الاستخبارات الإسرائيلية تُصوِّب الحديث عن الفرص الكامنة
كتب محرر الشؤون العبرية
قدّرت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" ان ما يشهده العالم العربي ينطوي على فرصة لـ"اسرائيل" يمكن ان تظهر خلال السنوات المقبلة. اتى ذلك في سياق عرض استخباري قدمه رئيس الاستخبارات اللواء "افيف كوخافي" استبعد فيه ضمنا سقوط النظام السوري في المدى المباشر، مشيرا إلى انه يملك القدرة الاقتصادية على خوض مواجهة وجودية لسنة أو سنتين.
رغم انه ليس مفاجئا حجم الاهتمام الاستخباراتي الإسرائيلي المتزايد للوضع في سوريا، لكن ذلك لا يعفي ولا يقلل من أهمية الإشارة إلى تركيز اللواء "كوخافي" على واقع ومستقبل النظام السوري لما له من تداعيات مباشرة على الأمن القومي الإسرائيلي، وتحديدا بعد المراحل التي مرت بها التطورات في الداخل السوري وانكشاف حجم ومدى قوة كل من النظام ومعارضيه. إذ أقر "كوخافي" بحقيقة تماسك المؤسسة العسكرية السورية واستمرارها على ولائها للنظام، باعتبار ذلك من أهم عناصر قوة النظام وبقائه، بالقول ان "الجيش بقي ولاءه للأسد، وتحديدا الضباط الكبار"، مفسرا ذلك بأنه يعود إلى اعتبار أفراده أن ما يقوم به الجيش هو معالجة أعمال شغب وبالتالي فهي مهمات مشروعة، ما يشير ـ بحسب التفسير الإسرائيلي ـ إلى نجاح الرئيس الأسد في الحد من تأثير الحملة الإعلامية والسياسية حتى الآن، على بنية الجيش وبلورة عقل جمعي وسط أفراده يخدم سياسة النظام وتوجهاته في مواجهة التحديات والتهديدات. لعل من أهم ما يميز عرض كوخافي الاستخباري، تقديره ضعف الرئيس الأسد داخل نظامه، في حال بقائه، واعتبار ذلك يصب في مصلحة "إسرائيل" انطلاقا من أن أي "تغيير جدي في النظام سيضعف المحور المتشدد (إيران وحزب الله) حتى لو بقي الأسد في منصبه... حتى لو تراجع حجم الاحتجاجات الشعبية ستبقى مكانة الأسد متأرجحة جدا".
أما بخصوص المخاوف الإسرائيلية، فقد كرر "كوخافي" اللازمة الإسرائيلية حول الخشية من انتقال أسلحة سورية إلى حزب الله أو إلى جهات أخرى داخل سوريا نفسها، مشيرا إلى "تعرض معسكرين للجيش السوري للنهب في بداية "الانتفاضة الشعبية"، وسرقة أسلحة خفيفة منها". وهو ما يؤكد مرة أخرى الحيرة والضبابية التي تشهدها القيادة الإسرائيلية ازاء تشخيص مصلحتها الاستراتيجية فيما يتعلق بمآل الأحداث في سوريا جراء انفتاحها على سيناريوهات متعددة (إعادة إمساك النظام الحالي بالوضع الداخلي، أو حدوث تغييرات دون المس بعناصر قوته، أو بقاء الرئيس الأسد مع ضعف مركزية القرار وبالتالي تراجع قوة رئيسه، أو انهيار النظام...) تنطوي جميعها أو أغلبها على تهديدات كامنة أو فعلية للعدو الإسرائيلي. أما فيما يتعلق بالتقدير الإسرائيلي إزاء ما يجري في العالم العربي رأى "كوخافي" أن الفرصة الايجابية فيما يجري في العالم العربي من جهة "إسرائيل"، قد تظهر بعد عدة سنوات، مشيرا إلى أنه حتى لو تشكل نظام ديمقراطي سيكون "نظام ديمقراطي لايت".
حول ذلك، بدا موقف رئيس الاستخبارات العسكرية بعيدا نسبيا عن مواقف بعض المسؤولين الإسرائيليين الأساسيين الذين يحاولون الإيحاء بأن ما يجري في العالم العربي يصب في مصلحة اسرائيل، والذي يبدو أنه نتاج قرار مسبق باعتماد سياسة إعلامية تصب في هذا الاتجاه. أما لجهة الفرصة التي سوف تظهر بعد سنوات، يعني ذلك أن "كوخافي" يشير إلى إيجابية كامنة وليست فعلية أو حتمية، وبالتالي فهي مرتبطة بنتائج التجاذبات والصراعات الداخلية حول الخيارات الوطنية والقومية التي ستتبناها أنظمة المرحلة المقبلة. وفي هذا الإطار، تحدث رئيس الاستخبارات بشكل مباشر عن الدور الإيراني في هذا الصراع. من هنا أكد على استغلال الجمهورية الإسلامية لـ"التقلبات الحاصلة في الشرق الأوسط بهدف زيادة تغلغلها داخل عدة دول ومنظمات ومنها سوريا ولبنان والسودان واليمن والعراق وقطاع غزة"، مضيفا أن إيران تحاول التأثير على الأوضاع السياسية في مصر من خلال محاولاتها للتواصل مع حركة الإخوان المسلمين.
وعليه، يبقى العدو في حالة من الترقب والحذر ازاء التطورات التي تشهدها الساحة السورية مع ارجحية لمصلحة استبعاد سقوط النظام في المدى المنظور والمباشر، على الأقل وفق إيحاءات العرض الاستخباري، وترجيح سيناريو إحداث إصلاحات "لا يستهان بها" في النظام السوري، تحت سقف بقاء الأسد على رأس الهرم، مع وجود رهانات بأن يؤدي ذلك إلى اضعاف تحكمه المطلق بالتوجهات السياسية الإقليمية.