عناوين الصحف وأخبار وتقارير ومقالات مترجمة من صحافة العدو
صحيفة "يديعوت احرونوت":ـ على شفا اتفاق مع الاطباء.
ـ كالكلب (مبارك).
ـ أين الرحمة؟
ـ ألف طبيب جديد.
ـ احتجاج على الطابور.
ـ المراقب في الخيمة.
ـ المالية ترفض معظم المطالب.
ـ رئيس في قفص.
ـ في طريق صدام.
ـ "نحن نتخلص من مصيبتنا" – الجماهير في مصر تشاهد مبارك يُقتاد الى محاكمته:"هذا يوم تاريخي".
صحيفة "معاريف":
ـ محاكمة الاهانة لمبارك.
ـ كآخرالفراعنة.
ـ في جادة الاحتجاج – شارع واحد، ست مظاهرات.
ـ روتشيلد زاوية الاحتجاج.
ـ شرخ في الاحتجاج.
ـ اختراق( في اضراب الاطباء).
ـ القانون والغضب (قانون لجان السكن الوطنية).
ـ والآن:المعلمون.
ـ ساعة المقصلة.
ـ رُفع الى القربان.
ـ الجيش السوري يقتل نحو 200 شخص.
صحيفة "هآرتس":
ـ نتنياهو:لا خطر على الحكومة جراء الاحتجاج.
ـ على الحمالة داخل قفص الاتهام بدأت محاكمة حسني مبارك.
ـ اختراق في الاتفاق مع الاطباء..ادلمان أوقف الاضراب عن الطعام.
ـ مشروع قانون جديد: العربية ليست لغة رسمية.
ـ نتنياهو سيُقر في الكنيست قانون لجان السكن الوطنية..
ـ قادة الاحتجاج: سنشدد الكفاح ضد الحكومة.
ـ القانون يسمح ببناء آلاف الشقق ويعزز المستحدثين.
ـ تعايش حول النرجيلة في الخيمة في يافا.
ـ منظموالاحتجاج يطلبون الشقق للوسط العربي ايضا.
ـ ثلث النواب: اسرائيل تُعرّف أولا يهودية..وبعد ذلك ديمقراطية.
صحيفة "اسرائيل اليوم":
ـ رئيس في قفص.
ـ د.ادلمان أوقف الاضراب عن الطعام؛ اختراق في المفاوضات مع الاطباء.
ـ محبوس ومُهان.
ـ "مثل آخر المجرمين".
ـ الانجاز:ألف من الملاكات.
ـ "السوبر تانكر" للبناء تقلع.
ـ قبل الاجازة – وابل من القوانين في الكنيست.
ـ "الفلسطينيون يفهمون بأنهم سيخسرون في مواجهة مع اسرائيل".
أخبار وتقارير ومقالات
كالكلب .. رئيس في قفص إهانة حياته: حسني مبارك، الزعيم الذي حكم مصر بيد من حديد على مدى ثلاثين سنة، اقتيد مريضا على نقالة الى قفص الاتهام..
المصدر: "يديعوت أحرونوت – سمدار بيري"
" بماذا فكر حسني مبارك حين استلقى – عديم الوسيلة، مُهان، شاحب – على الحمالة داخل قفص الاتهام في القاهرة؟ فهل وبخ نفسه على اصراره الامساك بالحكم الى أن بات الامر متأخرا، هل فكر بأنه كان من الأفضل له لو فر الى السعودية بدلا من شرم الشيخ وأعفى نفسه من إهانة حياته؟.
في الساعة 11 صباحا بالضبط تدحرجت الحمالة وعليها الرئيس المصري السابق نحو قاعة المحاضرات الكبرى في كلية الشرطة في القاهرة، التي كانت تسمى حتى قبل شهرين على اسمه: "اكاديمية مبارك". وساد صمت في القاعة. 600 زوج من العيون اتجهت دفعة واحدة نحو القفص الحديدي الذي أُقيم للمتهمين العشرة. سبعة دخلوا الى القفص: وزير الداخلية المخلوع حبيب العدلي، وستة من مساعديه الكبار جلسوا على مقاعد خشبية. بعدهم سار الى الداخل جمال وعلاء، نجلا مبارك، يلبسان الابيض. النجلان، اللذان يعتبران علمانيين تماما، حملا القرآن طوال فترة المداولات.
وعندها أُدخلت الحمالة الى القفص: مبارك ابن 83، مربوط بالتغذية عبر الوريد. يده اليمنى خرجت من تحت البطانية. شعر رأسه، الذي صبغ بالاسود قبيل ظهوره العلني الاول منذ خُلع، لم يغط على شحوبة المرض التي ألمت بوجهه.
طبيبه الملاصق، د. عبد الرازق، جلس على رأس السرير. نجلاه وقفا أمام الحمالة، في محاولة يائسة لمنع الكاميرات من كشف الرئيس ببؤسة أمام ناظري العالم. ولكن مبارك رفض الاختباء. "دعني أرى"، أشار الى علاء. الابن البكر انثنى نحو أذن أبيه. "فلنكن أقوياء"، حاول التشجيع.
القضاة الثلاثة في محكمة الجنايات المدنية احتلوا مواقعهم. ومبارك يعرفهم جيدا. هو بنفسه وقع على كتب تعيينهم. والآن القضاة الذين عينهم يمكنهم أن يبعثوا به الى المشنقة. رئيس المحكمة القاضي احمد رفعت، قدم قواعد اللعب:
"لا للازعاج، لا للصراخ ولا للنهوض من الاماكن".
وقد خُرقت القواعد على الفور. عشرات المحامين وأقرباء قتلى الثورة طلبوا حق الحديث وسيطروا على الميكروفون الواحد تلو الآخر، طالبوا ضمن امور اخرى، استدعاء شهود ادعاء جدد، وعلى رأسهم الحاكم بالوكالة طنطاوي ونائب الرئيس السابق سليمان. وحمى مبارك عينيه بيديه من شدة الضوء الذي أزعجه ونظر الى ساعته متسائلا متى ينتهي الكابوس.
ممثل الادعاء العام نهض واتهم مبارك بالمسؤولية عن قتل 847 من المتظاهرين ضده في عشر مدن في أرجاء مصر. "أنت متهم بارسال المركبات لدهس المتظاهرين حتى الموت"، وجه الاتهام للرئيس السابق، "أمرت بفتح النار من اجل قتلهم كي تحافظ على نظامك". ولم يعفه من الاهانات. فقد وصفه بـ "السفاح".
كما ذُكر اسم اسرائيل ايضا في المحاكمة. مبارك ونجلاه متهمون ببيع الغاز الطبيعي لاسرائيل بسعر أدنى من سعر السوق وأدخلوا الى جيوبهم الفارق: 714 مليون دولار. ويتهمهم الادعاء بمنح اراض واسعة في سيناء الى رب المال حسين سالم، للامبراطورية السياحية التي أقامها. ومقابل الاراضي، كما زُعم، حصل أفراد عائلة مبارك على ست فيلل بقيمة عشرات ملايين الدولارات. سالم، الشريك المصري لرجل الاعمال الاسرائيلي يوسي ميمان في شركة الغاز "EMG" فر الى اسبانيا واتُهم بلا حضوره بتقديم الرشوة. وقال المدعي العام ان "مبارك باع روحه للشيطان ومس بالاقتصاد المصري. أطالب له بأقصى العقوبات".
أما مبارك، صاحب الصوت الواثق فقد سُمع ضعيفا ومحطما حين أنكر كل التهم.
في ختام اربع ساعات انتهت المداولات. جمال وعلاء دحرجا بنفسيهما سرير أبيهما الى الخارج. مبارك لم يُعاد الى المستشفى في شرم الشيخ حيث أُخذ بالمروحية صباح أمس. فقد أُنزل في مستشفى خاص ومحروس بين القاهرة والاسماعيلية.
المعركة القانونية، للحياة أو الموت، ستُدار من الآن فصاعدا حول مسألة من أصدر الامر بفتح النار على المتظاهرين. فرص مبارك للخروج بريئا بدت أمس هزيلة: حتى لو تبين بأن العدلي هو الذي أمر باطلاق سراح القتلة من السجون، سلحهم ودفعهم نحو المتظاهرين – فقد كان مبارك هو الذي عمل بصفته القائد الاعلى. المعلومات تدفقت الى قصره، كما سيدعي الادعاء، وهو لم يحرك ساكن".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الفلسطينيون يفهمون بأنهم سيخسرون في مواجهة مع اسرائيل"..
المصدر: " اسرائيل اليوم – جدعون ألون"
" المحافل الحكومية لم تكن منسقة ولم تجرِ حوارا حتى وقت أخير مضى قُبيل اعلان محتمل عن دولة فلسطينية في ايلول. هذا ما ظهر في مسودة تقرير للجنة الخارجية والامن في الكنيست.
في نقاش في اطاره عُرضت مسودة التقرير، عاد رئيس اللجنة النائب شاؤول موفاز من كديما لينتقد الحكومة، فقال: "ليس لاسرائيل استراتيجية واضحة لكيفية التصدي للتحدي. كل محافل الاستخبارات التي التقيتها قالت إن طرف خيط مسيرة سياسية – سيكون فيه ما يساعد اسرائيل قُبيل ايلول".
براك بن – تسور، الكبير السابق في شعبة الاستخبارات وفي المخابرات، أعد مسودة التقرير. على حد قوله، اذا ما حظي الفلسطينيون باعتراف، فدولتهم ستكون مشاركة في كل اجهزة الامم المتحدة. وهكذا مثلا من شأن منظمة الطيران الدولية أن تحظر على الطائرات الاسرائيلية التحليق في سماء يهودا والسامرة.
مسودة التقرير تقضي بأن "قيادة السلطة الفلسطينية ترى في الامتناع عن العنف أحد الدروس الأساس من الانتفاضة الثانية. في السنوات الاخيرة تستثمر السلطة جهودا كبيرة في اعداد البنية التحتية للدولة. التنسيق الامني بين اسرائيل والفلسطينيين شامل، ويوجد تغيير ايجابي في الوضع الامني وفي فرض القانون والنظام من قبل الاجهزة. القيادة الفلسطينية تشجع أجواء الازدهار والنمو الاقتصادي، خلافا لعهد عرفات. والفكرة هي ان لديهم ما يخسروه في مواجهة أمنية مع اسرائيل".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشروع قانون جديد: العربية ليست لغة رسمية..
المصدر: "هآرتس – يونتان ليس"
" على طاولة الكنيست وضع أمس مشروع قانون موضع خلاف بموجبه يتم تغيير التعريف الدارج لاسرائيل كـ "دولة يهودية ديمقراطية". وحسب صيغة المشروع، ستُعرف اسرائيل بأنها الدولة القومية للشعب اليهودي، ويشار فيها صراحة الى أن النظام الديمقراطي في اسرائيل سيكون تابعا لتعريف الدولة كـ "وطن قومي للشعب اليهودي". ووقع على مشروع القانون 20 من بين 28 نائبا من كديما.
مشروع القانون، الذي بادر اليه ضمن آخرين آفي ديختر (من كديما)، زئيف ألكين (الليكود) ودافيد روتم (اسرائيل بيتنا) يُعيد تصميم المسلمات الأساس حول طابع دولة اسرائيل: هكذا، مثلا، يقرر بأن اللغة الرسمية الوحيدة في اسرائيل هي اللغة العبرية، وذلك رغم أنه حتى اليوم يعترف بالعربية والانجليزية كلغتين رسميتين. ومع ذلك فقد كُتب في القانون: "للغة العبرية مكانة خاصة، ولناطقيها حق الوصول اللغوي الى خدمات الدولة، كله كما يقرر القانون".
بند آخر موضع خلاف يقضي بأن القضاء العبري سيكون مصدر الالهام للمشرع وللمحكمة. وهكذا سيكون النواب مطالبين بالتشريع بروح القضاء العبري، والمحاكم باتخاذ القرارات استنادا الى القضاء العبري في الحالات التي لا يوجد فيها قانون صريح قائم. وحسب صيغة مشروع القانون، فانه اذا "رأت المحكمة مسألة قضائية تستدعي الحسم ولم تجد لها جوابا في سجل القوانين، بنص مقرر، فستحسم فيها على ضوء مباديء الحرية، العدل، الاستقامة والسلام لتراث اسرائيل".
بند آخر في مشروع القانون يقضي بأن "تعمل الدولة على جمع منافي اسرائيل والاستيطان اليهودي في نطاقها وتخصص من مقدراتها لهذه الغايات". وخلافا التطلع الصريح لاقامة استيطان يهودي، فان القانون يقيد اقامة الاستيطان المجتمعي لابناء القوميات الاخرى ويبقي القرار في يد الدولة. "الدولة مخولة بالسماح للجالية، وعلى رأس ذلك أبناء دين واحد أو قومية واحدة باقامة استيطان جماهيري منفصل".
وحسب أحد المبادرين للقانون، النائب ألكين، فان "القانون يأتي لمنح المحاكم مبررا يدعم مسألة القومية اليهودية للدولة عند حسمهم في اوضاع يصطدم فيها الطابع اليهودي للدولة مع مباديء الديمقراطية". وبزعمه، فان "المحاكم تتردد غير قليل في مثل هذه المسائل، مثلما في قانون العودة الذي هو قانون مميز".
ولا يشغل بال ألكين آثار هذا القانون على صورة دولة اسرائيل في العالم: "اذا كنا نتحدث عن العالم الذي شبهت فيه الامم المتحدة الصهيونية بالعنصرية ربما تكون مشكلة. أما اليوم فان العالم سيكون مستعدا لقبول ذلك"، قال ألكين.
حتى الآن وقع على مشروع القانون ما مجموعه 40 نائبا من الائتلاف والمعارضة على حد سواء، بمن فيهم ممثلين من حزب العمل، الاستقلال، اسرائيل بيتنا والاتحاد الوطني. في الكنيست قدروا بأنه صحيح حتى الآن توجد اغلبية متماسكة للمشروع، الذي سيُرفع الى التصويت في الدورة الشتوية للكنيست.
وحسب صيغة القانون، فسيكون ممكنا تغييره فقط من خلال تشريع قانون أساس بديل. خلافا لقوانين الأساس الاخرى، فان القانون الأساس الحالي يقرر بأنه لن يكون ممكنا تغييره إلا بواسطة تشريع لقانون أساس بديل فقط.
ويدور الحديث عن تقييد يرمي الى جعل القدرة على احداث تغيير في بنوده صعبة على نحو كبير. القانون الاساس: كرامة الانسان وحريته مثلا لا يقرر قيودا. حسب المشروع، صيغة القانون ستكون متصلبة ولن يكون ممكنا تغييرها إلا من خلال قانون أساس جديد فقط. وقد صيغ مشروع القانون بالتعاون وبمبادرة المعهد للاستراتيجية الصهيونية".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اختبار ميغرون
المصدر: "هآرتس"
" قرار محكمة العدل العليا، الذي يأمر بتفكيك بؤرة ميغرون الاستيطانية، التي دقت أوتادها قبل أكثر من تسع سنوات في ارض خاصة للفلسطينيين، هو أحد لوائح الاتهام الأخطر ضد المؤسسة السياسية في اسرائيل، الجهاز القضائي ومحافل الامن. رئيسة المحكمة العليا، دوريت بينيش، ورفيقاها في الهيئة قرروا بأن الاعمال لاقامة البؤرة الاستيطانية وتوسيعها تمت في ظل تجاهل أوامر الهدم وأوامر التحديد. ووقفوا عند المس الشديد والمتواصل بحقوق الملتمسين (اثنان منهم توفيا في اثناء المداولات) وبسلطة القانون.
وأشار القضاة الى انه لو لم تسمح الدولة منذ البداية بصعود البؤرة الى الارض وامتنعت عن اعمال فرض النظام لوقف توسعها، لما كانت بحاجة اليوم الى استخدام قوات كبيرة بغرض اخلاء مستوطني البؤرة الاستيطانية الكبيرة. في اسوأ الحالات، فان سلوك القيادة السياسية، القضائية والعسكرية في قضية ميغرون تشير الى انعدام حيلتهم تجاه المستوطنين، الذين أصبحوا أسياد الدولة. في حالة اسوأ من هذه، فان القضية تكشف النقاب عن علاقات تبادلية بين منتخبي الجمهور والذراع التنفيذية وبين سارقي الاراضي وخارقي القانون (حتى حسب رواية الدولة).
بعد أن قالت محكمة العدل العليا اقوالها القاسية عن التسويف الذي لا يطاق في كل ما يتعلق باخلاء البؤرة الاستيطانية، رفضت النيابة العامة التقدم بموعد هدف لتفكيكها. كل ذلك بعد أن كانت الدولة تعهدت قبل شهرين أمام محكمة العدل العليا بهدم ثلاثة مبان دائمة في ميغرون في غضون 45 يوما، إلا أن وزير الدفاع، اهود باراك، طلب تأجيل الهدم بحجة متهالكة في أن التوقيت ليس مناسبا "لاعتبارات تنفيذية". في حالة اخرى، تتعلق بالبؤرة الاستيطانية التي أُقيمت على أطراف مستوطنة عوفره، فاجأ باراك القضاة بطلب هاذ يدعوهم الى تأجيل تنفيذ أمر الهدم حتى انتهاء المفاوضات على التسوية الدائمة.
وتدل التجربة على أن ثمة مجالا للتخوف من أن الحكومة ستخترع قريبا ذريعة لأن تؤجل أمر محكمة العدل العليا ايضا والقاضي باخلاء ميغرون حتى نهاية آذار 2012. كل يوم آخر تتعاون فيه الدولة مع جُناة ميغرون وأمثالهم – بالتمويل، بالحراسة وبالتجلد على السلب من عديمي الوسيلة – هو يوم آخر من العار للعدالة، القانون والديمقراطية الاسرائيلية".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أين الشفقة؟
المصدر: " يديعوت أحرونوت ـ ايتان هابر"
" اذا كان قد ظهر أمس في عيون عدة أشخاص في اسرائيل شيء من البلل فلم يكن ذلك بسبب مطر هطل. فقد ظهر البلل في عينيّ على الاقل حينما ظهرت في التلفاز صورة رئيس مصر السابق.
بدا لعيون الملايين في مصر وأنحاء العالم أداة مكسورة، ورجلا ذليلا، وغبار انسان. مريضا، مستلقيا في سرير، مغطى بغطاء، يطرف بعينيه ويهمس من وراء قضبان السجن. أين الشفقة؟ ان عيونا غربية تنظر الى هذا المقام وتتساءل: كيف يضعون رجلا شيخا مريضا داخل قفص، ذليلا امام عيون الجميع؟
ربما من رأى حسني مبارك في ذروة مجده يستطيع أن يدرك عمق الذلة. فالرجل الذي حكم ثمانين مليونا من البشر، وحكم على آخرين بطرفة عين، والذي كانت في يديه القدرة على الخروج لحرب او صنع سلام بدا أمس كأنه تحقيق متطرف لمقولة "من الثريا الى الثرى".
سيكون من يقولون: ما الذي تأسون عليه هنا؟ فمبارك لم يكن حبيب صهيون. وكان مثل مئات ملايين العرب يسعده لو اختفينا عن الخريطة وعن عينيه.
لكنه مبارك نفسه الذي قرر بشجاعة ان يمضي على أثر سيده أنور السادات وان يختار طريق السلام. وقد فهم وعلم مشكلات الشعب المصري وقدر تقديرا صحيحا انه لا نهضة للشعب المصري من غير سلام مع دولة اسرائيل.
ربما كان مبارك مستبدا قاسيا وشخصا مخيفا لشعبه في الداخل. لكن هذا الرجل كان في الشرق الاوسط المتقلب جبلا صلبا وصخرة شبه وحيدة في ماء مائج. وظل يحفظ سور السلام حتى عندما اوشكت سفينة السلام ان تتحطم.
إن أولئك الحمقى الاسرائيليين فقط الذين يظنون انه يمكن تكرار نصر الايام الستة لن يأسوا لمضيه الى السجن. أما العالمون بالامور فسيشكرون له أكثر من ثلاثين سنة سلام والآلاف الذين يسيرون بيننا وفي شوارع القاهرة ولا ينامون تحت صفائح الحجارة في المقابر العسكرية.
وثمّ شيء ما شخصي هو أنه كان لي شرف ولذة لقاء مبارك عدة مرات. وقد رأيت أيام عظمته وشدة وطأته، كما ينبغي أن نقول. لم يكن ما نسميه "رجلا لطيفا". يبدو أن رجلا لطيفا لا يستطيع أن يحكم 85 مليون فم جائع. لكنه كان رجلا سليم العقل أراد الهدوء والسكينة لشعبه وكان مصريا فخورا. لهذا كان من المحزن جدا أن نراه أمسِ في هزيمته. ويبدو أننا نشتاق اليه بعدُ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيء غير حسن يحدث في القدس
المصدر: "اسرائيل اليوم ـ يوسي بيلين"
" لم أرَ تناولا للامر المدهش الذي نشر هذا الاسبوع في صحيفة "معاريف". صحيح أن من تقاليد الصحفيين الا يكثروا من تقارير المتابعة لانباء لم تنشر عندهم. لكنه كان نبأ مع كل ذلك. تخيلوا أن رئيس دولة اسرائيل يرتب لقاءا مع الرئيس الفلسطيني بعد أن اتفق مع رئيس الحكومة على ما اتفق عليه. وتخيلوا ان اللقاء السري قد حدد ليكون في الاردن. وتخيلوا أن الرئيس الفلسطيني كان في طريقه الى قطع جسر اللنبي، وفي خلال السفر بلغت الى سيارته مكالمة هاتفية من ديوان الرئيس الاسرائيلي تعتذر لانه لا يستطيع ان يأتي اللقاء. ويبدو أن هذا لانه لم يحظَ بموافقة رئيس الحكومة على مضمون الكلام الذي اراد إثارته في المحادثة. أهذا هاذٍ؟ أهو مأخوذ من كتاب رحلة جوية رخيص؟ أهو مقطوع عن الواقع؟ ربما. لكن أحدا لم يصدق، ولم ينكر احد. تعود الاخبار الى الخيام في جادة روتشيلد.
لا أنجح في أن أفهم. فهم من جهة يتحدثون في الحكومة عن موجة تسونامي في ايلول ويرسلون مبعوثين الى دول اوروبا في محاولة لاقناعها بعدم الانضمام الى الاكثرية الكبيرة التي ستؤيد الدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للامم المتحدة، ويجهد رئيس الحكومة نفسه في السفر الى عواصم شرق اوروبا لمحاولة التأثير في قلوب قادتها، ويطلب الى مجلس الامن القومي أن يعد سيناريوات وردودا على وضع تؤيد فيه الجمعية العامة الدولة الفلسطينية. لكن عندما يلوح ـ في ظاهر الامر، وفي ظاهره تماما – وجود لقاء قمة قبل وصول الامر الى الامم المتحدة بشهر، تلغى هذه القمة على أيدينا في آخر لحظة!
كلما أقتربت لحظة القرار، تبين أن قليلين متحمسون لبلوغه. والفلسطينيون يعلمون انهم قد يخسرون المساعدة الامريكية، وان الغضب الذي سينشأ في الشارع لعدم حدوث شيء حتى بعد قرار الامم المتحدة قد لا يكون موجها على اسرائيل وحدها بل على القيادة الفلسطينية نفسها ايضا. وهم يخشون جدا من أن الاعتراف قد يزيل الحاجة الى الاستمرار على علاج الصراع في العالم، عن شعور بأن القرار الحاسم الجوهري قد اتخذ. واسرائيل غير معنية بقرار يفسر بانه موجه عليها، وقد يبدأ فصلا غير لذيذ إزاء المحكمة الجنائية الدولية، وربما أيضا قطيعات واضرارا اخرى تنشأ عن القرار. وهي تخشى أيضا اعمال شغب تفضي الى جولة عنف اخرى مع الفلسطينيين حتى وان لم تشأ القيادة الفلسطينية ذلك.
نسافر جميعا على غير رغبة منا بسرعة تزداد نحو جدار قرار الامم المتحدة. نحن جميعا نراه تجاه أعيننا وعندما ينشأ في ظاهر الامر إمكان محادثة جدية تفضي الى اتفاقات عملية والى الغاء اقتراح القرار يكون الجانب الاسرائيلي خاصة هو الذي يلغي.
لست أعلم ما السبب وهل وقع ذلك. فاذا كان رئيس الحكومة هو الذي فضل أن يلقى بنفسه الرئيس الفلسطيني فلماذا لم يلقه؟ واذا كان رئيس الحكومة لم يوافق على الجوهر فلماذا حدد اللقاء؟ حدث شيء ما غير حسن هذا الاسبوع في القدس. ويبدو أن محاولة منع السوء فشلت لاسباب عجيبة. فمن سيدفع الثمن؟ نحن جميعا بالطبع الجالسين في الخيام وسكان إكيروف".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيلول: أخطار وأخطاء وتطورات
المصدر: "اسرائيل اليوم ـ رؤوبين باركو"
" في رحلة أبي مازن الى إعلان دولة فلسطينية من جانب واحد في أيلول القريب، خطّ رئيس السلطة لنفسه طريقا بلا مخرج. فمن هنا يستطيع الوصول إما الى افلاس وإما الى غرق في الوحل. ومن الواضح للجميع أن الصباح الذي سيلي الاعلان سيكون قاتما وبلا بشارة سواء اتخذ في الامم المتحدة أم رفض، لان اعلان الاستقلال لن ينجح في تغيير الوضع الحقيقي على الارض. فمن الواضح للفلسطينيين أنه اذا عمل ابو مازن على مواجهة إسرائيل من جانب واحد فستسلك اسرائيل بشدة ولن تخفف عنه حتى في المجال الاقتصادي الذي تعوده.
والفلسطينيون عالمون بان الاعلان من طرف واحد سيعفي اسرائيل من التزام اتفاقات اوسلو بل سيحررها من توقعات فلسطينية تتعلق بجوانب السيادة والاقتصاد وعودة اللاجئين وتقسيم القدس والحدود والمعابر وآلاف التفصيلات الوجودية الحاسمة الاخرى بالنسبة اليهم. هم لا يستطيعون ايضا الهرب من حقيقة أن اعلانهم بفلسطين في حدود 67 هو في الحقيقة اعتراف باسرائيل، مع تثبيت الوضع الراهن في المناطق وطريق مسدود مع عدم وجود تفاوض في المستقبل.
فهل ستحاول السلطة ان تشعل المنطقة برد؟ يعلم كبار مسؤولي السلطة جيدا بان المارد الاسلامي ينتظر ساعة مناسبة للسيطرة على الضفة الغربية كما سيطر على غزة. ولما كان الامر كذلك فانهم لا يسارعون الى تقدير انتحار جماعي على صورة اخلال بالنظام وانتفاضة قد تخرج عن السيطرة. وهم في الاكثر سيغضون عن انفجارات عنف محلية "مشروعة" لمسيرات ومعارضات بل انهم قد "يمرون" لهم عمليات على اسرائيل هنا وهناك. وعلى العموم قد يتوقع الفلسطينيون باحتمال كبير، برغم التأييد الكاسح المتوقع في الامم المتحدة باعلان دولتهم، أن يبطل قرار نقض امريكي هذا الاجراء. ويعتقد الفلسطينيون الذين يعارضون الاعلان انه لا يمكن ان يكون بالنسبة اليهم توقيت للاعلان اسوأ لانه سيتركهم الى انجاز محسوس على الارض ويؤبد الوضع كما هو. وهذا ينبع من أن نظم الحكم العربية مشغولة بصراعات بقاء ولن تستطيع ان تدعم مسارا فلسطينيا عمليا نحو السيادة. اما في الجانب الداخلي فان المنطقة المخصصة لتصبح دولة فلسطينية مقسومة بين دولة حماس الاسلامية ودولة فتح المتعثرة برئاسة أبي مازن.
وهم يتذكرون جيدا أيضا كيف هربت غزة من سيطرتهم أثناء الانتفاضة الثانية وبعدها. ويعلم المتنبهون منهم انه في حال الخطأ بالتوجيه تجب العودة الى البدء، الى تفاوض مباشر مع اسرائيل باعتباره الطريق الوحيد لاحراز نتائج. ومع كل ذلك يفضل ابو مازن اختيار الاعلان الذي ينبع من اليأس والغوغائية.
ان الخطر هو ان الفلسطينيين يعدون في الحقيقة شركا مغريا يحرج اوباما ويضطر الولايات المتحدة الى استعمال حق النقض والى أن تبرز بذلك مكان الولايات المتحدة باعتبارها تؤيد الصهاينة. وبهذا ستعمل الولايات المتحدة كما يعتقد فلسطينيون معتدلون يعارضون الاعلان من جانب واحد، في مصلحة القاعدة التي يحشد نشطاؤها القوة في ليبيا واليمن والمصر وسوريا واماكن اخرى في العالم، وتجلب عليها موجة عمليات تفجيرية مجددة لن تتخطى اسرائيل ايضا".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صور تصعب مشاهدتها
المصدر: "اسرائيل اليوم ـ بوعز بيسموت"
" كانت تصعب مشاهدة صور رئيس مصر – مريضا مستلقيا على سرير مرضى، محاطا بولديه داخل قفص حديدي في أكاديمية الشرطة في القاهرة حيث بدأت محاكمته هناك أمس. من كان يصدق، الى ما قبل نصف سنة، ان هذا ما ينتظر صاحب الحلف المخلص للغرب في الدول العربية؟ والرجل الجليل الشأن العظيم الامر الذي كان يتصل به كلينتون وبوش، بلير وشيراك، وميتران وريغن، عندما كان يحتاج الى شخص ذي مسؤولية في الجانب العربي؟
ومن ذا تخيل، في منتصف السبعينيات ان يأتي يوم فيعبر فيه في اسرائيل خاصة التي هي العدو الاسطوري، عن أسى صادق وحقيقي للمصير المأساوي لبطل حرب يوم الغفران من الجانب المصري، والذي كان مشاركا كبيرا فيما كاد يكون "خراب الهيكل الثالث"؟ كيف أذلك ابناء شعبك؟ وكيف حظيت أمس بنفس المعاملة بالضبط وبنفس ملابس سجين كتلك التي تلقاها خالد الاسلام بولي قاتل السادات.
يرى المتفائلون محاكمة مبارك علامة على شوق الشعب المصري (او جزء كبير منه على الاقل) الى ديمقراطية حقيقية. وقد جاء الاجراء القضائي الذي بدأ أمس على الرئيس، كأنما ليمنح ثورة التحرير الختم القانوني. فهؤلاء يعتقدون ان الثورة لن تكون كاملة من غير رأس الزعيم الفاسد.
لم يحجم علاء الاسواني، وهو احد أهم الادباء اليوم في مصر، عن مهاجمة الرئيس بسلسلة مقالات صحفية وعن ان يعرض مصر مبارك بنظرة نقدية جدا. وفي عمله الابداعي الاشهر "عمارة يعقوبيان" الذي نشر في سنة 2002، يصف الاسواني الواقع الاجتماعي – الاقتصادي البائس في مصر كما يصوره سكان بناية تنتقد في مركز المدينة. لكن الاسواني ذاك، وعمله طبيب اسنان عارض ان يترجم كتابه، الذي ترجم الى عشرين لغة على الاقل، الى اللغة العبرية تعبيرا عن تضامن مع وضع الفلسطينيين وتعبيرا عن معارضته "التطبيع الثقافي" مع اسرائيل.
ان ما يوحد بين الاسواني وهو الليبرالي والحداثي، وبين شباب التحرير والاخوان المسلمين والسلفيين (الذين خرجوا من التابوت في نهاية الاسبوع نهائيا) هو الاشمئزاز من مسيرة السلام التي كانت قيمة عزيزة على الرئيس مبارك.
وماذا عن المتشائمين؟ أيرون في محاكمة مبارك قدرة على اضعاف آخر لاتفاق السلام بين اسرائيل ومصر الذي اصبح يفرغ من كل مضمون حقيقي منذ شهر شباط. وهم يرون ايضا ان المحاكمة لن تفضي الى الديمقراطية.
لم يرد محمد حسين الطنطاوي الذي يرأس اليوم المجلس العسكري في مصر هذه المحاكمة. لكن كما خضع للجموع إذ كان وزير الدفاع وتخلى عن سيده مبارك، خضع لهم مرة اخرى واستجاب لاقامة المحاكمة. ويعلم الطنطاوي أيضا أن الحديث عن محاكمة يمكن أن تهدده أيضا. وربما بسبب هذا طلب أحد محامي مبارك ان يمثل اللواء الطنطاوي للادلاء بشهادة؟
في اثناء ذلك لم يعرف الرئيس السوري الاسد أمس أي قناة تلفاز يختار: أتلك التي تبث صور انتفاضات بلده أم تلك التي تعرض صور محاكمة يمكن أن تصبح بسهولة محاكمته ايضا".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحاجة الى اسرائيليين
المصدر: " هآرتس ـ جدعون ليفي"
" يدبر أمور دولة اسرائيل من ليسوا اسرائيليين. فقيادتها السياسية والاقتصادية وحتى الامنية بقدر ما، مركبة في أكثرها من ناس لا يعرفون التجربة الشعورية الاسرائيلية وواقع الاسرائيليين. وهم مقطوعون. ومع تزايد الاحتجاج يحسن التنبه الى ذلك. ان مطالب المحتجين تقع على آذان صماء لان جزءا كبيرا من متخذي القرارات لا يعلمون ما الذي يتحدث عنه.
أجروا اصلاحا في النقل العام في حين أنهم لم يسافروا منذ سنين في حافلة؛ وهم يتباحثون في أزمة السكن في حين يسكن أكثرهم منذ سنين شققا فخمة؛ وأزمة الجهاز الصحي غريبة عنهم أيضا: فمتى في آخر مرة استلقوا هم او اعزاؤهم في ممر مشفى؟ وقد قرأوا عن أسعار جبن الكوتج في الصحيفة، وسمعوا عن أسعار الوقود من المذياع، ومتى زاروا آخر مرة حانوتا ولم تكن الزيارة في حملة انتخابية؟ انهم لم يقفوا منذ سنين في صف ولم ينتظروا منذ سنين أن تستجاب محادثتهم بحسب الدور. والمرأب عندهم مصطلح غريب مثل مكتب الترخيص ايضا. وهم ينهون شهرهم على نحو حسن جدا ولا يعرفون أكثر الازمات البتة.
ان سياسيّ القمة في اسرائيل هو تعيين للحياة كلها تقريبا. وهم دائما محروسون ومحميون مع سائق ملازم وسيارة ملازمة ولن تجدوا سياسيا كبيرا أبدا مع مال نقد في جيبه. لانه لماذا يحتاجه؟ لقد ولدوا للمناصب الرفيعة، وقد أخذوا ينقطعون عن الاسرائيلية المتوسطة والمتصببة عرقا، والقلقة والمعوزة. وهو بفضل الحراسة الشديدة لاكثرهم يعيشون في اسرائيل الاخرى التي يحصل فيها على كل شيء بسهولة.
كانوا منذ فجر حياتهم المهنية شخصيات مرفوعة فوق الشعب ومقطوعة عنه. واذا استثنينا عددا من الشواذ كعمير بيرتس أو شيلي يحيموفتش او جدعون ساعر الذي ما يزال ينزل مع كلبه الى الشارع في تل أبيب بقبقاب وسراويل قصيرة، او بيني بيغن الذي نال المدح لسفره في الحافلة، فلا شيء في حياة أكثرهم يشبه حياة أكثر الاسرائيليين. فهم يعرفون اسرائيل من خلال نظرهم من سيارة سكودا أو آودي فقط بشرط أن تكون الستار مسدلة.
والقيادة الاقتصادية العليا مقطوعة عن الواقع أيضا بالطبع. فماذ الذي يعلمه ملك المال عن الحياة في اسرائيل؟ فقد زار سلبردز اكثر مما زار "همشبير لتسرخان"، وزار حانوت ماركس آند سبنسر اكثر مما زار مجمع "ميغا" التجاري في المدينة. ونشك في ان يكون زار إكيا. ومثله ايضا الضابط الرفيع المستوى في الجيش الاسرائيلي الذي قضى أكثر حياته في معسكرات الجيش. وهو على الاقل قد التقى زمن خدمته العسكرية اسرائيليين كثيرين، من جميع الطبقات لكنه يعلم القليل جدا فقط عن الواقع المدني. هكذا هي القيادة العليا في اسرائيل التي تتخذ قراراتها المصيرية في الحرب والسلام، والفقر والنماء.
هذا أمر لا يقتضيه الواقع. فثمّ دول في العلم ما يزال الساسة فيها، ومنهم الكبار فيهم، يحيون حياة متوسطة متصلة بالواقع المدني في بلادهم. رأيت قبل بضعة اشهر رئيس حكومة هولندا، مارك روتي يخرج وحده لعدو مسائي قرب بيته المتواضع في ضاحية الطبقة الوسطى في لاهاي؛ وقد اجتهدت زعيمة المعارضة السابقة في السويد، مونا سالن، ان تأتي قبل عدة أسابيع للاستماع لمحاضرة صحفي اسرائيلي في متحف في استكهولم؛ ورأت في فيينا مرة المستشار النمساوي يأتي عرضا مسرحيا مثل أوساط الناس.
وقعت في هذه الدول ايضا اعمال قتل سياسية، ومع كل ذلك ينجح قادتها في الحفاظ على صورة حياة متواضعة وغير مقطوعة عن الناس في الاساس. وليس الموت هو الذي يحررهم من السياسة كما هي الحال عندنا. وهذا ما يمكن هؤلاء الناس من ان يعرفوا واقع بلدانهم من مكان أقرب قبل العمل السياسي وبعده.
الثورة التي ربما تقع الان ستضطر الى ان تشمل التغيير في هذا المجال ايضا. فاسرائيل محتاجة الى قيادة اسرائيلية تعرف اسرائيل. وعندنا اليوم رئيس لم يقد منذ عشرات السنين سيارة بنفسه، ورئيس حكومة لم يحمل منذ ايام خدمته العسكرية حمالة جرحى ولا سلة مشتريات ايضا، ووزير دفاع قيل كل شيء من قبل في طابع حياته الرئائي. ان هؤلاء الناس لا يستطيعون الفهم. يحتاج الى اسرائيليين".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقيض تشرشل
المصدر: " هآرتس ـ آري شافيت"
" إن السؤال الاكبر هو ما الذي يؤمن به بنيامين نتنياهو. أبأرض اسرائيل الكاملة؟ لم يعد كذلك. أبالسلام؟ لم يعد كذلك ايضا. أبالمستوطنات؟ لا في الحقيقة. أبتقاسم البلاد؟ لا حقا. ان نتنياهو يؤمن بزيادة القوة. فهو يعتقد ان دولة الحصار الاسرائيلية لا تستطيع البقاء الا اذا اصبحت قوة اقتصادية. وهو على ثقة بان الخصخصة هي الطريق الى جعل اسرائيل قوة اقتصادية كبيرة.
يتحدث نتنياهو في الحقيقة مثل تشرشل لكن حلمه هو حلم ريغن وتاتشر، وهو يؤمن بانه سيجعل اسرائيل قوية بواسطة السوق كما أعاد ريغن بناء امريكا بواسطة السوق وكما أحيت تاتشر بريطانيا بواسطة السوق. فالخصخصة والمنافسة وازالة الموانع البيروقراطية هي التي ستفضي باسرائيل الى النمو والتقدم. والاقتصاد الحر هو الذي سينقد الدولة اليهودية بان يمنحها القدرة على حماية نفسها والدفاع عنها.
ان تحليل نتنياهو بمفهوم ما صحيح لاسرائيل؛ فالنمو المرتفع هو الترياق. واسرائيل لا تستطيع أن تسمح لنفسها بان تغفو كاليونان او البرتغال او ايطاليا. ويجب عليها كي تثبت للتحديات ان تكون قوية اقتصاديا. لكن هذا التحليل، بمعنى آخر، مخطوء من أساسه. لانه يجب على اسرائيل لا لاسباب اخلاقية فقط بل بحاجات استراتيجية ايضا أن تكون دولة مساواة. والتخلي عن الشباب الذين يتحملون العبء وعن الطبقة الوسطى ليس ظلما فقط بل حماقة. ويجب على القوة الاقتصادية الاسرائيلية كي تبقى ان تكون مجتمع اخوة متكافلا ذا قيم.
ان خطأ نتنياهو خطأ تاريخي. ففي وضع نصف حرب، لا يمكن الاستسلام التام لرأسمالية مطلقة الزمام، ولا يمكن استعمال استبداد لقوى السوق لا حدود له وليس عرضا ان دولة الرفاهة الاوروبية قد ولدت على اثر الحرب العالمية الثانية. وليس عرضا أن القانون الذي يضمن الدراسة العليا للجنود المسرحين من الخدمة قد اجيز في امريكا في 1944. فقد أدرك محافظون مثل تشرتشل وجمهوريون مثل آيزنهاور في مواجهة هتلر وستالين انه ينبغي وضع حد للسوق. وأدركا أيضا أن المجتمع الذي يجند أبناءه ويطلب اليهم أن يعرضوا حياتهم للخطر يجب عليه أن يكون مجتمع مشاركة. فبغير تكافل في الحد الادنى وبغير عدالة اجتماعية اساسية لن ينتصر ولن يبقى.
اعتقد ريغن وتاتشر اعتقادا مخالفا. لكن ثورتيهما كانتا من مظاهر السلام. فبعد ثلاثين سنة أو أربعين فقط من الحرب الكبرى أدارت الولايات المتحدة وبريطانيا ظهريهما للمجتمع واخلصتا للسوق. اما في اسرائيل فان الحرب لم تنتهِ، فهذه دولة بين حروب. وما زالت تجند ابناءها وبناتها وتطلب منهم احيانا ان يجازفوا بأنفسهم. ولهذا فلا تستطيع السير في طريق ريغن وتاتشر. وفي هذا المكان وفي هذا الوضع التاريخي لا تكون الاشتراكية الديمقراطية نزوة يساريين وستالينيين بل أمرا استراتيجيا اعلى. فاسرائيل محتاجة الى مجتمع موحد وعادل وصلب بقدر لا يقل عن احتياجها الى اقتصاد قوي جدا.
رفض نتنياهو ان يفهم هذا الشيء المفهوم من تلقاء نفسه. فقد مزقت ريغنيته وتاتشريته المجتمع الاسرائيلي، وأحدثت نموا اقتصاديا ثمنه الفساد الاجتماعي. ان ريغنية نتنياهو وتاتشريته تضاد ما كان يراه تشرشل. فبدل أن تنشأ ههنا قوة اقتصادية – اجتماعية قادرة على ان تجابه التحديات التي تحدق بها أنشأ ههنا دولة سلب تخدم المستوطنين والمتدينين وملوك المال. وبدل أن تنشأ ههنا دولة يهودية وديمقراطية وأخلاقية أقام دولة تصد الاكثرية المنتجة والمبدعة فيها. قد أفسد نتنياهو باسم السوق وباسم قوى السوق الاجهزة الرسمية وأضعف اسرائيل بصورة خطرة.
وهكذا فان هذه اللحظة هي لحظة حاسمة. والازمة هي فرصة. وهذه الفرصة هي الفرصة الاخيرة. لا يفترض أن يطيع نتنياهو اوامر مقر النضال الذي يقع في جادة روتشيلد في تل أبيب. لكنه مجبر على ان يصغي آخر الامر الى الصرخة التي ترتفع من الجوادّ. والصرخة صرخة حقيقية برغم تلاعب كديما والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة السياسي. وهي توجب على نتنياهو أن يفهم ان تشرتشل قد فهم. وهي تقتضي سياسة "نيو ديل" اسرائيلية".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كآخر الفراعنة
المصدر: " معاريف ـ إيال مغيد"
" مأساة يونانية، دراما شكسبيرية، مسرحية اخلاقية من القرون الوسطى، كل واحد يمكنه ان يختار لنفسه التشبيه المناسب له لسقوط النجم المصري من السماء. يبدو أن الانسانية تحتاج الى الاهانة مثلما تحتاج الى التمجيد. تحتاج الى الجحود مثلما تحتاج الى السجود. هذان هما وجهان لذات العملة القديمة. هذه المرة، في محاكمة حسني مبارك، أُضيف مظهر أصيل – حمالة، تابوت، عليها كان مستلقٍ الرئيس الذي اقتيد الى قفصه مباشرة من المستشفى.
الرعاع، الذين هم أصحاب دور كلاسيكي، طالبوا بعدم الرحمة وحصلوا على رئيسهم المخلوع وهو مهان حتى التراب. العقاب، كما طلب الجمهور، يجب مصادرته من السماء ومنحه لممثلي الارض. فقد قرر الجمهور المصري ألا يقتل الرب في الأعالي مبارك، بقوى الطبيعة، كعادته، بل الانسان من خلال محكمة دنيا.
طالب النظام الجديد بالاسراع في استباق السرطان الذي يأكل بجسد المتهم من كل فم. في مثل هذه اللحظة لا يوجد حتى ولا واحد من المشاهدين عن بعد لم يشعر بالرأفة تجاه المحكوم الذي يعتبر كميت، مهما كان مدى طغيانه؛ فما بالك عندما يدور الحديث عن رئيس تمسك بالهدنة معنا، بالسلام الذي ما بثه من برودة كان أفضل بلا قياس من نار الحرب.
مبارك، كآخر الفراعنة، في صورته الحازمة، أنصت من سريره باستخفاف لجملة اتهاماته التي بسطها المدعون، بعضهم بحماسة، بعضهم بحرج وعلى عجل. وهو نفسه لم يبدو قلقا أو مشوشا بل العكس، كان احيانا ساخرا. كان واضحا من حركة يده أنه يحتقر الهذر الذي لا ينتهي عنه. ماذا لديه ليخسره؟ حياته باتت خلفه. ليس على نفسه يحرص، بل على نجليه اللذين وقفا من فوقه بلباسهما الابيض، اللذين لم يبدوا كمحكومين بل كممرضين رحيمين أو ككاهنين يرافقان الميت الى مرقده الأخير وهما يحملان القرآن في أيديهما.
تحاول وسائل الاعلام، على عادتها، تعظيم العرض ولكننا نحن، المشاهدين في هذه الدراما التي تجري وراء الزاوية، مثل كل الرعاع قبلنا، بفضول ممزوج بالرعب، يُخيل أننا سبق أن رأينا كل شيء. يُخيل أنه لم يعد ممكنا لشيء أن يفاجئنا بالثورات وبالتقلبات. فمؤخرا فقط شهدنا اولمرت وهيرشيزون، ومع الفارق صدام وموشيه قصاب، كل الابطال لم يعودوا كما كانوا من قبل. ولكن في كل مرة من جديد، فان للمصير المتقلب لا تزال قوة على الفعل والتأثير".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدون طابور
المصدر: " معاريف ـ يوسي ميلمان"
" كل من اجتاز التجربة غير المريحة للوقوف في طابور التفتيش الامني في المطارات أو في مداخل مواقع الاحداث الجماهيرية لا بد سيسره أن يسمع عن الاختراع التالي: "Qylur Security Systems". شركة تكنولوجيا عليا في غور السيلكون قرب سان فرانسيسكو والتي رئيستها هي الاسرائيلية د. اليسا ساغي – دولب، طورت استنادا الى علم اسرائيلي جهازا جديدا للكشف يفترض أن يقصر جدا مدة الانتظار.
"بآلة واحدة عندنا توجد منظومات تساوي خمس آلات كشف رنتيغن وخمسة جساسات كيماوية، وذلك دون حاجة الى من يشغل الآلة"، قالت ساغي – دولب في مقابلة أُجريت معها عبر البريد الالكتروني. هذا المبنى يسمح لها بأن تفحص نحو ألف شخص في الساعة، مقابل انتاجية 100 – 200 حقيبة يد في الساعة للآلات الموجودة في السوق اليوم. "برأيي، ما يحصل في سياقات التفتيش الامني في العالم بشكل عام وفي الولايات المتحدة بشكل خاص هو انتصار هائل للارهابيين. فهم يدفعون السلطات الى التعامل مع المواطنين كمجرمين ومشبوهين. التكنولوجيا الأكثر ودا كفيلة بأن تحسن المعاملة واحساس المسافرين".
لساغي – دولب، التي ولدت في سان دييغو، يوجد لقب اكاديمي ثالث في الهندسة البيولوجيا – الطبية من جامعة تل ابيب. وكانت خدمت كضابطة في وحدة البحث الطبي لسلاح الجو، التي طورت خوذة رأس خاصة للمصابين الذين يفقدون وعيهم. بعد ذلك كانت مستشارة في مديرية التطوير التكنولوجي في وزارة الدفاع واشتغلت على مشاريع مشتركة مع البنتاغون.
ما أن اعتزلت الخدمة العامة حتى بادرت الى اقامة الشركة مع عاملين ومستثمرين آخرين. وحسب اقوالها، فان الاسم الغريب، Qylur ، هو ثمرة دمج أحرف أخذتها من اسم نوع معين من الحيوانات الحافرة التي يوجد في أنفها جساسات عديدة تسمح لها بالاستعداد لما سيأتي.
كلفة البحث والتطوير لالة الكشف نحو 5 مليون دولار. حتى الان طلبت محافل في الولايات المتحدة وفي روسيا بضع الات (قبيل الالعاب الاولمبية في الشتاء). ويشارك في المشروع المجمع التجاري الهندي الضخم "طاطا". الالة الجديدة عرضت في الاسبوع الماضي في ريو دي جنيرو في مؤتمر اتحاد كرة القدم الدولي "فيفا"، والذي في اطاره اجريت قرعة الالعاب للمونديال 2014 الذي سيجري في البرازيل. وبزعم ساغي – دولب، فان هذا الكشف – الذي تم بالتعاون مع الشركة الاسرائيلية للاستشارات الامنية ISDS، برئاسة ليو غيلسار ورون شبيرن – توج بنجاح، وقريبا ستصل منظومة مشابهة الى اسرائيل لعناية محافل الامن هنا.
لم يخطئوا بالعنوان
رغم المنشورات المتضاربة، يبدو أن رغم كل شيء من صفي في طهران قبل نحو اسبوعين كان خبيرا يرتبط بالبرنامج النووي. حتى اليوم لم ينشر في ايران أي بيان رسمي عن هوية المقتول، والمصدر الوحيد للتفاصيل عنه كانت الانباء في وسائل الاعلام في الدولة.
في التقارير الاولى جاء أن من صفي كان د. درويش رزاي احبولة، محاضر الفيزياء في الجامعة في مدينة اردبيلي، كان عمل أيضا في منظمة الطاقة الذرية الايرانية. بعد ذلك قيل أن المقتول لم يكن على الاطلاق فيزيائيا بل دكتور في الهندسة الالكترونية يدعى بإسم مشابه – درويش رزاينجاد. على هذه الخلفية طرح التساؤل، في هذه الصفحة ايضا، اذا كانت التصفية التي يعزوها الايرانيون الى وكالات الاستخبارات الاسرائيلية والامريكية (واشنطن نفت) هي في واقع الامر خطأ في التشخيص.
ولكن قبل بضعة ايام أفادة وكالة إي.بي للانباء بان رزاينجاد هو الاخر كان على علاقة بالبرنامج النووي الايراني. وحسب التقرير، فان مراقب سابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يعرف جيدا البرنامج وبعض من المشاركين فيه، شخصه كمن كان مشاركا في تجارب مختلفة يمكنها ان تساعد ايضا على انتاج سلاح نووي. ومن هنا يمكن الاستنتاج بان أغلب الظن الجهاز المسؤول عن التصفية – الاغتيال الثالث لعالم نووي ايراني في العشرين شهرا الاخيرة – لم يخطىء. وسائل الاعلام في العالم تعزو سلسلة الاغتيالات للموساد. اذا كان هذا هو الحال، فان الاغتيال الاخير هو ايضا الاول الذي يقع في عهد ولاية تمير باردو كرئيس للجهاز. ومع ذلك، فانه بطبيعة العمليات من هذا النوع، تستغرق الاستعدادات لها اشهر بل وسنوات.
الاتهام رسمي
تتهم الادارة الامريكية ايران بانها تمنح مأوى لارهابيي القاعدة. في الماضي سربت مصادر في أسرة الاستخبارات الامريكية بان بعضا من ابناء عائلة اسامة بن لادن بمن فيهم أحد أبنائه، حظي بضيافة في منشأة سرية لقوة "القدس"، الوحدة المختارة للنظام والمسؤولة عن العلاقات السرية مع منظمات الارهاب في العالم. ولكن هذه هي المرة الاولى التي ينشر فيها اتهام رسمي عن علاقات ايران بالقاعدة.
ونشرت وزارة المالية الامريكية قبل بضعة ايام بيانا ذكرت فيه بالاسم ستة من رجال القاعدة يعملون منذ 2005 في ايران، "بعلم الحكومة الايرانية". دور الستة، بمن فيهم عز الدين عبدالعزيز خليل هو العمل "كقناة مركزية من خلالها تنقل القاعدة الاموال وتجند النشطاء في أرجاء الشرق الاوسط وجنوب شرق آسيا".
وقد اضيف الستة الى القائمة السوداء للاشخاص والشركات الذين يحظر على الامريكيين عقد الصفقات معهم ويجب مصادرة حساباتهم البنكية. وتتفق أسرة الاستخبارات الامريكية على أن موقف ايراني الشيعية من القاعدة السنية هو موقف الاحترام والاشتباه. دعمها للمنظمة تكتيكي فقط. هدفه منع وضع يعمل فيه ارهابيو القاعدة على الاراضي الايرانية، والاحتفاظ بهم كمنفذين محتملين للعمليات اذا كانت حاجة لها ضد أهداف امريكية".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القضاة من ميدان التحرير
المصدر: "هآرتس ـ تسفي برئيل"
"نحن نجلس على كرسي القضاء وليس على منصة مسرح"، كان أحد الاقوال الاكثر اقتباسا عن القاضي احمد رفعت، رئيس المحكمة الجنائية التي بدأت بمحاكمة حسني مبارك أمس. رفعت هو قاض ذو سمعة، غير مرة حسم القضاء خلافا لنوايا وتلميحات النظام. ولكن رفعت ينتمي لذات النخبة القضائية التي تمتعت بعناية نظام مبارك وهو سيحكم حسب ذات القوانين التي يأمل المتظاهرون أنفسهم بتغييرها ذات يوم.
أما أمس فلم يكن ممكنا سماع انتقاد ضد القاضي أو ضد طريقة المحاكمة. أمس كانت هذه بالذات "منصة المسرح" هي التي غطت على كرسي القضاء. ما تبقى من استثناء ولكن كانت ضرورة لتصويره في اثناء المحاكمة هو الحوار الحر بين ثلة المحامين والقاضي، ولا سيما "مسرحية الأشباح" التي أُدخل فيها مبارك الى قفص المعتقلين على سرير مرضه، بلباس المرضى الابيض، أحدثت الدراما التي حظيت بلقب "محاكمة القرن".
هذه بالفعل محاكمة تاريخية، حتى قبل ان تبدأ تسجل لنموذج جديد من سلوك الثورات. "الشعب" لم يهجم على قصر الرئاسة، لم يمزق زعيمه إربا في الشارع ولم يلفه بالزفت وبالريش. "الشعب" أمر بتقديم زعيمه الى المحاكمة مثل كل مواطن عادي. مشكوك أن يكون هذا هو ما سيكتفي به الشعب السوري اذا ما نجح في اسقاط بشار الاسد، مشكوك أكثر اذا كان القذافي سيصل الى المحكمة. ولكن هذه هي مصر. دولة مؤسسات مواطنوها، حتى عندما يتظاهرون في الشوارع ويطالبون باسقاط النظام، لا يزالون يعترفون بمكانة واستقامة (النسبية) المحكمة.
"اليوم يقدم الى المحاكمة فرعون الاول الذي استخف بشعبه، جوعه وباعه بشروى نقير، ولكن هذا الشعب لم يمس به ولم يهينه، بل منحه علاجا طبيا وسمح له بالدفاع عن نفسه في المحكمة... التاريخ سيذكر لمصر أنها كانت ثورة بيضاء بلا دنس من الخونة"، قضى محمد فهيم في مقال نشره في صحيفة "اليوم السابع". يخيل انه اكثر مما هو الانتقام والعقاب، يبحث معارضو الرئيس عن استعادة العزة الوطنية، ومجرد انعقاد المحكمة – على الأقل في هذه المرحلة يعتبر تجربة وطنية اصلاحية.
الجريمة المركزية التي يقدم بموجبها مبارك الى المحاكمة تتعلق بمسألة مسؤوليته عن قتل المتظاهرين في الايام الاولى من الثورة، غير انه يخيل ان الجريمة الاخطر، التي حملته الى وضعه هذا هي القطيعة المطلقة التي فرضها بينه وبين الجمهور.
كاتب الرأي الهام، د. عبد المنعم سعيد، الذي كان رئيس مجلس ادارة صحيفة "الاهرام" الحكومية، كتب أمس عن حديث دار بين مبارك وبين حسام بدراوي، امين عام حزب السلطة سابقا. في هذا الحديث، حسب سعيد، قال بدراوي لمبارك بالانجليزية: "سيدي الرئيس، أنت تقف أمام وضع مشابه للوضع الذي وقف فيه تشاوتشسكو في رومانيا". فأجابه مبارك بالانجليزية: "هل الوضع حقا بهذا السوء؟". القطيعة والاستخفاف الممزوج بالنفور تجاه معارضيه نزعت الآن كل رأفة من الجمهور تجاهه. ويُجمل سعيد فيقول ان "مبارك كان ضحية نظامه بالضبط مثلما كان نظامه ضحيته".
المسألة القضائية لا بد ستثير خلافات وصلاحية المحكمة في محاكمة الرئيس كفيلة بأن تكون احدى المسائل المركزية فيها. وذلك لانه حسب الدستور الذي تقرر في العام 1971، فان محكمة خاصة فقط يشكلها مجلس النواب يمكنها ان تحاكم رئيسا قائما، ولا يمكن ادانته إلا بثلثي اصوات اعضاء المجلس. صحيح ان مبارك لم يعد رئيسا قائما والدستور جُمد بفضل نقل الحكم الى المجلس العسكري الاعلى، ولكن جرائمه ارتكبت في الفترة التي كان يتبوأ فيها مهام منصبه. الى ان تبحث هذه المسألة، فقد حصل ميدان التحرير على مبتغاه. اذا كان هناك اشتباه في ان المجلس العسكري الاعلى سيذيب محاكمته، فقد ثبت أمس بأن المجلس منصت جيد لمطالب الجمهور.
هذه التجربة الوطنية لا يمكنها ان ترضي الجمهور اذا لم يطرأ في سياقها تغيير حقيقي على طريقة الحكم، في شكل الدستور وفي الوضع الاقتصادي لملايين مواطني الدولة. المجلس العسكري الاعلى دفع أمس فقط الدفعة الاولى للجمهور، الذي لم يهجر بعد تماما ميدان ثورته".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ساعة المقصلة
المصدر: "معاريف ـ شاي غولدن"
" من تصفح في الآونة الاخيرة شبكة الانترنت ولا سيما الشبكات الاجتماعية لا بد وجد ظاهرة غريبة: ذات الاشخاص الذين على مدى أشهر ممن اشتكوا من المحاولة العنيفة لكم أفواه جماعات وأفراد اليسار في اسرائيل – صحفيين، شخصيات عامة ومواطنين عاديين – سواء من خلال التشريع الحماسي أم من خلال خطاب أزعر ومخيف؛ وبالفعل، ذات ضحايا محاولة الاسكات المتواصلة التي تجري في اليسار الاسرائيلي منذ عدة سنوات، تبنوا طريقة عمل الطرف المقابل: هجوم عنيف على كل من يخرج حتى ولو سنتيمتر واحد عن الصف، تقسيم الخطاب الى "أخيار" مقابل "اشرار" وطاقة انتقامية لصيد منفلت العقال للساحرات. في خطوة عاجلة من حالة النشوة، الضحية أصبحت هي المعتدي.
العربدة العامة ضد مرغليت تسنعاني التي تجرأت على اطلاق رأيها في أن هذا الاحتجاج موجه ضد نتنياهو بشكل شخصي وأن قادته مزدوجي اللسان، كانت عرضا عنيفا وحادا للنبرة الجديدة في الخطاب الذي يرى نفسه قائدا للتيار الليبرالي في اسرائيل. تسنعاني اجبرت على التراجع وسارعت الى الوقوف أمام الكاميرات كي تعتذر قبل أن تصفى سمعتها، وربما أكثر من ذلك. شرطة الافكار الجديدة أثبتت أنه مثل شرطة الافكار الاخرى التي تسير بيننا هي أيضا استوعبت قواعد الطريقة: هاجم معارضيك بكل القوة، هاجمهم شخصيا، أفرغ من المحتوى كل حججهم واعرضهم كأدوات فارغة تماما. من نزع الشرعية وحتى نزع الانسانية – كله مشروع عندما يغلي الدم في عروق الثوريين. وفي الحال ستأتي المقاصل لتنصب في جادة روتشيلد. رأس نتنياهو من الصعب قطعه الان، إذن فلنكتفي حاليا بالخونة، بالشاذين عن الصف من بيننا وبالعملاء.
الخطاب في اسرائيل احادي البعد، فظ، حماسي، سطحي – وبالاساس جدا غير متسامح أو صبور. اذا كنت درجت حتى الان على أن اعزو العنف اللفظي وانغلاق الاذان امام كل الشذوذ، حتى وان كان في الطيف، عن الخطاب "المتفق عليه"، في طرف واحد من الخريطة، فها هو هذا الاحتجاج جاء ليثبت بان رفاقي أيضا (السابقين كما يبدو الان ) غير قادرين على ان يحتووا أي نبرة لا تسير على خطهم مائة في المائة. مفهوم أنه لا يوجد هناك حزب ولا يوجد موقف رسمي – فبعد كل شيء، الاحتجاج (الهام والمثير للانفعال هذا) هو أحد الاحتجاجات المشوشة، الفوضوية وغير المصوغة التي شهدناها هنا في اسرائيل. ولكن يوجد "موقف رسمي"، تقرره مجموعة عينت نفسها لتكون الذراع الايديولوجي للاحتجاج، كل ابتعاد صغير عنه هو خيانة. وكل قول بصوت آخر يجعله عدوا وهدفا مشروعا. حتى التراجع عن قولك لن يجدي هنا – فإما أن تكون ولدت "مسوغا" أم أنك "دنس". حفرة الكراهية والاحتقار التي انزلت فيها لاني تجرأت على أن أكتب في بداية الاحتجاج بانه عديم الامل، كانت عميقة على نحو مذهل.
هذا النهج يبعد بدلا من أن يقرب، يعزل بدلا من أن يكتل ويبقي الاحتجاج "الحقيقي" من نصيب حفنة صلبة وغير متساومة. اذا كان زعماء الاحتجاج يريدون خلق ائتلاف اسرائيلي يدور حول المبدأ المركزي – توزيع نزيه للمقدرات وللعبء – وانقاذ الخطوة قبل لحظة من أفولها المحتم، حسن يفعلون اذا تخلوا عن صيادي الساحرات من بينهم، ودعوا عموم الجمهور للانضمام الى خيامهم وامتنعوا عن تحديد الاعداء، الخونة وذوي الوجهين. فبعد كل شيء، في معظم ايام السنة هم ضحايا ذات الخطاب الذي يستخدمونه الان. ومن اولئك من بينهم الذين يرون في هذا النص ايضا محاولة للتخريب على الاحتجاج، نطلب الرشد. وبسرعة".