كتب محرر الشؤون العبرية
رأى تقرير داخلي وسري أعده مركز البحوث السياسية في وزارة
الخارجية الإسرائيلية، ونشرته صحيفة "هآرتس"، في اتفاق المصالحة بين حماس
والسلطة الفلسطينية "فرصة إستراتيجية إيجابية من الممكن أن تفيد إسرائيل
على المدى البعيد". وتضمن التقرير توصيات تتعارض مع المواقف التي أطلقها
بنيامين نتنياهو مع الإعلان عن الاتفاق الفلسطيني. كما في الكثير من
المواقف والمعطيات التي تتداخل فيها الفرص والتهديدات، حاول مركز البحوث
البحث عن فرص كامنة في اتفاق المصالحة. ونتيجة لذلك، رأى أنه يمكن توظيف
المصالحة لكسب الموقف الدولي عامة، والأميركي خاصة، في إلقاء المسؤولية على
الطرف الفلسطيني فيما يتعلق بتعثر عملية التسوية، عبر "التعامل الايجابي"
الظاهري مع الاتفاق، الأمر الذي سينعكس تنسيقاً وتقارباً أكثر بين حكومة تل
أبيب والإدارة الأميركية الحالية. من هنا رأى معدو التقرير أن "على
"إسرائيل" أن تعمل كلاعب ضمن مجموعة وأن تنسق مع الإدارة الأمريكية الرد
على حكومة الوحدة الفلسطينية، الأمر الذي يعزز دور الولايات المتحدة ويخدم
المصالح الإسرائيلية". خاصة أن التحالف بين سلطة أوسلو مع طرف يرفض
الاعتراف بوجود "إسرائيل" وبالاتفاقات القائمة معها ويرفض التخلي عن سلاح
المقاومة، يشكل سلما للقيادة الإسرائيلية لتفادي ضغوط دولية وأميركية
والطلب منها تقديم المزيد من التنازلات. وفيما يتعلق بالاستحقاق الدولي شهر
أيلول المقبل، حول مناقشة الإعلان عن إقامة دولة فلسطينية في الأمم
المتحدة، رأى التقرير في اتفاق المصالحة فرصة لمواجهة هذا الأمر تحديداً إن
"توخت "إسرائيل" الحذر في سياساتها وتصريحاتها في المرحلة الحالية"
واعتمدت نهجا "مدروسا" لمواجهة هذا التحدي.
في ضوء ما تقدم، يتضح أن التباين بين مضمون التقرير ونهج نتنياهو يتمحور
حول التكتيكات السياسية الواجب إتباعها ليس إلا، من هنا كانت دعوة التقرير
إسرائيل إلى "مطالبة المجتمع الدولي بوضع معايير مفصلة بشأن الحكومة
الفلسطينية الجديدة" بهدف وضع السلطة بين خيارين: إما تحمل مسؤولية تعثر
التسوية أو تفجير الاتفاق مع حماس.
في المقابل، من المستبعد وجود أي خلاف حول: اعتبار اتفاق المصالحة على انه
يتعارض مع متطلبات صيغة التسوية التي تسعى "إسرائيل" إليها.
رفض القبول بوجود حماس وانتشارها واكتسابها مشروعية في الدولة الفلسطينية المفترضة المتاخمة للعمق الإسرائيلي.
كما لا يخفى ما ينطوي عليه الاتفاق الفلسطيني، من أبعاد تتصل بالتحولات الإقليمية عامة والمصرية خاصة.
بموازاة ذلك، ليس من المستبعد أن نجد أطرافا إسرائيلية ترى مصلحة الكيان
العبري في عقد اتفاق المصالحة الفلسطينية، لأنه يقطع الطريق فعلياً على أي
تسوية مستقبلية تضطر معها تل أبيب إلى تقديم تنازلات قد لا يكون الداخل
السياسي والشعبي الإسرائيلي مستعد للقيام بها في هذه المرحلة.