المصدر: "موقع NFC الاخباري ـ حان بن إلياهو"
" اتفاق السلام مع مصر استنفذ ومجدداً أثبت العرب أن يدهم هي
العليا بشأن إجراء مفاوضات ووصول إلى اتفاقات. "قصاصة الورق" التي تسلمها
بيغن من السادات آخذة في الاصفرار، آخذةُ بالتحلُّل وكذلك بعد مدة قصيرة
جدا لن يبقى منها شيء.
تحت سماء البحر الأبيض المتوسط تأخذ غيوم الحرب بالاسوداد. لا يمكننا
أيضاً الهروب من الحقيقة الواقعية المريرة هذه إلى هلوسة "السلام" الحلوة
والمحببة إلى حدٍ ما لمعظم شعب إسرائيل. كثير وكثير من الإشارات المحسوسة
تشير إليها وتبشر بها. ومع هذا، حكومة إسرائيل بحماقتها وبمطاردتها هدوء
مشابهُ لزمنٍ قصيرٍ وثابتٍ في قطاع غزة، تعمل كمحفِّزٍ، كملحٍ وكمشجع، تضيف
وتصب الزيت لمشعلة الحرب المحتومة التي على الباب، حرب مع مصر. قولوا
السلام على"السلام".
اتفاق "السلام" المتزعزع مع مصر استنفذ. منذ البداية لم يكن هذا سوى اتفاق
عدم حرب، اتفاق خضوع من الجانب الإسرائيلي الذي تنازل بشكل مطلق عن إنجازات
حروب، الستة أيام ويوم الغفران، وحصلوا في المقابل على حصة كبيرة من الجو
الساخن وإيماءة سخرية كإضافة، أو بحسب ما صرّح بهذا الرئيس المصري السادات
بالشكل الأفضل، حيث في أحد لقاءاته الإعلامية مع رئيس الحكومة مناحيم بيغن
مطلع سنوات الثمانينات من القرن الماضي قال: "مسكينُ مناحيم، أنا حصلت على
كل سيناء، وعلى ماذا حصل مناحيم؟ قصاصة ورق..." أي " أنا حصلت على أرض،
منطقة كبيرة، شيء ما ملموسُ وحقيقي، قطعة واقع، وربما مناحيم حصل على صفر
واحدٍ كبير، جو ساخنُ، قصاصة هلوسةٍ وحلم".
وهذا في الواقع كل الحكاية. اتفاق "السلام" المصري-إسرائيلي الذي استنزف كل
سيناء للجانب الأول و"قصاصة الورق" للجانب الثاني يشكل منه وفيه خرق فاضحُ
ولاذعُ للتوازن الضروري بين القوة الكامنة، بين مجمل القوة القومية للجانب
الأول وبين مجمل القوة القومية من الناحية الأخرى، التوازن المحسوس وفق
الأغلبية في حربٍ شاملة وخرقه اللاذع عبر"قصاصة الورق"لـ"اتفاق سلام" الذي
لا يحتسب بنتائج الحرب هي نفسها التي تكمن داخلها بذور الشر للحرب المقبلة.
اتفاق السلام مع مصر استنفذ ومجدداً أثبت العرب أن يدهم هي العليا بشأن
إجراء مفاوضاتٍ ووصولٍ إلى اتفاقات. "قصاصة الورق التي حصل عليها بيغن من
السادات آخذة بالاصفرار، آخذة بالتحلل وكذلك بعد مدة قصيرة لن يبقى منها
شيء. رغم هذا، كل شبه الجزيرة سيناء محفوظ بشكل آمن بأيدي مصر، قطعة أرض
كبيرة وواقعية مقابل "قصاصة ورق" الموشكة على الطيران في الجو الحار الشرق
أوسطي. بلاد، أرض، تراب. هذا اسم اللعبة في الشرق الأوسط بشكلٍ خاص وفي
العالم بشكل عام. فقط عند فشله الذي تحرك 2000 سنة بأوراقه البريدية، عاش
بتلوث جو بلاد الكافرين واعتاش بمهنةٍ جويةٍ، لم يفهم وأضفى الحقيقة
النهائية هذه والتي بسببها كان زعمائه قادرون على التوقيع على تلك "القصاصة
الورقية" المهترئة لهلوسة السلام الآخذة بالتحلل أمام أعيننا في هذه
الأيام حقاً، ومع هذا للحصول على جوٍ ساخنٍ مقابل الأرض.
وفي الوقت الحاضر, فجأة جاء. النظام الديكتاتوري لمبارك، خليفة السادات
الذي وقَّع على تلك "القصاصة الورقية" الهزيلة، أقصي بالثورة. الأوقات
والمزامير تغيّرت. جماهير الشعب ترفع رأسها وتتصرف بمسؤولية، أي الإسلام
يرتفع ويتصرف بمسؤولية. الجماهير يتظاهرون أمام سفارات إٍسرائيل في القاهرة
ويطالبون بعزل السفير إلى بيته، إلى إسرائيل. هجمة مخططة جيداً لجيش حماس
التخريبي الغزاتي تُنسق مع الجيش المصري الذي يشارك ويخرج للعمل داخل مناطق
إسرائيل، بالقرب من الحدود مع مصر. وعلى خلفية ذلك سمع الشعار الكاذب
المستخدم حتى الغثيان لـ"مناطق مقابل السلام" عندما تطالب المنظمة المصرية
"جبهة تحرير أم رشراش" بإعادة منطقة المدينة إيلات إلى مصر والتي احتلَّت
من قبل إسرائيل في حرب التحرير.
حيال كل هذا، أتت حكومة إسرائيل بقيادة المجنون الأحمق وزير الدفاع إيهود
باراك وترد بشكلٍ واهمٍ وبعملٍ أحمق بنقض الاتفاق المتزعزع مهما كلّف الأمر
مع مصر، نقض الاتفاق انطلاقا من رغبة إسرائيلية مستقلة تسمح بإدخال قواتٍ
أخرى من الجيش المصري إلى شبه جزيرة سيناء من أجل أن "يفرضوا النظام"
ويحافظوا على "السلام". لكن اعلم أن"سخرية التاريخ" هي القائمة في هذا
المكان بنشاطها وأن "الإنسان بالتفكير والرب بالتقدير": التكالب وراء
"السلام" بأي ثمن يسرِّع ويقرب الحرب المقبلة.
فقط أعطونا قليلاً من هذا "السلام" كما تتوسّل حكومة إسرائيل، كذلك جرعة
مخدرٍ واحدة، ساعة تاريخية إضافية واحدة من الهلوسة الحلوة...ولكن اعلم أنه
لا يوجد في إدخال هذه القوات سوى استئناف آخر للتوازن بين القوى العظمى،
بين القوة الكامنة, وهذه القوات ستكون في المستقبل كحصان طروادة سيفتح بطنه
وينفجر بوجهنا. اليوم هذه المدرعات التي تُدخل إلى سيناء على رأي
حكوماتنا، غداً ستكون هذه الدبابات، اليوم هذه مروحيات استطلاع ونقل، غداً
ستكون هذه المروحيات الحربية، اليوم آلاف جنود وغداً عشرات الآلاف من
الجنود المصريين الذين سيملؤون سيناء وبعد أن ينهوا "فرض النظام" والحفاظ
على ما يسمى "السلام" سيتوجهون للأمر الحقيقي من ناحيتهم، حربُ محتومةُ مع
إسرائيل.
ثورة, الجمهور يرفع رأسه، دعوةُ لإقصاء السفير، تسخين الحدود، طلب ٌلإعادة
"أم رشراش" هي إيلات. وكما لو أنه لم يكفِ بكل هذه الإشارات التي تبشر بأن
حرباً تقف على بابانا، جاءت حكومة إسرائيل المرتبكة لتضر بشكلٍ مباشرٍ
بالأمن القومي وهي تسمح بإدخال قوات أخرى من الجيش المصري إلى سيناء وتصب
الكثير الكثير من الزيت على عجلات الحرب المقبلة، المحتومة على ما يبدو،
الآخذة بالاقتراب. ونحن، نحن نؤمن بخلود إسرائيل ونصرنا. أقوياء وسنزيد قوة
من أجل شعبنا ومن أجل تكليل آلهتنا والله يصنع الجميل بنظرنا".