المصدر: يديعوت احرونوت - أساف دافيد
تصدر الأردن مجدداً العناوين في إسرائيل، وبنفس السياق المعروف.
فقد قال الملك عبد الله، في لقاء مع مفكّرين أردنيين في عمان، "اليوم،
الأردن، ومستقبلاً فلسطين ايضا، هما أقوى من إسرائيل. لو كنت إسرائيليا
اليوم، لكنت قلقاً جداً". وقد اعترف بأنه قال لمفكّر إسرائيلي إلتقاه في
الولايات المتحدة، إن الربيع العربي يضع إسرائيل في وضع أصعب من
الماضي.الرد في إسرائيل لم يأتِ متأخراً. فقد أعلن مسؤولون رفيعون في
القدس، والذين شعروا بأنه على إسرائيل أن تدحض مباشرةً كل مقولة بهذا
الاتجاه، أعلنوا بأن "الأردن يقف على شفير الهاوية" وأنه "من المحتمل أن
المملكة تواجه خضّة كبيرة". هذا الكلام، يُشكّل تغييراً في سياسة رد
إسرائيل بالنسبة للأردن، ويجب السؤال إلى أي حد هم أذكياء بشكل عام، وفي
هذا الوقت بالتحديد.ترتفع حدّة هذا السؤال حيال حقيقة أن تطرق الملك
لإسرائيل كان هامشياً. وأساس كلامه هدفه صدّ الحديث الداخلي في الأردن حول
الهوية القومية والعلاقات الأردنية- الفلسطينية، والذي تأجّج في أعقاب نشر
مئات وثائق ويكيليكس في نهاية آب. وقد كشفت تلك الوثائق، كما لو أن هناك،
"صفقة كبيرة" بين الولايات المتحدة والنخبة الإصلاحية في المملكة على توطين
دائم للاجئين الفلسطينيين الذين يسكنون هناك مقابل إلغاء التمييز ضد
السكان الفلسطينيين وإبطال تحقّق كابوس تحوّل الأردن إلى "وطن بديل"
للفلسطينيين. من المناسب قول الحقيقة: في السنوات الماضية زاد الملك عبد
الله من حدّة تصريحاته بالنسبة لإسرائيل وتحدّى مراراً وتكراراً منظومة
العلاقات بين الدولتين. إن العلاقات بين الأردن وإسرائيل قد عادت إلى
مسارها فقط في صيف 2010. وخلال تلك المرحلة كلها، حرصت إسرائيل على ضبط نفس
إعلامي ملفت بالنسبة للأردن وامتنعت عن الردّ بشكل رسمي، اقتباساً أو
مجهول الهوية. لكن يبدو أن تصريحات الملك، الصراع بين إسرائيل والأردن حول
الوضع الراهن الحسّاس في القدس، ومؤخراً أيضا النزاع القائم بينهما في قضية
موقع الغطس في نهر الأردن، قد قضوا على الصبر الدبلوماسي لإسرائيل بالنسبة
للأردن وانتهوا بردٍّ استثنائي لإسرائيل بالنسبة لاستقرار الأردن.هذا،
وتُدار العلاقات بين إسرائيل والأردن منذ عقود طويلة على مستويين منفصلين:
امني وسياسي. هذا التمييز المعروف قد أُثبت في الوثائق التي نشرت في السنة
الماضية في ويكيليكس، والتي يسجّل فيها الأمريكيين بأن لإسرائيل دولتين
جارتين في الشرق: الأردن "الأمنية" والأردن "السياسية". وهناك مصلحة
لإسرائيل وللمملكة الهاشمية في التعاون الاستراتيجي، ليس فقط في المجال
الأمني وفي تصفية الإرهاب، إنما أيضا في المجال السياسي- إقامة دولة
فلسطينية والتي ستحدد بالتزامن سواء الهوية الـ "يهودية" لإسرائيل أو
الهوية الـ"أردنية" للأردن؛ وحتى في المجال الاقتصادي - مشاريع مشتركة
لصالح السكان في إسرائيل، في المناطق وفي الأردن، وعلى رأسها "القناة
البحرية".إن تشكيك إسرائيل العلني باستقرار الأردن سيضعفه أكثر: سيزعزع ما
تبقّى من الثقة بين القيادة الأردنية وبين حكومة إسرائيل، وسيعزز شعور
الجهات من الداخل والخارج المطالبة بزعزعة التسلسل الموجود في المملكة وقد
يعتقدون أن النظام يفقد هو أيضاً حلفاءه في إسرائيل وفي الغرب. وإذا كان
لإسرائيل مصلحة في جارة قوية وثابتة في الشرق، عليها ألاً تعرقل محاولات
النظام الهاشمي بإصلاح العلاقات المقطوعة بين الأردنيين والفلسطينيين في
المملكة، وعليها ألاّ تحوّلها إلى فأسٍ للحفر بها. إنّ ضبط النفس هو قوّة.