حركة اللاجئين إن تواصلت..
كتب محرر الشؤون العبرية
رغم حصول تطورات حالت دون تكرار حركة اللاجئين الفلسطينيين على الحدود مع فلسطين المحتلة في ذكرى النكسة، (لجهة لبنان)، كما حصل في ذكرى يوم النكبة، إلا أن ذلك لا يمنع من محاولة استشراف هذا الخيار على الكيان الإسرائيلي، وأبعاده.
يكمن جانب من خطورة وأهمية حركة اللاجئين الفلسطينيين للمطالبة بالعودة إلى داخل فلسطين المحتلة، من منظور إسرائيلي، أنه يشكل بداية مسار وأسلوب جديد في الصراع، ما زال من الصعب التكهن بمآلاته، لكن من المؤكد انه أربك العدو وأثار مخاوفه حتى بلغ مرحلة استعراض السيناريوهات المحتملة وصولا إلى الأشد منها التي يحتشد خلالها مئات الآلاف على كافة جهات حدود الدولة العبرية.. لجهة علاقة حركة اللاجئين بالثورات العربية، وتحديدا المصرية، يبدو جليا أن من مصلحة العدو البقاء بعيداً عن الواجهة والصدارة، إزاء ما يجري داخل العالم العربي، كي يبقى السجال فيه متمحوراً حول القضايا الداخلية حصرا، وهو ما يشكل شرطا أساسيا لإمكانية احتواء الثورة العربية وحرف مسارها.
أمام هذا الواقع، يبرز جانب اضافي من أهمية حركة اللاجئين الجماهيرية، في هذه المرحلة لجهة أنها تفرض نفسها على الرأي العام العربي الثائر وتساهم في تصويب البوصلة نحو وجهته الحقيقية والأساسية، القضية الفلسطينية ومتعلقاتها ومتفرعاتها.أما فيما يتعلق بالعلاقة مع الحراك الداخلي الذي تشهده سوريا، يركز الإسرائيلي على الأبعاد السياسية الظرفية لهذا التحرك لجهة انه ينطوي على رسائل سياسية تتصل بالمخططات التي تعد وتستهدف النظام السوري.
أما لجهة العلاقة بعملية التسوية، إن كون هذا التحرك الجماهيري يتم من قبل اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم، لا بالنيابة عنهم، يكرس إدخالهم كطرف أساسي ومباشر سوف يفرض نفسه عاجلا أم آجلا على الأجندة الدولية، يجعل من الصعوبة على معسكر التسوية، تجاوزه واجتراح صيغ لاحتوائه وإخماده أو حرف حركتهم إن تواصل وتطور مع الزمن. لأن هامش المناورة بين ما يمكن للإسرائيلي أن يُقدمه في قضية اللاجئين، وبين ما يمكن أن يشكل تجسيداً فعلياً لحد أدنى للطموح الفلسطيني، هو نحو صفر. خاصة وأن عودة اللاجئين الفلسطينيين تشكل القضية الأخطر على الكيان الصهيوني (من بين قضايا التسوية العالقة بين الطرفين: اللاجئين، القدس، والمستوطنات والحدود والترتيبات الأمنية..) كونها تهدد طابعه اليهودي وتتسم بأبعاد وجودية. ولا يخفى أنه عندما تطرح، قضية اللاجئين كجزء من قضايا التسوية العالقة، يتم ذلك لأن أطراف التسوية، وتحديدا الطرف الفلسطيني، لا يستطيع تجاهلها بالمطلق، في المرحلة الحالية. وانما يتعامل مع طرحها وإثارتها كجزء من التكتيك التفاوضي، كي يطالب بتنازلات إسرائيلية، في مقابل التنازل عنها. أما في حال تواصلت حركة اللاجئين فإنها ستتحول إلى منافس حقيقي لأراضي العام 1967، وكعنصر تفجيري لأي صيغة تسوية إسرائيلية فلسطينية تهدف إلى تجاوز قضيتهم...