علاقة التسوية بالثورات العربية (بين نتنياهو واوباما)
كتب محرر الشؤون العبرية
مع انطلاقة الحراك الداخلي العربي، وسقوط الرئيس المصري حسني مبارك، كان من الطبيعي أن تتجه أنظار المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين إلى مصير التسوية على المسار الفلسطيني. في محاولة لاستشراف تأثير المستجدات العربية عليها دفعا أو تأجيلا أو تعديلا أو تقويضا...
من زاوية المعسكر اليميني الإسرائيلي، وتحديدا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، دخل عامل جديد إلى اعتباراته، مفاده أن السيناريوهات إزاء مآل الثورات العربية عامة، ومصر والأردن خاصة، ما زالت مفتوحة على كافة الاحتمالات. وبالتالي على "إسرائيل"، كما يرى نتنياهو والمعسكر الذي ينتمي إليه، أن تتريث فيما يتعلق بعملية التسوية، أو على الأقل تعزيز الشروط الإسرائيلية المرتبطة بالترتيبات الأمنية انطلاقا من إمكانية حصول أسوأ السيناريوهات الإقليمية. وبمعنى أدق، يتخوف هذا المعسكر مما سيتمخض عنه الحراك الداخلي المصري، وإمكانية أن ينتج عنه نظاما أكثر توازنا في مواقفه السياسية من القضية الفلسطينية والقضايا الإقليمية، وفي الحد الأقصى عن نظام معادٍ لـ"إسرائيل". وماذا لو أعقب إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية، التي تتميز بتواصل جغرافي مع الاردن، سقوط النظام الملكي فيه. وبالتالي ما هي تداعيات كل ذلك على الأمن القومي الإسرائيلي وعلى الدولة الفلسطينية...
من جهة مقابلة، بدا اوباما أنه يتبنى رؤية مغايرة للعلاقة بين التسوية على المسار الفلسطيني مع الثورات العربية. إذ أوضح في كلمته أمام الايباك، أن السلام أصبح أكثر ضرورة من أي وقت مضى، انطلاقا من أن الوقت ليس لمصلحة "إسرائيل" لأسباب ديمغرافية وأخرى تتعلق بالتطور التكنولوجي، فضلا عن تداعيات الثورات العربية والتغير في الموقف الدولي. وربما أراد اوباما، بحديثه عن دور الانترنت في العالم العربي، التطرق بشكل غير مباشر إلى ما جرى في ذكرى يوم النكبة عندما تمت الدعوة عبر الفايسبوك إلى مظاهرات جماهيرية، لافتا إلى دخول عوامل جديدة سوف يكون لها أثرها على الأمن الإسرائيلي.
في ضوء ذلك، يرى اوباما ضرورة عدم تضييع الوقت والمبادرة إلى تسوية نهائية على المسار الفلسطيني. لكنه ألمح إلى إمكانية التفاوض على مرحلتين يتم في الأولى منهما تحديد حدود الدولة الفلسطينية والترتيبات الأمنية الضرورية لإسرائيل. على أن تواصل الدولتان، إسرائيل وفلسطين، التفاوض حول القضايا الجوهرية الأخرى، القدس واللاجئين. وهو ما قد يلقى آذانا صاغية في الوسط الإسرائيلي. أما عن خلفيات الطرح الاميركي، فهي تنطلق من افتراض أن تحديد الحدود هو الأقل تعقيداً، بالقياس إلى بقية القضايا العالقة، القدس واللاجئين، في الوقت الذي فشلت فيه كل المحاولات السابقة ببحث كافة القضايا الجوهرية.
إلى ذلك، ترى إدارة اوباما أنه يمكن من خلال بحث قضية الحدود تجاوز عقدة المستوطنات، لأنه في حال تم التوصل إلى اتفاق ما على هذا الصعيد تتحدد تلقائيا المستوطنات والمناطق التي ستبقى ضمن الدولة الفلسطينية والأخرى التي سيتم ضمها إلى "إسرائيل". وانسجاما مع المطلب الإسرائيلي أدخل اوباما بحث الترتيبات الأمنية في المرحلة الأولى من المفاوضات بالتزامن مع البحث حول الحدود، كي يتم في ضوء نتائجها تحديد حدود الدولة الفلسطينية.