراتية جمعت معلومات
دقيقة، ولم تتردد نتيجة الفشل السابق، حتى نجحوا في تنفيذ هدفهم بعد صبر
طويل ـ فهم الأبطال المجهولون الذين نفذوا العملية التي حملت اسم شيفرة هو
(OBJECTIVE TROY).
ولكن من يستحق أن ينسب له النجاح هو كما هو واضح... الرئيس، والذي يتم هذا
الإغتيال أيضا في ولايته. أوباما وإدارته يرفعون هاماتهم جراء إنجازات
رائعة في الصراع ضد الإرهاب الذي خرج من المدرسة الإسلامية المتطرفة. وقد
كان العمل الأهم في هذا الصراع في شهر مايو الماضي.
ففي عملية إستخباراتية ـ عسكرية جريئة، تم تنفيذها بواسطة الكوماندوس
البحري ـ (أسود البحر)، تم إغتيال أسامة بن لادن في باكستان ـ الإرهابي
المطلوب والأكثر شهرة في العالم، والذي كان مجال إعجاب العولقي وآلاف من
أتباعه الذين شربوا الأيديولوجيا الجهادية الخاصة به وعملوا طبقا لمواعظه.
قائد كبير آخر في الحركة التي يطلق عليها تنظيم القاعدة، قُتل أيضا بواسطة
(أسود البحر) وهو صالح علي صالح نبهان ـ الكيني، الذي تعرض لإطلاق الرصاص
في سبتمبر 2009 من مروحية أمريكية في الصومال. وقد كان نبهان متورطا في
إعتداءين قاتلين ضد السفارة الأمريكية في نيروبي وفي دار السلام بتنزانيا
عام 1998. وبعد ذلك ضد فندق (برادايس) في مومباسا عام 2002، حيث قتل ثلاثة
إسرائيليين، وكذلك محاولة فاشلة لإسقاط طائرة شركة (أركياع) بواسطة إطلاق
صاروخ محمول على الكتف خلال إقلاعها من مومباسا.
تقريبا لا يمر أسبوع من دون أن تقوم الطائرات الأمريكية التي تعمل بدون
طيار والقوات الخاصة بقتل ناشط إرهابي أو آخر تابع لتنظيم القاعدة أو
طالبان في باكستان وأفغانستان. ومثل إقتباس المشهد الإفتتاحي لفيلم (الطيب،
الشرس، والقبيح) من الممكن القول إن بوش تحدّث وتحدّث عن الحرب على
الإرهاب، بينما أوباما هو من أطلق الرصاص.
فالإنجازات التي حققها الرئيس وإدارته تُحلّي مرارة المعركة الإنتخابية
التي توجد في ذروتها، وتحدث توازنا للإخفاقات في السياسات الخارجية (المأزق
في النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني على سبيل المثال) وكذلك السياسات
الداخلية (الإقتصاد)".